خبراء الزراعة المستدامة : مؤشـــرات خطيــرة تواجــه القطـــاع الزراعــي
صوت الأمل – علياء محمد
يعد القطاع الزراعي من أكثر القطاعات أهمية، فهو يؤدي دورًا كبيرًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويعد من أهم ركائز الاقتصاد الوطني، ونظرًا لأهميته وجب التركيز على عملية الاستصلاح الزراعي لضمان سير عملية القطاع الزراعي، ولن يحقق ذلك إلا بالقضاء على مشكلات القطاع الزراعي، ووضع خطط استراتيجية طويلة الأمد، هذا ما توصلنا إليه من الحوار الصُحفي مع الدكتور شجاع الدين عبد المؤمن (دكتور الزراعة المستدامة ورئيس المؤسسة اليمنية والتنمية للزراعة المستدامة).
في البداية، ما هو تقييمكم للقطاع الزراعي في اليمن؟
أتصور أن مسألة تقييم وضع القطاع الزراعي في اليمن تحتاج إلى خبراء في الزراعة، وعندما نتحدث عن الزراعة المستدامة، نعني بذلك استخدام الموارد الزراعية بأفضل طريقة اقتصادية وبيئية، بحيث ينتج القطاع الزراعي الغذاء وكل الاحتياجات؛ لضمان الاكتفاء الذاتي، وتحقيق احتياجات ورغبات المجتمع من دون التأثير في سير أو أداء الموارد الزراعية للأجيال المتعاقبة.
وعمومًا هناك تدهور في الموارد المائية للقطاع الشجري الطبيعي، ولا يزال التدهور قائمًا بفعل حاجة المواطن إلى الطاقة والحطب في ظل ارتفاع كل شيء مرتبط بالدولار، حيث يلجأ المواطن إلى الطبيعة؛ لأخذ احتياجاته؛ الأمر الذي تسبب في إحداث دمار هائل في مساحات واسعة من الأشجار، خصوصًا في مناطق تهامة الملتصقة بالبحر وبالأحواض المائية.
فعند سحب كميات هائلة من المياه، تحدث فجوات كبيرة في الماء؛ ويؤدي ذلك إلى اختلاط مياه البحر بالمياه العذبة، وبذلك تدمر التربة بسبب المياه المالحة التي تستقر على سطح التربة؛ لذلك لن تُزرع فيها إلا المحاصيل التي تقاوم الملوحة.
إن اليمن أمام مؤشرات خطيرة جدًا أهمها انعدام الأمن الغذائي، والمائي بنسبة 90%، وتدني إنتاج الحبوب وبعض المحاصيل الزراعية؛ بسبب تقلبات المناخ وتغيراته التي أصبحت غير آمنة، بالإضافة إلى ظهور فجوة كبيرة بين ما يُسحب من الموارد المائية وبين التغذية التي تأتي من الأمطار، وإذا استمرت الفجوة فسيحدث انهيار للأحواض المائية وللقطاع الزراعي.
برأيك، ما هي المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي ؟
نحن أمام عدد كبير من المشكلات أهمها مشكلة الإعلام الذي يحاول أن يرسم صورة جميلة عن إنجازات جهة دون أخرى في تطوير القطاع الزراعي، مع أننا إذا قمنا بعمل تقييم حقيقي وواقعي فسنرى أن واقع القطاع صعب جدًا؛ لأسباب عديدة أهمها أن الدولة اليمنية لم تستقر، كما أن الناس يتحدثون عن مسألة الغذاء وكيف يمكن أن يصلوا إليه، ولا يفكرون بالقضايا البيئية، واستدامة الموارد الزراعية والبيئية.
إن قضية الزراعة بعيدة، وما زالت إلى الآن بعيدة، وهي أكثر بعدًا من أي مرحلة سابقة؛ وكل ذلك بسبب زيادة أعداد البشر وزيادة احتياجاتهم. كما أن هناك مشكلة محورية ألا وهي عدم الالتزام بقواعد الإدارة المستدامة للموارد الزراعية؛ فقد تحفر الآبار بطرق عشوائية. وقد شاهدت في نزولي الميداني أنهم يستخدمون كمية كبيرة من المياه لزراعة العلف، والعلف لا يحتاج أساسًا إلى هذه الكميات.
وهذا الأسلوب في الري ومثله لا يُستخدم إلا في دول حوض النيل، أما الدول الأخرى التي تمتلك أنهارًا صغيرة فقد توقفت عن استخدام هذه الطريقة، ولجأت إلى طرق الزراعة الذكية.
إن اليمن ـ وللأسف- هو البلد الوحيد الذي نجد فيه حفارات مياه عشوائية، ومن الممكن استيراد مئة حفارة، ولا توجد مشكلة في ذلك، أما في دول العالم فعدد الحفارات محدود، والدولة هي من تمتلكها، ولا يستطيع المواطن أن يقوم بحفر بئر أرتوازية، في حين أن هذا الأمر في بلادنا متاح للجميع؛ لذلك نحن بحاجة إلى رسم سياسات واستراتيجيات تترجم إلى سياسات وخطط تكتيكية حتى نتمكن من إدارة هذا القطاع بما يحقق الفائدة للمجتمع والدولة.
كيف نستطيع رفع إنتاج المحاصيل الزراعية بطرق يسيرة؟
ما نواجهه في بلادنا هو عمل المَزَارع المفتوحة التي تعرض المحصول لهجوم بعض الآفات الزراعية التي تُفْقِده 90% من الإنتاج، أما إذا استُخدِمت شبكات تمنع دخول الحشرات فسيستطيع المزارع أن ينتج أكثر ومن دون خسائر، بالإضافة إلى اتباع طرق جديدة للزراعة كالزراعة المائية من دون تربة، وبذلك سنكون قادرين على الحصول على واحد كيلو جرام باستخدام 1 ليتر ماء، ولكم أن تتخيلوا ذلك، بدليل أن استخدام أربعة آلاف متر مكعب في العام لزراعة واحد هكتار من الأرض لإنتاج 18 أو 20 طنًا من الطماطم، من الممكن أن ننتج 20 طنًا من الطماطم باستخدام نحو 300 إلى 350 مترًا مكعبًا من الماء، بجودة أحسن و مغامرات أقل.
ما البرامج التي يتلقاها المزارع لتطوير العمل الزراعي، بما يتناسب مع التطورات والتقنيات الحديثة؟
أثبتت الدراسات أن الطرق التقليدية الإرشادية التي تتبعها أجهزة الإرشاد الزراعي الحكومية فاشلةٌ، و لم تستطع أن تسهم إسهامًا حقيقيًّا في موضوع إنجاز الإدارة أو الاستخدام المستدام للموارد الزراعية، ولا تقدَّم برامج للمزارع لتطوير عمله في الزراعة. والمشكلة الرئيسة تكمن في أنه لا يُدمَج المزارعون مع المتخصصين والخبراء الزراعين الذين لديهم تجربة قد تصل إلى خمسين عامًا؛ لذلك نحتاج إلى تنفيذ عملية الإدماج التي ستعمل على تبادل الخبرات والاستفادة منها، بالإضافة إلى إعادة هيكلة جهاز الإرسال الزراعي، وتوظيف المعلومة توظيفًا سليمًا للوصول إلى نتائج ممتازة.
وهذا ما قامت به عددٌ من الدول، وأحدث قفزة نوعية، وأصبحت تجربة رائدة تُتبع في كثير من الدول، وظهور ما يسمى بمدارس المزارعين الحقيقية. وما يجب فعله ببساطة هو جمع الناشطين في الزراعة والبيئة والمرشدين الزراعيين مع مجموعة من أفراد منظمات المجتمع المدني لا سيما المنظمات التي تعمل على القطاع الزراعي، والقيام بتدريبهم في مجال القطاع الزراعي والاستخدام المستدام للموارد الزراعية والمائية.
ماهي الخطط والرؤية المستقبلية لقطاع الزراعة ؟
في ظل الوضع القائم ـ للأسف- المؤشرات سيئة، لكن هذا لا يعني أن نستسلم ونقول لا نستطيع التقدم، هناك خطط ورؤى مستقبلية ولكن لن تحدث إلا عن طريق بناء قدرة الإعلاميين في التركيز على تبني القضايا والمشروعات المختصة بالقطاع الزراعي، بالإضافة إلى إعادة وضع استراتيجية وطنية وتقييم حقيقي للقطاع الزراعي بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، مثل: منظمة الفاو، ومنظمة الغذاء العالمي، والصندوق الأخضر الدولي للبيئة، والخبراء والقطاع الخاص والجمعيات التعاونية الزراعية والمرأة للقيام بعملية التقييم للحصول على المعلومة، وإذا حصلنا على المعلومة وأدركنا حجم الكارثة التي نعيشها، نبدأ بعمل استراتيجية وطنية طويلة الأمد لإدارة القطاع الزراعي، إذا اتبعنا هذا الأسلوب سيكون هناك مستقبل واعد للقطاع الزراعي .
37.5% الصراع سبب ضعف الاستثمار الزراعي في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ديس…