متحدث الصليب الأحمر في اليمن: الوضع الإنساني في اليمن كارثي والحل الوحيد هو إنهاء النزاع
صوت الأمل – خاص
حاوره رئيس التحرير
وصف المتحدث الرسمي باسم الصليب الأحمر في اليمن بشير عمر الوضع الإنساني في اليمن بانه حساس جدا غاية في التعقيد وأقل ما يمكن ان يوصف به انه كارثي، مؤكدا ان انهاء الصراع المسلح والوصول الى اتفاقية سلام هو المفتاح الأساسي لمعالجة المأساة الإنسانية في اليمن، داعيا كافة أطراف النزاع الى تغليب مصلحة البلد العليا والانخراط في مفاوضات سياسية مباشرة لإنهاء النزاع.
وأكد عمر في مقابلة خاصة بـ “صوت الأمل” استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتقديم كافة أوجه الدعم لإجراءات بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة وأهمها تسهيل عمليات تبادل الأسرى بين الأطراف سواء داخل اليمن او خارجه، “حاليا كل ما يمكننا عمله كصليب احمر هو تسهيل عمليات معالجة الآثار المترتبة على سنوات الصراع مثل تسهيل عمليات تبادل الاسرى بين الأطراف المختلفة سواء داخل اليمن او خارجه وهذا سيفسح المجال لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة.”
كيف تقيمون الوضع الإنساني في اليمن من خلال عملكم في الميدان؟
- الوضع اقل ما يمكن ان يوصف به انه كارثي متدهور جدا سواء في الجانب الصحي او الغذائي او الخدمات الأساسية، الوضع معقد ومتفاقم بشكل مستمر والأرقام الواردة في الاحصائيات المحلية والدولية تدلل على ذلك ولو ان لغة الأرقام -برأيي- لا تعكس المعاناة الحقيقية للناس الأرقام تختزل ملايين القصص في رقم واحد.
ولكن لو اخذنا الجانب الصحي مثلا فنحن نتحدث عن 49% من المرافق الصحية في اليمن لا تعمل وبالتالي فأكثر من نصف السكان في اليمن غير قادرون على الوصول الى الخدمات الصحية مما سبب ساعد على انتشار امراض كانت قد انتهت وظهرت من جديد مثل الدفتيريا- شلل الأطفال – الكوليرا – وغيرها.
وهذه الوضع نتج أساسا بسبب الصراع القائم منذ حوالي سبع سنوات.
في جانب المياه، هناك أكثر من 17 مليون يمني ليس بمقدورهم الوصول الى مياه نظيفة وهذا فاقم الوضع الصحي وساعد في ظهور مشاكل في جوانب أخرى كالتعليم حيث زيادة نسبة تسرب الأطفال من المدارس خاصة في المناطق الريفية.
في جانب الغذاء، تقول التقارير ان 80% من سكان اليمن بحاجة الى معونات غذائية منهم 16 مليون بحاجة ماسة الى المساعدات الغذائية.
أكثر من أربعة مليون طفل وامرأة مصابون بسوء التغذية الوخيم من هؤلاء النساء حوامل وبالتالي فالخطر يهدد أيضا المواليد الجدد وبالتالي جيل كامل معرضون لأخطار تقلل من فرصهم في الحياة وهذه المشكلة جدا معقدة وستحمل البلاد أعباء كبيرة في المستقبل حتى بعد انتهاء فترة الصراع.
كانت هذه المشاكل موجودة في اليمن قبل فترة الصراع.. ما هو الفارق الذي احدثته السنوات الأخيرة؟
- مشكلة اليمن انها لا تشهد فترة استقرار كافية، فما ان تخرج البلاد من صراع حتى تدخل في صراع آخر، فمنذ فترة التسعينات وحتى اليوم مرت البلاد بعدة نزاعات مسلحة تركت آثار متراكمة على الوضع الإنساني في مختلف المجالات.
كانت مثلا مشكلة المياه موجودة سواء في مصادرها او إدارة مواردها او سوء الاستخدام، التعليم كان أيضا متدني منذ ما قبل الصراع، الجانب الصحي أيضا وبالذات سوء التغذية فالنتائج التي نراها اليوم هي نتيجة تراكما ت كبيرة ولكن سنوات الصراع المسلح منذ سبع سنوات فاقمت كل هذه الازمات وبشكل كبير وبفارق ملحوظ جدا بسبب انعدام القدرة على الوصول الى الخدمات – حوالي نصف القطاع الصحي خرجت عن الخدمة -انقطاع الرواتب – وجود اكثر من أربعة مليون نازح وهو رقم كبير جدا مقارنة بعدد النازحين على مستوى العالم والتي تصل الى 80 مليون نسمة.
ما هي أبرز مشاريع منظمة الصليب الأحمر في مجال العمل الإنساني في اليمن؟
- نحن نركز بالدرجة الأساسية على المساعدات المنقذة للحياة، لكن في مجالات أخرى مثل المساعدات الإغاثية خلال العام الماضي 2021 ساعدنا أكثر من أربعة مليون شخص عن طريق توزيع مواد غذائية بشكل دوري للنازحين والفئات الأكثر احتياجا لهذه المساعدات وشملت المساعدات أيضا مواد عينية غير غذائية كالأثاث.
لدينا أيضا برنامج المبادرات الصغيرة المدرة للدخل والتي تشمل دعم المزارعين المتضررين من النزاع المسلح في مناطق مختلفة من اليمن، حيث نقوم بتزويدهم بالبذور واستصلاح الأراضي الزراعية وتزويدهم بالآلات الزراعية ومؤخرا قمنا بتوزيع 350 حراثة لمزارعين في محافظة صعدة.
شمل البرنامج أيضا قطاع الثروة الحيوانية حيث مولنا حملة لقاحات لثلاثة مليون رأس من المواشي في كل من صعدة- صنعاء- لحج- ريمة – الضالع وغيرها، بالإضافة الى تنمية صناعة النحل في اليمن وقمنا بتدريب عدد من مربي النحل منهم نساء معاقات بداية من التدريب حتى تجهيز مشاريعهم بشكل متكامل لتكون مصدر دخل لهم. واستهدفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر كذلك زوجات وامهات ضحايا النزاع المسلح بدعم مادي مباشر لفتح مشاريع صغيرة مدرة للدخل.
في المجال الصحي ندعم 83 مستشفى ومرفق صحي بالمحروقات والمعدات وحوافز شهرية، وفي مجال المياه استهدفت برامجنا خلال العام الماضي حوالي خمسة مليون من خلال استصلاح آبار المياه تزويدها بمضخات ومحروقات وإصلاح شبكات المياه التي تعرضت للتلف بسبب الاعمال القتالية مثلا في عدن قمنا باستصلاح كل آبار المساجد بحيث تكون ملجأ مناسب في حال تعطل الشبكة العامة للمياه او تعرضها لأعمال تخريب وكذلك ندعم المحطات الرئيسية للمياه في صنعاء والحديدة وصعدة وتعز.
خمسة مراكز لصناعة الأطراف تتلقى من اللجنة دعم كامل وأيضا نقدم خدمات التأهيل والتدريب من خلال بعثات دراسية لعدد 16 شخص لمدة ثلاث سنوات في الهند وتنزانيا وغيرها والهدف توفير كفاءات محلية تحل محل الكفاءات الأجنبية التي نضطر لاستقدامها من خارج اليمن في مجال صناعة الأطراف 16 شخص وأيضا بالتعاون مع وزارة الصحة تم افتتاح برنامج دبلوم للعلوم الصحية في مجال العلاج الطبيعي الملتحقين به طلاب ممن فقدوا اطرافهم ونوفر لهم خبراء أجانب.
- بالنسبة للأسرى … هل توقفت جهودكم عند إتمام الصفقة الوحيدة لتبادل الأسرى التي تمت في أكتوبر2020م؟
نقوم بزيارة اغلب مراكز الاحتجاز في انحاء البلاد، وكانت تلك الصفقة نجاح كبير لجهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهنا أؤكد اننا ما زلنا على أتم الاستعداد لتسهيل أي عملية تبادل قادمة للأسرى طالما اتفقت الأطراف المتنازعة على القوائم النهائية لأسماء المحتجزين.
ودوما نقوم بالتأكيد على أطراف النزاع للالتزام بالقانون الدولي الخاص بالحروب والنزاعات المسلحة، لا سيما فيما يتعلق بالأشخاص المعتقلين على ذمة الأعمال الحربية وتوفير الظروف الإنسانية الأساسية من مأكل ومأوى وخلافه، ونحث الأطراف الداخلية والخارجية على عدم استهداف المدنيين او الذين كفوا عن المشاركة في الاعمال الحربية. وفي حالة وجود خرق للقانون الدولي الإنساني من قبل أي طرف نقوم بالتواصل معه بشكل ثنائي بعيدا عن الإعلام ونسعى لتغيير سلوك الأطراف اثناء القتال وغالبا ما يكون هناك تغيير وان كان بطيء وصعب لان الأطراف المتحاربة عادة تفضل مصلحتها العسكرية على الاعتبارات الإنسانية.
وفيما يخص المعتقلين خارج اليمن تم توفير مركز اتصال – هو الوحيد على مستوى العالم- لتسهيل تواصل المعتقلين اليمنيين في جوانتاناموا مع أهاليهم في اليمن ولدينا مكاتب اتصال في مراكزنا في عدن وصنعاء وتعز وغيرها يأتي اليها أهالي المعتقلين واطفالهم للتحدث الى أقاربهم في جوانتاناموا عن طريق الفيديو وبشكل مباشر.
- لماذا لا يتم تطبيق هذه التجربة للمعتقلين داخل البلد؟
أحيانا يكون صعوبة التنسيق مع الأطراف المحلية عائق كبير لان بعضهم لا يسمح مثلا بتوفير هذه التقنية للاتصال من داخل المعتقلات التي يديرونها.
- هل لديكم تنسيق مع الجهات المحلية التي تعمل في إطار برامجكم؟
لدينا تنسيق كامل مع الهلال الأحمر اليمني باعتباره الشريك المحلي الاساسي ونقوم بدعمه في مجالات الإسعاف والتوعية وتجمعنا مظلة الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
- كيف تقيم الآلية المتبعة حاليا في مجال العمل الإغاثي والتي تعتمد على التدخلات الطارئة وتوزيع المساعدات الغذائية؟ هل هي حل للمشكلة ام انها مجرد علاج مرحلي قد ربما يفاقم المشكلة مستقبلًا؟
هذه الآلية مناسبة لتخفيف الأرقام والمؤشرات وقد ربما انها ليست حل نهائي لان الكثير من الناس أصبحوا يعتمدوا على هذه المساعدات، لكن القاعدة العامة ان العمل الإنساني في أوقات النزاعات المسلحة ان الاعمال الاغاثية خاصة الغذائية تكون لها الأولوية القصوى بسبب الظروف التي يفرضها واقع الحال.
لا يمكنك ان تقوم بأعمال تنموية في أوقات نزاعات مسلحة لان الظروف غير ملائمة، ممكن ان المساعدات الغذائية الطارئة تخلق نوع من الاتكال لدى الناس لكن لكي تخلق تنمية انت تحتاج لدولة مستقرة، لا يمكن للمنظمات الدولية او غيرها ان تخلق تنمية في ظل عدم وجود دولة مستقرة ولا يمكن لها ان تحل محل الدولة.
هذه الآلية تعتبر حل مؤقت في ظل وجود النزاع المسلح حتى ينتهي الصراع ثم بالإمكان الانتقال الى الحديث عن المشاريع التنموية ومراحل إعادة الاعمار وبدأ مرحلة الاستقرار.
- ما هي اهم الصعوبات التي تواجه العمل الإنساني في اليمن؟
هناك العديد من الصعوبات التي تقف عائق امام العمل الإنساني والمساعدات الاغاثية اكبرها واهمها هو الاعمال القتالية التي تمنع وصول الاعمال الاغاثية من الوصول الى المناطق الأكثر احتياجا ويشكل خطورة كبيرة على حياة القائمين بالعمل الإنساني وأبرز مثال على ذلك اننا خلال العام الماضي فقدنا 13 شخص من الصليب والهلال الأحمر الى جانب تعرض آخرين للاختطاف والاعتقال والمضايقات وغيرها
الصعوبة الأخرى تتلخص في حجم الازمة الإنسانية في اليمن التي تفوق قدرات المنظمات الدولية والإنسانية، الوضع يحتاج الى مبالغ كبيرة من الدولارات من اجل الاستجابة لهذه الاحتياجات.
الناس تتوقع من المنظمات الاستجابة لكل أنواع التحديات والمعاناة التي يخلفها الصراع وهذا يضعنا تحت الضغط وأيضا التعرض للانتقادات.
من الصعوبات التي نواجهها أيضا تعدد السلطات في المناطق المستهدفة حيت تحتاج كل جهة معاملات وشروط مختلفة وأحيانا تكون هناك قيود تمنعنا من الوصول الى المستفيدين وهذا يعقد الوضع وتأخذ الكثير من الوقت والجهود، أضف الى ذلك توفر الجانب الأمني الملائم للطواقم للعمل وعدم وضوح مناطق السيطرة للأطراف المتنازعة التي تتغير باستمرار وظروف الاشتباكات في تلك المناطق وبالتالي فان المخاوف الأمنية في مناطق النزاع تعقد من مهمة اعمال الإغاثة وتزيد من نسبة الخطورة التي يمكن ان تتعرض لها طواقم العمل.
أيضا المتغيرات على الساحة الدولية تؤثر على اعمالنا مثل انتشار الأوبئة ككورونا وأصبح تنظيم الحملات واستقدام الخبراء من خارج اليمن معقد وصعب وأيضا صعوبة الاستيراد في ظل النزاع كلها أمور تعرقل العمل الإنساني والإغاثي في اليمن.
أضف الى ذلك انسداد أفق الحل السياسي للوضع في اليمن يعتبر عائق آخر امام الاعمال الاغاثية لان استمرار الصراع معناه المزيد من التعقيد والارباك في المشهد الإنساني والمزيد من المعاناة للناس والمزيد من الضحايا وبالتالي مزيد من الأعباء على كاهل المنظمات سواء الدولية او المحلية التي تقوم بتقديم المساعدة للناس، كل هذه العوائق تضعنا في مشهد انساني معقد للغاية وحساس.
- ما هي الحلول التي ترونها للمساهمة في تحسين الوضع الإنساني في اليمن؟
الحل الوحيد هو الوصول الى نهاية للنزاع المسلح، وهنا لابد من وجود نية صادقة لأطراف النزاع لإيجاد نهاية لهذا الصراع الذي طال أمده، عندها سيعود اليمنيون الى مناطقهم وحياتهم الطبيعية في ظل دولة قوية وموحدة وقادرة على خدمة المجتمع.
- ما الذي ممكن تقدموه أنتم كمنظمات دولية في هذا الصعيد؟
- اقصد ما الذي يمكن ان تقدمه المنظمات الإنسانية الدولية على الصعيد الإنساني؟
كل ما يمكننا عمله هو مضاعفة الجهود الإنسانية لمعالجة الوضع الإنساني في مرحلة ما بعد الوصول الى سلام، حاليا كل ما يمكننا عمله كصليب احمر هو تسهيل عمليات معالجة الآثار المترتبة على سنوات الصراع مثل تسهيل عمليات تبادل الاسرى بين الأطراف المختلفة سواء داخل اليمن او خارجه وهذا سيفسح المجال لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة.
استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…