المرأة والفقر

صوت الأمل – فتحية محمد باحشوان

يعد الفقر مشكلة اجتماعية، بل ومن أهم وأخطر المشكلات التي تؤثر في مناحي الحياة كافة وتزداد خطورتها يومًا بعد يوم، وانعكست هذه المشكلة على فئات المجتمع بدرجات متفاوتة، وأصبح الفقر واحدًا من أهم المهددات الحقيقية للاستقرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي في العالم، والنساء هنَّ أكثر الفئات الاجتماعية تضررًا من مشكلة الفقر؛ وذلك لأن المرأة محور الحياة الأسرية، كما أن الأسرة محور الحياة الاجتماعية، وأي خلل في أدوارها الاجتماعية سيؤثر في حياتها الزوجية والأسرية وتنشئة أبنائها وأسرتها والمجتمع.

    ويصف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM)   الفقر بأنه عبء الفقر الذي تتحمله المرأة بخاصة في الدول النامية وفي مقدمتها اليمن، وليست هذه الظاهرة  في اليمن نتيجة لضعف الدخل فقط، بل هي أيضًا نتيجة للحرمان من الفرص والوصول إلى مصادر الدخل المتاحة، فالوضع الاقتصادي للأسرة  يشير إلى مستوى معيشتها، أي د رجة إشباع حاجاتها المادية وغير المادية، أما مصدر إشباع هذه الحاجات فهو الدخل الناجم عن العمل أو غيره من مصادر الدخل الأخرى التي تؤدي دورًا في ارتفاع مستوى المعيشة أو انخفاضه، الأمر الذي يؤثر في نوعية السكن و حجمه و ملكيته والتغذية والحالة التعليمية والترفيهية والصحية التي أوضحت الدراسات أن المرأة الفقيرة غالبًا ما تلجأ إلى التطبيب الشعبي، بسبب ارتفاع تكلفة العلاج الخاص.

     وتعتمد الكثير من الأسر على المرأة في الإعالة، خصوصًا تلك الحالات التي يغادر فيها الرجلُ مكانه ويترك للمرأة دفة الأمور في قيادة الأسرة والأطفال، وتتحمل هي عبء ما تتقاضاه هذه الأسرة، وتصبح المرأة معيلتها الرئيسة، فدخلهن يوجه لتوفير الحاجات الأساسية لأطفالهن، وكلما زاد دخل الأم قلت احتمالية أن يعاني أطفالها من الجوع وسوء التغذية.

    وهذه الظاهرة تنتشر أكثر بين النساء غير المتعلمات واللاتي لم يحصلن على التدريب والتأهيل الكافي، ومن ثمَّ فإن هؤلاء السيدات حتى عندما يقررن إنشاء مشروع خاص بهن فإن هذا المشروع يكون متواضعًا صغيرًا وغالبًا ضمن المهن التقليدية التي ارتبطت بالمرأة والتي لا تُدرُّ دخلًا جيدًا.

   وتقف الالتزامات العائلية عائقًا كبيرًا أمام السيدات اللائي يرغبن في العمل، ولذا تكون النتيجة بقاؤهن تحت الفقر، حيث لا يستطعن الذهاب إلى أي عمل في حال كان لديهن أطفال ومسؤوليات عائلية.

   وقد ظهرت هذه الآثار بسبب انتشار البطالة بين النساء وانخفاض مشاركتهن الاقتصادية بالدرجة الأولى، إضافة إلى خصخصة الكثير من المؤسسات العامة  التي تعدُّ المصدر الرئيس لتوظيف النساء، وعزوف القطاع الخاص عن توظيف المرأة لأسباب عديدة اقتصادية واجتماعية، أيضًا اقتصار دورها على الجانب المنزلي والإنجابي واهتمامها بشؤون الأسرة، وحرمان المرأة من التعليم، والزواج المبكر…

    إن ازدياد نسب الفقر كان له أثر مباشر في زيادة مستوى الأمية لدى المرأة اليمنية، لأن نسبة كبيرة منهن لا يتاح لهن  التعليم أصلًا، أو مواصلة التعليم على الأقل. وهي اليوم بحاجة إلى الدعم والعمل على النهوض بها وتمكينها اقتصاديًّا واجتماعيًّا، فالمرأة نصف المجتمع، وبها يبنى النصف الآخر؛ لكي لا يضطرها الفقر إلى أعمال مخافة للعرف والقانون من أجل لقمة العيش، أو التسول في الطرقات بانتظار بضع ريالات يقدمها لها المارة.

    وبذلك أصبحت المرأة بحكم هذا التكوين الجديد للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية قد وَضَعتْ في أول أولوياتها الأسرة التي تقوم بمسؤولياتها، وتتحمل تبعات ذلك في دور كان من المفروض ــ بحدوده الدنياــ أن تتقاسمه المرأة مع الرجل، وبهذا تدخل المرأة الفقيرة في دوامة البطالة المقنعة لتتأثر بذلك علاقات وسلوكيات النساء تبعًا لموقعهن من علاقات الإنتاج مُقْصيات عنها ليصبحن أسيرات واقع اجتماعي صعب. وهنا تبرز أهمية بناء برامج متنوعة، وضرورة أن تقوم منظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية بتنفيذها سريعًا، ويكون هدفها المباشر الإسهام في الحدِّ من فقر المرأة والعمل على تمكينها اقتصاديًّا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…