‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفقر في اليمن الفقراء في اليمن.. وضع مؤلم وأمل العودة إلى الحياة من جديد

الفقراء في اليمن.. وضع مؤلم وأمل العودة إلى الحياة من جديد

صوت الأمل – منال أمين

أمُّ أيمن عبدالله تشكو من ارتفاع الإيجارات في محافظة عدن، مع ارتفاع سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية التي ترتفع يوميًّا، حيث تجاوز سعر الشقة التي تسكنهاحاليًّا أكثر من 150 ألف ريال، أي ما يقارب (120دولارًا أمريكيًّا)، وقد كان قبل ستة أشهر 50 ألف ريال.

تقول أمُّ أيمن (40عامًا، تعمل معلمة في إحدى المدارس الحكومية): “إن الراتب الذي لا يتجاوز 80 ألف ريال لا يفي بمتطلبات المعيشة مع استمرار ارتفاع الأسعارارتفاعًا جنونيًّا، وزاد الأمر سواء ارتفاع إيجار البيت الذي يتألف من غرفتين ومطبخ وحمام، وهو لا يتسع حتى لأفراد أسرتي المكونة من تسعة أشخاص”.

وأضافت “الوضع المعيشي أصبح قاسيًا جدًا في الآونةالأخيرة، ولم نعد نستطيع توفير المستلزمات الأساسية. حاليًّا نبحث عن بيت آخر يأوينا من قسوة الضمائر التي لا ترحم حال المواطن المسكين”.

عائلة عبدالرحمن الشرعبي المكونة من 11 شخصًا، نزحت من محافظة تعز إلى صنعاء بعدما دُمِّر منزلهم من القصف المتواصل في 2016م، وسكنت في غرفة صغيرة وحمام، كان سعر الإيجار حينها 10 ألف ريال إلى عام 2019مبعدها ارتفع ليصل إلى 30 ألف ريال.

عائلة الشرعبي مكونة من أربع نساء وسبعة أطفال، توفي العائل الوحيد لهم لعدم توفر قيمة الدواء له، وأصبحت النساء يعملن في التطريز والخياطة لتوفير لقمة العيش وقيمة الإيجار الذي يكسر ظهورهن ـ وفقًا لتعبيرهن.

 كما أن أحد أولادهم البالغ عمره 12 عامًا انضم إلى فئة أمنية مسيطرة على المنطقة ولا يحضر المنزل إلا في نهاية اليوم، وثلاثة من أطفالهم أصبحوا يعملون في مسح السيارات على شوارع صنعاء لمساعدة أسرتهم في توفير الغذاء.

الموظف (أ، ق)53 عامًا من صنعاء، يعاني الأمرين بعد توقف راتبه منذ 2016م، وما ضاعف من معاناته أنه لا يعمل أيَّ عمل أخر، وأصبح قابعًا في منزله المكون من غرفتين،بإيجار بلغ 70ألف ريال.

ويضيف “تعاني زوجتي من مرض في العمود، وهي عاجزة تمامًا منذ أربع سنوات وتحتاج إلى الكثير من الأدوية والرعاية، كما أنني أصبحت لا استطيع أن أوفر لأسرتيالمكونة من 9أفراد الاحتياجات الضرورية التي تؤمن لها الحياة الكريمة.ولتوفير قيمة الإيجار، وتجنب غضب صاحب البيتالذي لايقدِّرمعاناتنا بسبب توقف الراتب؛ فقد أصبحت مديونًا بمبلغ كبير للكثير من الأشخاص”.

ويروي أحد جيران الموظف (أ، ق) فيقول: “إنه مع تفاقم وضعه الاقتصادي خلال السنوات القليلة الماضية أصبح يعاني من حالة نفسية شديدة حاول على إثرهاالانتحار عن طريق قطع شرايين يده، وأُسعِف في الوقت المناسب وأُنقِذت حياته.

هناك العديد من القصص والحكايات للكثير من الأشخاص الذين يعانون من التدهور الاقتصادي والاجتماعي والأمني في عدد من المحافظات اليمنية، الذي أدَّى إلى تفاقم الوضع المعيشيلأغلب المواطنينالذين تغيرت حياتهم بدرجة كبيرة ومؤثرة نتيجة تغير الوضع العام بالبلاد.

78 % من اليمنيين يعيشون الفقر

تشير توقعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلىأن عدد سكان اليمن الذين يعيشون اليوم في الفقر بلغت نسبتهم 78 %،ومن المتوقع أن65% منهميمكن أن يعيش في فقر مدقع بحلول 2022م، مما يعني أنهم سيعيشون بأقل من 1.90 دولار في اليوم.

كما يتوقع تقرير البرنامج أن عمق الفقر يمكن أن يرتفع إلى 6000 % بحلول 2030م مقارنة بمعدل الفقر في اليمن قبل 2014م.

المهندس رعد رشاد عبدالعزيز (خبير في الاقتصاد والمشروعات) يقول لـ”صوت الأمل”: إن الوضع الاقتصادي يؤثر تأثيرًا سلبيًّا في مستوى حياة المجتمع بدرجة كبيرة جدًا، ويزيد من تدهور الحالة المعيشية، ولذلك تزيد نسبة الفقر ويزداد معها تفشي الجرائم المنظمة .

 ويحدثنا رعد عن الدوافع وراء سقوط المواطن في بؤرة الفقر، فيقول: “إن الأسباب التي دفعت إلى ارتفاع مستوى الفقر في البلد هي إطالة أمد الصراع، واختلاق الأزمات، والحصار المالي، وفقدان العملة اليمنية لأكثر من 80% من قيمتها ليتجاوز الدولار سقف 1000 ريال، وتعدد الإدارات النقدية، وارتفاع نسبة البطالة، وانقطاع مرتبات أغلب الموظفين الحكوميين منذ أكثر من أربع سنوات، و ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والتمويلية الذي جعل أغلب اليمنيين يقفون عاجزين عن شراء أبسط السلع.

الناس قريبون من المجاعة والموت

إن تفاقم الوضع الاقتصادي في البلد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال، والتسرب من المدارس في سن مبكرة للبحث عن سبل العيش، ينسى بها طفولته ويتكبد أعمالًا أكبر من سنه، ويتحمل المسؤولية ليوفر لأسرته لقمة العيش والعلاج وغيره، حيث يخشى الطفل أن يفقد يومًا واحدًا من عمله فيعجز عن توفير مصروف عائلته.

يصف الخبير الاقتصادي الوضع الإنساني في اليمن بالهش للغاية، حيث يقول: “إن أي اضطرابات فيما نحتاج إليه للحياة مثل الغذاء، والوقود، والأدوية يمكن أن يجعل الناس قريبين من المجاعة والموت، لأن الوضع الاقتصادي متدهور للغاية”.

مبينًا، أنه يجب على الجميع إيقاف الصراع والعمل نحو بناء السلام وإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الاقتصادية لتفادي زيادة نسبة الفقر.

“يتصدر مشهد الوضع الاقتصادي في اليمن المتمثل في الغلاء والفقر، والجوع، والتشرد، ازدياد المآسي بين أفراد المجتمع، حيث يعاني نحو ثلاثة أرباع السكان في اليمن من الفقر، وأكثر من 20 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي وارتفاع معدلات سوء التغذية لدى الأطفال، ويحتاج أكثر من مليون امرأة ومليوني طفل إلى العلاج من سوء التغذية الحاد الذي يصنف أنه من الأسوأ على مستوى العالم” . وفقًا لما أشار إليه المهندس رعد.

وتقول الباحثة الاقتصادية ندى عبدالملك: إن اليمن أصبح يُعرف بالبلد الفقير بامتياز, حيث تلاشت الطبقة الوسطى تدريجيًّا جراء استمرار الصراع الذي تسبب في رفع مستوى نسبة الفقراء المغلوبين على أمرهم.

وفي تقرير نُشِر في مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث والإعلام بعنوان (التمكين المجتمعي مرتكز النهوض بالتنمية الشاملة في اليمن، أبريل 2021م) جاء فيه: إن الفقراء يعانون من انعدام فرص العمل، وعدم امتلاك الموارد والأصول مثل الأراضي الزراعية والأموال، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وندرة الموارد المائية، واتساع هوة التفاوت الطبقي بين فئات المجتمع، وعدم المساواة بين الجنسين.

كما ذكر خبيرٌ اقتصاديٌّ في صنعاء ــ فضل عدم ذكر اسمه للصحيفةـ أن الممارسات العبثية في القطاعات الخدمية، وتدهور الاقتصاد الوطني أجبر المواطن اليمني على التفكير في كيفية توفير الاحتياجات الأساسية والمتطلبات الخدمية بنفسه وباستخدام مختلف الطرق والأساليب، التي قد تكون غير قانونية وخطرة في أغلب الحالات، وهذا ما يزيد من معاناته أكثر لشعوره بخطورة الأمر. 

المعالجات

وحول المعالجات بيَّن الخبير الاقتصادي المهندس رعد أن التخلص من مخلفات الصراع، وعودة الحياة العامة إلى وضعها الطبيعي، واستعادة العمل بنية صادقة للحدِّ من تدهور العملة، والوصول إلى حلول ناجحة في جميع الخدمات التي تهم المواطنين وتلامس حياتهم اليومية؛ تعدُّ من أهم العوامل التي قد تسهم في التخفيف من نسبة الفقر والبطالة باليمن.

مؤكدًا أهمية دعم جهود الدولة في إعادة التعافي وتفعيله عن طريق دعوة شركاء اليمن إلى تخصيص جزء من التعهدات في مشروعات اقتصادية توفر الأعمال للمواطنين، وتحرك مناخ الأعمال التجارية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…