واقع عمل المنظمات الدولية في اليمن.. الشفافية والرقابة
صوت الأمل – أمل المحمدي
لعبت المنظمات الدولية في اليمن دورًا كبيرًا, في تقديم المساعدات الإنسانية, سواء في إقامة المشاريع الإغاثية الطارئة, أو المستدامة, ويكون تقييم أعمالهم, بين مؤيد ومعارض, فهناك بعض المنظمات عكست صورة غير سوية على البعض الآخر.
فقد ساهمت بعض المنظمات في دعم القطاع الصحي, والاهتمام بالطفل والأم في مشروع الأمومة والطفولة, ومشروع دعم التعليم, وتمثل في بناء المدارس وتوفير الكتاب المدرسي، بالإضافة إلى مشروع الإصحاح البيئي, ودعم النازحين, وغيرها من المشاريع الإنسانية.
دور المنظمات
تنقسم المنظمات إلى أقسام عديدة فهناك منظمات تتبع جهات سياسية وهناك منظمات مستقله تتلقى دعم محلي، فالمنظمات المحايدة نادرة جدًا، ومن خلال خبرتي في العمل مع المنظمات تعتبر منظمة الصليب الأحمر التي تتلقى الدعم من السويد، ذات عمل إنساني بحت ولا ترضخ لأي سياسة ومتوافق عليها من جميع الأطراف، وأيضا هناك منظمة رعاية الأطفال، فهي تهتم بالطفل وجميع احتياجاته، حتى في جانب التوثيق الإعلامي للقضايا الخاصة بالطفل، وفقًا لـ (الأستاذ فضل سعيد مستشارًا إعلاميًا للعديد من المنظمات في محافظة الحديدة).
من جانبه (الدكتور نبيل سليمان مقبول رئيس مؤسسة «رواد» لتنمية العديد من الجوانب المتصلة بعمل المنظمات الدولية في اليمن)يقول، أن الدور الذي تقوم به المنظمات الدولية في اليمن دورها كبير من ناحية الدعم المادي، ويكون بدعم المتضررين، على سبيل المثال الأماكن المتضررة بطفح المجاري في مدينة الحديدة، وقد قامت به منظمات كثيرة في العديد من الأماكن، ونفذت في (مديرية الشحارية)، و(سوق الهنود)، وأماكن مختلفة من المدينة.
مضيفًا، كما تقوم المنظمات بالدعم المادي، بالذات فيما يتعلق بفئة النازحين والمتضررين من الصراع، إذ قامت بتغطية هذا الجانب منظمة أوكس فام، ومنظمة NRC ، ومنظمة الإغاثة، ومنظمة الغذاء العالمي، وهذه المنظمة تعتبر أقوى المنظمات وتحتل الصدارة، حيث غطت أغلبية المديريات، ولهم جهود يشكرون عليها.
مستدركًا، كانت سابقًا المنظمات تركز على الدعم في مجالات الزراعة، وحفر الآبار، وإصلاح شبكات المياه، ودعم المزارعين بطاقات شمسية يتخذونها بديلًا عن المولدات، وذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وغلاء الأسعار النفطية، لأنّه شبه منقطع على الأرياف.
ويؤكد الدكتور سليمان، أنهُ في الوقت الراهن ركزت أغلبية المنظمات على مجال الإغاثة، والتغذية، رغم وجود قصور في عملها في بعض الأوقات، لأنّ المستفيدين يعتمدون اعتمادًا كليًا عليها، وتزداد نسبة البطالة، بسبب الإغاثة واعتمادهم على المستحقات التي تصلهم، ومن المفترض ألا يعتمدوا عليها لأنّها تعد مساعدة لا اعتمادًا؛ لأنّها قد تنقطع في أحد الأيام وستصبح كارثة.
مردفًا، أن الصراع لم يؤثر على عمل المنظمات، بالعكس ازداد عملها في هذه الفترة الراهنة، ودعمها بالمساعدات، وغطت احتياجات الأغلبية، سواء كانت مادية أو إيواءيه وإغاثية.
معايير التمييز
(المستشار الإعلامي للمنظمات فضل سعيد) يقول، أن هناك منظمات تنعدم فيها الشفافية _خصوصًا_ في الجانب المالي ويوجد تحسس نوعًا ما في هذا الجانب ولا يتم إشهاره أبدًا، فالمنظمات التي تقوم بدعم من أفراد تكون أقرب للشفافية وذات ثقة أما التي تتلقى الدعم من دول أو منظمات دولية غالباً ما تكون غائبة الشفافية نوعاً ما ويكون لها أغراض غير واضحة، لأنَّها تكون معرضة للضغوط من جانب الداعم للتأثير على المشروع المنفذ.
ويضيف فضل، أما بالنسبة للتي تتلقى الدعم من أفراد فغالبًا ما تكون مستقلة ومحايدة وهي نادرة جدًا قد تصل إلى 10% من جميع المنظمات المتواجدة في اليمن والتي لا ترضخ ولا تتأثر بضغوط من أي جهة، هذه المنظمات دائمًا تكون لديها الشفافية ولا تخفي أي جانب من جوانبها، ولا تخفي عرض معلوماتها، مقارنة بمنظمات أخرى تبدي نوعًا من التحفظ والسرية في المعلومات، على الرغم من أنّه عمل إنساني ولا يكون سريًا بل ينبغي أن يكون معلنًا وواضح الأهداف، ولكن بعض المنظمات كما أسلفت لها أغراض غير معلنة ولا تعطي أي معلومات أو تصريحات عن مشاريعها مشروعها سواء كانت أرقام أو إحصائيات بشكل عام.
غياب الشفافية
إبراهيم الظفاري, معلم في القطاع الحكومي يقول: إنّ الفائدة في عمل المنظمات تكون محتكرة على العاملين فيها, وتكون أغلب مشاريع المنظمات لصالحهم, ويؤثرون بها لأنفسهم, وكذلك يقوم مندوبين المربعات بتقاسم المستحقات المفترض توزيعها للناس فيما بينهم, وتضيع حقوق الناس الفقراء, الذين هم بحاجة إليها.
ووفقاً لرأي الظفاري غالبًا ما يتضح أنّ بعض المنظمات، لها أهداف أخرى حسب اعتقاده، غير الأهداف التي تظهرها, فكثيراً ما تأخذ معلومات عن النازحين, والفئات المحتاجة, فتقوم بتسجيل البعض, ولا تسجل البعض الآخر, ومن هنا يكون نوعًا من التحسس بين الناس, وتواجه الكثير من المشاكل بسبب التقصير وعدم الشفافية في العمل.
مضيفاً: لا ننسى أنّ هناك نوعًا ما من الإيجابية في عمل المنظمات، ولكن السلبيات تكون أكثر, إحدى المنظمات قامت بعمل مساحة في بعض المناطق بهدف ترفيه الأطفال وكان من المفترض تقديم وسائل تعليمية ترتقي بتعليمهم, لاستكمال الترفية, فالطفل يستطيع ترفيه نفسه وإذا لم يحصل على لعبة سيلعب بالتراب وسيكون بكامل سعادته لكن الوسائل التعليمية مثل الشاشة أو جهاز العرض سينمّي قدراته، ومن المفترض دعمهم بطباعة الكتاب المدرسي الذي يفتقر له العديد من الطلاب وستكون بصمة لهم يذكرها التاريخ.
الدكتور توفيق شعيبين, تخصص طب بشري يقول: كانت سابقاً المنظمات تقوم بعملها على أكمل وجه, دون احتيال على الحقوق, قبل أن تسلم إلى يد المحتالين, أما حالياً أصبحت جرع من الاتكالية, زودوا بها الشعب وبدأت تتدرج للانقطاع .
مضيفًا، عملنا مع بعض المنظمات, في مجال الصحة, وانقطعت مستحقاتنا لفترة ثلاثة أشهر, والسبب بعض الجهات في السلطة المحلية التي رفضت تسليم هذه المستحقات, إلا بعد استقطاع نسبة منها.
استراتيجية الشفافية
وعن الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للوصول للشفافية في عمل المنظمات الدولية يوضح الأستاذ فضل سعيد أن ذلك سيعيق عمل الكثير من المنظمات، بحيث إنّها تصل إلى درجة من الشفافية _خصوصًا_ أمام المجتمعات المحلية التي تتلقى خدمات هذه المنظمات.
مؤكدًا: «فإذا قلنا نحتاج خطة أو استراتيجية للوصول لهذه الشفافية لابد للمنظمة أن تكون صادقة مع نفسها بنسبة100 %، ولا يقبل أن تكون بنصف النسبة أو بجزء منها، إما أن تكون كاملة الشفافية أو سيكون هناك نوع من الغش.
وعن كيفية وصول المنظمات إلى هذه النسبة من الشفافية، يقول المستشار الإعلامي للمنظمات فضل سعيد: هنا سنتطرق للجانب الإعلامي، فإذا أردنا الوصول للشفافية يجب عمل موقع إعلامي يضم جميع المنظمات، ويكون سهل الوصول إليه من الجميع، وعند نهاية كل مشروع لهم، يتم نشر تقرير مفصل ومتكامل عن كل ما قامت به المنظمة، سواء في الجانب الميداني أو المالي -على سبيل المثال: كم تكلفة المشروع، وكم تم الصرف منه، وماهي بنوده-؛ فإذا حققنا هذا الجانب ستصل المنظمات إلى الشفافية الكاملة، إلى جانب موضوع المتابعة والتقييم من المجتمع والجهات المعنية والمتخصصة.
مؤكدًا، الجهات الرسمية خلال فترة من الفترات شددت على معايير الرقابة على ذلك وكان هناك الكثير من المشاريع المبالغ فيها من بعض المنظمات، ومن خلال تشديد إجراءات الرقابة في هذا الجانب تم كشف الكثير من المشاريع التي تتنافى مع النسيج المجتمعي والعادات والتقاليد والأعراف، وتم الإشهار والإعلان عن بعض المشاريع من قبل مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية المبالغ فيها في التنفيذ، وكان من ضمنها مشروع قدمته إحدى المنظمات بدعم 11 مليون دولار تم تخصيص تسعة مليون دولار منها لبند أجور عاملين وتم تنفيذ المشروع بمبلغ اثنين مليون دولار وهذا خطأ لابد من تغييره لأنّ المستفيد لا بد أن يتلقى المبلغ الأكبر، لذلك تحاول بعض المنظمات أن تُخفي التفاصيل ولا تعلنها، ومن هنا تغيب الشفافية عنها.
نظرة السلطات المحلية لعمل المنظمات الدولية في اليمن
يؤكد سعيد أن هناك انحراف سلبي في نظرة الدولة لعمل المنظمات رغم أنّ عملها إنساني ولكن تحتاج مزيد من المتابعة والمراقبة من السلطات المحلية والمجتمع المحلي والمجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية ليصبح عملها دقيق وصحيح.
مشيرًا إلى أنه منذ 2015، وفي فترة الصراع والأوضاع الراهنة، اختلفت نظرة المجتمع المدني والمحلي إلى عمل المنظمات، فهناك اعتقاد أنّ كل المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن هي عبارة عن حزمة من الأخطاء وهذا ليس صحيحاً، توجد الكثير من المنظمات التي تعمل في المجال الإنساني في اليمن وتقدم خدمات جليلة ومحل تقدير المجتمعات المحلية، فهذه المنظمات تقدم المساعدة في جميع الجوانب التي تحدثت عنها ولا ننسى الدور الكبير الذي تقوم به.
ولكن بعضًا منها عكست الصورة غير المناسبة على الجميع بسبب انعدام الشفافية، وأيضًا بسبب بعض العوامل الخاصة بالمجتمع اليمني فالجهل في اليمن ينتشر بشكل كبير، فهي تعتبر أفقر دولة عربية وأكثر دولة يوجد فيها مجاعة وأكثر دولة يوجد فيها سوء التغذية ويوجد فيها مشاكل عديدة حسب تقارير الأمم المتحدة المعلن عنها.
شراكة فعالة المنظمات الدولية والمحلية
يوضح (الدكتور نبيل سليمان مقبول رئيس مؤسسة «رواد»)، لا تستطيع أي منظمة دولية أن تقوم بأي عمل بمفردها، لأنّ هناك استراتيجيات للعمل، وتحديد الأماكن والمواقع؛ فالمنظمات لا تعرف الأماكن ووضع المتضررين، فيكون من اللازم الاحتياج لشريك في التنفيذ، بحيث تكون المنظمة هي الجهة الداعمة، والشريك هو الجهة المنفذة، ويأتي دور المؤسسات والجمعيات والمبادرات، من خلال وضع خطط لمشاريع ودراستها وتقديمها للجهة الداعمة.
بينما تعتقد فاطمة معافا أنّ للمنظمات الدولية دور كبير، وكانت من ضمن أعمالها, في محافظة الحديدة, حملة إصلاح طفح مجاري, وتنظيف بعض الشوارع, ومن أهم المشاريع التي قامت بها, سفلتت بعض الأحياء, والتي ساهمت في القضاء على العديد من الأمراض, مثل الملاريا, وحمى الضنك, التي تسببت في موت الكثير من الناس.
هناء الشميري -وكيلة مدرسة- ترى أنّ للمنظمات الدور الأكبر في الدعم, وخاصة في أيام النزوح وفرار الأغلبية من ديارهم, ساهمت في مساعدتهم, وتوفير المسكن, والمأكل, والمشرب لكثير من الأسر, وتشكر على هذا الدور الذي قامت به, وأنقذت العديد من الأسر النازحة، وهو نفس الرأي الذي تؤيده فائزة أحمد سالم «كان لهم الدور الكبير في خدمة المتضررين من الصراع, التي دمرت أسر كثيرة, وشردتهم من منازلهم وأعمالهم, وحرمتهم من حقوقهم.»
أحمد إبراهيم, موظف بمكتب التربية والتعليم بالحديدة يرى أنّ المنظمات تساهم في المشاريع سريعة الأثر, التي هي عبارة عن مشاريع صغيرة الحجم, ومنخفضة التكلفة, تمولها الجهات الخارجية, ويتم التخطيط لها وتنفيذها في إطار زمني قصير, وتستجيب المشاريع سريعة الأثر للاحتياجات, التي تعبر عنها المجتمعات المحلية, ونتيجة لذلك، فإنّها تغطي مجموعة واسعة من المشاريع التنموية، كتجديد المدارس, وتزويد النساء بنقاط وصول للمياه المأمونة.
مضيفًا: يتم تنفيذ المشاريع سريعة الأثر بشكلٍ أساسي من خلال الجهات الفاعلة المحلية، بما في ذلك السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية, وعلى هذا النحو، يساعد تنفيذ المشاريع سريعة الأثر في بناء قدراتهم الإدارية, مع توسيع نطاق وصول المشاريع على المستوى المطلوب.
أماني المطيري – معلمة في مدرسة خاصة – ترى أنّ للمنظمات دور كبير في إنقاذ النازحين، بتوفير السلل الغذائية لهم، وأيضا توفير راتب شهري للمتضررين منهم، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت هذه المعونات تنقطع تدريجياً, مما أدى إلى فجوة كبيرة وضياع بعض الأسر المعتمدين عليها كلياً وكانت تعتبر من أساسيات حياتهم.
لا نريد منظمات
على العكس من أماني، ترى هانية الشميري أنّ المنظمات الدولية والمحلية أيضاً ليس لها دور إلا في الفساد فقط» بعض المنظمات تركز على توظيف الإناث في مراكز تتطلب وجود رجال وتدعمهم بمبالغ كبيرة رغم أنّ العمل في التنفيذ لا يتطلب هذا المبلغ! مما يثير التساؤل حول النوايا الحقيقة لهذه المنظمات خاصة في أوساط المجتمعات اليمنية التقليدية المعروفة بالتزامها الديني والأخلاقي»
وتتفق معها بنفس الاعتقاد زميلتها مريم إبراهيم التي تقول: يؤسفني أن أتحدث عن المنظمات بأنّها ليس لها دور إلا في الفساد الأخلاقي والمالي والاحتيال على المحتاجين، بأخذ حقوقهم والمتاجرة بها « أتمنى أن يمنع منعاً باتاً لأي منظمة دولية إقامة أي مشروع في أي منطقة وستصبح اليمن بخير».
من ناحيته، أبو رائد الشرفي – موظف- يقول إنّ الفائدة من المنظمات, يكون فيها دمار للشعوب النامية, وتجسس لجهات معينة, وتجعل جميع الناس ينتظرون الاعتماد عليها, رغم أنّ أغلب الناس المستحقين الحقيقيين لا تصلهم المستحقات, وغالباً ما تكون مقرّاتها مخفية, في بيوت يمنع الدخول إليها, ولهم أنظمة تخدم جهات مجهولة.
رأي الإعلام
الإعلامي محمد الشماري يقول: سوف أتكلم عن أهمية مشاريع المنظمات, على مستوى محافظة الحديدة على وجه الخصوص, الكثير من الناس يعرف أنّها تزود معظم الخدمات الحكومية التي يستفيد منها المواطن, خاصة بعد الغياب التام لمشاريع الدولة, فالمازوت الذي يصرف على محطات الكهرباء كله من منظمات…..
كذلك مؤسسة المياه والصرف الصحي، تقدم خدماتها على المواطنين بدعم من منظمات -حسب ما نعلم- ونفذته في شوارع متعددة من محافظة الحديدة, منها جولة الساعة, وشارع صنعاء, وشارع جمال .
أما بالنسبة للإغاثة التي تقدمها المنظمات وتساعد الناس في معيشتهم فهي كثيرة جداً، لكن هناك سلبيات لعمل المنظمات, فكثير من الناس كانوا يشتغلون ويعيلون أسرهم …ولكن بعد تواجد المنظمات, أصبحوا يعتمدون اعتماداً كلياً على صرفيات المنظمات, يتراصون في طوابير مراكز المنظمات دائماً, ويتنقلون من محافظة إلى أخرى يسجل نفسه نازح, وإذا دعوته للعمل يرفض, لأنّه اعتاد أن يكون عالة على المنظمات, فكيف سيكون الحال لو غادرت هذه المنظمات من اليمن ؟
وفي مشاركة للإعلامي منصور الدبعي حول الرؤية المستقبلية لعمل المنظمات الدولية قال فيها: بالنسبة لدور المنظمات في العمل الإنساني لها تدخّل في هذا الجانب، لكن تتدخل بمعايير لا تستند على واقع والدليل أنّه للوقت الحالي هي في جدال وتباين واختلاف فيها وجدال ما بين مؤيد ومعارض فهناك مستفيدون وهناك محرومون منها فيتهمونها بالفساد والتوزيع على آلية محددة
مضيفًا، من هنا قد تتعذر المنظمات وتُحمّل مسؤولياتها للجهات الشريكة، المسؤولية الكاملة على هذا الدور، لكن لنكون أكثر واقعية وصراحة هناك إيجابية واستفاد البعض منها من مشاريع تنموية عملاقة، ومن ناحية أخرى يبقى السؤال الأهم بحكم الضجيج الكبير الذي نسمعه وبحكم أيضاً السمعة الكبيرة التي تُبنى من قبل المنظمات، أين العائد الإيجابي على مستوى الفرد أو على مستوى الأسرة ؟ لازال الفقر مستمر ولا زال الجوع أرقامه في ازدياد لا زالت المستشفيات مكتظة بالأمراض فبالتالي يجب على المنظمات أن تغير الآلية التي تسعى إليها بهذا النهج حتى تتحقق الفائدة في الجانب الإنساني والتنموي سواء بتقديم المعونات الإنسانية أو الغذائية
مؤكدًا، بمعنى أنّه لازالت مناطق بحاجة لها سنوات لا تصلها المنظمات فتتساءل بعض الأسر بقولهم نسمع أن المنظمات تقدم دعم ولكن أين هو؟ لم يُرى ولم يصل فلماذا هذه المناطق محرومة وماهي الآليات التي تتدخل في هذا النقص؟ يجب أن يتم تغيير الآلية والمعايير التي تنتهجها هذه المنظمات حتى يكون هناك شيئاً ملموساً يجب أيضاً على الناس مساعدتها في إيصال المعونات لها من خلال التعاون والتجاوب مع استبيانات أو من خلال التواصل المباشر؟ وهذا يعود على المنظمة في تغيير نهجها وتغيير آلياتها وتغيير أساليبها وفي استهداف الأشخاص واستهداف الأسر وفي استهداف المجتمعات وذلك لتعم الفائدة على الجميع ويكون هناك مستقبل لعملها في اليمن.
ويقدم الأستاذ فضل سعيد رسالة إلى وسائل الإعلام والجهات المختصة، بأن يجب أن تركز وسائل الإعلام –لا سيما في الظروف الراهنة- على الاهتمام بالجانب الإنساني والقضايا التي تلامس حياة الناس اليومية لأنّه يغيب كثيراً عن المنابر الإعلامية.
موجهًا كلمة للجهات المختصة والمعنية خصوصاً المجلس المحلي، أتمنى أن يكون هناك تشديد على موضوع الشفافية للمنظمات الدولية، وأن يكون هناك إطار مشترك لجميع المنظمات؛ يتم فيه الإعلان رسمياً بعد تنفيذ أي مشروع للحفاظ على أكبر قدر من الشفافية، وأن تقوم الجهات المختصة بواجبها على أكمل وجه.
نظرات متفاوتة
خليل الأحنف -موظف بمنظمة محلية- يقول أنّ النظرة إلى دور المنظمات الدولية العاملة في اليمن في مجال التنمية تتفاوت بين معارض يعتبر أنّها خطر على الاستقرار الاجتماعي، وعلى الثقافة المحلية، كونها نموذجاً غربياً ذا ثقافة غريبة، وبين مؤيد يرى فيها شريكاً يساهم في توعية المجتمع وتمكينه للمشاركة والانخراط في تحسين معيشة المواطنين.
ويشرح الأحنف بالقول: قد يكون هذا التفاوت ناتجاً عن الاختلاف في فهم المجتمع المدني، لا بل في القصور في فهم التعريف العام المعتمد للمجتمع المدني بما هو «المجال خارج السلطة والسوق والعائلة، حيث ينتظم الأفراد والمؤسسات بمختلف أشكالهم وانتماءاتهم للدفاع عن المصالح المشتركة, أو ربما يعود الانطباع الخاطئ عن المجتمع المدني إلى التشوهات في تكويناته وممارساته, مثل العمل الوجهي للأحزاب, وجهات تتبنى العنف والإرهاب, وتبني مسؤولين حكوميين وأعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات وبعض المؤسسات الحكومية لمنظمات غير حكومية مناصرة لها أو لتحقق أهدافها السياسية, وهي إساءة لهذه الجهات السياسية أو الحكومية قبل أن تكون إساءة لمنظمات المجتمع المدني, إلا أنّ ذلك لا يجب أن يؤدي إلى تعميم هذه التجارب من غير مقاربة الموضوع مقاربة شاملة تتناول المفهوم والتجارب الناجحة والجهود الآيلة إلى تحسين أدائه وتطويره.
فقد شهدت العقود الماضية تنامياً لحضور وتأثير المنظمات الدولية على كافة المستويات، لاسيما في المسارات التي نظمتها الأمم المتحدة حول التنمية وحقوق الإنسان والبيئة وغيرها، والمنظمات الوطنية خاصة في إطار الشراكات والمساهمات في التخفيف من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على الظروف الحياتية للمواطنين.
ولتلافي تأثير التجارب السلبية لمنظمات المجتمع المدني، يرى الأحنف أنّه لا بد من اعتماد معايير لقياس أدائها, وتحديد دورها من خلال هذه المعايير, ومن هذه المعايير، المستوى التنظيمي للمنظمة, وتقييم الأثر الاجتماعي والسياسي, والبعد التنظيمي والهيكلي, لاسيما الشفافية والإدارة الرشيدة, وتداول السلطة والقيم كالرؤية والأهداف, ووسائل العمل ومستوى المشاركة المدنية في أعمالها وأنشطتها, والبيئة الخارجية التي تعمل فيها, وفي كل هذه المعايير، يمكن اعتماد مؤشرات تساعد على قياس أدائها, وبالتالي تكوين صورة حقيقية عنها، وبذلك يكون التقييم موضوعياً وواقعياً.
وتحدث الأستاذ شادي المحويتي – معيد في قسم العلاقات العامة جامعة الحديدة – حول الرؤية المستقبلية لعملها بالقول:» إذا كان القائمون عليها واعين للكوارث الناتجة جراء الصراع على اليمن سيتم تنفيذ الأعمال الإنسانية والمساعدات الدولية بالشكل السليم والصحيح بحيث يكون لهذه المساعدات مستقبل».
أما بالنسبة لعملها في الوقت الراهن فهو عبارة عن فتات، ولا يمكن أن يكون لها مستقبل.
المنظمات والتنمية
لكي تحسن المنظمات عملية التنمية، يجب عليها أن تقوم بتحديد عمل المشاريع من البداية، حتى النهاية، ويتم التواصل بالمستفيدين من الخارج، للتأكيد على تنفيذها والذي يساعد في تحسين العمل واستخداماته، على الرغم من أنّ عمل أغلبية المنظمات يكون مؤقتًا فإننا لا ننسى أنّها تساهم نوعاً ما في الدعم، وأنّ هناك بعض المشاريع المستدامة، مثل مشاريع حماية الطفولة من قبل منظمة اليونيسف، ومشروع الأمن الغذائي من منظمة الإغاثة، فعملت هذا المشاريع على سد جزء كبير من الاحتياجات، وفقًا لـ (الدكتور نبيل سليمان مقبول رئيس مؤسسة «رواد»).
وحول الفئات الأشد احتياجًا للدعم من قبل المنظمات يقول الدكتور نبيل، هناك فئات أشد احتياجًا لم نتوصل لها حتى وقتنا الراهن، لأن ذلك يحتاج إلى مسح ميداني دقيق جداً وإمكانيات، فأغلبية المنظمات يطلبون مسح ميداني موسع، وبمقابل ميزانية صغيرة، فيقومون بتقليص المسح الميداني في أماكن بسيطة، لأنّ ذلك يتطلب كادر ونزولات وأشخاص وصياغة وتوجيه، لذلك يتطلب ميزانية موسعة وقد تستغرق الدعم المقدم، فيكون هناك تلاعب في البيانات من قبل فريق المسح أو المسؤولين عن المنطقة، ويكون ذلك بغرض الاستفادة وهذا ما يقطع على المستحق الأشد حاجة.
ويرى أن الحل لهذه المشكلة من أجل ضمان وصول الدعم للفئات المستحقة، بالتعامل مع أشخاص لديهم قدر كافٍ من الأمانة، وترك المجال للأشد حاجة، والتركيز من قبل المسؤولين على التغطية للفئات المستحقة، وليس الأقرب معرفة
وعن الرؤية المستقبلية لعمل المنظمات الدولية في اليمن، يقول سليمان أنه يجب ألا تكون الرؤية المستقبلية إغاثية أو مادية فقط، يجب أن تكون مشاريع مستدامة، فالأسرة الفقيرة بحاجة لمشروع، فتقديم السلال الغذائية الشهرية لو تحسب لمدة عام وكم يبلغ سعرها، سيؤسس به مشروع لهذه الأسرة، بإعطائهم الفكرة لهذا المشروع، ويقوم بتنفيذه، وهذا ما سيعود عليه بالنفع والمردود اليومي بدل الشهري ويدر عليه بالدخل.
فالمشاريع المستدامة التي قدمت من قبل المنظمات كانت في الإغاثة بالإضافة إلى حفر الآبار وخزانات المياه، والتي ركزت عليها منظمة NRC ومنظمة DRC، نفذتها في مديرية الزهرة وباجل والكدن وحيس ومنطقة الأحواض وجبل النار والمحرقة، بالإضافة إلى بعض الشوارع في المدينة، فهذه هي المشاريع التي يستفيد منها أغلبية الناس.
استطلاع : 56 % عمل المنظمات الدولية في اليمن حاليًا غير مؤثر
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر مارس 2022 م حول …