‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة إعادة إعمار اليمن دور القطاعات الرسمية في عملية إعادة الإعمار في اليمن

دور القطاعات الرسمية في عملية إعادة الإعمار في اليمن

صوت الأمل –   منال أمين

      عائلة الحاج (س . أ) في عدن، تضررت من آثار الصراع ماديًّا ومعنويًّا، حيث دُمِّر منزلهم بالكامل في منطقة خور مكسر، جراء ضربات مدفعية في 2015، وتوفي في إثر ذلك رب العائلة الحاج وابنته الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها السنتين.

    ذاقت عائلة الحاج مرارة الحياة بسبب فقدان فردين من العائلة، وتدمير المنزل الذي يأويها والنزوح من منطقة إلى أخرى في ظل وضع اقتصادي صعب، وحاليًّا تمر تلك العائلة المكونة من أمٍّ كبيرة في السن وأربعة أبناء بأوضاع صعبة، حيث تسكن في منزل للإيجار بمبلغ كبير لا يستطيعون توفيره باستمرار نظرًا لحالتهم المادية.

     حياة الشقاء التي تعيشها أسرة الحاج تقاسيها آلاف الأسر المتضررة من الصراع، ولذا ينبغي على الجهات المعنية ــ الرسمية والدوليةـ مضاعفة دورهم في عملية إعادة إصلاح ما دمَّره الصراع بخاصة في المحافظات المستقرة نسبيًّا، ومواجهة كل التحديات لتنفيذ تقديرات شاملة ودقيقة لحجم الأضرار الذي تكبدها الاقتصاد والمجتمع وتكلفتها.

نسب الأضرار في مختلف القطاعات

    أشار تقييم الاحتياجات الحيوية (الديناميكية) في اليمن ((DNA المرحلة الثالثة 2020 لمجموعة البنك الدولي إلى أن إجمالي الأضرار المادية المقدرة لمختلف القطاعات المتضررة من الصراع بين 6.8 مليار دولار ( كتقدير منخفض) و 8.3 مليار دولار أمريكي، حيث يعدُّ قطاع الإسكان الأكثر تضررًا من بين القطاعات الاخرى بنسبة وصلت إلى 40% ما بين أضرار جزيئة وكلية.

   وأوضح التقييم الذي استهدف 12 قطاعًا متضررًا في اليمن (التعليم، والأمن الغذائي، والحوكمة، والصحة، والإسكان، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والحماية الاجتماعية، والمرونة الاجتماعية، وإدارة النفايات الصلبة، والنقل، والمياه والصرف الصحي، والنظافة ) في 16 مدينة يمنية هي( الضالع، وعدن، والحزم، وعمران، وبيحان، وذمار، والحديدة، والخوخة، ولحج، ولودر، ومأرب، والمخا، ورداع، وصعدة، وصنعاء، وتعز). إن إجمالي احتياجات التعافي وإعادة الإعمار التي قُيِّمت في هذه المرحلة تصل ما بين 20 ـ 25 مليار دولار أمريكي على مدى خمسة أعوام قادمة.

    كما كشف التقييم عن نسب الأضرار في مختلف القطاعات الخدمية والإنسانية، إذ بلغت نسبة الأضرار في المرافق التعليمية 34%، و في قطاع النقل 29% ، و 39% في قطاع الصحة، ويعاني 20 مليون يمني من أصل 29 مليون من انعدام الأمن الغذائي، كما يعاني مليونا طفل من سوء التغذية الحاد، وحُرم90% من السكان من شبكة الكهرباء.

   ذكر تقرير (التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار وبناء السلام المستدام في اليمن) لوزارة التخطيط والتعاون الدولي ـ أغسطس 2020، أن قيمة احتياجات التعافي وإعادة الإعمار في قطاع الإسكان وصل ما بين  7.6 – 9.3 مليار دولار أمريكي ، حيث بلغ في قطاع الطاقة 2.3 – 2.8 مليار دولار أمريكي، واحتياجات التعافي وإعادة الإعمار في قطاع النقل على مستوى 15 محافظة بلغ ما بين 1.2 – 1.4 مليار دولار أمريكي، واحتياجات التعافي وإعادة الإعمار في قطاع المياه والصرف الصحي بلغ 763-932 مليون دولار.

      إن قيمة الخسارة التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 2014-2019 بلغ 88.8 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 181 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022 من حال استمرار الصراع.

وزارة التخطيط

    تقول وزيرة الشرامني (وكيلة وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع المشاريع) لـ(صوت الأمل) : خلال المرحلة القادمة يجب الاهتمام والتركيز على مشاريع خاصة بالبنية التحتية والمياه والأشغال العامة والصرف الصحي ضمن عملية إعادة الإعمار، وتوفير خبراء واستشاريين محليين يعلمون على تحليل أوضاع واحتياجات الوزارات القطاعية المهمة. 

     وأشارت إلى أن هناك تقصيرًا في عملية إعادة الإعمار في الوقت الراهن من مختلف الجهات المعنية، حيث لم تتضح رؤية الجهات الداعمة وتوجهها وسياستها فيما يخص عملية إعادة الإعمار بعد الانتهاء من حصر الأضرار، كما أن هناك بعض الممولين الذين ينفذون مشاريع من دون تنسيق مع وزارة التخطيط مع أنها جهة حكومية متعلقة بدرجة رئيسة بالأمر.

     وحول دور المؤسسات الرسمية ومدى قدرتها على تحمل ملف إعادة الإعمار توضح الشرامني أن الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية مازالت غير قادرة على استيعاب التمويلات الخاصة بإعادة الإعمار وتنفيذ المشاريع المطلوبة على الأرض بحسب الأصول الخاصة بالتمويلات الخارجية، وذلك بسبب عدم وجود الخبرات اللازمة في عملية التعامل مع التمويل الخارجي.

     ووكَّدت أهمية تشكيل وحدات تنفيذية للتمويلات الخارجية والمركزية، وتفعيل النافذة الواحدة في وزارة التخطيط لكل التمويلات المحلية والخارجية، والعمل على إعداد خطط طارئة (متوسطة، وطويلة الأمد) من قبل كل الجهات الرسمية القطاعية، وتقديمها للوزارة ليجري استيعابها حسب التمويل المقدم في إطار النافذة الواحدة.

    وقد أوضحت دراسة مقدمة من وزارة التخطيط والتعاون الدولي بعنوان (الجهود الحكومية لإحياء الاستقرار والتعافي الاقتصادي وتجاوز المخاطر التي تواجه مجتمع الأعمال وبيئة الاستثمار) أن لدى الحكومة اليمنية خطة لأولويات إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي (على المدى القصير)، شملت أهمية العمل على تفعيل مؤسسات الدولة، وتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي، وتلبية الاحتياجات الإنسانية للفئات المتضررة، والبدء في بناء المنشآت الخدمية الأساسية وتأهيلها، واستعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي عبر التركيز على استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز، والبدء بإعادة إعمار البنى التحتية المتضررة بعد الانتهاء من تقييم الاحتياجات اللازمة وتحديدها في كل المناطق التي تأثرت من الصراع .

قطاع النفط

    لقطاع النفط والغاز أهمية في تحسين النمو الاقتصادي السريع، وله تأثير كبير فيما يخص تغطية تكاليف عملية إعادة الإعمار في اليمن، فيما إذا أُعِيدت عملية الإنتاج والتصدير للخارج وتدفقت العملة الأجنبية من جديد, وعُمِل على مواجهة كل الاختلالات والعجز النقدي التي تعاني منها البلد في الوقت الراهن. 

     أما عن رؤية الدكتور علي المسبحي (الخبير النفطي والاقتصادي في عدن) حول ضرورة العمل على إعادة الإعمار يقول: قبل الحديث عن إعادة الإعمار يجب أولًا العمل على إيقاف الصراع، وإعادة النظر فيما تقوم به الدول المانحة التي لم تلتزم بتعهداتها حتى الأن، ومازالت موارد الدولة معطلة والوضع الاقتصادي متدهورًا والعملة منهارة، والوضع الأمني غير مستقر، لذلك لا يمكن الحديث عن إعادة الإعمار بصورة حقيقة في الوقت الراهن.

      ويبيِّن لـ”صوت الأمل”: أن قطاع النفط والغاز يمثل أهمية كبيرة في الحصول على موارد مالية من العملة الصعبة سواء من القطاعات النفطية أم من منشأة بلحاف أم مصافي عدن أم مأرب، وكل هذه الموارد ستسهم أولًا في تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير سيولة لدى البنك المركزي لصرف الرواتب، وإيقاف تدهور العملة، ثم مع استمرار تدفق هذه الموارد ستفعَّل عملية إعادة الإعمار.

    من جانب آخر يرى أحمد الزكري (مدير المنظمة اليمنية لتعزيز النزاهة ” YOPI”) أنه من المهم البدء في التفكير بجدية حول العمل على إعادة الإعمار، إذا ما ظهرت مؤشرات إيجابية لحل الصراع القائم في البلد بصورة شاملة، ويجب أن تشمل كل الأطراف المتصارعة على وفق رؤية سياسية تصالحية واضحة، كون إعادة الإعمار هي الخطوة التالية بعد إنهاء الصراع لإعادة الاستقرار تدريجيًّا واستئناف العملية السياسية.

     وأوضح لـ”صوت الأمل” أن التفكير سلفًا بإعادة الإعمار يضع التصورات والرؤى من وقت مبكر أمام صورة واضحة تراعي كل الإشكالات القائمة وتدرس السبل المناسبة لمعالجتها، وتكلفة عملية الإعمار، وكيفية توفير هذه التكلفة والوقت المطلوب لتنفيذ هذه العملية بخطة مزمنة وبمشاركة فاعلة من كل الأطياف السياسية والاجتماعية بما في ذلك المجتمع المدني والإعلام.

   وحول الصعوبات الاقتصادية التي تواجه عملية إعادة الإعمار اليوم في مختلف القطاعات، يبيِّن: أن الصعوبات كبيرة وعميقة جدًا، فقد تسبب الصراع بتدمير البنية التحتية، وإيقاف عجلة الاقتصاد وسبل العيش، وأصبحت معظم الأسر تعتمد على المساعدات الإنسانية في حياتها اليومية، ومن ثمَّ فإن عملية إعادة الإعمار لن تكون إلا بتعاون دولي وإقليمي كبير يوفر إمكانات إعادة أسس الحياة الاقتصادية وبناء الدولة من الصفر.

    وفيما يتعلق بأهمية قطاع النفط والغاز في عملية التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، يؤكد الزكري أن هذا القطاع يمثل أساسًا قويًّا للاقتصاد الوطني، حيث كانت تعتمد عليه الدولة بنسبة ٧٠ في المئة تقريبًا، ولذا فإن استقرار الدولة بعد أي تسوية سياسية ستنهي الصراع وستؤدي إلى إعادة تفعيل هذا القطاع، واستثمار عائدته في عملية الاستقرار الاقتصادي، في إطار توجه جاد يأخذ بالحسبان مكافحة الفساد الذي كان المهيمن بدرجة كبيرة على عائدات هذا القطاع لفترات زمنية طويلة.

       وأضاف قائلًا: إن أهمية تفعيل الإيرادات الأخرى غير النفطية مثل الضرائب بحاجة إلى استقرار سياسي وخطة عمل منسقة، مع رؤية إعادة الإعمار التي يمكنني القول إنها ستكون رؤية لإعادة بناء الدولة عمومًا.

 السلطة المحلية

    وحول دور السلطة المحلية في عملية إعادة الإعمار، يقول وكيل محافظة عدن لشؤون الشباب عبد الرؤوف زين: إن هناك تحديات تمر بها البلاد من آثار الصراع وتحتاج إلى جهود كبيرة من كل الجهات المعنية والمنظمات الدولية، ولأننا سلطة محلية نحتاج إلى تلك الجهور، بالإضافة إلى جهود المواطن والأجهزة التنفيذية التي تساعد في تطبيق كل الخطط الحكومية، بما يتعلق بعمليات إعادة الإعمار في اليمن.

  وقال أيضًا لـ”صوت الأمل”: هناك تحركات مشتركة من الدولة والسلطة المحلية والجهات الداعمة مثل البرنامج السعودي للتنمية والإعمار، والجمعية الكويتية. والكثير من الأطراف الدولية في عدن من بعد عام 2015 وإلى الأن تعمل على عملية إعادة الإعمار وتسهم في إعداد خطط لتنفيذ مشاريع خدمية، والعمل على حصر الأضرار، وتقديم التعويضات المالية للمتضررين من الصراع في بعض المديريات.

    ووكَّد أن الجهود التي تبذلها السلطة المحلية تتركز في إعادة إعمار البنية التحتية للقطاعات الخدمية والسكنية من أجل الانطلاق إلى عملية التنمية الشاملة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

73.3% البنية التحتية والنسيج المجتمعي اليمني مدمر كليًا

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبيان إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر أكت…