المنظمات الدولية في اليمن.. مصطلحات جديدة تحدث تغييرات ثقافية واجتماعية
صوت الأمل – حنين الوحش
يعيش المواطن اليمني عموما -والشباب على وجه التحديد- انقساما في الحياة الثقافية والاجتماعية بين ما يعيشه على أرض الواقع المؤطر بعادات وتقاليد وأعراف متعارف عليها منذ القدم عليهم وما بين الثقافة المجتمعية الدخيلة حديثا عليهم. عملت المنظمات على ترسيخ بعض المفاهيم الحديثة لدى الشباب، وبناء حياتهم الثقافية والاجتماعية وما تحتويها من أحلام وطموحات وقوانين لا يتم احتضانها على أرض الواقع، وبل عدها البعض مساهمًا أول في زعزعة المجتمع وفقدانه للأصول المتعارف عليها.
تقارير دولية
في تقرير عن المنظمات غير حكومية قدمه عامر محسن (منظمات المجتمع المدني) أوضح فيه أن هذه المنظمات تستخدم مصطلحات ليبرالية فضفاضة، منها المساواة والتحرر والكفاءة، لاستقطاب المتعلمين والمثقفين والفنانين والشباب المرشحين ليتولوا القيادة.
ويضيف محسن في تقريره أن هذه المنظمات تمتلك دعمًا وقدرة على استقطاب وتوظيف الشباب واحتواء طاقاتهم في ملء الفراغ الذي تركته الدولة واستغلالهم في عمليات جمع البيانات والاستطلاعات الميدانية ودورات التدريب والتمكين وغيرها، مقابل رواتب مغرية.
وتحدد هذه المنظمات سقفا إيديولوجيا لبرامجها وحلولها السياسية التي تنحصر داخل مفهوم يروج للسوق الحرة بغطاء الحوكمة والديمقراطية ومكافحة الفساد مع إلغاء مفاهيم مثل إعادة توزيع الثروة أو إلغاء الديون الخارجية.
بين العادات والتقاليد والحداثة المجتمعية
أوضحت أخصائية علم الاجتماع أسماء طه –تعز- أن المنظمات وسيلة جاهزة لترويج الكثير من الأفكار والممارسات في مجتمعنا اليمني التي لا تحسب على الثقافة الأم من خلال المواضيع والفنون والبرامج التي تروج لأفكار وافدة أو مستوردة، تجعل منا طريقة للخلاص من الثقافة الموروثة جد لها أجواء مناسبة لتصبح سلوكا دخيلا على السلوك الأصلي الذي ينطلق منه من هو مثال لتجربتنا هذه؛ فتجده يتعامل مع الثقافة الأم تعاملا سلبيا وصولا الى التنكر والجحود لكل ما هو أصيل في المجتمع.
مضيفة أنه في الوقت الحالي، بدأ الكثير من هؤلاء الشباب ينظرون إلى الثقافة الأصيلة بوصفها ثقافة عاجزة وغير فعالة ولا تصلح أن تستمر بالحياة؛ لأن المجتمعات الغربية في تطور دائم ومستمر، خصوصا إذا وجدوا في الثقافة الأصلية شيئًا من السلبية والنقص.
وتتابع بقولها: «هذا لا يعني أن تكون الثقافة ملائكية أو أنها لا تمر بضعف أو ترهل نتيجة الأفعال والسلوك الذي يمارسه أشخاص بارزون أو مهمون يحسبون بصورة أو أخرى على الثقافة الأصلية؛ فينظر إليها على أنها عاجزة وغير صالحة للتبني أو الممارسة فينتج عن ذلك فجوة بين الأفراد وتلك الثقافة التي وجدوا أنفسهم جزءًا منها بفعل المحيط أو المؤثر الذي يترك بصماته الواضحة على تفكيرهم وطريقة تلقيهم للكثير من المفاهيم الجاهزة التي لا تحتاج إلى مقدمات لكي تستحوذ على إدراكهم ووعيهم.
عبده الحودي -مدير عام مكتبة البردوني العامة، ذمار- يوضح رأيه حول دور المنظمات في تغيير الثقافة المجتمعية، ويقول:
«بشكل عام، لا يمكن الحديث عن تقييم دور المنظمات في تغيير الثقافة المجتمعية، في مجتمع عاش وتربى فيه المواطن اليمني على أن المؤسسة/ الدولة هي المسؤولة عن صناعة ثقافته على كل مستوى وصعيد، ولا توجد تجارب ناجحة بهذا الخصوص، ثم إن أي منظمة لديها برامج متصلة بدورها في تغيير الثقافة المجتمعية تعد من المنظمات المزعزعة للأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي».
وفي سياق الحديث يؤكد الحودي أيضًا إن الكثير من هذه المنظمات قد فشلت حتى في تقديم صورة إيجابية فيما يتعلق بأهدافها ورسالتها ورؤيتها الأساسية المرتبطة بنشر وتنمية ثقافة الشفافية والمصداقية والالتزام والمساءلة.
مضيفًا: «للحفاظ على الموروث الثقافي وتعزيز دور المنظمات بهذا الخصوص، لا بد من تعزيز عوامل التعاون والتنسيق المشترك بين المنظمات والحكومة، مع تكثيف التغطيات الإعلامية لمثل هذه البرامج والأنشطة والتوثيق».
آراء متفاوتة
عبد الغني الهياجم -ناشط مجتمعي من مدينة تعز- يرى من وجهة نظرة أن المنظمات أثرت على الأشخاص الفاعلين بشكل إيجابي، وأثرت على جزء من المجتمع بشكل سلبي لأنهم لا يعرفون ماهية هذه المصطلحات، ولا يوجد الوعي الكافي لفهمها وتناولها بالسياق الخاص بها؛ وهذا شكل عدائية ناحيتها وخطرًا على العاملين في هذا المجال.
أما عبير محمد -ناشطة حقوقية، عدن- فتقول: «انتشرت في الآونة الأخيرة مصطلحات ومسميات عديدة من قبل المنظمات كلها تهدف إلى توسيع مدارك المجتمع ولفت النظر إلى قضايا مهمشة ومسلوبة حقها خصوصا القضايا التي تخص المرأة. ومن وجهة نظري أرى أن هذه المفاهيم وهذه التغيرات، التي اعتبرها المجتمع دخيلة، هي من احتضنت قضايا عديدة وفتحت الأبواب للنقاش ووضع النقاط على الحروف وفق قوانين واتفاقيات دولية».
وتضيف: «هناك تجاوب من قبل المجتمع في بعض المفاهيم الدارجة، وخصوصا الشباب الحالي فيما يخص قضايا المهمشين والعنف والزواج المبكر وغيرها من القضايا التي توسعت. وفي الوقت ذاته لا يزال مستوى الوعي وتقبل المجتمع ضعيفًا فيما يخص بعض القضايا الخاصة بالمرأة؛ إذ يعتبره المجتمع انفتاحًا وخروجًا عن الأعراف والعادات المجتمعية المتعارف عليها، ومن ثم ليس بالسهولة تقبل المجتمع لهذه المفاهيم.
ولمدين القدسي -ناشط المجتمعي، تعز- وجهة نظر مختلفة حيث يقول «انتشرت في الآونة الأخيرة منذ بدأ الصراع مصطلحات ومفاهيم كثيرة لم تكن موجودة من قبل، وانتشرت هذه المفاهيم وعرفناها من المنظمات لدوافع مختلفة وتحت مسميات عديدة تتمثل في الحرية والعدل والمساواة».
مضيفا أن استيعاب هذه الثقافة تعتمد على الشخص نفسه وفكره وثقافته، ولكن من المؤكد أن الهدف المنشود من كل هذه المصطلحات الجديدة بروز طبقات ثقافية مائلة كل الميل نحو الانفتاح -خصوصا بالنسبة للمرأة- لأنه 90% من برامج المنظمات تستهدف المرأة وتحرضها الى الخروج عن العادات والتقاليد المجتمعية المتعارف عليها في البلاد.
استطلاع : 56 % عمل المنظمات الدولية في اليمن حاليًا غير مؤثر
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر مارس 2022 م حول …