معاهد التعليم الفني والتدريب المهني خبرة عملية وتعليمية
صوت الأمل – علياء محمد
شهدت فترة السبعينيات والثمانينيات نموًا جيدًا لمعاهد التعليم والتدريب المهني والتقني ومراكزها في اليمن، حيث افتتح 47 معهدًا ومركزًا على مستويات مختلفة خلال تلك الفترة. وذلك وفقًا للمركز الوطني للمعلومات.
وظل هذا القطاع أحد المحاور المهمة للتنمية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وفتح أبوابه أمام عددٍ من الشباب اليمني، لكنه لم يحظَ بالأهمية الكبيرة والمكانة التي يجب أن ينالها؛ لأسباب عديدة سيذكرها لنا بعض العاملين في هذا القطاع.
محمد عبد الرحمن (مدرب في أحد المعاهد الفنية) يقول: إن من أبرز أسباب عدم الاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني قلة الوعي، وارتباط فكرة الالتحاق بالتعليم المهني والتقني بالطلاب الفاشلين دراسيًّا، وأن هذه المهن لا تؤمِّن الدخل المادي المطلوب، ولا ترقى بالمستوى الاجتماعي.
ويضيف عبدالرحمن: بالإضافة لما سبق هناك عوامل متعددة أهمها: غياب الدور التربوي الذي يؤدي دورًا كبيرًا في الإرشاد والتوجيه بأهمية القطاع المهني، وضعف ارتباط مناهج التعليم المهني والتقني بالواقع العملي لسوق العمل، وعدم ملاءمة المخرجات التعليمية لمتطلبات سوق العمل الملحة والمتغيرة حسب أوضاع البلد، ومن ثمَّ يصبح الطالب غير قادرٍ على الانسجام مع متطلبات السوق.
التعليم الفني والتقني خبرة علمية وعملية
معين جبر 30)عامًا أحد الطلاب الملتحقين بالمعهد التقني الصناعي) يقول: إن التعليم الفني والمهني زاد من معرفته العلمية، وأسهم في تأهيله إلى سوق العمل وفقًا لمتطلبات السوق المطلوبة، واكتسب بالتعليم المهني الخبرة الكافية عن طريق التطبيقات العملية والدروس النظرية، ويقدر هذه الاستفادة بنسبة 70%.
معين جبر يشجع الكثير من الطلاب على الالتحاق بمثل هذه المعاهد، لأن الفائدة منها تعود على الطالب فيحرز بسببها مهنة حرة يستطيع عن طريقها فتح مشروعه الخاص الذي يتحدى به الواقع .
ويرى عبد الحافظ معين ( 22عامًا أحد طلاب المعاهد المهنية) أن التعليم الفني يؤدي دورًا كبيرًا في سرعة الانخراط في سوق العمل، والقدرة على الوصول إلى ذلك بعد سنوات قصيرة من الدراسة من دون الحاجة إلى الوقت الطويل لتحقيق ذلك، وهذا ما يميز المعاهد عن الجامعات.
ومضى عبد الحافظ في كلامه، فقال: إن هناك فرقًا جوهريًّا بين الجامعات والمعاهد التقنية والمهنية، فالجامعات تعتمد على الجانب النظري، أكثر من الجانب العملي بعكس ما تقدمه المعاهد التقنية التي تهتم بالتطبيقات العملية بنسبة 80% .
من جانبه وليد المطري (طالب) يقول: “تعلمت الكثير من دراستي الفنية والمهنية، فأنا أدرس في قسم النجارة، تعلمت فيه عددًا من المفاهيم التي كانت غائبة عني مثل: ترابط الأخشاب وكيفية فك الأثاث المصنوع من الخشب وتركيبه، بالإضافة إلى معرفة كيفية التقطيع والتسمير والرش والطلاء وصناعة الأثاث المنزلي مثل: الكراسي الدواليب والأَسِرَّة.
ويرى المطري أن هناك الكثير من طلاب الجامعات والتخصصات الأخرى قد يجدون صعوبة في الانخراط في العمل بسرعة لقلة وجود فرص العمل خصوصًا في ظل الأوضاع الجارية، أما خريجو المعاهد التقنية فيستطيعون إيجاد فرصة للعمل بشكل أسرع؛ نظرًا لحاجة سوق العمل إلى التخصصات التي تدرس لهم.
عائد مادي
يقول حسن طه: “إن التعليم الفني والتقني وسيلة للحصول على عائد مادي دائم، فهو قائم على عدد من المهن والحرف التي تلبي متطلبات السوق ليس هذا فحسب، بل نستطيع عن طريقة تأسيس مشاريعنا الخاصة التي تتناسب مع التخصص، وهذا سيعمل نقلة نوعية في الاقتصاد ونهوض البلد”.
مضيفًا، نستطيع كذلك العمل وقت الدراسة، وهذا الشي ضرورة ملحة لتطبيق ما تعلمناه؛ الأمر الذي يجعلنا أكثر ارتباطًا بسوق العمل.
ويرى طه أن التعليم الفني والتدريب المهني يؤدي دورًا كبيرًا في مكافحة الفقر والبطالة، وتحسين مستوى دخل الفرد ويسهم في عملية الاستقرار الاجتماعي عن طريق استيعاب فئات المجتمع جميعها، والعمل على تنمية قدراتها وإعطائها فرصًا للعمل تقلل من انتشار ظاهرتي الفقر والبطالة.
احتياجات التعليم الفني والمهني
يشير محمد القاضي (مدير وحدة ضمان الجودة في المعهد التقني الصناعي) إلى أن أهم التحديات التي تواجه المعاهد التعليمية والفنية في اليمن هي ضعف النفقات التشغيلية، وعدم توفير المواد الخام المتعلقة بالتطبيقات العملية للتخصصات الفنية والمهنية.
وقال أيضًا: “إن هذه التحديات وأكثر تعدُّ سببًا رئيسًا لعرقلة سير التعليم الفني والمهني، فبسببها لا يستطيع الطالب الاستفادة من المعارف الفنية والمهنية استفادة مثلى، كما أن هناك ورشًا لتطبيق تلك المعارف ولكن المعدات والآلات قديمة جدًا، وتعود إلى السبعينيات ولم تواكب ما وصل إليه العالم من تطور.
ويؤكد أحمد محمد المعمري (رئيس قسم ميكانيك الإنتاج في المعهد التقني الصناعي) أن الطالب يحتاج إلى تدريب وتطبيق للتخصص الذي يختاره بحيث يكون التدريب ضمن المعايير الحديثة حتى يستطيع الخروج إلى سوق العمل.
مشيرًا إلى أن الطلاب بحاجة إلى دراسة اللغة الإنجليزية؛ لأنها من المتطلبات الرئيسة لقراءة أجهزة الفحص، أما عن المناهج فهي متوفرة، وهنا تأتي خبرة المدرب في إعداد منهج مناسب للطلاب يلخص كل ما يحتاج إليه وفقًا لاحتياجات سوق العمل، فالعائق الأول هو قِدَم الآلات التي يُدرَّب عليها الطلاب؛ إذ لا تتطابق مع الأجهزة الحديثة المتوفرة حاليًّا، وهذا الأمر يصيب عددًا من الخريجين بصدمة عند الخروج إلى سوق العمل.
وأردف قائلًا: “كلما كان الوقت كافيًا والأفراد قليلين وعددهم مقبولًا، ضمنا أن يستفيد الطلاب من الممارسة العملية، أما إذا كان العدد كبيرًا فلن يستطيع الطلاب الاستفادة على الوجه المطلوب”.
مؤكدًا أن هناك دورًا كبيرًا يقع على عاتق الطالب نفسه، إذ يجب عليه ألا يكتفي بما يأخذه من المعهد، بل عليه البحث والتطوير من قدراته العملية والتعليمية.
يشير محمد القاضي (مدير وحدة ضمان الجودة في المعهد التقني الصناعي) إلى أن هناك حاجة إلى مدربين مؤهلين قادرين على التكيف والتعامل مع كلّ جديد، فالعالم اليوم متطور؛ ولذا فمن الضروري تطوير التعليم المهني والتقني بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة؛ لضمان التجديد والتوافق.
مضيفًا، أنه يجب التعاون على نشر الوعي تجاه أهمية التعليم الفني والتدريب المهني ودوره في التنمية المستدامة ورفد الاقتصاد الوطني للبلاد، ولن يحدث ذلك إلا بوضع خطة تجعل التعليم الفني والتدريب المهني من الأولويات التي تهتم بها الدولة كغيرها من القطاعات.
مشاريع خريجي المعاهد التقنية والفنية
أوضح القاضي لـ”صوت الأمل” أن مشاريع خريجي التعليم الفني والتدريب المهني تتنوع، فمنهم من يعمل في الكهرباء، والتمديدات الكهربائية، وكهرباء المركبات (سيارات)، وبعضهم الآخر يعمل في السمكرة والدهان، بالإضافة إلى فتح عدد من ورش ميكانيكا الخراطة والتمديدات الصحية واللحام، والغالبية العظمى يلجؤُون إلى فتح مشاريع ورش نجارة الأثاث وحدادة الألمنيوم.
ويتابع القاضي: خريجو قسم الثانوية المهنية بعد شهادة الصف التاسع يعملون في المشاريع التي تختص بإلكترونيات التحكم الصناعي، أما خريجو الدبلوم التقني فيعملون في مجال الطرق، والإنشاءات، وبرمجيات الحاسوب.
مفيدًا أن التعليم الفني والتدريب المهني متنوع ومجالاته كثيرة، كحرف النجارة والطباعة والبناء، بالإضافة إلى العديد من التخصصات الطبية، والقانونية والهندسية، التي تتعد فيها الخيارات، وتسهل على الطالب اختيار المشروع المناسب والمطابق لما درسه في المعهد.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…