الوضع الانساني للمرأة اليمنية في ظل استمرار الصراع
صوت الأمل – رجاء مكرد
مرت سبع سنوات من الصراع في اليمن، عانت خلالها المرأة اليمنية شتى أنواع التعب الجسدي والنفسي، وتغيرت حياتها وأدوارها المعيشية، كافحت لأجل الصمود في ظل غياب عائل الأسرة أو وفاته جراء النزاع القائم.
تُعد المرأة اليمنية أكثر شريحة مجتمعية تعرضت لأضرار الصراع في مختلف الجوانب: الصحية، الاجتماعية، التعليمية، الاقتصادية، بالإضافة إلى تحملها أعباء النزوح وظروفه القاسية في سبيل المكافحة من أجل البقاء.
وعلى الرغُم من الظروف الصعبة التي واجهتها المرأة في اليمن في ظل النزاع وتداعياتهُ؛ فإنها حرصت على العمل والحفاظ على الأمن الأسري، تُساندها أدوار المنظمات والمجتمع المدني لتخفيف آثار الصراع على المرأة وتمكينها اجتماعيًا واقتصاديًا.
أرقـــــــــــــام
شهد اليمن أزمة إنسانية وكارثية مع استمرار الصراع؛ إذ يحتاج أكثر من 76% من اليمنيين إلى مساعدات إنسانية، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على وضع المرأة، حيث تحتاج (4.6) مليون امرأة و(5.5) مليونَ فتاةٍ إلى المساعدة خلال العام 2021، وفقًا لـ”الأوتشا”، وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية، فبراير 2021.
إضافة إلى ذلك، زيادة حدة عدم المساواة بين الجنسين؛ إذ تحتل اليمن المرتبة (155)، أي ما قبل المرتبة الأخيرة، في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين للعام 2021، مقارنة بـالمرتبة (115) في العام 2006، بحسب تقرير Global Gender Gab الصادر عام 2021م.
وتُشير إحصائيات صادرة عن الصندوق الاجتماعي للتنمية وتقرير الأوتشا فبراير 2021م إلى أن 72% هي نسبة الفقر بين الأسر التي تترأسها النساء على مستوى الريف، في حين بلغت نسبة الفقر بين الأسر التي تترأسها النساء على مستوى الحضر 20.1%.
المرأة صحيًا
4.893″ مليون امرأة يمنية تحتاج إلى المساعدة الصحية خلال العام 2021م”، هذه هي آخر إحصائية في أبريل 2021م حصلت عليها “صوت الأمل” من قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي توضح وضع المرأة اليمنية صحيًا
إن استمرار الصراع في اليمن يؤدي إلى ازدياد عدد الوفيات غير المباشرة أكثر من المباشرة، وهي تتركز في الفئات الضعيفة (النساء والأطفال) أكثر من الرجال، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “تقييم آثار الحرب على أهداف التنمية في اليمن 2019م”. ليس ذلك وحسب؛ بل إن هُناك أضرارًا صحية كثيرة لحقت بالمرأة اليمنية جراء استمرار الصراع.
أكثر الأسباب التي جعلت المرأة اليمنية تُعاني صحيًا، هي تدمير المستشفيات وإغلاق المرافق الصحية ونقص الكادر الصحي في اليمن. وقد أشارت وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن 2021م إلى أن (9.9) مليون من النساء والفتيات يُعانين من الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
وتبعًا لنقص الخدمات الصحية، أصبحت اليمن تُعاني من أعلى معدل لمستوى وفيات الأمهات في المنطقة العربية؛ فبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان فبراير 2021م، تموت امرأة يمنية كل ساعتين أثناء الولادة لأسباب يمكن الوقاية منها بشكل شبه كامل، إذ ارتفع مؤشر نسبة وفيات الأمهات (500) حالة وفاة لكل 100 ألف حالة ولادة حية ما بين عامي 2019م و2020م مقابل (148) حالة وفاة للأمهات في 2013م.
وفي ذات بيانات الصندوق، تبين أن تضرر حوالي 49% من المرافق الصحية قد ضاعف من معاناة المرأة صيحًا؛ فهناك خمسة ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب، و (1.7) مليون امرأة حامل ومرضع لديهن فرص محدودة أو معدومة للحصول على خدمات الصحة الإنجابية قبل وأثناء وبعد الولادة.
المرأة والطفل ضحايا النزوح
ندى العبسي -باحثة ميدانية في مجال التغذية وسُبل العيش وقياس سوء التغذية عند الأطفال دون سن الخامسة- تُشير إلى ازدياد معاناة المرأة بسبب النزوح الذي سبب كثيرًا من حالات سوء التغذية، جراء تدهور الأمن الغذائي وقلة فرص الوصول للخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي والنظافة.
مضيفة أن أغلب النساء خلال فترات الصراع يعانين من اضطرابات نفسية وصدمات يصعب التعافي منها، نتيجة الخوف من فقدان أزواجهن وأولادهن جراء الاختطافات أو القصف في الصراع، كما أنهن يكافحن من أجل إعالة أسرهن.
وقد أوضح صندوق الأمم المتحدة للسكان في فبراير 2021م، أن 73% هي نسبة النساء والأطفال من إجمالي عدد النازحين البالغ عددهم أربعة ملايين نازح، في حين أن حوالي %30 من الأسر النازحة تقوم النساء حاليًا بإعالتها، مقارنة بـ9% قبل تصاعد الصراع عام 2015م.
في الوضع الراهن أظهرت “وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن، 21 فبراير 2021م” أن حوالي (1.2) مليونَ امرأة حامل ومرضع يعانين من عدم توفر خدمات علاج سوء التغذية الحاد أو الوقاية منه، وأن نسبة انتشار فقر الدم بين النساء الحوامل والمرضعات 71%.
المرأة والتعليم
أدى النزوح جراء الصراع الحاصل في اليمن إلى تداعيات سلبية كبيرة على التعليم، وتُعد الفتاة اليمنية أكثر عرضة للانقطاع عن التعليم بسبب قضايا الأمن والسلامة وخوف الأُسر على الفتيات، فضلًا عن نقص المرافق الدراسية الخاصة بتعليم الفتاة.
وتُشير أحدث التقديرات التي نشرتها “نشرة المستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وزارة التخطيط والتعاون الدولي” في فبراير 2021م، إلى أن أكثر من مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة خارج المدرسة، قبل جائحة كوفيد-19، منهم حوالي 47% من الفتيات خارج المدرسة مقارنة مع 53% من الأولاد.
كما أن تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن تشير إلى أن أكثر من (171.600) من المعلمين متضررين -20% منهم إناث، 34.5 ألف معلمة في 11 محافظة-؛ فهم لا يستلمون رواتب في (206) مديرية، الأمر الذي يؤثر سلبًا على جودة التعليم لـ(3.6) مليونَ فتاة وفتى في تلك المناطق.
ويذكر تقرير “الأوتشا – فبراير 2021م” أنه جراء تدمير الصراع للبنية التحتية للتعليم، تأثرت العملية التعليمية لجميع الفتيان والفتيات البالغ عددهم (10.1) مليونَ طالب في اليمن، وتفاقم الوضع جراء كورونا؛ مما أثر على تعلم ما يقرب من (5.8) مليون طالب، وطالبة وكثير منهم معرضون لخطر عدم الدراسة، لا سيما الفتيات.
عمل المرأة في ظل الصراع
فاقمت الأزمة الإنسانية في اليمن من معاناة المرأة، ومواجهتها كثير من التحديات والصعوبات المتعلقة بالتدهور الاقتصادي، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وارتفاع عدد المعيلات للأسر عما كان عليه قبل الصراع.
في إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء للعام 2018م، بلغ عدد الأسر التي تعيلها النساء على مستوى اليمن (416.8) ألف أسرة تمثل 11.4% من إجمالي الأسر في اليمن، في حين بلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء في الريف حوالي (274.3) ألف أسرة تمثل 11.1% من إجمالي الأسر في الريف، وبلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء في الحضر حوالي (142.4) ألف أسرة تمثل 12.1% من إجمالي الأسر في الحضر.
في حين يذكر تقرير صادر في مارس 2020م عن منظمة “رايتس رادار لحقوق الإنسان” أن ثمة ما يقارب الـ(50.000) امرأة متزوجة فقدن أزواجهن خلال سنوات الصراع، بمعنى أن هُناك خمسين ألف أسرة بدون عائل؛ الأمر الذي يدلل على أن المرأة في اليمن تعيل ما يقارب من نصف مليون أسرة.
المعالجات ودور المنظمات
في ظل الأعباء والمعاناة التي تحملتها المرأة اليمنية جراء استمرار الصراع، إلا أن هُناك آليات وبرامج سعت لتوفير الرعاية والأمن للأسر. “المذكرة الرسمية الصادرة عن الصندوق الاجتماعي للتنمية –أبريل 2021م” لخصت أهم البرامج الداعمة التي بلغ فيها عدد العملاء المقترضين النشطين (89.208) فقط حتى نهاية أبريل 2021م، تتراوح نسبة النساء فيها ما بين 34-10% فقط.
ويُعد الصندوق الاجتماعي للتنمية أحد المؤسسات الوطنية الرئيسة التي أولت اهتمامًا بتمكين المرأة، وبحسب المذكرة فإن عدد المستفيدات من المشاريع والبرامج كثير جدا. ومن المشاريع: مشروع “برنامج التدريب والدعم المؤسسي” الذي يشجع المهارات الحياتية للنساء: الخياطة، التطريز، تربية النحل، صناعة الألبان.
أيضًا، برنامج وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر الذي يدعم استمرارية قطاع سيدات الأعمال وحماية المرأة وتمكينها في ظل الأزمات، ومشروع دعم التوسع المالي وغير المالي، ووحدة التعليم، ووحدة الصحة والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاريع (برنامج المنشآت الصغيرة والأصغر) و(برنامج الأشغال كثيفة العمالة)، وكلها في سبيل تنمية وتمكين المرأة.
وعن دور المنظمات تجاه المرأة؛ فقد جاء في “تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة 2021م” أن مشروع “الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن YECRP” الذي بلغت تكلفته (400) مليون دولار أمريكي، قد عمل على تقليل العديد من الحواجز الاقتصادية والاجتماعية للمرأة.
وذكر التقرير، أن المشروع ساعد حوالي (40000) امرأة ليصبحن شريكات متساويات في تلبية الاحتياجات العاجلة لمجتمعاتهن المحلية من خلال مشاركتهن في (3.700) مشروع، وساهم ما يقارب 800)) من هذه المشاريع في توفير فرص عمل وتحويلات نقدية لأكثر من (63000) امرأة، وتدريب وتوظيف أكثر من (3600) شابة لمساعدة الأمهات والأطفال في الخدمة التعليمية، كما دعم البرنامج حوالي (3200) شركة تديرها النساء، كان العديد منهم على وشك الانهيار جراء الصراع منذ عام 2015م.
وبحسب موقع البنك الدولي الرئيسي، عمل الصندوق الاجتماعي للتنمية في العام 2015م الذي تم دمجه في المشروع الطارئ للاستجابة للأزمات على تنفيذ برنامج (المساعدات النقدية مقابل التغذية)، الذي يستهدف النساء الحوامل واللواتي لديهن أطفال دون سن الخامسة. توصل المشروع إلى أكثر من (165) ألف امرأة حامل أو مرضع و(175) ألف طفل. ولتعزيز تمكين المرأة، استهدف المشروع الحاصلات على التعليم الثانوي، أو تعليم أعلى للعمل كمرشدات صحيات، وتلقت نحو أربعة آلاف مرشدة صحية التدريب على توعية المجتمعات المحلية بأهمية التغذية وإجراء مسح لحالات سوء التغذية. المرأة نواة المجتمع، وقوة أساسية لتحقيق التماسك الاجتماعي، وبالرغم من البرامج والخطط المعدة لتمكينها اقتصاديًا، فإن تلك المشاريع تظل محدودة أمام ما تعانيه المرأة من ويلات الصراع.
استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…