واقع الأزمة الإنسانية في اليمن.. تحديات وتوصيات
صوت الأمل – حنين الوحش
منذ بدء الصراع واليمن تعاني أزمةً إنسانيةً في مختلف مجالات الحياة حللتها دراسات وأبحاث وتقارير لمنظمات فوجدتها متفاقمة، على الصعيد الاقتصادي أو النفسي، محاولةً تحديد أبرز التحديات التي تحول دون الخروج من الأزمة، وموصية بمقترحات لمعالجة الأوضاع الراهنة للأزمة.
وبالرغم من التدخلات والمساعدات الإغاثية والإنسانية التي قدمتها المنظمات الدولية والمجتمع المدني للإسهام في إخراج اليمن من بؤرة الأزمات، فإن هذه المحاولات كانت شحيحة وطارئة بالنسبة لوطن يتخلله الصراع، وتزداد حالات الطوارئ لديه من فقر وأمراض وتدهور اقتصادي وتفكك في اللُّحمة الاجتماعية وغيرها بشكل يومي.
واقع الأزمة
في دراسة للمركز العربي للبحوث والدراسات بعنوان “تهديدات متلاحقة.. الأزمة اليمنية ومستقبل الأمن الإقليمي العربي” تحدثت عن الأزمة الإنسانية في اليمن –الدولة التي تعد من أفقر دول العالم- وعن أحد أهم نتائج هذا الصراع الذي نتج عنه تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية.
كما أوضحت الدراسة أن اليمن وفق تقارير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج اثنان وعشرون مليون شخص (حوالي 75% من السكان) إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك (8.4) مليون شخص لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم القادمة. ونوهت إلى أن حوالي (28.000) يمني قُتلوا أو أصيبوا منذ عام 2015، وأن الأمم المتحدة وثقت حوالي (9.500) وفاة وقعت لمدنيين.
كما أصدر رؤساء منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي بيانًا مشتركًا قالوا فيه: “نصدر معا نداءًا عاجلًا آخر للتحالف للسماح بدخول الإمدادات المنقذة للحياة إلى اليمن لمواجهة ما يعد الآن أسوأ أزمة إنسانية في العالم. إن الإمدادات، التي تشمل أدوية ولقاحات ومواد غذائية، ضرورية للقضاء على المرض والجوع”.
وتضيف الدراسة أن استمرار الصراع في اليمن لن يؤدي إلى العديد من المشاكل الإنسانية في الداخل اليمني وحسب؛ بل سينعكس على أمن المنطقة العربية في البعد الإنساني.
انعطافات وتحديات
في دراسة أخرى قدمتها رؤيا للبحوث والدراسات بعنوان “خارطة الأزمة اليمنية: جذورها وبواعثها”، قال الباحث مصطفى العلواني: “تشهد الأزمة اليمنية انعطافات يمكن وصفها بكونها تعرجات لتطورات الأحداث فيها، وتنبئ أن اليمن تقف على مفترقِ طرق تتشعب مآلاتها واحتمالات تقلباتها بما يجعل توقع ما سيكون من سيناريوهات حلها على المدى القريب أمرًا لا يمكن وصفه باليسير.
مضيفًا: “لعل من بين أبرز أسباب تعقيد المشكلة اليمنية وصعوبة توقع حلها يعود إلى غياب توصيف دقيق لما عليه المجتمع اليمني، ومن ثم الجهل بتفاصيل نسيجه الاجتماعي وتلونه في وقت اعتقد كثير من المعنيين بدراستهم -لا سيما قبل الأزمة- أن شعب اليمن قليل التنوعِ، محدود الاختلاف، وهو أمر فارق الدقة، ونتيجة لذلك أغفل حجم المشكلة التي تعصف باليمن وتهدد نسيجه الاجتماعي.
وأردف العلواني: “من الأسباب أيضا إغفال تداخل الفاعلين في الأزمة اليمنية والمعنيين بإشعالها والمتسببين بتعقيدها؛ فهي مشكلةٌ مركبة بررتها عوامل محليةٌ وأخرى إقليمية، وثالثة دولية، وكلٌ منها عقدت إشكالية دراسة الأزمة اليمنية، وأسهمت في تأخير حلِّها، بانتظار حدوث توافق للفواعل على المستويات الثلاثة وبالاتفاق على حلها والتخفيف من آثارهم في إشعالها وإدامتها وفقر اليمن وضعف دخله القومي”.
توصيات بعمل استقصاء
حول اجتماع عدد من أبرز المشاركين من القيادات التنموية والاقتصادية لمناقشة الأزمة الإنسانية وأهم التحديات التي تواجه البلاد بشكل عام، تم تقديم توصيات عديدة لمختلف الجهات شملت الجهات الفاعلة الإنسانية والجهات الرسمية الحكومية لتغير آليات العمل وطرق توسيع الجهود من أجل عمل مشاريع أكثر استدامة تخلق فرصًا معيشية لهم والتخطيط التشاركي بين القطاع الخاص والجهات الفاعلة والسلطة المحلية؛ لضمان استجابة أكثر فاعلية في المجال الإنساني.
وتضيف التوصيات ضرورة إجراء دراسات استقصائية ميدانية لتحديد الاحتياجات اللازمة في مختلف المناطق وإعادة تأهيل البنية التحتية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وبناء قدرات السلطة المحلية لدعم المنظمات في تقديم المساعدات اللّازمة، والقيام بالدور الرقابي والتنسيقي لتوسيع التغطية ورفع فعالية الاستجابة الإنسانية، وإنشاء فرق مفاوضات لتيسير وصول المساعدات اللّازمة.
آراء المختصين
عبر الدكتور محمد عبده المختص في الاقتصاد عن رأيه حول أهمية توسيع مفهوم الاستجابة الإنسانية لتشمل الاقتصاد بحيث تكون مساهمة في إعادة تأهيل الخدمات الأساسية على المدى القريب، الأمر الذي سيسهم في تحقيق استقرار وطني طويل الأمد.
مضيفًا أنه يمكن تجاوز آليات عمل الخدمة الإنسانية من المعيل إلى نقل الفئات المحتاجة إلى وضع أفضل من خلال خلق فرص معيشية لهم، ويتم عن طريق التمكين الاقتصادي وإعطاء الأولوية للتحويلات النقدية كمساعدة إنسانية عوضًا عن توفير السلال الغذائية لخلق مردودات على الاقتصاد المحلي.
وهو على أهمية مراقبة جهود الجهات التي تقدم مثل هذه الخدمات الإنسانية لتحديد فرص استثمار وبناء استراتيجية من قبل المنظمات الدولية لتمكن الجهات المحلية من أخذ قرارات نافعة وتمكنهم زمام الأمر.
ومن منظور نفسي أكد الدكتور سعيد القباطي (أخصائي علم النفس) على ضرورة الاهتمام بالجانب النفسي للمتضررين بشكل كبير من الصراع من خلال القيام بمسوحات ميدانية تستهدف هذه الفئات ورفع تقارير أولية للجهات التي من شأنها الاهتمام بهذا الجانب.
مشيرًا إلى أن الجانب النفسي مهمل من قبل الجهات لأنها تراه جانبًا غير مهم على الرغم من أنه لا يقل أهمية عن المساعدات المادية التي يتم تقديمها؛ فالصراع الذي ولد الرعب والفقر والتشرد والصدمات لدى الأفراد، قد عمل على توليد أزمة نفسية أثرت على حياة المواطنين بشكل واضح، وانعكس هذا من خلال التصرفات اليومية لديهم. وحول الوضع المجتمعي المعاش يوضح أستاذ علم الاجتماع الدكتور عمر كمال أنه في الفترة الأخيرة كانت هناك صدوعٌ في النسيج الاجتماعي اليمني يصعب على الجهات الرسمية والفاعلة ترميمه؛ فقد انهارت العديد من البنى الاجتماعية، ولم يتم تقديم أي حلول حقيقية لإعادة إعمار الجوانب الإنسانية المختلفة في المجتمع، الجوانب التي من شأنها القضاء على الظواهر والقضايا المجتمعية التي خلقت من ركام هذه الأوضاع فاضطر الناس إلى معايشتها.
استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…