الزراعة المائية توفر70% من كمية المياه المستخدمة في الزراعة التقليدية… الانتاج الزراعي في اليمن يساهم بحوالي من ربع الاحتياجات المحلية
صوت الأمل – أرواد الخطيب
يعدُّ القطاع الزراعي موردا اقتصاديا هاما في اليمن اذ يعيش نحو 75% من السكان في الارياف ويعمل بهذا القطاع مايقارب54% من السكان. وعلى امتداد التاريخ كانت الزراعة من اهم المرتكزات الانشطة الاقتصادية وما تزال رغم التراجع الكبير في انتاج القطاع الزراعي لأسباب مختلفة حيث أصبح هذا الانتاج لا يغطي اليوم سوى اقل من ربع الاحتياجات ويتم استيراد البقية من الخارج، ويعيد المختصون اسباب ذلك الى تغير في الانماط المعيشية للسكان والبحث عن المكاسب السريعة وهي التي ساعدت على التوسع الكبير في زراعة القات على حساب الحبوب، إضافة الى عدم وجود خطط حكومية قادرة على النهوض بالقطاع الزراعي، الى جانب الفقر المائي والتغيرات المناخية
نناقش في هذا اللقاء الوضع الحالي للقطاع الزراعي ودور الجهات ذات العلاقة في تنميته مع حسين السهيلي -رئيس مؤسسة تمدين شباب- منسق خطة برنامج التعافي والتمكين الاقتصادي بين منظمات المجتمع المدني والمانحين والحكومة والقطاع الخاص في اليمن.
بخصوص أهم البرامج المتخصصة بتطوير القطاع الزراعي وما هو المطبق منها على أرض الواقع يشير السهيلي الى ان قطاع الزراعة يعتمد بشكل كبير على الحكومة للتمويل في فترة ما قبل النزاع، أما في خضم النزاع والأزمة الاقتصادية المستمرة، فلم تقدم الحكومة أي مساعدة للتخفيف من وطأة الكلفة المتصاعدة، وأقبل بعض المزارعين على الطاقة الشمسية لتوفير احتياجاتهم من الكهرباء، بالرغم من عدم قدرة غالبيتهم على تحمل أعباء ذلك، فيما ساهمت الظروف الراهنة في تقليل فرص تصدير المنتجات الزراعية، مما أثر على دخل المزارعين.
لا تزال الزراعة أهم مورد اقتصادي في اليمن إذا تم استغلالها بالشكل المطلوب، ولكنها تضررت بشدة من آثار الصراع، ما أدى إلى تقلص فرص كسب العيش. وتعتمد الدولة بشكل كبير على الواردات التجارية لتلبية متطلبات الاستهلاك المحلي للقمح، وهو العنصر الأساسي.
ويقول السهيلي ان القطاع الزراعي في البلاد لا يوفر حاليًا سوى حوالي 15 إلى 20 في المائة من الاحتياجات الغذائية بسبب محدودية الأراضي الزراعية وشحة موارد المياه والممارسات الزراعية السيئة والتي تفاقمت بسبب سنوات الصراع وارتفاع أسعار الوقود ونُدرة المياه.
وكونه منسق مبادرة توطين العمل الإنساني وتحسين آليات الاستجابة الإنسانية في اليمن- يؤكد السهيلي خطط الاستجابة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن منذ العام 2015 تركز على الأمن الغذائي عن طريق توفير السلال الغذائية التي تعدُّ مصدرًا غذائيًّا رئيسًا لأكثر من ثلث الأسر اليمنية، وبدرجة أقل، تقدم خطط الاستجابة الإنسانية قسائم الطعام والتحويلات النقدية، مع تقديم دعم محدود للمزارعين بالماشية والبذور.
وفي عام 2017م قدمت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) مساعدات زراعية لنحو 600,000 مزارع يمني.
وعن امكانية الاستفادة من التجارب الحديثة في الدول الأخرى كالزراعة بدون تربه يذكر السهيلي انه في العام 2013م بدأت تجربة الزراعة المائية في اليمن، قام بها الأخوان: عثمان سودان، وسلطان سودان؛ من قرية «آل سودان» في مديرية ذيبين بمحافظة عمران، 50 كم شمال غرب صنعاء.
وفي العام 2016 توسعت تجارب الزراعة المائية في مناطق عديدة شمال صنعاء، ففي منطقة بني الحارث بمحافظة صنعاء، قام المزارع عبد الكريم الكتف بزراعة محصول الخيار في الموسم الأول.
ويضيف في موقع المزرعة البحثية في منطقة «العرة» في صنعاء، زرع محصول الطماطم بتقنية الزراعة المائية وانتجت التجربة الطماطم في ثلاثة مواسم.
وفي منطقة الحصبة بالعاصمة صنعاء، قامت المزارعة فاطمة الطوقي بتنفيذ تقنية الزراعة المائية، ونجحت في زراعة الفراولة والطماطم، وانتجت محاصيل جيدة من أول موسم.
ووفقًا لخبراء محطة البحوث الزراعية في صنعاء فإن تقنية الزراعة المائية، تمتاز بكفاءة استخدام المياه، وتوفر مياه الري بدرجة كبيرة تصل لقرابة 70% من كمية المياه المستخدمة في الزراعة التقليدية.
ومن حيث الإنتاجية، فهي عالية، حيث تشير دراسات محطة البحوث إلى أن إنتاجية الزراعة المائية تفوق إنتاجية الزراعة بالتربة بنسبة تصل إلى أكثر من الضعفين، خصوصًا لمحاصيل الطماطم، والخيار، والفلفل، والباذنجان.
ويقول انه يمكن للمانحين ومنظمات المجتمع المدني في اليمن ووزارة الزراعة والري، وبقية الجهات المختصة، تعميم تقنية الزراعة المائية من دون تربة، وذلك عن طريق الآتي:
ـ إطلاق حملات توعية بأهمية الزراعة من دون تربة أو الزراعة المائية، لما لها من مردود عالي يغطي احتياجات المزارع، ويوفر استهلاك وترشيد المياه.
ـ تنفيذ برامج تدريب وأيام حقلية للمختصين والمزارعين وتمويلها في مجال الزراعة المائية تحت البيوت المحمية.
ـ تمويل مقترحات المنظمات المحلية في اليمن لتنفيذ مشروعات زراعة مائية، ودعم المزارعين بتوفير المواد والإمكانات اللازمة وعمل دورات تدريبة لهم في هذه التقنية.
وفيما يتعلق بمدى الاستفادة من برامج الأمم المتحدة التي طبقت في اليمن يقول تُعدّ منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، الناشطة في اليمن منذ عام 1974، مسؤولة عن دعم سبل العيش الزراعية كجزء من تحسين الأمن الغذائي. وبدأت خطة عملها 2018-2020 بتنفيذ تدخلات طويلة الأجل تهدف إلى استكمال الأنشطة القصيرة الأجل لخطط الاستجابة الإنسانية من خلال نهج “المسار المزدوج”، بما في ذلك الدعم في حالات الطوارئ وإنعاش سبل كسب العيش، إضافة إلى التنسيق ـ كونها رئيسًا مشاركًا لمجموعة الأمن الغذائي والزراعةـ مع برنامج الأغذية العالمي. وتُفصّل خطط الاستجابة السنوية لسبل كسب العيش في حالات الطوارئ تدخلات محددة مدتها 12 شهرًا.
ويؤكد ان كثير من أنشطة دعم الأمن الغذائي وسبل العيش الزراعية التي يضطلع بها البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها من الجهات الفاعلة في مجموعة الأمن الغذائي والزراعة لا تكاد تُميز عن بعضها بعضًا، جميعها تشبه الأنشطة التي روجت لها مجموعة الإنعاش المبكر ومجموعة الأمن الغذائي والزراعة في خطط الاستجابة الإنسانية قبل عام 2015. لا يوجد في الأساس أي جديد فيما يتعلق باستراتيجيات وطرائق الاستجابة للأمن الغذائي وسبل العيش بين التدخلات “الإنسانية” وتلك المصنفة على أنها “تنمية” أو “حلقة وصل”، على الرغم من تدهور الوضع وتواتر التنبؤات بحدوث المجاعة.
وبخصوص الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في مجال التنمية الزراعية والصعوبات والمعوقات التي تواجهها بوضح رئيس مؤسسة تمدين شباب انه ليس هناك ما يدل على وجود شراكة ذات جدوى مع منظمات المجتمع المدني المحلية في اليمن، كما أن الجهود الإنسانية والإنمائية التي يقودها المجتمع الدولي أحرزت تقدمًا ضئيلًا نحو تمكين المنظمات المحلية والمجتمع المدني في إيصال المساعدات وفقًا لخبراتها واحتياجات مجتمعاتها.
في سبتمبر من العام الحالي 2021 أطلقت منظمات المجتمع المدني في اليمن مبادرة (توطين العمل الإنساني وتحسين آليات الاستجابة الإنسانية) في إطار الصفقة الكبرى، المنبثقة عن القمة العالمية للعمل الإنساني لعام 2016 وهذه خطوة مهمة. غير أن الجهات الدولية المسؤولة عن المساعدات لا تزال مترددة في التخلي عن سلطتها ونبرتها الأبوية، على الرغم من تعهداتها للمانحين بتوطين العمل الإنساني -أي تحويل الموارد والنفوذ من المنظمات الدولية إلى المنظمات المحلية والوطنية- لكنها وفي الممارسة العملية، وبدلًا من التوطين فعليًّا كثيرًا ما تصمم الوكالات الدولية مشروعًا وتسلمه إلى كيان محلي له أنشطة محددة مسبقًا لتنفيذها؛ ولذا ينبغي مساندة مساعي المنظمات المحلية في اليمن لتوطين العمل الإنساني وتحسين آليات الاستجابة الإنسانية وتمكينها من القيادة المحلية الهادفة والشراكات المنصفة التي ستضمن إيجاد حلول أكثر ملاءمة واستدامة للعوامل الهيكلية الحساسة التي تؤثر في الأمن الغذائي والزراعة في اليمن.
وعن أهم الحلول والمعالجات التي يراها مهمه في ظل الأوضاع الراهنة يقول السهيلي انه من الضرورة توطين العمل الإنساني في اليمن وتحسين آليات الاستجابة الإنسانية التي ستضمن تطبيق الرابطة الثلاثية (الإنسانية والتنمية والسلام) ودعم أنشاء صندوق للاستثمار الزراعي في اليمن، وتمويل المشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة. وتنمية سلسلة القيمة وتعزيز سلامة الغذاء، وإدارة الموارد الطبيعية والتأقلم الزراعي مع التغير المناخي. وتوفير التمويل للمعدات الزراعية ومدخلات الإنتاج، تأمين التدريب والاستشارة اللازمة للفلاحين بغية تحسين جودة منتجاتهم. والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، ومع مراعاة بعض الاعتبارات الضرورية للحيلولة دون الاستخدام المفرط لموارد المياه الشحيحة في اليمن.
ويضيف: من الاهمية ايضا الاستثمار في أشكال مستدامة من تأمين مصادر المياه والحد من الاستخدام المفرط لها. ويمكن أن تشمل هذه المدخلات الاستثمارات الفردية (مثل خزانات المياه)، ومشاريع البنية التحتية الأكبر (مثل بناء السدود للحفاظ على مياه الأمطار). والاستعانة بوسائل حديثة لزيادة إنتاج وتصدير العسل والقهوة التي تشتهر اليمن بإنتاجهما بجودة عالية. حيث يمكن زيادة إنتاجهما، وتوسيع الصادرات إلى المزيد من الأسواق الأجنبية، كما يجب تطوير سلاسل القيمة الزراعية. وتقديم الخدمات المالية الريفية المصممة خصيصا لتلبية احتياجات المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والأكثر ضعفا، ولا سيما النساء والشباب. وتوفير الائتمان للسكان الريفيين وتعزيز قطاع التمويل الأصغر في اليمن وتعزيز التصنيع الزراعي.
37.5% الصراع سبب ضعف الاستثمار الزراعي في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ديس…