‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النوع الاجتماعي في اليمن ما تزال قوانين الحماية والنوع الاجتماعي حبرًا على ورق

ما تزال قوانين الحماية والنوع الاجتماعي حبرًا على ورق

صوت الأمل – فاطمة رشاد

تقف المرأة أمام قضاياها إما عاجزة على حالها وإما باحثة عمن ينصفها، وبين سندان العادات والتقاليد تقاوم لكي تثبت نفسها وتحصل على حقها. وعلى مدار السنوات التي مضت، هناك عدة قرارات وقوانين ومعاهدات تسهم في الحد من العنف ضد النوع الاجتماعي -سواء كانت دولية أو يمنية- لكن يتهمها البعض أنها حبرًا على ورق، حبيسة الأدراج، باحثة عمن يطبقها على أرض الواقع.

 ومن أجل البحث عن حلول لحل قضايا المرأة المتعلقة بالنوع الاجتماعي التي تساهم العادات والتقاليد والقوانين المحلية في استمرارها وتحكمت في تحقيق تلك الحلول بالشكل المطلوب، التقت صحيفة “صوت الأمل” بالدكتورة ياسمين باغريب نائب مدير مركز المرأة بجامعة عدن والناشطة في مجال حقوق المرأة وقضاياها وأجرت معها هذا اللقاء.

مفهوم النوع الاجتماعي

 حول مفهوم النوع الاجتماعي تقول باغريب: “هناك سوء فهم لمفهوم النوع الاجتماعي؛ فالبعض يعتقد أن هذا المفهوم قاصر على المرأة فقط. مصطلح النوع الاجتماعي هو أحد المصطلحات السيسيولوجية (الاجتماعية) ويقابله باللغة الإنجليزية مصطلح الجندر (Gender)، وهذا المصطلح من المصطلحات الخلافية فقد لاقى –ولا يزال- جدالا وغموضًا وتعقيدًا بين ما هو جنس أو نوع بيولوجي يختص بالنساء ومسائلهن، في حين يشار به -في الحقيقة- إلى النساء والرجال معًا وأدوارهما المشتركة التي تحتمل التبادل. مع العلم أن قضايا النوع الاجتماعي بوصفها قضايا اجتماعية ثقافية لها جذورها التاريخية وهي قديمة بقدم الإنسان وقضاياه.

 وأوضحت أن أدوار النوع الاجتماعي متعددة ومتنوعة ويمكن للرجال والنساء تبادلها أو الاشتراك فيها؛ “فمثلا تربية الأطفال وأعمال المنزل أو القيام بمهنة التدريس أو العمل السياسي، كل هذه الأدوار والمسؤوليات تحتمل أن يشترك فيها كل من الرجل والمرأة أو يقوم بها طرف دون الآخر بحسب ما يملكه من مهارات وتمكين دون اعتبار للنوع أو الجنس”.

وعن أهم قضايا النوع الاجتماعي تقول باغريب: “تحتل اليمن المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي للسنة الثالثة عشرة على التوالي، وظلت النساء يعانين من عدم المساواة في النوع المترسخ بشدة في مجتمع موغل في النزعة الذكورية”. وتوضح أنه بالرغم من أن النزاع في اليمن خلف تأثيراً رهيبًا على كل المدنيين بصفة عامة إلا أننا نجد النساء والفتيات قد تأثرن بهذا الوضع بشكل كبير؛ فهناك الكثير من القضايا التي تعاني منها المرأة وأهم هذه القضايا التحرش الذي تتعرض إليه النساء إما لفظيا أو جنسيا، أو التهديدات بالاغتصاب ومنعهن من العمل وسجنهن، إلى جانب العنف الأسري الذي تتعرض له على يد الزوج أو الأخ أو الأب كالضرب والإهانة أو إجبارهن على الزواج من شخص لا تريده.

قوانين ومواثيق محلية ودولية

” للأسف الشديد القرارات والمواثيق الدولية لم تساهم بشيء للحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي أو الوقوف بصف المرأة المعنفة، ولا القانون اليمني الذي كان يعول عليه كثير من النساء اللاتي يتعرضن للعنف، ولكن لا يجدن من ينصف لهن”، حسب رأي الدكتورة باغريب.

وأشارت إلى أن القانون المحلي لم ينصف المرأة، لا سيما قانون الأحوال الشخصية بخصوص زواج الأطفال (القاصرات) أو حقوق المواطنة (الجنسية) أو العنف ضد المرأة.

وأكدت باغريب أن القوانين ماتزال حبرًا على ورق، وإن وجدت فإنها حالات استثنائية تستهلك إعلاميا ولا يتم المتابعة فيما بعد وهذه هي الطامة الكبرى.

وتتابع حديثها قائلة: “المرأة تعنف نفسها حين تشارك الآخرين في إقصائها عن حقوقها والمشاركة في عمليات اتخاذ القرار، وتعنف نفسها حين لا تعمل على تطوير قدراتها وتطوير إمكانياتها من خلال المشاركة في الدورات التدريبية والتأهيلية لتوعية نفسها حول حقوقها والتعرف على كل القرارات والمواثيق الدولية، وحين تستلم للمجتمع وتخضع لقيوده، وتحجيم قدراتها في مناصب لا تليق بها ولا بمكانتها، وحين تسكت عن حقها وتفضل مسايرة الوضع خوفا من العادات والتقاليد ولا تلجأ إلى القضاء للمطالبة بحقوقها”.

قيود العادات والتقاليد

  وحول فرضِ العادات والتقاليد القيود على المرأة بسبب النوع الاجتماعي، توضح باغريب كيف لعبت العادات دورًا في حرمان المرأة من أبسط حقوقها قائلة: “المرأة تعيش ظروفًا أقل ما توصف به أنها مزرية ومعقدة، مكبلة بالعادات والتقاليد التي تسيطر على المجتمع وتدفع ضريبتها بشكل يومي عبر حرمانها من التعليم. وتفاقم حجم الأمية بين أوساط النساء وتزايد نسبة زواج القاصرات، وتزايد قضايا العنف الأسري وقضايا الاغتصاب والنظرة الدونية التي تواجهها من قبل بعض أفراد المجتمع، إضافة إلى تحملها الظروف المعيشية الصعبة وغيرها من الصعوبات التي تزداد يوما بعد يوم كالإقصاء والتهميش والفقر المدقع وانعدام الأمن”.

وعن إقصاء للمرأة من عملية صنع القرار لأسباب تتعلق بالنوع الاجتماعي، تجيب قائلة: “إقصاء المرأة في عمليات صنع القرار متعددة ومتنوعة ومرتبطة من جهة بقضايا النوع الاجتماعي، ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية داخل الدولة؛ فالمجتمع ما زال ينظر إلى المرأة على أنها غير قادرة على خوض غمار السياسة ولا اتخاذ القرارات المهمة بسبب أنها أقل عقلانية من الرجل، كما أن أغلب الأحزاب السياسية لا تثق كثيراً في تولى النساء لمراكز القيادة لديها أو حتى ترشيحهن في المشاركة في عمليات اتخاذ القرار، وهنا نؤكد أن من أهم شروط الديمقراطية هو المساواة وإعطاء فرصة للجميع دون تفرقة بين الجنسين ولا بين الشباب والأكبر سنا”.

دور وسائل الإعلام في حل قضايا المرأة

وبخصوص مساهمة وسائل الإعلام في تقديم بعض الحلول للقضاء على أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي قالت الدكتورة باغريب: “الإعلام يلعب دورًا أساسيًا في القضاء على الكثير من أشكال العنف ضد المرأة، وذلك من خلال تغطية الكثير من قضايا العنف الاجتماعي، وحشد الرأي العام أمام تلك القضايا. وقد لاحظنا في الفترات الأخيرة الدور الذي لعبه الإعلام في قضية زواج القاصرات حيث جذب اهتمام المجتمع وساهم في زيادة الوعي (المعرفي) بخطورة تزويج القاصرات من خلال تزويد المجتمع بالمعلومات والمفاهيم والحقائق المتعلقة بأخطاره، فضلا عن تسليط الضوء على جميع القوانين المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ فالإعلام يساهم في نشر القيم الاجتماعية وتدعيمها لا سيما المتعلقة منها بطريقة معاملة المرأة على وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف”.

حلول خجولة

عن مساهمة المرأة في حل بعضٍ من قضاياها، قالت الدكتورة ياسمين باغريب: “تستطيع المرأة أن تشارك في حل قضاياها من خلال قوة التغيير، وتسليط الضوء على الكثير منها، والتي تستطيع المساهمة في حلها، وذلك بعدة طرق كالحشد المجتمعي أو إقامة الورش والحلقات البؤرية مع كل الجهات التي لها علاقة بقضاياها، ونشر الوعي في أوساط المجتمع لنبذ الكثير من القضايا القائمة على النوع الاجتماعي”.

رغم أن الدكتورة ياسمين تتطلع إلى أن تساهم كل المبادرات والأصوات المدنية في فرض صوت القانون للحد من التمييز القائم على النوع الاجتماعي، فإنها تستدرك بالقول: “للأسف الشديد، رغم التطورات والتغييرات الكبيرة التي يشهدها العالم في نظرتهم للمرأة ومكانتها فإن المرأة اليمنية ما زالت تعاني، ولا توجد رؤية مستقبلية لمعالجة معاناة المرأة بسبب النوع الاجتماعي رغم الاتفاقيات والقرارات والمواثيق الدولية التي تم المصادقة عليها في الوقت الرهن. ومع ذلك، تختلف المرأة اليوم عما كانت عليه بالأمس؛ فهي صانعة التغيير، ولن ترضخ لأي إقصاء أو تهميش ولن تسمح لأيٍّ كان أن يحجم قدراتها ومهاراتها”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…