دور وسائل الإعلام في معالجة القضايا المجتمعية
صوت الأمل – (حنين الوحش – علياء محمد)
تعددت أشكال الوسائل الإعلامية وكثر العاملون فيها، إلا أن المحتوى الإنساني الذي يهدف إلى استعراض معاناة أفراد المجتمع مازال ضيِّقًا ومحصورًا.
تنوعت الساحة الإعلامية اليمنية بوسائل الإعلام المختلفة المسموعة، والمقروءة، والمرئية، مقدمةً دورًا حيويًّا في عملية التأثير في مُستقبل الرسالة، فأصبحت وسيلة من وسائل التعبير عن القضايا والمشكلات والهموم للأفراد بفئاتهم المختلفة.
معاناة مختلفة يعانيها المواطن اليمني بصورة يومية؛ جراء ارتفاع معدلات الفقر والجوع وزيادة في اضطراب وتدهور الوضع الإنساني والاقتصادي والاجتماعي يمر بها اليمن اليوم.
وما زاد الوضع سوءًا هو انحصار وتحجيم الدور القائم على وسائل الإعلام في توصيل هذه المعاناة للمجتمع، خصوصًا في الفترة الزمنية الأخيرة حتى أن دور الإعلام بات قليلًا وفاقدًا للشفافية والمصداقية والوضوح، ومفتقرًا إلى الإحصائيات والمؤشرات الصحيحة.
دراسة إعلامية
كشفت دراسة صادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في يوليو 2018م عن عدد الإذاعات اليمنية، التي وصلت إلى 44 إذاعة، 15 إذاعة حكومية، و 21 إذاعة خاصة، إضافة إلى ثماني إذاعات مجتمعية.
كما أصدر المركز دراسة أخرى في العام 2017م، أوضحت ازدياد عدد القنوات التلفزيونية لتصل إلى 22 قناة فضائية يمنية حكومية وخاصة وحزبية، 14 قناة تبث من خارج الأراضي اليمنية، وثماني قنوات تبث من داخل اليمن .
بناءً على دراسة قدَّمها الدكتور ياسر باعزب، تختص بدور الإعلام في التخفيف من الفقر في المجتمع اليمني وطُبِّقت في محافظة أبين؛ أظهرت نتائج الدراسة أن هناك قصورًا ودورًا سلبيًّا للإعلام في التخفيف من الفقر، تتسبب فيها عوامل عديدة، وأن البرامج الإعلامية المسخرة لخدمة المجتمع والحدِّ من ظواهره السلبية كالفقر متواضعة جدًا ولا ترتقي إلى درجة الدور المناط به، فالإعلام مرتبط بمكونات النظام السياسي وهناك ضعف في تنفيذ البرامج الإعلامية.
واستعرضت الدراسة أهم النتائج التي جعلت دور الإعلام ضعيفًا في نقل القضايا المجتمعية، وتتمثل في النظرة القاصرة تجاه وسائل الإعلام لاسيما المحلية منها، لكونها مرتبطة بسياسات وأفكار معدَّة سلفًا ولا تلبي احتياجات المجتمع، أو تناقش قضاياه، ولا تتميز بالصراحة والمصداقية عند تعاطيها، ولا تظهر الصورة الحقيقية للفقر، مما زاد من حجم مشكلة الفقر وأضعف الدور المناط بالإعلام .
كما أوضحت الدراسة، أن هناك غيابًا للدور التثقيفي والإرشادي للإعلام، من خلال توعية المجتمع بقضايا التنمية، منها مشكلة الفقر، وعدم وجود رؤية كاملة من الإعلام عن الفقر وأساليب مكافحته، فالإعلام لا يُشرَك في جهود الحكومة والمنظمات غير الحكومية للحدِّ من الفقر، حيث يُهمَّش دور الإعلام ولا تُرْسم السياسات الخاصة التي تمثل دور الإعلام تجاه قضايا المجتمع.
ومن نتائج الدراسة يتَّضح أن الدور السلبي للإعلام أيضًا كان سببه التعامل والتفاعل مع أجهزة الإعلام المختلفة من الأفراد في المجتمع، وإهمالهم قراءة الأخبار ومشاهدة القنوات اليمنية التي لم ترتقِ إلى مستوى إقناع المشاهد ولم تقدم الأفضل له بما يلبي ويشبع رغباته.
الدور القائم على الوسائل الإعلامية يتمثل في تكوين حلقة وصل قوية وشاملة في نقل هذه المعاناة للمجتمع والجهات ذات الاخصاص، والتأثير فيه عن طريق البرامج الإنسانية التي تستهدف مساعدة الناس والوقوف بجانبهم.
برنامج (خاطرك مجبور) الذي يقدمه اليوتيوبر عبد اللطيف الزيلعي، يهتم بمساعدة النازحين والأسر الفقيرة التي تعسر حالها، تقوم فكرة البرنامج على استعراض أحوال الناس وجمع التبرعات لهم من متابعي القناة.
وتبعًا لقول الزيلعي فأن البرنامج هو برنامج تحديات مبسط للناس الفقراء الذين يعملون بإصرار لكسب قوت يومهم.
برنامج (حيث الإنسان) الذي لقي قبولًا كبيرًا ونسبة مشاهدة عالية من المجتمع بدأ عرض البرنامج في العام 2019م، واستمر عرضه كأجزاء تعرض خلال شهر رمضان، بُث في قناة بلقيس بقالب وثائقي يهدف إلى رفع الوعي بأهمية العمل الإنساني الميداني وما ينتجه أثر في الواقع.
كما اهتم البرنامج المعروض في القناة بنقل معاناة المواطنين الأكثر تضررًا من الصراع وهم الفقراء والمعدمون، والنازحون والأطفال من ذوي الإعاقة وفاقدو الأطراف جراء النزاعات في اليمن؛ لتقديم العون لهم عن طريق التمكين الاقتصادي والتنموي ومساعدتهم في الوصول إلى الخدمات الضرورية التي تساعدهم في الحصول على سبل العيش.
برنامج (بصيص نور) الذي ركز على الاستماع إلى قصص المعاناة من الفئات الأشد فقرًا، المهملين، غير القادرين على توفير متطلباتهم المعيشية الضرورية، وتقديم المساعدة لهم من فاعلي الخير عن طريق تقديم مساعدات نقدية لهم تمكنهم من تغطية احتياجاتهم الضرورية.
ذوو الإعاقة في وسائل الإعلام
فئة الأشخاص من ذوي الإعاقة أحد جمهور هذه الوسائل، الذين يواجهون عددًا من التحديات أهمها النظرة السلبية لهم، والجهل بحقوقهم وكيفية التعامل معهم، فهل حققت وسائل الإعلام دورها في تقديم الهدف المطلوب لخدمة قضايا الإعاقة عمومًا؟!
– دكاكين وفوضى إعلامية” هكذا وصف الإعلامي علاء الهمداني (مذيع من ذوي الإعاقة البصرية في الإذاعات اليمنية المحلية). مؤكدًا، أن وسائل الإعلام أصبحت تؤدي دورًا ضعيفًا في مناقشة القضايا الاجتماعية المهمة، وأن مسارها أنحرف انحرافًا كبيرًا، فلم تعد تهتم بقضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة، ولا تتيح لهم الفرصة في المشاركة.
في السياق ذاته يرى الإعلامي محمد الشيباني (من ذوي الإعاقة) أن المؤسسات الإعلامية أظهرت مواهب وإبداعات ذوي الإعاقة، معتبرًا ذلك مجرد (تلميع) متناسين الحقوق المنصوص عليها في القوانين، وكذا الواجبات ودور المعاقين في التنمية.
وحول الصعوبات التي واجهها في تجربته الإعلامية في التقديم الإذاعي، يقول الشيباني: «تجربتي في الإعلام بدأت من العام 2017م، وكانت نوعًا ما جيدة وتعلمت منها أمورًا كثيرة أهمها: كسر حاجز الخوف، وواجهت صعوبات عديدة من ناحية تقديم البرامج السردية التي تحتاج إلى الإعداد والتقيد بسيناريو.
موضحًا، أن العجز يكمن في صعوبة تحويل المادة إلى طريقة برايل البارزة (نظام كتابة خاص بذوي الإعاقة البصرية)، الأمر الذي جعله يتجه إلى البرامج الحوارية.
الصحفي فهيم سلطان القدسي (من ذوي الإعاقة الحركية) يؤكد أهمية دور وسائل الإعلام ــ وبخاصة المرئي ـ في التأثير في الأشخاص من ذوي الإعاقة عن طريق إعطاء مساحة تطرح قضاياهم وواقعهم، وإيجاد البرامج التي تعالج ذلك الواقع والتي ربما تكون من ضمن الرسالة المنوطة بالإعلام وخاصة التلفاز.
مضيفًا: «ما يعتري وسائل الإعلام من قصور يعدُّ عائقًا يضيف كمًّا كبيرًا من الصعوبات والتحديات التي تواجه ذوي الإعاقة، ومن هنا يستلزم الأمر إعادة النظر فيما يحتاج إليه ذوو الإعاقة، ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن ذوي الإعاقة هم جزء من المجتمعات الإنسانية، فمع خصوصية أوضاعهم إلا أنها لا تشطب إنسانيتهم ولا تلغيها».
ويوضح القدسي أن ما يقدِّمه التلفاز من برامج ومسلسلات يُفترض أن تكون موجهة لكل فئات المجتمع من دون استثناء، مع مراعاة كل فئة سواء أكانت من ذوي الإعاقة أم من غيرها، وأنه من الضروري عمل دراسة واستبانة للمحتوى المقدم.
عدم الثقة
أوضح دارس البعداني (مدير المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة)، أن المؤسسات الإعلامية لا تؤمن بقدرات ذوي الإعاقة وفي الوقت نفسه تتخوف منهم، ومن كيفية التعامل معهم، وكيف يستطيع الإعلامي من ذوي الإعاقة تقديم عمله بأكمل وجه ومن دون قصور، وهذه من الأخطاء الكبيرة التي تقع فيها الوسائل الإعلامية، فلمجرد إعاقة الشخص يرفضون إتاحة الفرصة له وإعطائه مكان في مؤسساتهم.
وأكد لصوت الأمل «نحن ــ ذوي الإعاقة ــ نرفض عرض قضايانا عرضًا خاطئًا، وإننا بحاجة إلى تناول وطرح مواضيع تستهدف الشخص المعاق بطبيعته، كأي فرد في المجتمع، له حقوق وعليه واجبات».
واقع إعلامي مؤلم
ترى الإعلامية هناء جميل (مدير البرامج في إذاعة إف إم شباب) أنه لا وجود لبرامج تستهدف الإعاقة في اليمن من الجهة الإعلامية خلال الوضع الحالي، فهناك مفارقات كثيرة بين دورها الآن وما كانت تقدمه في السابق.
وتؤكد جميل لصوت الأمل، أن وسائل الإعلام اتجهت في عملها نحو منحنيات أخرى والبحث عن جوانب مختلفة خلال هذه الفترة، واتَّجه أغلبهم نحو المادة متناسين بذلك قضايا ذوي الاعاقة في رسالتهم الإعلامية، وتعاملوا معها سطحيًّا، ولم يعيروها أيَّ اهتمام .
أول مؤسسة إعلامية لذوي الإعاقة
(المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة) أول مؤسسة إعلامية حقوقية تهتم بإعلام الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن في الجانب الحقوقي، وجانب مناصرة الأشخاص من ذوي الإعاقة، ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها المعاقون في وسائل الإعلام ، وذلك بإنتاج المواد التي تبيِّن كيف يجب أن تطرح قضاياهم.
يقول دارس البعداني (مدير المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة): «أُسِّس المركز بجهود مجموعة من الشباب رغبة منهم بأن يكون هناك صوت مسموع لهذه الفئة، ولتعريف وسائل الإعلام كيف تتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوعية المعاقين بقضاياهم، وعمل شراكات مع مؤسسات إعلامية ومراكز البحوث والتطوير الأكاديمية». موضحًا لصوت الأمل، أن فئة ذوي الإعاقة في اليمن تمثل نسبة 15%من فئات المجتمع، ويجب أن تدرك وسائل الإعلام أهمية قضايا ذوي الإعاقة وتعطيها الفرصة والمساحة المنصفة والكافية.
استطلاع.. 29% للإعلام قدرة كبيرة على إحلال السلام وترسيخ السلم الاجتماعي
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر مار…