عمل المنظمات الدولية في اليمن بين مؤيد ومعارض
صوت الأمل – أمل المحمدي
لعبت المنظمات الدولية في اليمن دوراً كبيراً، في تقديم المساعدات الإنسانية، سواء كان في إقامة المشاريع الإغاثية الطارئة، أو المستدامة، ويكون تقييم أعمالهم، بين مؤيد ومعارض، فهناك بعض المنظمات عكست صورة غير سوية على البعض الآخر. فقد ساهمت بعض المنظمات في دعم القطاع الصحي، والاهتمام بالطفل والأم في مشروع الأمومة والطفولة، ومشروع دعم التعليم، وتمثل في بناء المدارس وتوفير الكتاب المدرسي، بالإضافة إلى مشروع الإصحاح البيئي، ودعم النازحين، وغيرها من المشاريع الإنسانية التي قدمتها، ومن خلال وجهات النظر المختلفة للمجتمع حول عمل المنظمات الدولية، سنسلط الضوء على عينة من آراء الناس عن دور المنظمات الدولية في اليمن وتأثيره.
دكتور توفيق شعيبين، تخصص طب بشري يقول: كانت سابقاً المنظمات تقوم بعملها على أكمل وجه، دون احتيال على الحقوق، قبل أن تسلم إلى يد المحتالين، أما حالياً أصبحت جرع من الاتكالية، زودوا بها الشعب وبدأت تتدرج للانقطاع .
ويضيف: عملنا مع بعض المنظمات، في مجال الصحة، وانقطعت مستحقاتنا لفترة ثلاثة أشهر، والسبب بعض الجهات في السلطة المحلية التي رفضت تسليم هذه المستحقات، إلا بعد استقطاع نسبة منها.
غياب الشفافية
إبراهيم الظفاري، معلم، في القطاع الحكومي يقول: إنّ الفائدة في عمل المنظمات تكون محتكرة على العاملين فيها، وتكون أغلب مشاريع المنظمات لصالحهم، ويؤثرون بها لأنفسهم، وكذلك يقوم مندوبين المربعات بتقاسم المستحقات المفترض توزيعها للناس فيما بينهم، وتضيع حقوق الناس الفقراء، الذين هم بحاجة إليها.
ووفقاً لرأي الظفاري غالباً ما يتضح أنّ بعض المنظمات، لها أهداف أخرى حسب اعتقاده، غير الأهداف التي تظهرها، فكثيراً ما تأخذ معلومات عن النازحين، والفئات المحتاجة، فتقوم بتسجيل البعض، ولا تسجل البعض الآخر، ومن هنا يكون نوعاً من التحسس بين الناس، وتواجه الكثير من المشاكل بسبب التقصير وعدم الشفافية في العمل.
مضيفاً: لا ننسى أنّ هناك نوعاً ما من الإيجابية في عمل المنظمات، ولكن السلبيات تكون أكثر، إحدى المنظمات قامت بعمل مساحة في بعض المناطق بهدف ترفيه الأطفال وكان من المفترض تقديم وسائل تعليمية ترتقي بتعليمهم، لاستكمال الترفيه، فالطفل يستطيع ترفيه نفسه وإذا لم يحصل على لعبة سيلعب بالتراب وسيكون بكامل سعادته لكن الوسائل التعليمية مثل الشاشة أو جهاز العرض سينمّي قدراته، ومن المفترض دعمهم بطباعة الكتاب المدرسي الذي يفتقر له العديد من الطلاب وستكون بصمة لهم يذكرها التاريخ.
دور كبير وفعال
بينما تعتقد فاطمة معافا أنّ للمنظمات الدولية دور كبير، وكانت من ضمن أعمالها، في محافظة الحديدة، حملة إصلاح طفح مجاري، وتنظيف بعض الشوارع، ومن أهم المشاريع التي قامت بها، سفلتت بعض الأحياء، والتي ساهمت في القضاء على العديد من الأمراض، مثل الملاريا، وحمى الضنك، التي تسببت في موت الكثير من الناس.
هناء الشميري -وكيلة مدرسة- ترى أنّ للمنظمات الدور الأكبر في الدعم، وخاصة في أيام النزوح وفرار الأغلبية من ديارهم، ساهمت في مساعدتهم، وتوفير المسكن، والمأكل، والمشرب لكثير من الأسر، وتشكر على هذا الدور الذي قامت به، وأنقذت العديد من الأسر النازحة، وهو نفس الرأي الذي تؤيده فائزة أحمد سالم «كان لهم الدور الكبير في خدمة المتضررين من الصراع، التي دمرت أسر كثيرة، وشردتهم من منازلهم وأعمالهم، وحرمتهم من حقوقهم.»
أحمد إبراهيم، موظف بمكتب التربية والتعليم بالحديدة يرى أنّ المنظمات تساهم في المشاريع سريعة الأثر، التي هي عبارة عن مشاريع صغيرة الحجم، ومنخفضة التكلفة، تمولها الجهات الخارجية، ويتم التخطيط لها وتنفيذها في إطار زمني قصير، وتستجيب المشاريع سريعة الأثر للاحتياجات، التي تعبر عنها المجتمعات المحلية، ونتيجة لذلك، فإنّها تغطي مجموعة واسعة من المشاريع التنموية، كتجديد المدارس، وتزويد النساء بنقاط وصول للمياه المأمونة.
ويضيف: يتم تنفيذ المشاريع سريعة الأثر بشكلٍ أساسي من خلال الجهات الفاعلة المحلية، بما في ذلك السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية، وعلى هذا النحو، يساعد تنفيذ المشاريع سريعة الأثر في بناء قدراتهم الإدارية، مع توسيع نطاق وصول المشاريع على المستوى المطلوب.
أماني المطيري – معلمة في مدرسة خاصة – ترى أنّ للمنظمات دور كبير في إنقاذ النازحين، بتوفير السلل الغذائية لهم، وأيضا توفير راتب شهري للمتضررين منهم، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت هذه المعونات تنقطع تدريجياً، مما أدى إلى فجوة كبيرة وضياع بعض الأسر المعتمدين عليها كلياً وكانت تعتبر من أساسيات حياتهم.
لا نريد منظمات
على العكس من أماني، ترى هانية الشميري أنّ المنظمات الدولية والمحلية أيضاً ليس لها دور إلا في الفساد فقط» بعض المنظمات تركز على توظيف الإناث في مراكز تتطلب وجود رجال وتدعمهم بمبالغ كبيرة رغم أنّ العمل في التنفيذ لا يتطلب هذا المبلغ! مما يثير التساؤل حول النوايا الحقيقة لهذه المنظمات خاصة في أوساط المجتمعات اليمنية التقليدية المعروفة بالتزامها الديني والأخلاقي»
وتتفق معها بنفس الاعتقاد زميلتها مريم إبراهيم التي تقول: يؤسفني أن أتحدث عن المنظمات بأنّها ليس لها دور إلا في الفساد الأخلاقي والمالي والاحتيال على المحتاجين، بأخذ حقوقهم والمتاجرة بها « أتمنى أن يمنع منعاً باتاً لأي منظمة دولية إقامة أي مشروع في أي منطقة وستصبح اليمن بخير».
من ناحيته، أبو رائد الشرفي – موظف- يقول إنّ الفائدة من المنظمات، يكون فيها دمار للشعوب النامية، وتجسس لجهات معينة، وتجعل جميع الناس ينتظرون الاعتماد عليها، رغم أنّ أغلب الناس المستحقين الحقيقيين لا تصلهم المستحقات، وغالباً ما تكون مقرّاتها مخفية، في بيوت يمنع الدخول إليها، ولهم أنظمة تخدم جهات مجهولة.
ولو طرحنا سؤال لماذا تكثر المنظمات في الدول التي تعاني من أزمات؟ هل هذا حباً لنا ؟
« من وجهة نظري من المفترض عدم السماح للمنظمات نهائياً بإقامة مشاريع، أو توزيع أي مساعدات في اليمن، ومن لديه مصلحة فيها يحبها لمصالح شخصية، أما بالنسبة للمصلحة الوطنية فلا خير فيها للأوطان، فقط يريدون الغرب طمس الهوية العربية والإسلامية، لأنّ الداعم للمنظمات دول أجنبية .
رأي الإعلام
الإعلامي محمد الشماري يقول: سوف أتكلم عن أهمية مشاريع المنظمات، على مستوى محافظة الحديدة على وجه الخصوص، الكثير من الناس يعرف أنّها تزود معظم الخدمات الحكومية التي يستفيد منها المواطن، خاصة بعد الغياب التام لمشاريع الدولة، فالمازوت الذي يصرف على محطات الكهرباء كله من منظمات…..
كذلك مؤسسة المياه والصرف الصحي، تقدم خدماتها على المواطنين بدعم من منظمات -حسب ما نعلم- ونفذته في شوارع متعددة من محافظة الحديدة، منها جولة الساعة، وشارع صنعاء، وشارع جمال .
أما بالنسبة للإغاثة التي تقدمها المنظمات وتساعد الناس في معيشتهم فهي كثيرة جداً، لكن هناك سلبيات لعمل المنظمات، فكثير من الناس كانوا يشتغلون ويعيلون أسرهم …ولكن بعد تواجد المنظمات، أصبحوا يعتمدون اعتماداً كلياً على صرفيات المنظمات، يتراصون في طوابير مراكز المنظمات دائماً، ويتنقلون من محافظة إلى أخرى يسجل نفسه نازح، وإذا دعوته للعمل يرفض، لأنّه اعتاد أن يكون عالة على المنظمات، فكيف سيكون الحال لو غادرت هذه المنظمات من اليمن ؟
وفي مشاركة للإعلامي منصور الدبعي حول الرؤية المستقبلية لعمل المنظمات الدولية قال فيها: بالنسبة لدور المنظمات في العمل الإنساني لها تدخّل في هذا الجانب، لكن تتدخل بمعايير لا تستند على واقع والدليل أنّه للوقت الحالي هي في جدال وتباين واختلاف فيها وجدال ما بين مؤيد ومعارض فهناك مستفيدون وهناك محرومون منها فيتهمونها بالفساد والتوزيع على آلية محددة
من هنا قد تتعذر المنظمات وتُحمّل مسؤولياتها للجهات الشريكة، المسؤولية الكاملة على هذا الدور، لكن لنكون أكثر واقعية وصراحة هناك إيجابية واستفاد البعض منها من مشاريع تنموية عملاقة، ومن ناحية أخرى يبقى السؤال الأهم بحكم الضجيج الكبير الذي نسمعه وبحكم أيضاً السمعة الكبيرة التي تُبنى من قبل المنظمات، أين العائد الإيجابي على مستوى الفرد أو على مستوى الأسرة ؟ لازال الفقر مستمر ولا زال الجوع أرقامه في ازدياد لا زالت المستشفيات مكتظة بالأمراض فبالتالي يجب على المنظمات أن تغير الآلية التي تسعى إليها بهذا النهج حتى تتحقق الفائدة في الجانب الإنساني والتنموي سواء بتقديم المعونات الإنسانية أو الغذائية
بمعنى أنّه لازالت مناطق بحاجة لها سنوات لا تصلها المنظمات فتتساءل بعض الأسر بقولهم نسمع أن المنظمات تقدم دعم ولكن أين هو؟ لم يُرى ولم يصل فلماذا هذه المناطق محرومة وماهي الآليات التي تتدخل في هذا النقص؟
يجب أن يتم تغيير الآلية والمعايير التي تنتهجها هذه المنظمات حتى يكون هناك شيئاً ملموساً يجب أيضاً على الناس مساعدتها في إيصال المعونات لها من خلال التعاون والتجاوب مع استبيانات أو من خلال التواصل المباشر؟ وهذا يعود على المنظمة في تغيير نهجها وتغيير آلياتها وتغيير أساليبها وفي استهداف الأشخاص واستهداف الأسر وفي استهداف المجتمعات وذلك لتعم الفائدة على الجميع ويكون هناك مستقبل لعملها في اليمن .
نظرات متفاوتة
خليل الأحنف -موظف بمنظمة محلية- يقول أنّ النظرة إلى دور المنظمات الدولية العاملة في اليمن في مجال التنمية تتفاوت بين معارض يعتبر أنّها خطر على الاستقرار الاجتماعي، وعلى الثقافة المحلية، كونها نموذجاً غربياً ذا ثقافة غريبة، وبين مؤيد يرى فيها شريكاً يساهم في توعية المجتمع وتمكينه للمشاركة والانخراط في تحسين معيشة المواطنين.
ويشرح الأحنف بالقول: قد يكون هذا التفاوت ناتجاً عن الاختلاف في فهم المجتمع المدني، لا بل في القصور في فهم التعريف العام المعتمد للمجتمع المدني بما هو «المجال خارج السلطة والسوق والعائلة، حيث ينتظم الأفراد والمؤسسات بمختلف أشكالهم وانتماءاتهم للدفاع عن المصالح المشتركة، أو ربما يعود الانطباع الخاطئ عن المجتمع المدني إلى التشوهات في تكويناته وممارساته، مثل العمل الوجهي للأحزاب، وجهات تتبنى العنف والإرهاب، وتبني مسؤولين حكوميين وأعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات وبعض المؤسسات الحكومية لمنظمات غير حكومية مناصرة لها أو لتحقق أهدافها السياسية، وهي إساءة لهذه الجهات السياسية أو الحكومية قبل أن تكون إساءة لمنظمات المجتمع المدني، إلا أنّ ذلك لا يجب أن يؤدي إلى تعميم هذه التجارب من غير مقاربة الموضوع مقاربة شاملة تتناول المفهوم والتجارب الناجحة والجهود الآيلة إلى تحسين أدائه وتطويره.
فقد شهدت العقود الماضية تنامياً لحضور وتأثير المنظمات الدولية على كافة المستويات، لاسيما في المسارات التي نظمتها الأمم المتحدة حول التنمية وحقوق الإنسان والبيئة وغيرها، والمنظمات الوطنية خاصة في إطار الشراكات والمساهمات في التخفيف من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على الظروف الحياتية للمواطنين.
ولتلافي تأثير التجارب السلبية لمنظمات المجتمع المدني، يرى الأحنف أنّه لا بد من اعتماد معايير لقياس أدائها، وتحديد دورها من خلال هذه المعايير، ومن هذه المعايير، المستوى التنظيمي للمنظمة، وتقييم الأثر الاجتماعي والسياسي، والبعد التنظيمي والهيكلي، لاسيما الشفافية والإدارة الرشيدة، وتداول السلطة والقيم كالرؤية والأهداف، ووسائل العمل ومستوى المشاركة المدنية في أعمالها وأنشطتها، والبيئة الخارجية التي تعمل فيها، وفي كل هذه المعايير، يمكن اعتماد مؤشرات تساعد على قياس أدائها، وبالتالي تكوين صورة حقيقية عنها، وبذلك يكون التقييم موضوعياً وواقعياً.
وتحدث الأستاذ شادي المحويتي – معيد في قسم العلاقات العامة جامعة الحديدة – حول الرؤية المستقبلية لعملها بالقول:” إذا كان القائمون عليها واعين للكوارث الناتجة جراء الصراع على اليمن سيتم تنفيذ الأعمال الإنسانية والمساعدات الدولية بالشكل السليم والصحيح بحيث يكون لهذه المساعدات مستقبل”.
أما بالنسبة لعملها في الوقت الراهن فهو عبارة عن فتات، ولا يمكن أن يكون لها مستقبل.
استطلاع : 56 % عمل المنظمات الدولية في اليمن حاليًا غير مؤثر
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر مارس 2022 م حول …