الفقر بأعين اليمنيين: الإنسان لا يصنع الفقر وإنما هو ضحية لأنظمة هيكلية عشوائية
صوت الأمل – علياء محمد
يشهد اليمن مرحلة استثنائية يواجه فيها تحديات جسيمة على كل الأصعدة والقطاعات الخدمية والتنموية، فقد كلَّفه الصراع القائم خسائر غير مسبوقة وأضعف البنية التحتية الخاصة بالقطاعات الرئيسة في البلاد، ولعل الفقر بأبعاده المختلفة كان أكبر التحديات التي تواجه اليمن.
وبين ما توصلت لهُ تقارير المنظمات الدولية والمحلية عن الأوضاع المعيشية لليمنيين، «صوت الأمل» قامت بنزول ميداني بمختلف الأسر في المحافظات اليمنية؛لتتعرف على آراء الناس فيما يتعلق بارتفاع معدلات مستوى الفقر الذي يعيشه اليمن، وتقييمهم لنتائج الفقرللمرحلة الراهنة.
الفقر مدمِّر
عفاف محمد (33 عامًا من الحديدة)تقول: «للأسف يكلفنا الفقر خسائر كبيرة تظهر آثاره على المجتمع بشدَّة، فنجد أن الفقر أدَّى إلى بروز ظواهر سيئة ازدادتازديادًا واضحًا في المجتمع، متأثرًا بذلك المجتمع كله».
وتابعت قولها:إن زيادة الجريمة والسرقات والعنف والتسول وعمالة الأطفال، لم تأتِ إلا نتيجة لانتشار الفقر بين عدد من الأسر اليمنية، فالفقرهو الدافعوراء ظهورمعظم هذهالظواهر السلبية والسلوكيات الخاطئة في المجتمع.
أمازكريا محمد (25 عامًا منإب) فيقول: «الفقر ليس شعورًا بالحاجة أو العوز بل هو أكبر من ذلك، إذ يصل بناإلى الشعور بالإهانةفي مجتمع لا يرعى حقوق أبنائه، إن الإنسان في هذا البلد لا كرامة محفوظة له؛ هذا الأمر يولد الكراهية والحقد والبغضاء في المجتمع ويؤدي إلى انتشار العنف بين أفراده» .
الفقر والتعليم
يشير تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي ــ أغسطس 2020م ( المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن)إلى أنهطبقًا لخطة الاستجابة الإنسانية 2020م فإن 5.5 مليون طفل بالتعليم الأساسي والثانوي في حاجة ملحة إلى المساعدة لضمان استمرار تعليمهم، منهم 5 ملايينطفل في حاجة ماسة إلى المساعدات التعليمية.
وأوضح التقرير أن استمرار الصراع بوتيرة عالية ترتب عليه صدمات قوية عصفت بالفقراء بدرجة رئيسة، حيثستمتد آثاره لأجيالقادمة، وقد ينخفض معدل الالتحاق بالمدارس،وذلك للمساعدة في زيادة دخل الأسرة.
يؤكد ناظم حسن(30 عامًا من عدن)أن الفقر سبب رئيس في حرمان الكثير من الأطفال والشباب من التعليم؛ الأمر الذي يزيد من نسبة الجهل في المجتمع، وينتج مجتمعًا جاهلًا لايعي حقوقه وواجباته.
موضحًا،أن عددًا كبيرًا من الأطفال خارج أسوار المدارس؛وذلك نتيجة ازدياد نسبة الفقر وعدم قدرة الأسر على توفير الاحتياجات الأساسية للعملية التعليمية، كما أن عددًاكبيرًامن الشباب لم يستطع إكمال دراسته الجامعية بسبب الرسوم التيلايستطيع أن يتحملها متوسط الدخل فما بالك الفقير الذي لا يجد خيارًا إلا الخروج من المدرسة والعمل، كما أن بعضهموللأسف قد يختار التسول.
أسباب وآثار
يؤكد جميل السبئي(36 عامًامن تعز) تفشيمشكلة الفقر في اليمنجرَّاء الصراع القائم في البلاد الذي أدى بدوره إلى قطع فرص العمل، وارتفاع الأسعار، وتدني البنية التحتية والاقتصادية للبلاد، بالإضافة إلى النزوح، وأصبح عدد كبير من سكان اليمن غير قادر على توفير الحدِّ الأدنىمن مستوى المعيشة المطلوبة من تعليم، وصحة، وسكن، وأمن غذائي، وبذلك يكونقد فقد ضمان العيش.
من جانبه تحدث محمود رزق (36 عامًا منتعز)عن هذه الظاهرة، فقال : « إننا إذا وجدنا أفرادًا لايستطيعون توفير قوت يومهم،ولايجدون مايسدون به حاجتهم وتكون نسبتهم كبيرة وملموسةتمثل ربع المجتمع ــ على الأقل ــفهنا نحن أمام تحدٍّ كبير جدًا ونعدُّ مجتمعًا فقيرًا وبالإجماع، ولا مجال للشك في ذلك».
يعيش أبو محمد (30 عامًا من عدن) مع أمه المسنة ويقتات من راتب والده المتوفي الذي يبلغ خمسين دولارًا، ويقول :»لم تكن الحياة سهلة من قبل ولكنها زادت صعوبةبسبب الصراع، حيث ارتفعتأسعار السلع الأساسية وفي المقابل لم ترتفع الرواتب، أما الاحتياجات الأخرى فإننا نحاول عدم شرائهاوالنظر إليها على أنها أشياء فرعية،فمن أين نوفرها؟».
مضيفًا، أنه تعرض لحادث سقوط في أثناء عمله في الميناء بعدن، تضرر بسببه عموده الفقري ومنعهعن العمل، وعلى الرغم من ذلك يخرج دائمًاللبحث عن فرصة للعمل، ولا يجد ما يناسب حالته المرضية،كما لا يجد من يقدر ذلك.
وتبعًا للتقرير الصادر عن وزارة التخطيط 2020م فإن عوامل انتشار الفقر وتسارعها في اليمن هي عوامل هيكلية مزمنة زادت حدة وتيرتها في السنوات الأخيرة في اليمن، نتيجة التداعيات التي أدَّت إلى ارتفاع سعر الصرف وتدهور القيمة الشرائية للعملة الوطنية ، وانكماش الأنشطة الاقتصادية ، الأمر الذي أدَّى إلى انزلاق كثير من الأسر إلىمعدلات الفقر.
وبيَّن التقريرأن معدل الفقر في الريف وصل إلى 59.2 %؛أي يزيدعن معدل الفقر في الحضر بما يقاربثلاثة أضعاف 23.9 %، وترتفعنسبة الفقر بين الأسر التيتترأسها النساء إلى نحو 72.0% على مستوى الريف، مقارنة مع 58.2% بين الأسر التي يترأسهاالرجال.
بيئة غير صالحة للعيش
يرى يوسف رشاد(32 عامًا من تعز) أن اليمن وصل إلى أقصى مستوى من مستويات الفقر، وأصبحت البلاد غير صالحة للعيش، حيث إن الضعيفينتهي به المطاف على قارعة الطريق إما بحثًا عن فرصة عمل وأما بحثًا عن مأكل ومشرب وإما عن حياة أفضل تحفظ له كرامته وكرامة أبنائه.
في حين تؤكد نهى محمد (25 عامًا من عدن) أن الإنسان لا يصنع الفقر، وإنما هو ضحية لأنظمة هيكلية غير منظمة وبنية تحتية ضعيفةوتوزيعات غير عادلة.
مضيفة: “عندما يتغلبتحقيق المصلحة الشخصية على حساب الآخرين، فاعلم أنك ستواجه أجيالًا من الفقراء».
سبل للبقاء
أمُّأحمد (30 عامًا منذمار) توضح: «الشعور بأنك لا تستطيع توفير ما تحتاج إليه عائلتك من الأشياء اليسيرة شعور سيء جدًا،يجعلك تفكر وتقول: لماذا نعيش؟!فلا شيء يستحق العيش لأجله،أنا فكرت بهذا التفكير أكثر من مرة، ولا أخفيكم القول إنني شعرت باليأس من أن تتحسن الحياة، ولكن بقليل من التفكير والعمل المستمر استطعت أنأتخطى هذه المرحلة وقضيت على هذا التفكير،وأقنعت نفسي بأنني قادرة على التغلب على الفقر ولن أجعله يتغلب علي».
ويوافق فواد عبد الله (30 عامًا من صنعاء) مقولة:(الشغل ليس عيبًا)،فهويمضي يومه بجمع العلب البلاستيكية ويضعها في أكياس كبيرة؛ ليقوم ببيعها في آخر اليوم ليوفر ما تحتاج إليه أسرته من متطلبات، ويقول: «نحن أصبحنا على حافة الهاوية ولابد من البحث عن فرص للنجاة، ومع أن توفر هذه الفرصقليلة ــ وإن وجدت لا تلبي الحاجة ــإلا أنها تعدُّ سببًا في بقائك على قيد الحياة».
استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…