رصيـــد النحّـــــال: قصـة نجـاح لتحـدي واقـع الفقر
صوت الأمل – رجاء مكرد
ظروف الصراع في اليمن التي لم يسلم منها أحدٌ، كان المُعلم أحد ضحاياها، إذ سَلَب الصراع كرامة المدرس، وأخذ قوت عيشهِ، وجعل مُربي الأجيال وصانع الهمم في المجتمع ذليلًا في قعر داره، يحملُ سُنارة النجاح لكنَّ البحر هائج.
إنه المُعلم الذي لطالما نجحت شعوب وأُمم بفضل جهوده المثابرة، فبه صعد الطبيب والمهندس والخبير والعالم، ليس من السهل أن تفقد مصدر دخلك وتعيش لسنوات من دون مرتب. من رحم هذه المعاناة كانت قصة أحد المعلمين في تعز، الذي تحدَّى الظروف وكان أنموذجًا في مكافحة الفقر.
رصيد عبده قائد، من قرية الفضارم – أعبوس – حيفان، شاب تفوَّق في مرحلة الثانوية العامة وحصل على منحة دراسية إلى مصر، أنهى تعليمه الجامعي ــ البكالوريوس ــ في مجال الزراعة بمصر، إذ كان متفوقًا جدًا في الدراسة.
بعد أن أنهى رصيد تعليمه الجامعي في مصر، عاد إلى اليمن ومن المؤسف أنه لم يجد فرصة عمل تناسب تخصصه، فاضطر إلى الالتحاق بسلك التدريس، واستمر في العمل مدرسًا بمدينة تعز، كان يعتمد هو وأسرته على الراتب الذي يتقاضاه من الحكومة.
استمر في التدريس حتى عام 2015م، وحينما شبَّ الصراع في تعز، نزح عبده قائد وأسرته إلى مسقط رأسه قرية أبيه وجده (الفضارم) بالأعبوس، سكن في بيت أبيه القديم الذي مرَّ عليه زمن طويل، إذ لم يكن لرصيد منزلٌ بسبب هجرته سابقًا إلى المدينة.
الظروف التي عاشها رصيد مع أسرته كانت قاسية، النزوح من جهة وانعدام مصدر الدخل من جهة أخرى، لم يستسلم واستمر في البحث عن عمل لكسب لقمة العيش، كان يُساعد الناس في محيطه ويعمل في أيِّ مهنة تدرُّ عليه المال الحلال.
يقول المهندس إسكندر درهم (أحد أفراد المنطقة): إن رصيد قائد عانى كثيرًا بسبب انقطاع راتبه، فمعظم المعلمين قُطِعت رواتبهم في أثناء الصراع وهو منهم، وكذلك بسبب نزوحه إلى القرية وبحثه عن مهنة تعيله وأسرته، والجميل في رصيد أنه موهوب ولديه إصرار حقَّق به قصة نجاح.
حياةٌ جديدة عاشها عبده قائد في قريته (الفضارم) بعد انقطاع راتبه، تختلف كثيرًا عن أسلوب حياته السابقة، رصيد بطل القصة بالإضافة إلى أنه مُعلمٌ اجتمعت فيه مواهبُ كثيرة، فهو فنان غنائيٌّ، يدقُّ العود (آلة موسيقية)، مُنشد توشيحات دينية، وأخيرًا (مُربي النحل) نحَّال.
تحدى الفقر بتربية النحل
ومع روح رصيد الطيبة والمتعاونة والطموحة المحبة للحياة والمرح، إلَّا أنه تمرُ به الذكريات الجميلة والشجيَّة معًا لتذكره بحياته السابقة، معيشته في مدينة تعز، حصصه الدراسية مع الطُلاب، لحظات سعيدة يقضيها أمام السبورة وأمامه جيل من الأطفال والشباب حلمه أن يكونوا بناة المستقبل .
ذات يوم، وهو يسرحُ في تلك الذكريات، دقَّ جرسُ الفكرة للعمل نحَّال في خاطره، وتذكر أنه في منحته الدراسية بمصر كانت إحدى مواده الدراسية عن تربية النحل، تعمَّق كثيرًا في التفكير وقال : «لماذا لا يكون لدي خلايا نحل تُساعدني في كسر الظروف التي أُعانيها».
وحقًا قرر رصيد أنه سيبدأ ويمضي قُدمًا في الفكرة، وكان مع أبيه خليتان قديمتان عفا عليهما الزمن، بدأ يفكر كيف يكثر من نمو هذه الخليتين، وبدأ يبحث عن ممول له بشراء عشر خلايا، فوجد من يساعده. بعد أن حصل على تمويل واشترى عشر خلايا، اهتم بتطوير مهارته في هذه المهنة، سجَّل في دورة لدراسة تربية النحل، كما بدأ بنقل الخلايا من قريته إلى (الخبت – طور الباحة)، انتعش النحل، وأخيرًا رصيد جنى ثمار جهوده.
يعود إسكندر الذي أحب قصة رصيد وعايشها ليقول لـ «صوت الأمل» في أثناء تناولها لحكاية (رصيد والنحل): «تربية النحل مهنة تنمية تنعش الأسر الفقيرة، وتحتاج إلى اهتمام من مربيها، بحيث ينقلها من مكان إلى مكان خلال الموسم، هكذا يعمل الأخ رصيد».
الشاب رصيد لديه الآن أكثر من 70خلية نحل، ويبيع عسلًا وأيضًا خلايا نحل، أسرته تنتعش كما أنه بدأ يؤسس لنفسه الآن منزلًا آخر غير بيت أبيه، وأصبحت قصته أنموذج نجاح، إذ إن بعض الشباب بدؤوا يسلكون طريقه في شراء خلايا نحل.
استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…