متطلبات العملية التعليمية ومعوقاتها… انخفاض عدد الطلاب الملتحقين بالقطاع من 15 الى خمسة الف طالب
صوت الأمل – سماح عملاق
يتطور التعليم الفني والتدريب المهني باستمرار، وهو علم ديناميكي لايتسم بالجمود؛ الأمر الذي يستوجب ارتباطه بخطط التنمية الوطنية الشاملة؛ حيث تعينه على مواكبة عملية الحراك الاقتصادي للبلد، وتشير مخرجات التعليم المهني إلى أنه مفتقر إلى ترسيخ أهمية الدراسة في المعاهد المهنية والتقنية.
وبهذا الشأن يقول زكريا علي نعمان (خريج المعهد التقني الصناعي – مديرية عبس بمحافظة حجة): إنه من المهم العمل على تقبل التعليم الفني المهني كفكرة أساسية وليست بديلة عند الطالب، ومن المؤسف إخفاء كثير من الخريجين أنهم خريجو المعهد المهني وكأنها وصمة إخفاق لعدم التحاقهم بالتعليم الجامعي.
ويضيف زكريا إلى ما قاله: “الإمكانات المتاحة للمعاهد الفنية تقل بكثير عن الدعم المقدم للتعليم الجامعي والعالي من الجهات القائمة، وهذا يعود إلى قلة الاهتمام بهذا القطاع وعدم إدراك أهميته في تنمية الاقتصاد الوطني، ويتقدم زكريا عبر “صوت الأمل” برسالة يرجو بها أن تُخصص الميزانيات المناسبة لتأهيل المعاهد المهنية والفنية، ودعم الورش التدريبية فيها بأحدث الإمكانات، وكذلك سنّ القوانين التي ترفع من شأن هذا القطاع وتجعل خريجيه في مقام خريجي التعليم الجامعي من حيث المكانة وغيرها”.
احتياجات ملحّة
قطاع التعليم الفني والمهني في اليمن يعاني العديد من المشكلات والعوائق التي تمثلت في تردي المناهج التعليمية والوسائل التطبيقية، وانعدام التجهيزات الحديثة التي تواكب التطور الحاصل في العالم في مختلف التخصصات.
وتؤكد الكثير من الدراسات التقييمية لواقع التعليم الفني تدني مستوى المدخلات وعدم الاهتمام بالتقنيات والتجهيزات الفنية والتدريبية التي أصبحت تؤثر في واقع سوق العمل، لأن أغلب تلك التجهيزات انتهى عمرها الافتراضي، ولا تواكب العصر، كما أنها لا تُستحدَث وفقًا لمتطلبات السوق.
يشير محمد هزاع (أستاذ في كلية المجتمع بمديرية الدرب – محافظة ذمار) إلى ضرورة ردم الفجوة بين احتياجات التنمية الصناعية والبرامج والمناهج الدراسية والتدريبية فيها، ومعالجة انخفاض موازنات التعليم المهني مقابل التعليم الجامعي والعالي.
كما يسرد أنور السالمي (أستاذ في المعهد التقني الزراعي بمنطقة الرجم – المحويت) احتياجات هذه المعاهد، فيقول: إن السياسات التعليمية في المعاهد المهنية تحتاج إلى أن تهتم بالكيف لا بالكم، وأن تتواكب مخرجاتها مع احتياجات سوق العمل، كذلك المقاربة والتنسيق بين أنواع التعليم الثلاثة، الأساسي والمهني والعالي.
وتابع السالمي :طالب التعليم الأساسي يجب أن يعي أهمية المعاهد التقنية والمهنية، فالتطور الاقتصادي يتطلب كوادر فنية وتقنية تغطي المشاريع المستقبلية بكادر متخصص ومقتدر.
أكثر من 7مليار ريال أضرار الورش التدريبية
تشير الدراسات التوثيقية الأخيرة الصادرة عن وزارة التعليم الفني والمهني بصنعاء في مايو 2016م، إلى أن أحداث الصراع قد أصابت الأجهزة والمعدات التدريبية في ورش العمل الخاصة بالمعاهد المهنية التابعة للوزارة، وقد بلغت تكلفة الخسائر أكثر من سبعة مليار و300 مليون ريال يمني.
وتذكر الدراسة انقطاع 9500 طالب وطالبة عن الدراسة في 29مؤسسة تعليمية وتدريبية؛ نتيجة لتدمير مؤسساتهم التعليمية والتدريبية في العام الدراسي 2014 – 2015م؛ الأمر الذي أدَّى إلى حرمان آلاف الطلبة من التخرج في العام نفسه، بالإضافة إلى ظهور احتياج ملحّ من سوق العمل لعمالة ماهرة لبعض الأعمال مثل: تركيب منظومات الطاقة المستدامة وصيانتها كالطاقة الشمسية التي استبدلها الشعب اليمني بالكهرباء بعد انقطاعها.
وبسبب الضرر البالغ الذي أصاب البنية التحتية للمعاهد المهنية، ودمَّر ورش العمل التدريبية فقد انخفض عدد الطلاب بنسبة تفوق الـ 50%، حيث تذكر إحصائيات وزارة التعليم المهني والفني بصنعاء أن عدد الطلاب قبل أحداث الصراع بالبلاد كان 15287طالبًا، فيما انخفض العدد بعد الأحداث إلى 5787 طالبًا فقط على مستوى معظم محافظات الجمهورية اليمنية.
نسبة انقطاع الطلبة عن التعليم
تشير دراسات وزارة التعليم الفني والمهني بصنعاء الصادرة عام 2016م إلى أن هناك انقطاعًا شبه تام للطلاب في محافظة البيضاء وتعز وصعدة وعمران ولحج.
تقول إحدى طالبات المعهد التقني الصناعي في القرشية بالبيضاء -فضلتْ عدم ذكر اسمها: إن من أسباب انقطاعها عن الدراسة قبل التخرج خوفها من أي أحداث مرتقبة للعنف، كذلك نزوحها مع عائلتها نحو الريف بحثًا عن الأمان.
تسبب الصراع في ارتفاع نسبة التسرب من المعاهد الفنية والمهنية في المحافظات التي مازالت تعاني من المواجهات المسلحة وتردي الأوضاع الاقتصادية، حيث فضَّل الكثير من الطلاب التوجه إلى سوق العمل أو السفر خارج البلاد للبحث عن مصدر رزق. هذا ما أكده يحيى محمد (أحد طلاب المعهد الفني في محافظة تعز).
ويشير يحيى الذي يدرس في مجال الكهرباء إلى أنه بسبب الوضع العام في البلد، وعدم قدرة أسرته على تحمل نفقات تعليمه لم يستطع مواصلة الدراسة، ودفعه الأمر إلى التوقف.
جهود مبذولة
يقول وليد الحدي (مدير عام لمكتب التجهيزات بوزارة التعليم الفني والمهني بصنعاء): إن الوزارة قامت بطرح معالجاتٍ عديدة للمشكلات التي يواجهها قطاع التعليم الفني والمهني فيما يتعلق بتسهيل عملية التدريس للطلاب في ظل الصراع بالمناطق المتضررة، وقد سردها الحدي لـ”صوت الأمل” من محاور عديدة أهمها:
- وضع خطة تمكن الطلاب من استكمال دراستهم عبر إعادة تشغيل الأقسام العلمية في المؤسسات والمعاهد التي مازالت سليمة على الرغم من تضرر أجزاء منها.
- مواصلة ما قامت به الوزارة خلال الفترات الماضية من تنفيذ اختبارات التخرج على ثلاث مراحل في محاولة لاستيعاب أكبر قدر من الطلاب.
- العمل على تسهيل التحاق الطلبة بالمراكز الاختبارية في أنحاء الجمهورية، ونقل الطلبة المتضررين والنازحين إلى مراكز الاختبارات.
- العمل على تسجيل المستجدين في المراكز لمواصلة تعليمهم وتسيير إجراءات تسكينهم في تلك المعاهد.
وفيما يخص التدريب والتأهيل يذكر الحدي معالجات الوزارة في المحور الثاني من حديثه، فيقول: “تستمر الوزارة في دعم برامج التدريب القصيرة وتنفيذها، واحتواء المتسربين من التعليم العام، والعاطلين عن العمل، والنازحين ضمن برامج تدريبية تمكنهم اقتصاديًّا، وتعمل على تبني سياسات تنوِّع من مصادر تمويل هذه المعالجات وأكثر عن طريق الإسهام والشراكة الفاعلة بين القطاع الحكومي والخاص وبعض المنح والقروض”.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…