‫الرئيسية‬ الأخيرة القطـاع الخــاص ساهـم بنحـو 78.72 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018

القطـاع الخــاص ساهـم بنحـو 78.72 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018

صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ

القطاع الخاص في اليمـــــن في الوقـــت الراهــــن

يعيش سالم أحمد (اسم مستعار حسب طلبه) في مدينة الحديدة أوضاعاً معيشة قاسية بعدما أجبر على ترك عمله مع مئات العمال من المصنع الذي تعرض للتدمير جراء الاقتتال الدائر في المدينة.

بحث الثلاثيني سالم عن فرصة عمل بديلة دون جدوى لاسيما وأنَّ المدينة تقل فيها فرص العمل بالتزامن مع ارتفاع نسبة البطالة التي ساهم الصراع في تفاقمها.

يقول سالم إنَّ زوجته اضطرت إلى الالتحاق بدورة تدريبية في صناعة البخور وتعمل حالياً في تجهيزه من المنزل ويعمل هو مع طفليه في بيعه وتسويقه.

أوضحت بيانات رسمية- صادرة في العام  2018عن الاتحاد العام للغرفة التجارية والصناعية- أنَّ المصانع المستهدفة تزيد عن45%من حجم القطاع الصناعي في اليمن فيما تقدر أضرارها بما يزيد عن50مليون دولار.

نفس الظروف تعيشها منال علي (اسم مستعار) فقد تركت عملها بعد إغلاق المؤسسة الإعلامية التي كانت تعمل بها في منصف العام 2015.

تقول منال(28عاماً):”إنَّ إغلاق المؤسسة الإعلامية التي كانت أحد موظفيها لا تمت للأطراف المتصارعة بأي صلة، ولا تعرف السبب وراء إغلاقها سوى أنَّها وجدت أبوابها أغلقت وباتت بعيدة عن حلمها الذي كان قد بدأ يتحقق، اضطرت للعمل في مدرسة خاصة بعد ما شهدته  المؤسسات الإعلامية من ترحيل وتدمير وإغلاق في عموم مناطق البلاد”.

تلخص منال ما تعيشه في قولها” أشعر بيأس وإحباط شديدين، بعد توقفي عن العمل وممارسة مهنة بعيدة عن تخصصي ورغباتي، النزاع  المستمر يدمر أحلامنا باستمرار”.

دفع القطاع الخاص في اليمن كلفة باهظة الثمن في ظل الصراع الدائر منذ أكثر من سبعة أعوام، ومع ذلك فهو يبذل جهوداً عظيمة من أجل تماسكه واستمرار عطائه للمواطن اليمني الذي أرهقته الأزمات وضعف الإمكانات والأوضاع الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد، فقد دمر الاقتتال منذ 26آذار/مارس2015 الكثير من المنشآت الخاصة ما تسبب بفقدان الكثير من الأيادي العاملة لمصدر دخلها في ظل وضع معيشي متدهور تعيشه ملايين الأسر اليمنية.

 القطاع الخاص والاقتصاد

يعد اقتصاد أي دولة هو قوتها الحقيقية في مواجهة كل التحديات التي تحاصرها، بل يجعلها ذات شأن وصاحبة قرارات وسيادة، ففي اقتصاد الدولة قوتها، لذا تبذل كثير من دول العالم جهوداً حثيثة في عمل إصلاحات كبيرة في قطاعها الاقتصادي وتطويره.

يسهم القطاع الخاص في أي دولة بالنهوض الاقتصادي لها بل يعد إحدى دعائمها الاقتصادية، ويعرف القطاع الخاص بأنَّه عبارة عن مؤسسات وشركات ونشاطات اقتصادية أخرى خاصة، رأس مالها ملك لأفراد بصفة شخصية أو لشركات، ويشمل القطاع الخاص  كافة مجالات الحياة الاقتصادية من القطاع الصحي والتعليمي ومؤسساته التربوية والأكاديمية والقطاع السياحي إضافة إلى القطاع الزراعي والقطاع الصناعي والقطاع المصرفي وكذلك الشركات الاستثمارية والاستشارية والمقاولات وكذلك الشركات التجارية وغيرها من المجالات.

يساهم القطاع الخاص في اليمن بشكل كبير بالنهوض بالاقتصادي الوطني الذي بات ينهار بصورة متسارعة مع استمرار الصراع، سواء في الجانب الخدمي أو الإغاثي والإنساني، وقد لعب دوراً بارزاً في الوضع الراهن رغم تراجع نشاطه مقارنة بما قبل الصراع. فحسب نتائج الحصر الخاصة التي قامت بها لجنة القطاع الخاص التي صدرت في نهاية العام 2018 فقد تم تدمير 80منشأة خاصة تقدر قيمة أضرارها حوالي867مليون دولار.

وحسب تقرير صادر عن قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي في شهر يوليو/حزيران من العام 2020  يقدر حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع الخاص بين 25 و27 مليار دولار.

يعد المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي القطاع الخاص هو محرك النمو، يدفع الأعمال الناجحة للنمو ويخلق الوظائف ويدفع الضرائب التي تمول الخدمات والاستثمار في البلدان النامية، كما يولد القطاع الخاص 90 في المائة من الوظائف ويمول 60 في المائة من جميع الاستثمارات إلى جانب أنَّه يوفر أكثر من 80 في المائة من الإيرادات الحكومية.

 يقول العوبلي:” إنَّ على الرغم من البيئة السياسية والأمنية المتقلبة التي يعمل فيها القطاع الخاص في اليمن، بالإضافة إلى محدودية توافر الخدمات الأساسية والاختناقات المتكررة في أسواق الوقود، فإنه لا يزال يهيمن على جميع الأنشطة الاقتصادية، بحسب تقرير لقطاع الدراسات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي إنَّ القطاع الخاص ساهم بنحو 78.72٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018” .

 ويرجع العوبلي سبب ذلك  بشكل أساسي إلى تعليق جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية من قبل القطاع العام، وخاصة النفط والغاز، وما يرتبط بهما من خدمات اقتصادية واجتماعية.

ويؤكد العوبلي “لصوت الأمل” أنَّ القطاع الخاص يسطر على جميع الأنشطة الاقتصادية، باستثناء الصناعات التعدينية والكهرباء والمياه والتأمين، والتي لا تزال تمثل الأنشطة الرئيسية للقطاع العام.

حراك القطاع الخاص

 نتيجة لمواجهة تبعات النزاع على القطاع الخاص، تشكلت مجموعة من الاقتصاديين ورجال المال والأعمال والمهتمين بالاقتصاد، باسم فريق الإصلاحات الاقتصادية في تحسين وضع القطاع الخاص.

الباحث والصحفي الاقتصادي نبيل الشرعبي يتحدث عن دور فريق الإصلاحات الاقتصادية، في زمن  النزاع” في أنه يحاول تقديم المشورات والتوجيهات للقطاع الخاص بما يسهم في تخفيف حدة التأثيرات المنعكسة من الصراع على هذا القطاع”.

يرى الشرعبي أنَّ الفريق  يعمل على إبقاء أواصر الشراكة والتعاون والتفاهم بين الحكومة والقطاع الخاص، إذ أنَّ النزاع تسبب في خلق جمود بين الجانبين نتيجة التباين بينهما في التوجهات، ويشير الشرعبي أنَّ العامل السياسي المحكوم بقيود التوجهات والتوجيهات العليا الخادمة لأهداف الحكومة يُعد المحرك للجانب الحكومي، فيما يعد القطاع الخاص هذه البيئة منفرة له ولا تتناسب مع أهدافه المرسومة والقائمة على حرية التعدد في التعامل والانفتاح الذي يضمن نمو رؤوس الأموال وتوسع النشاط الاقتصادي، وهو ما يتعارض مع التوجه الحكومي ويقصد في زمن الاقتتال، ويؤكد  الشرعبي أنَّ  فريق الإصلاحات الاقتصادية يسعى إلى التخفيف من تبعات ذلك، ومحاولة تحييد الاقتصاد عن أطراف النزاع بشكل عام بما فيه القطاع الخاص.

ويذكر الصحفي الاقتصادي نبيل الشرعبي أنَّ فريق الإصلاحات الاقتصادية، يتناول تقديم رؤى وتقارير إلى رعاة المصالحة اليمنية والأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة عن حالة القطاع الخاص لحشد مساندة من هذه الأطراف لحماية القطاع الخاص، والحد من توجهات أطراف النزاع الرامية إلى استهداف أنشطة هذا القطاع، ناهيك عن محاولة إبقاء القطاع الخاص بعيداً عن تبعات العقوبات الدولية والإقليمية التي طالت وتطال أطراف النزاع، ومثلها الإجراءات التي تحد من حرية نشاط هذا القطاع.

يضيف الشرعبي في حديثه “لصوت الأمل” أنَّ من أهم توجهات فريق الإصلاحات أيضاً حث القطاع الخاص على الإسهام في تخفيف جانب من المعاناة المجتمعية الناتجة عن الصراع، وكذلك تجنب الانجرار وراء الأنشطة المشبوهة التي تولدها النزاعات، والإسهام في تهيئة ومعالجة آثار وتبعات الاقتتال على بيئة القطاع.

ويعد فريق الإصلاحات الاقتصادية إحدى المبادرات الوطنية التي تبذل الكثير من الجهود لتوطيد الشراكة الوطنية بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، فهناك الكثير من المبادرات أطلقها أفراد القطاع الخاص.

الأكثر تضرراً من الصراع

يعد المجال التجاري من أنشطة القطاع الخاص الأكثر تضرراً بسبب الصراع جراء الحصار المفروض على البلاد  وانقطاع الطرق الرئيسة بين المدن واستبدال طرق وعرة وبعيدة وتدمير أخرى مما يساهم في ارتفاع أسعار المواصلات خصوصاً مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وهذه كله يسهم بدوره في غلاء السلع  وتغيب بعضها  عن الأسواق المحلية مما يولد معاناة للسكان في بلد وصلت نسبة الفقر فيها حسب منظمات أممية إلى أكثر من80%

كما تمر  المنشآت التجارية والصناعية داخل البلد بظروف استثنائية تجعلها عاجزة عن إبقاء أسعارها القديمة. أزمات المشتقات النفطية وأزمة الكهرباء التي تعيشها البلاد، وتدمير الكثير من مقراتها، دفع الكثير إلى مغادرة البلاد وتوقف الكثير من المشاريع التجارية مما أدى إلى انعدام منتجاتها أو ارتفاع أسعارها التي لا تتناسب و قدرة المواطن الشرائية، كما يعد توقف حركة الموانئ والمطارات التي تعد جسراً لنقل الكثير من السلع إلى البلاد شكلت تحدياً آخر أمام القطاع الخاص.

تسبب النزاع في اليمن في هجرة رأس المال إلى خارج البلاد لاسيما في السنوات الأخيرة فكثير من القيود دفعت بالكثير من التجار ورؤوس المال وأصحاب المشاريع إلى نقل نشاطاتهم إلى بلدان أخرى منها السعودية ومصر وتركيا فقد برزت أسماء الكثير من المشاريع لتجار يمنيين في المجال التجاري في هذه البلدان منذ بداية الصراع.

 من جانبها علقت إلهام الزريقي رئيسة قسم التدريب في الجمعية الخيرية للأسر المنتجة -التابع للقطاع الخاص هائل سعيد أنعم، تعز- حول هجرة رأس المال إلى الخارج بقولها:” الأمن الذي يبحث عنه جميع ريادي الأعمال أو عامة الشعب  هو العنصر الأساسي لنهضة أي بلاد في تبادل الخبرات والسلع، والمعاملات والإجراءات الخارجية، فكيف تزدهر المشاريع  في بلاد متعطلة فيها عدد من الخدمات التي يتم من خلالها إخراج الأوراق الرسمية للمستثمر والتي من خلالها يمكن اعتماد دخوله إلى البلاد أو العكس لذا فكل هذا يبقى حجر عثرة  أمام المستثمرين، ورأت الزريقي أنَّ  الارتفاع والتلاعب بالأسعار من أهم أسباب هجرة رأس المال إلى الخارج”.

وتشير الزريقي إلى أهم التحديات التي تواجه رجال الأعمال والتجار منها  النزاع وما خلفه من دمار للبنية التحتية، إلى جانب عمل الدوائر الحكومية التي تعمل جزئياً لعدد من الإجراءات الاستثمارية والحصار المفروض على عدد من المحافظات وصعوبة دخول المواد الخام إلى جانب صعوبة  تنفيذ بعض المشاريع بسبب تعقيد الإجراءات القانونية في البلد.

تقول الزريقي لصوت الأمل: “عودة المستمرين هو الأمل الأكبر لنهوض البلاد ولكن لا بد من العمل على قدم وساق للخروج من المحنة التي تمر بها بلادنا ويصبح هدف الجميع هو رفع راية الوطن والنهوض به”.

تحديات القطاع الخاص

دراسات ومسوحات ميدانية أجراها مركز الإعلام الاقتصادي في مختلف المحافظات اليمنية تؤكد أنَّ 83% من مؤسسات القطاع الخاص تضررت بسبب الصراع فيما توقفت 47% من المؤسسات بشكل كلي. وأظهرت نتائج الدراسات أنَّ 21% من رؤوس الأموال الاستثمارية غادرت البلد من إجمالي المؤسسات التي لم تتوقف ولا تزال تمارس نشاطها التجاري إما بشكل جزئي أو كلي.

وأظهرت الدراسات أنّ  79% لم تبدأ بنقل أنشطتها لكن البعض قد بدأ يفكر فعلاً، أيضاً 52% من الشركات المتوقفة بسبب الأوضاع الحالية لا تفكر باستعادة عملها في الوقت الراهن و47% بدؤوا بالتفكير باستعادة أنشطتهم التجارية رغم استمرار الصراع كما أثبتت نتائج تلك الدراسات والمسوحات.

حلول

ولمواجهة التحديات التي تواجه القطاع الخاص يرى المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي أنَّ تعزيز أداء القطاع الخاص والمهام الموكلة إليه في إطار الشراكة مع القطاع العام في ظل سيناريو الصراع أو التوصل إلى تسوية سياسية بمجموعة من الشروط يجب أن تتحقق، بشكل رئيس وهي:

ضمان مصادر طاقة كافية للحفاظ على العمليات الإنتاجية والنقل، على وجه الخصوص المشتقات البترولية، والسماح للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الوقود وفق ضوابط واضحة، شريطة عدم الإضرار باحتياطات العملات الأجنبية أو قيمة العملة الوطنية.

دعم المشاريع كثيفة العمالة، مع التركيز بشكل خاص على الشركات الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك التمويل وتمويل برامج المبادرة الذاتية للشباب والنساء ودعم اكتساب الأصول الإنتاجية، وإنشاء حاضنات أعمال، إعادة هيكلة ديون الشركات الصغيرة والمتوسطة مع إمكانات النمو والنجاح و يمكن أيضاً استكشاف فرص العمل، بالإضافة إلى منح المؤسسات الصغيرة مجاناً مؤقتاً سجلات تجارية لتسهيل أعمالهم وتفعيل مخطط النافذة الواحدة بوزارة الصناعة والتجارة.

مساعدة القطاع الخاص في إدارة المخاطر أثناء الحرب من خلال استراتيجية تحركها الأزمات. وتسهيل حركة التجارة من خلال ضمان حرية التجارة الخارجية وإبقاء جميع الموانئ مفتوحة لضمان ذلك تدفق البضائع إلى القطاع الخاص. بالإضافة إلى تنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بدعم القطاع الخاص مع التركيز على القطاعات والمناطق الأشد تضرراً والأكثر فقراً.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

43% : الصراع أبرز العوائق امام عمل القطاع الخاص في اليمن

صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر لصالح صحيفة صوت الأمل، في ش…