الصحافة اليمنية بكل مكوناتها ذات أهمية ثانوية للجمهور
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
شهدت وسائل الإعلام اليمنية المرئية والمسموعة والمطبوعة تطوراً ملموساً وتحولات جذرية بعد قيام الوحدة الوطنية، حيث أنهى تحقيق الوحدة اليمنية احتكار الحكومة للإعلام وظهور مجموعة من وسائل الإعلام الجديدة.
أتاح الدستور والنظام السياسي لحالة الوحدة حرية الرأي وحرية الصحافة، وصدر قانون رقم 25 لسنة 1990 بشأن الصحافة والمطبوعات ونص على: حق أي مواطن في إبداء رأيه وإصدار صحيفة، وحق أي جهة في إصدار مطبوعات أو جريدة خاصة بها تعبر عن آرائها وتوجهاتها.
واكدت دراسة “الاتجاهات الرئيسية لتطوير الإعلام في اليمن” أنه لم يكن حق الملكية مسموحا به لمؤسسات الإعلام المرئي والمسموع، وكان راضياً عن السماح بالحق في نشر وامتلاك الصحف والمجلات.
وعلى الرغم من ازدهار الصحافة المطبوعة من خلال عدد كبير من الصحف، لكن العديد من الصعوبات جعلتها تفقد العمل المؤسسي، وفي ذلك يقول الدكتور فاكر محمد العماد:” لم يتطور الإعلام الحكومي والخاص كما كان متوقعاً بعد أزمة 2011، بل انتقل إلى مرحلة ضعيفة، تسيطر عليها تماماً الروابط بين وسائل الإعلام والأحزاب السياسية”.
وأكد أن المؤسسات الإعلامية الحكومية وغير الحكومية البارزة والإعلاميين، الذين كانوا يتلقون مساهمات مالية كبيرة وتبرعات مالية، لم يعودوا يتلقون هذه المخصصات.
وقال العماد في دراسته “الاتجاهات الرئيسية لتطوير الإعلام في اليمن” الصادرة في أكتوبر 2020، دخل الكثيرون إلى المجال الاعلامي وهم لا يتخصصون فيه أو يعرفون قواعده، ولكن بحثاً عن مصالح أو نفوذ، أو لدعم طرف وأخر، أو لتنفيذ أجندات محددة.
وأوضح أن بعض المطبوعات انهارت وأغلقت أبوابها واختفى البعض الآخر من الساحة، وأصبح بعضها صحافة الأحداث حيث تظهر في مواسم مثل الأعياد والمناسبات الوطنية والانتخابات للاستفادة من الدعم الذي يتلقونه، لكنهم سرعان ما يعودون إلى سبات عميق.
وأشار إلى أن الصحف الحزبية والمستقلة لم تكن أفضل من نظيراتها الرسمية أو المدعومة من الأحزاب، على الرغم من حقيقة أن وسائل الإعلام الرسمية تفوقت على الخاصة من حيث القدرات.
قامت أربع منظمات غير حكومية دولية – المادة 19، والاتحاد الدولي للصحفيين، ودعم الإعلام الدولي، والاتحاد العالمي للصحف وناشري الأخبار – بإرسال وفد إلى اليمن في نوفمبر 2010 للتحقيق في حرية الصحافة.
في تقريرهم المشترك حرية التعبير في اليمن: خلصت المنظمات الأربع إلى حالة حرجة: “القيود المفروضة على عائدات الإعلانات والطباعة والتوزيع، فضلاً عن النقص الحاد في الاستثمار الخاص، تخنق حفنة من المطبوعات المستقلة الناجحة نسبياً”.
لقد أظهرت ندرة التدريب الصحفي عالي الجودة باباً مفتوحاً لمجموعة من الصحف غير المستقرة مالياً والضعيفة من الناحية التحريرية التي أغرقت سوق الصحف “.
كما سلط التقرير الضوء على التأثير غير المباشر للحكومة على وسائل الإعلام من خلال سيطرتها على طباعة وتوزيع الصحف وقدرتها على منح أو حجب كميات كبيرة من الإعلانات الصحفية.
في المقابل، خلصت دراسة للدكتورة سامية الأغبري “تأثير اتجاهات الخطاب الإعلامي في الصحافة اليمنية على الجمهور” الصادرة عام 2005، إلى أن الصحافة اليمنية سواء أكانت حكومية أو حزبية أو مملوكة للقطاع الخاص، ذات أهمية ثانوية للجمهور، وتأثيرها ضعيف.
وأوضحت نتائج الدراسة أن الصحافة اليمنية سواء الحكومية أو الحزبية لم تتمكن من تشكيل رأي عام باتجاه تأييد أو معارضة السياسة الاقتصادية للحكومة والمتمثلة بانتهاج سياسة اقتصاد السوق.
وتوصلت الدراسة إلى أن تأثر التوجه السياسي والفكري للصحيفة الحكومية والحزبية والأهلية على تغطيتها للقضايا الاقتصادية بوجهة النظر المسبقة لناشرها.
وبينت الدراسة أن الغالبية العظمى من الدراسات أكدت على تأثير النظام السياسي السائد ونمط الملكية على طبيعة واتجاهات الخطاب الاعلامي في الصحف بشكل كبير.
توجد العشرات من الصحف المملوكة ملكية خاصة في اليمن، لكن معظم المطبوعات الرئيسية تخضع لسيطرة مباشرة أو غير مباشرة من قبل الحكومة تنتشر الصحف فقط بين النخبة المتعلمة في المدن الرئيسية وسمعتها كمصدر للأخبار الموثوقة منخفضة للغاية.
وجدت دراسة استقصائية عن استهلاك وسائل الإعلام أجراها صندوق خدمة بي بي سي العالمية في عام 2010 على 1000 شخص أن 86٪ من المستجيبين يشاهدون التلفزيون يومياً، بينما 19٪ فقط استمعوا إلى الراديو.
قال 14٪ فقط من المشاهدين إنهم يفضلون مشاهدة القنوات التلفزيونية الحكومية اليمنية على القنوات الفضائية الدولية، وقال 3٪ فقط ممن شملهم الاستطلاع إنهم ينظرون إلى الصحف كمصدر مهم للمعلومات عن أحداث اليمن اليوم.
فيما أوضحت دراسة الدكتور فاكر العماد أن العديد من العوامل السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية إضعاف الصحف الحزبية والمستقلة، وتمثلت في: عدم اعتماد الصحافة الحزبية والمستقلة على العمل المؤسسي القائم على التخطيط، وتدني الأجور والحوافز المادية والمعنوية، ونقص مصادر المعلومات، وعدم التقيد الصارم بشروط العمل الصحفي.
وأوضحت الدراسة التي أعدها فاكر العماد دكتور فقه اللغة قسم نظرية وتاريخ الصحافة جامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا، الصعوبات والمعوقات التي تواجه المؤسسات الإعلامية في اليمن بالمشكلات التنظيمية والتي تشمل غموض الأهداف وعدم وجود تخطيط استراتيجي، ونقص التكنولوجيا، وضعف نظم المعلومات والتواصل التنظيمي.
ولفتت إلى أن من الصعوبات مشاكل الإنسان البشري، القيادات التقليدية السلطوية وعدم كفاية الإبداع التنظيمي، وعدم وجود برامج تجريبية، وعدم الموضوعية في التعيين، إضافة إلى عدم تطابق الأجور والحوافز مع العمل.
أما المشاكل البيئية التي أوردتها الدراسة تمثلت في تدخل الجهات العليا، وضعف الرقابة التشريعية والمنافسة المحلية، وضعف نقابة الصحفيين.
وفيما يخص الانتشار، قالت الدراسة إنه لا توجد آليات قانونية لتوفير التوثيق وتحليل شعبية وسائل الإعلام، ولا يمكن الحصول على حجم طباعة الصحف من المطابع أو أرقام التوزيع من إدارة التوزيع، لأنها تعتبر سرية.
توجد في اليمن مؤسسات إعلامية غير حكومية ولكن بعضها مع الحكومة بشكل مباشر وأخرى مرتبطة بها بشكل غير مباشر، وفي ذلك يقول الصحفي والكاتب علي السقاف، إنه على الرغم من وجود مؤسسات إعلامية مملوكة للقطاع الخاص فإنهم لم يكونوا مستقلين تماماً، لقد تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بالحكومة أو الأيديولوجيات الأخرى مثل تلك الخاصة بالمالكين.
ويرى السقاف – رئيس تحرير صحيفة الوحدوي سابقاً – أن الإعلام الرسمي يتبنى الوجه المشرق للحكومة، وينفذ اجندتها، ويدافع عن رؤيتها.
وقال تتضمن البيئة السياسية في اليمن بعض الامتيازات والمصالح، مما جعل الصحفيين يعتمدون بشدة على الحكومة بسبب المال والمواقف، أو التعصب الأيديولوجي.
وأشار الى أن الصحفي الذي ينتمي إلى حزب معين ويعمل في صحيفة خاصة لن يقول الحقيقة التي تضر بحزبه لكنه يتملق حزبه ويدافع عنه أحيانا، مؤكداً أن الاهتمامات والرواتب تجعل بعض الناس غير قادرين على نقل الحقيقة.
وختم بالقول: “وجدت العديد من وسائل الإعلام الخاصة نفسها مجبرة على البحث عن مجالات أخرى غير السياسة للتركيز عليها، لتجنب الدخول في معارك تكسير العظام مع من هم في السلطة أو أجهزتها”.
استطلاع.. 29% للإعلام قدرة كبيرة على إحلال السلام وترسيخ السلم الاجتماعي
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر مار…