المرأة اليمنية العاملة في مجال الفن.. بين الطموح والقيود
صوت الأمل – حنين الوحش
امتازت المرأة بشكل عام في حضورها العميق والخصب في مجال الفن حتى اتخذ كرمزية للتعبير عما يجول في خاطرهن وايصال الرسائل الوجدانية والسياسية والمجتمعية وغيره عبر طرق وأساليب فنية مختلفة.
وبالرغم من الامتيازات التي نالتها المرأة العاملة في الفن الا ان الفن في اليمن مازال محصورا ويتم تقيمه حسب معايير الالتزام الدينية وليس حسب الموهبة الكامنة وهذا ما اضطر البعض منهن الى السفر للتمكن من التعبير عن خبايا فنونهن وتفاصيلها.
اسيا محمد خريجة معهد تعليم الفنون في عدن قسم الموسيقى تعمل معلمةً داخل المعهد حيث تقوم بتعليم الطلاب العزف على الجيتار، تقول: انتقدني الجميع عندما بدأت الدراسة بمعهد الفنون وترددت على مسامعي الكثير من العبارات من الاهل والأصدقاء مثل الموسيقى ليس لها مستقبل وماذا ستستفيدين ان تعلمتي العزف، لابد ان تشغلي وقتك بالدراسة فالموسيقى ليست الا للنساء الغير صالحات والبعض الآخر يحتقر هذه المهنة كونها حسب نظرتهم وتصنيفاتهم من المهن المحتقرة لدى المجتمع، لكن والديا شجعاني على دراسة الموسيقى، وكانا دائما هما العون والسند.
وتتابع اسيا إن الوعي والثقافة الفنية لدى المجتمع غير موجودة، فقد ارتبطت نظرة المجتمع نحو المستقبل بأن نصبح مهندسين أو معلمين أو أطباء، متناسيين أن الفن هو الصوت الذي يعبر عن ثقافة الوطن.
وعن مستوى الإقبال على تعلم الفن والموسيقى تقول اسيا: لدي حوالي ستة طلاب في قسم الموسيقى تخصص الجيتار في جميع المستويات حالياً وكلها خالية من الفتيات وهذا يرجع بشكل رئيسي الا النظرة المحدودة تعم الفتيات وإلمامهن بالفنون كونه جانب غير ضروري ويتربى الأجيال ومؤمنين بهذه الرؤية ومتمسكين بها.
بداية الطريق
هبه احمد من تعز فتاة شابة تمتلك موهبة الغناء بدأت بشق طريقها من خلال المشاركة في الاحتفالات والمهرجانات العامة وايصال صوتها ورسالتها عبر الغناء والدندنة.
تقول هبه حصار الفتاة اليمنية حتى لا تدخل دائرة الفن هو حصار نسبي يتباين من أسرة إلى أخرى وأمام إصرار الفتاة وإحساس أسرتها بموهبتها يبدأ تفهّم الأسرة لها وتشجيعها وخاصة إذا كانت تلك الأسرة من متذوقي الفن الأصيل غير المبتذل خاصة الأب والأم فموافقتهما المبدئية تعتبر الخطوة الأولى علما بأنه قد تحصل اعتراضات في نطاق الأسرة مثلا من الإخوة، ولكن بالإمكان تجاوز هذه المشكلة بالإقناع بأن الفن رسالة سامية ولا تتعارض مع العادات والقيم والتقاليد، فإذا ضمنت الفتاة موافقة أهلها ومباركتهم لها تقوم باختيار الأعمال الفنية القوية في كلمات معبرة تهدف إلى رسالة مجتمعية فيها اللحن الجيد والأداء المتميز خالية من المياعة وخدش الذوق العام للفن.
وتضيف هبه كان جميع الأصدقاء من حولي يعارضوني في البداية بحجة ان الغناء يصطدم مع الدين ولكن تجاهلت وتابعت لان من وجهة نظري لا يصطدم الالتزام والدين بالفن الصادق طالما يتم اختيار الكلمات والالحان المناسبة باعتبار ذلك هو الاحترام للفن وللجمهور.
مؤكدة أن كل أغنيه تكون رسالة واضحة وتخدم هدفا نبيلا بعيداً عن الابتذال، وقد قدم لنا الفنانون القدماء نموذج واضح لهذا الالتزام، حيث ما زالت اغانيهم إلى الوقت الحاضر متربعة على القمة والتي نادرًا ان يجود لنا الزمان بمثلهم بل ومهما تكرر سماعنا لتلك الأغنيات القديمة التي لانمل من سماعها بل ونترحم على اصحابها دائما.
وتجزم هبه بأن مستقبل الفن النسوي في اليمن سيتقدم إلى الأمام لأن نظرة المجتمع أصبحت مختلفة في ظل الإعلام الجديد ووسائل الاتصال الحديثة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة وأيضاً في ظل تفهم المجتمع لكل جديد وتقبله.
المرأة والفن
في تقرير للكاتبة احلام المقالح عن المرأة اليمنية والفن أوضحت فيه بأن الحديث عن الفن في مجتمع تقليدي يعد أمراً مفروغاً منه فكيف إذا كان عنصر الفن البشري فيه امرأة تسعى إلى تجسيد هواجسها ونظرتها إلى العالم والحياة من حولها.
مضيفة ان الفن بمختلف أنواعه يعبر عن الحياة وتفاصيلها، وتصوير للنفس وخباياها ورغم أن هناك فرض حصار على المرأة اليمنية حتى لا تدخل هذه الدائرة وإن كانت ملتزمة إلا أن هناك نساء يمنيات نجحن ولجأن الى عالم الفن والمؤسف انه خارج حدود الوطن وعاداته وتقاليده التي فرضت قيود على المرأة العاملة في هذا المجال.
وفي حديث مع المخرجة التلفزيونية ابتسام الحيدري أوضحت أن الفن هو مجال من مجالات الحياة وله اهداف سامية ويخضع للالتزام.
مضيفة إلى أن المجتمع اليمني سريع التأقلم مع التطور والتقدم ويتقبل كل ما هو في إطار المقبول والمعقول والمرأة اليمنية استطاعت التكيف ومسك العصا من المنتصف فلا ابتذال ولا تطرف لأن هدفها سام وخروجها محدد الأهداف.
وتتابع بقولها ليس هناك حصارا على فرص العمل في الجانب الفني على المرأة اليمنية وبدليل أننا نجد هناك العديد من النساء فرضن وجودهن على الساحة الفنية سواء في الرسم والتمثيل أو في الإذاعة والتلفاز بمختلف فنونه من تقديم وإخراج وتصوير وتصميم الأزياء.
وتضرب مثالا على هذا الفنانة الراحلة مديحة الحيدري والفنانة سحر الأصبحي ومن الفنانات الشابات منى الأصبحي ومنال المليكي، وبالنسبة للإذاعة الأستاذة فايدة اليوسفي وفي الإخراج الإذاعية جميلة الورافي، وأما بالنسبة للتلفاز هناك الأستاذة مها البريهي وإخلاص القرشي ومايسة ردمان وسونيا مريسي وغيرهن كثيرات والتصوير الأستاذة ذكرى أول مصورة تلفزيونية والمخرجة القديرة سميرة عبده ونادية هزاع وفي الفن التشكيلي الأستاذة آمنة النصيري وفي تصميم الأزياء الأستاذة تيسير الشرفي وإيمان حجر إضافة إلى فنون الرقص الشعبي وطبعاً من ذكرتهن على سبيل المثال لا الحصر لهذا.
مؤكدة بأنه لا يوجد حصار رسمي ولكن يمكن القول إنها العادات والتقاليد، مضيفةً: ومن وجهة نظري ان هذه العادات بدأت في التفكك لأنها ليس لها أساس ومن استطعن الخروج من هذا الحصار خرجن بقوة إرادتهن ووضوح أهدافهن ومعرفتهن لأهمية الفنون في نشر وتوثيق ثقافة المجتمع والمرأة اليمنية رغم دخولها مجال الفن إلا أنها مازالت متمسكة بهويتها اليمنية والعربية والإسلامية مثل الحجاب وعدم التبرج الفاحش في الماكياج أو الملابس فهن ينقلن الواقع والثقافة اليمنية من خلال الفن.
اراء مجتمعية
للمجتمع اليمني رأي خاص حول مشاركات المرأة وعملها في الجانب الفني
عبد السلام الهياجم (30 عام) من محافظة تعز يقول لا فرق بين امرأة تمارس الفن او رجل يمارس الفن ابدا لان الفن ليس حكرا على نوع معين فالفن موهبة والموهبة هي من تختار الشخص لتكون معه لا العكس.
مضيفا ان هناك صعوبات عديدة تواجه المرأة في المجال الفني منها نظرة المجتمع لها، وهذه النظرة مبنية على نظرة المجتمع للفن على انه مجال إذا عملت به المرأة فأنها ستتخلى عن الكثير من القيم والمبادئ وسوف تتجرد من الاخلاق وتقدم تنازلات كثيرة لتنجح، وهذه النظرة تنعكس على المرأة سلبًا.
ويوافقة الرأي عبد الخالق عبد الله (22 عام) من تعز فمن وجهة نظر عبد الخالق ان الفن موهبة ولا مانع ان تظهر المرأة وتمارس موهبتها بالشكل الذي تحبه ويليق بها طالما وأنها ستقدم شي مفيد للمجال الفني سيساعد على الرقي به وتنميته ويعود بالفائدة على المجتمع.
مؤكدا ان هناك نظرة قاصرة من قبل المجتمع إضافة الى الثقافة المجتمعية التي فرضت هذه القيود على المرأة وخصصت لها اعمال محددة لا تخرج عن اطارها ولم تستثمر هذه المواهب في أشياء ذات فائدة للمرأة والمجتمع.
وفي نفس السياق قال بديع نبيل البالغ (20 عام) ان المرأة بحاجة الى التشجيع والاهتمام لتبرز مواهبها ولايوجد ما يسمى بتقسيمات حسب النوع بالفنون فالذي يملك موهبه من حقه ان يشارك ويبدع دون استثناء.
معبرا على ان الصعوبات التي تواجه المرأة يكون سببها غالبا هو العادات والتقاليد المجتمعية والتطرف الديني.
وفي إطار المعالجات التي اقترحها بديع أكد على أهمية وجود خطط واستراتيجيات طويلة تهتم بالفن بشكل عام وبالمرأة على وجه الخصوص للنهوض بهذه المواهب وتشجيعها.
استطلاع.. 67.3% للفن دور في دعم ثقافة السلام في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر فبرا…