‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن قطاع التعليم الفني والتدريب المهني بحاجة إلى ثورة منهجية

قطاع التعليم الفني والتدريب المهني بحاجة إلى ثورة منهجية

صوت الأمل – رجاء مكرد

   مسيرة التعليم الفني والتدريب المهني تبدأ بالإعداد الجيّد للمناهج الدراسية، فالتعليم الجيّد والتطبيق والاعتناء بتحديث المنهج يضمن مواكبة التغيرات في الثورة المعلوماتية، ويتناسب مع سوق العمل.

   في اليمن منذ العام 2013م وإلى العام 2021م لم تتمكن وزارة التعليم الفني والتدريب المهني من تحديث المناهج وتطويرها، على الرغم من افتتاح تخصصات جديدة وإعداد خطط تطويريه، ولم يتبقَ سوى مرحلة التنفيذ. وفقًا لمصدر رفيع في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني (فضَّل عدم ذكر اسمه).

    ثم قال: “إن هذه الخطط مرهونة بتوفير الميزانية بحسب الخطة، وقد قامت الوزارة بإعداد مناهج وكتب خلال السنوات الماضية، ولكن – للأسف- لم توضع لها ميزانية للطباعة، ونأمل مساعدة الوزارة”.

    مؤكدًا أن لدى الوزارة الكثير من التجهيزات الحديثة للمعاهد والمعامل والورش بمختلف أنواعها، فالمعهد اليمني الكوري الذي كان تابعًا للوزارة كان ممولًا بقرضين: القرض الأول من البنك الإسلامي بقيمة عشرة ملايين دولار، والثاني المشروع الكوري وقيمة القرض 15 مليون دولار، وقد أُصدِر قرار لتسليم المعهد اليمني الكوري للهيئة العليا للتكنولوجيا والابتكار. وكانت هذه التجهيزات تكفي لتجهيز أكثر من 15 معهدًا من معاهد التعليم الفني والمهني.

نوعية المناهج

     في المعهد التقني – تحتفظ صوت الأمل باسم المعهد- التقت “صوت الأمل” بالأستاذ علي الحجاجي الذي أفاد أن التعليم المهني عبارة عن دراسة يدخلها الطالب بعد شهادة التعليم الأساسي، يَدخُل مستوى مهنيًّا يَدْرس فيه ثلاث سنوات ويحصل على شهادة الثانوية المهنية أو الصناعية أو التجارية أو الزراعية.

   أما التعليم التقني فهو عبارة عن دبلوم مدته سنتان بعد الثانوية المهنية أو الصناعية أو التجارية أو الزراعية أو العلمية أو الأدبية.

وأردف الحجاجي: التخصصات في التعليم المهني كثيرة، نحو مكنيك سيارات، وكهرباء سيارات، وكهرباء تمديدات، وكهرباء لف، وتكييف وتبريد، وخراطة معادن، وتحكم صناعي، وبيطرة، وخياطة وتطريز، وسيراميك، ولحام، وتمديدات صحية، وصيانة مولدات، وصيانة درجات نارية، وإدارة مكاتب، ومحاسبة، وخراطة معادن، وصب معادن، وصياغة ذهب، وجرافكس، وكوافير، وفندقة، وزراعة.

    وبعد سرده للتخصصات المهنية يأتي على ذكر تخصصات  التعليم التقني وهي كهرباء عام، وبناء، ومساحة وطرق، وديكور، وإدارة، ومحاسبة، وتسويق، وتحكم صناعي، وهيدروليك ونيوماتيك، وحاسوب، وفندقة، وسياحة، ومواني، ومساعد طبيب، وصيدلة. ويقول بعد ذلك إن التخصصات كثيرة وتختلف من محافظة إلى أخرى بحسب متطلبات المنطقة الجغرافية.

آراء الطلاب في المناهج

      تختلف آراء الطلاب ومدى الاستفادة والتأثر من طالب إلى آخر، أسعد عبد الحميد (خريج عام 2003 المعهد الوطني سباكة – تمديدات صحية) يواجه صعوبة في الحصول على عمل، ويرى أن العائق الكبير في عدم الحصول على عمل في مجاله هي الواسطة، ويقول إن التطبيق العملي في المعهد كان ممتازًا وكان المنهج يجمع بين النظري والعملي.

   أما أديم عبد الكافي (تقني كهرباء بأحد المعاهد) تخرج عام 2018م، يقول: إن المنهج نظري وعملي، وأنه بعد التخرج واجه صعوبة في الحصول على عمل، وإن دخوله المعهد التقني كان لغرض الشهادة فقط.

    ويرى عبد الكافي: أن السبب في صعوبة حصوله على عمل؛ أن الأعمال في مجال الكهرباء نادرة، فقلما يجد عمارة تحتاج إلى تسليك كهربائي.        مضيفًا، أن من عيوب المناهج العملية اليوم التطبيق على الأجهزة القديمة التي لا تواكب كل حديث أو جديد.

      وعن أكثر التخصصات قبولًا في سوق العمل، يقول أديم عبد الكافي: التخصصات التي يطلبها سوق العمل ونجدها في معهدنا هي هيدروليك (معدات ثقيلة) إلكترونيات، وكهرباء سيارات، خراطة (خرط مكائن)، سباكة، ولكن يظل خريجو الكهرباء الأقل حظًا في الحصول على عمل؛ لعدم وجود كهرباء في اليمن.

     عبد الله القباطي (تقني كهرباء) تخرَّج قبل سنتين في معهد ذهبان، يجد صعوبات في سوق العمل، كونه لم يعمل من قبل. وفي سياق حديثه عن المنهج يقول: إن  المنهج نظري وعملي ويحتاج إلى تطوير، إذ إن هناك تحديثات في واقع التكنولوجيا والمعلومات لم تكن موجودة في المنهج، فالموديلات أو المعدات في السوق كلها حديثة، فعلى الأقل يُفترض أن يطور المنهج كل خمس سنوات.

المخرجات وسوق العمل

    تحتاج المعاهد إلى التأهيل والتدريب، وهناك ضرورة قصوى لتحديث المناهج والأدوات في المعامل حتى تواكب التكنولوجيا، فالأدوات قديمة وتستخدم لمرة واحدة وترمى.

  الاهتمام بالتعليم الفني والمهني ضرورة ملحة في مثل هذه الظروف ، فـ “الحاجة أم الإختراع”، و ستعد مخرجات التعليم الفني والمهني رافدًا قويا للاقتصاد الوطني . وفقًا للدكتور أحمد سعيد شماخ الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى.

     ويضيف الدكتور أحمد: بدل الاعتماد على المنظمات، لابد من توجيه جزء من الجهود لدعم مشاريع الشباب، كعمل معامل في المعاهد، وتوفير فرص عمل الشباب، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة مثل فيتنام التي شجعت التعليم الفني والتدريب المهني.

   من جانبه الأستاذ علي الحجاجي، يضرب مثالًا على حال المعامل في المعاهد، وعدم مواكبة المناهج للسوق، ففي مجال الكهرباء يطبق الطلاب على مفتاح مفرد ومزدوج وثلاثي، في حين أن في سوق العمل هناك الإضاءة التي تعمل بواسطة حساس الحركة أو الضوء أو الصوت.

   ليس هذا وحده ما ذكره علي حول التباين الواضح بين ما يُدرس في المعاهد وحاجة السوق، ففي سوق العمل هناك كهرباء تستخدم بواسطة كروت شحن، تشبه الجوال وهذه التقنية غير موجودة إطلاقًا في المعهد، ويضرب مثالًا آخر في مجال مكنيك السيارات، فيقول: السيارات التي يتدرَّب الطلاب عليها ما زالت موديل 70 بمعنى (ستاوت قديم) أو (شاص) قديم جدًا، لا توجد حتى سيارة تعمل بالبخاخات!! بينما سوق العمل بعيد كل البُعد عن ذاك الإصدار، فهناك سيارات تعمل بالكهرباء، أو الغاز. مشيرًا إلى أن المنهج الذي يُدرس لا فائدة منه في السوق، فالسيارات التي يُطبَّق عليها تدهورت حالتها واختفت.

     مردفًا، أن من الأمثلة على عدم مواكبة المنهج للسوق هناك تخصصات مثل (الديكور) المنهج والتطبيق فيه ما زال على الجبس والنحت والزخرفة فقط، في حين أن الديكور في السوق أصبح سُقُفًا من خشب أو ألومنيوم أو بلاستيك أو كلادينج وغيرها من المواد التي لا توجد إطلاقًا في المنهج.  وقال: “ماذا نتوقع من جيل ما زال يتعلم بعقلية جيل انتهى فعلًا جيل السبعينيات والثمانينيات، فحال المعاهد يحتاج فعلًا إلى ثورة منهجية”.

دور الجهات المعنية

    للحديث عن دور وزارة التعليم الفني والتدريب المهني، توجهت “صوت الأمل” إلى الوزارة والتقت بالمسؤول الإعلامي – فضًّل عدم ذكر اسمه-  الذي تحدث عما تسعى الوزارة إلى فعله، فقال: “أما عن تطوير المناهج فقد وضعت الوزارة العديد من الخطط لإعداد مناهج محدثة للتخصصات الموجودة في المعاهد، ومناهج حديثة لتخصصات المطلوبة في سوق العمل، ولكن ليس هناك أيّ موازنة لتغطية إعداد المناهج وتدريب الكادر على أحدث المناهج لنقل الخبرة إلى الطلاب”.

    مضيفًا: “كما هو معروف في أي مجتمع تعرض لهدم كلِّ مؤسساته فإن التعليم الفني والمهني من الأساسيات التي يتَّكأ عليها لإعادة إعمار الوطن بشتى المجالات، وشبابنا قادرٌ على بناء يمن جديد بأيديهم الفتية”.    وتابع المسؤول الإعلامي قائلًا: إنه في الإمكان وضع برامج تدريبية لكل الفئات العمرية، ومستويات تعليمية مختلفة، كإضافة لما تقدمه المعاهد من تعليم نظامي، يمكن تنفيذ برامج ودورات قصيرة لمهن محدودي التعليم موجهة لسد فجوة في احتياجات سوق العمل.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا

صوت الأمل – رجاء مكرد     أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…