المساعدات الإنسانية في اليمــــــن، طوق نجاة أم قارب غرق؟ تراجع تمويل جهود الإغاثة الدوليـــــة إلى 1.9 مليار دولار للعام 2020م
صوت الأمل – سماح عملاق ومنال أمين
مع استمرار الصراع الذي دخل عامه السابع، مازال اليمن يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم، وظروفًا اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية غير مسبوقة أدَّت إلى تدهور الاقتصاد الوطني وزيادة في نسبة البطالة والفقر بدرجة سريعة مقارنة بما قبل عام 2014م، وانخفاضًا في مؤشرات التنمية، وما زاد الأمر سوءًا تعرض البلاد لجائحة كورونا التي أصبحت تمثل تهديدًا جديدًا فاقم من الأزمة الإنسانية في اليمن .
تعد المساعدات الإنسانية عند الكثير من الفئات المجتمعية اليمنية طوق نجاة للاستمرار في العيش، على الرغم مما يحوم حولها من شكوك واتهامات حول مدى مصداقية الجهات الداعمة وآلية توزيع هذه المساعدات والمستهدفين في مختلف المجالات والقطاعات.
عائلة أحمد علي المكونة من 13 شخصًا في تعز، يستلمون كلَّ شهرٍ أو شهرين مساعدات غذائية مقدمة من منظمات دولية مختلفة تستهدف الفقراء والنازحين وذوي الدخل المحدود، حيث سجلهم عاقل الحارة في منطقة وادي القاضي.
تؤكد عائلة أحمد أن تلك المساعدات الشهرية تسهم في التخفيف من وطأة الحياة الصعبة التي يمر بها المواطن حاليًّا، من حيث ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، والإيجارات، وقيمة الدولار أمام الريال اليمني، وتدهور الخدمات الأساسية.
موضحًا، أنه يستلم كيس دقيق متوسط الحجم، ورز، وسكر، وعلبتي زيت، وعلب طماطم وأحيانًا عدس ومكملات غذائية، وهناك بعض المنظمات الدولية الداعمة والجمعيات الخيرية تقدم في كل فترة وفترة حاجات ضرورية كمواد إيوائية ودوائية.
المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن، جمال بلفقيه، يقول: إن اللجنة تسعى إلى تسهيل عملية توزيع المساعدات الإغاثية المقدمة من المنظمات الداعمة إلى مختلف فئات المجتمع اليمني المحتاج، وتعمل على التنسيق المستمر مع تلك المنظمات؛ لتقوم بدعم مشروعات سبل العيش وتعزيز الاستقرار لدى المواطن والتخفيف من معاناته باستمرار.
وحول دور المنظمات الدولية في تقديم المساعدات يؤكد بلفقيه أن هناك قصورًا من بعض المنظمات الداعمة، في إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية لجميع فئات المجتمع بسبب تدخلات من بعض الأطراف، الأمر الذي تسبب في عدم إيصال نسبة كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى جميع المستحقين.
تحويلات نقدية
في تقرير للأمم المتحدة مارس 2021م أشار إلى أن تمويل جهود الإغاثة قد تراجع في العام 2020م، حيث حصلت المنظمات الإنسانية على 1.9 مليار دولار؛ أي نصف المبلغ المطلوب لعملياتها.
وذكر تقرير البنك الدولي 2021م إنجاز تسع دورات صرف للتحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية في مختلف مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية، ضمن المشروع الطارئ للاستجابة للأزمات في اليمن الذي تنفذه منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف (بقيمة 472.14 مليون دولار)، حيث اُستهدِفت نحو 1.44 مليون أسرة (9 ملايين شخص) في فبراير 2021م .
أشارت أم هشام وليد (30 عامًا من عدن) إلى أنهم حاليًّا يستلمون تحويلات نقدية إنسانية بدعم من منظمة اليونيسيف ضمن مشروع الحوالات للفئات الأشد ضعفًا، ولكن للأسف التحويل يحتوي على مبلغ يسيرٍ لا يتعدى الـ 30 ألف ريال تُصرَف كل ثلاثة أشهر، في ظل ارتفاع متزايد لأسعار كل شيء.
الجانب الصحي
لا يزال اليمن يواجه صعوبات في القطاع الصحي ومواجهته لجائحة فيروس كورونا “ COVID-19”، زادت من وطأة تلك المعاناة على المواطن، ومع ذلك نرى العديد من المنظمات خفَّضت من عملياتها الإنسانية بسبب نقص التمويل. جاء ذلك في تقرير التحديث الإنساني لليمن – عدد 6 (يونيو 2020م )، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي التقرير الشهري لمجموعة البنك الدولي بعنوان “أحدث المستجدات الاقتصادية في اليمن” يونيو 2020م ذكر أنه تعر ض 31 برنامجًا من بين 41 برنامجًا إغاثيًّا حساسًا للأمم المتحدة إما للإغلاق وإما لتقليص أنشطة العمل؛ وذلك بسبب نقص التمويل مع انخفاض كبير في عدد الأشخاص الذين يتلقون مساعدات منقذة للحياة؛ كما خُفِّضَت المساعدات والخدمات الضرورية في مجال المياه، والصرف الصحي، والنظافة الصحية لمنع انتشار فيروس كورونا.
تكدس المساعدات وغياب الرقابة
للصراع المستمر والوضع غير الأمن تأثير في تأخير وصول المساعدات الصحية، وتكدسها بطريقة غير آمنه تسبب في انتهائها قبل وصولها إلى المستهدفين، هذا ما أكدته أنجيلا أبو أصبع (رئيسة مؤسسة أنجيلا للاستجابة الإنسانية في اليمن)، حيث قالت: “إن تكدس الدعم الإغاثي في السفن لمدة تتراوح بين سبعة أشهر وعام كامل يؤدي إلى وصولها إلى المواطنين بعد انتهاء فترة صلاحيتها، إما لسوء التخزين وإما لطول المدة، وللأسف الشديد تصل إلى المواطنين وتباع في الأسواق ويستخدمها المواطن، في ظل غياب الجهات الرقابية “.
قال مروان الحمادي (50 عامًا، من محافظة تعز، نازح إلى إب): “خلال عامين كان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يمدنا ببعض السلال الغذائية التي ساعدتنا كثيرًا، لكن بداية من عام 2020م بدأ البرنامج بتقليص حجم المساعدات لتشمل السلة الغذائية الوحيدة أسرتين بدلًا من أسرة واحدة، ونحن نعيش على أمل أن يحل الوضع، وتتوسع حجم المساعدات لتشمل أمورًا أخرى كالدواء والسكن”.
وأشار المواطن سالم أحمد (47 عامًا من عدن) إلى أن المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية والجهات الداعمة توقفت في عدن منذ أكثر من ثلاث سنوات على المواطنين، وانحصر عملها ـ للأسفـ على النازحين وبعض الفئات من دون نظام ثابت وواضح، على الرغم من أن الشعب كله أصبح يعاني من صعوبات كبيرة في مختلف المجالات.
موضحًا، أن هناك أسرًا كثيرة في عدن تُصرف لها مبالغ عن طريق منظمات دولية داعمة، كبديل عن المساعدات الإغاثية التي كانت تقدمها للمواطن.
وبيَّن، أن هناك مخاوفًا من عمل تلك المنظمات في المدينة، حيث إنها تقوم بتكديس المساعدات في مخازنها إلى فترات طويلة ولا تخرجها إلا قبل انتهاء صلاحيتها بفترة قصيرة.
هنا تقول وثيقة حَصُلت عليها (صوت الأمل) صادرة من جمعية حماية المستهلك في ديسمبر 2020م:” إن أكثر من 20 ألف طن متري من القمح التالف أُدخلت نصفها عبر ميناء عدن، والنصف الآخر عبر ميناء الحديدة، وعلى الرغم من ذلك عُبِّئت لتُقدّم إلى المواطنين وكلها تالفة، مع افتراض الجمعية إعادة القمح إلى مصدره؛ كونهُ متعفّنًا وغير صالح للاستخدام الآدمي”. حسب رسالة الجمعية الموجهة لمدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن.
وقد لخصَّت منظمات المجتمع المدني العوائق التي تعترض سير العمل الإغاثي والإنساني في اليمن في مجموعة نقاط ضمها البيان الذي رفعته هذه المنظمات في يوليو 2017م للوفد الأممي الذي زار اليمن لتذليلها، منها أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه سبعة مليون مواطن يمني خطر المجاعة، كما يعاني 462 ألف طفل يمني سوء التغذية الحاد، وانتشرت الأوبئة والأمراض الناتجة عن عدم حصول 15 مليون شخص على المياه النظيفة.
مواجهة انعدام الأمن الغذائي
وزارة التخطيط والتعاون الدولي في تقريرها للعام 2020م، أوضحت أن عدد السكان غير الآمنين غذائيًّا في اليمن بلغ 20.1 مليون شخص (من دون المساعدات الغذائية الإنسانية) ، أو 15.9 مليون شخص (مع المساعدات الغذائية الإنسانية).
كما بيَّن التقرير أن غياب المساعدات الغذائية الإنسانية، وعدم دعم تعافي جهود الأمن الغذائي قد يؤدي إلى دخول ما يقارب 10 مليون شخص مرحلة المجاعة خلال الفترة القادمة.
وقد قدم التقرير معالجات لمواجهة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية عن طريق العمل على دعم استئناف دفع المرتبات لموظفي الخدمة باستمرار، وتوفير القدرة على الوصول إلى الغذاء، وتوسيع برامج النقد مقابل العمل وبرامج المساعدات الغذائية مقابل تنمية الأصول، وتعزيز مجالات الأمن الغذائي وإنتاج الغذاء، عن طريق دعم برامج مساعدة الفئات الأكثر تضررًا من استمرار الصراع كصغار المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والصيادين من أجل العودة إلى الإنتاج ، وتعافي أسواق المدخلات والمنتجات الزراعية والحيوانية والصيد مع استمرار دعم النازحين.
استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…