القبائل في اليمــن يشكل رجال القبائل 70-80 ٪ من المجتمع اليمني تاريخيًا
يُوصف اليمن عادة بأنه أحد أكثر البلدان “قبلية” في الشرق الأوسط – إن لم يكن في العالم- و يعكس هذا البيان حقيقة أن الغالبية العظمى من سكان اليمن، على الأقل اسمياً، يعتبرون منتمين إلى جماعة قبلية.
وبالنسبة للكثير من اليمنيين، ترتبط الهوية القبلية ارتباطًا وثيقًا بالهوية الوطنية اليمنية، ومع ذلك، هناك طرق مختلفة تتجلى بها الهوية القبلية في الممارسة، و كونك يمنيًا لا يعني تلقائيًا أنك ستتبع نفس الأعراف القبلية في جميع أنحاء البلاد، أو أن تطبق نفس الأهمية على تلك الهوية قبل كل شيء.”.. جاء ذلك في تقرير “القبائل في اليمن ” – أغسطس 2020، صادرًا عن منظمة تقييم القدرات .
ويقدم التقرير مقدمة عن القبائل اليمنية ومكانتها في المجتمع اليمني، ومدى انتماء الفرد إلى قبيلة والهياكل القبلية التي تحدد جوانب معينة من حياته وسلوكه، و إن فهم كيفية تنظيم القبائل في اليمن أمر أساسي لتجنب المقارنات غير الصحيحة مع سياقات الشرق الأوسط الأخرى.
المجال الإنساني
وقد أشار التقرير، على أن القبائل مهمة للعاملين في المجال الإنساني في اليمن لأنهم يمارسون بعض السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على منطقة جغرافية، ولأنهم أصبحوا أكثر أهمية وتأثيرًا في أجزاء من البلاد حيث مؤسسات الدولة ضعيفة أو غير موجودة _علاوة على ذلك_ يشكل أفراد القبائل غالبية المستفيدين من المشاريع المحلية ومن المرجح أن يكونوا جزءًا من الموظفين المعينين محليًا.
“يشكل رجال القبائل 70 – 80٪ من المجتمع اليمني تاريخيًا، و كان اليمنيون يعتمدون غالبًا على التقاليد القبلية والقانون القبلي لتنظيم الصراع وتوفير الأمن، و الهيكل القبلي والأيديولوجيا والقانون يشكلان ديناميكيات الصراع ويؤثران على العمليات الإنسانية.”، حسب التقرير .
وذكر التقرير، أن المبادئ الإنسانية الأساسية مثل الحياد والنزاهة لها معاني مختلفة في السياق القبلي، ولا يمتد تطبيقها بالضرورة إلى من هم خارج المجموعة القبلية، و أن الشيوخ في وضع جيد لفهم الاحتياجات المحلية وتحديد التدخلات المطلوبة في مجتمعاتهم، و لكنهم أيضًا عرضة لإعطاء الأفضلية لناخبيهم على الآخرين.
كما أوضح التقرير، أنه غالبًا ما يتجاهل الفاعلون القبليون احتياجات المجتمعات الضعيفة التي تنتمي إلى ما يُنظر إليه على أنه فئات اجتماعية أقل، و تعد التقارير التي تفيد بأن المشايخ يحولون توزيع المساعدات بعيدًا عن الأشخاص المستضعفين، وغالبًا أولئك الذين يُعتبرون في قاع النظام الاجتماعي في اليمن، مثل المهمشين، مثالًا مميزًا على قيود المشاركة الإنسانية مع النظام القبلي.
النظام الاجتماعي
” يعمل رجال القبائل اليمنية في الغالب بالزراعة وغالباً ما يكونون من ملاك الأراضي، باعتبارها الفئة الاجتماعية الوحيدة في اليمن المسموح لها بحمل السلاح، و تهيمن على جميع جوانب النشاط السياسي والاقتصادي والثقافي في اليمن.”وفقًا للتقرير .
وحول معرفة القبائل داخل النظام الاجتماعي التقليدي في اليمن، يشير التقرير إلى أن النسيج الاجتماعي اليمني يتميز بدرجة عالية من التقسيم الطبقي، و لا يوجد اتفاق عالمي بين الخبراء حول العدد الدقيق والتقسيمات الفرعية ضمن المجموعات الاجتماعية المختلفة، ومع ذلك فإن التمييز الأساسي والتقليدي بين اليمنيين هو بين الأشخاص الذين يمكنهم حمل السلاح، وبالتالي يكونون قادرين على حماية أنفسهم .
وإن وجود هذه الفروق الاجتماعية داخل المجتمع اليمني ليس دائمًا مرئيًا بسهولة للغرباء، بصرف النظر عن الاختلافات الدقيقة العرضية في اللباس والسلوك التقليدي للناس، و تنعكس الطريقة الرئيسية التي يتم بها فرض هذا النظام الاجتماعي في مؤسسة الزواج، حيث لا يُسمح للمرأة بالزواج من رجل ذي مكانة اجتماعية أدنى منها.
كما أنه لا يزال سائدًا في أنواع الوظائف التي تعتبر مشينة لأفراد طبقات اجتماعية معينة، ـ وبحسب التقرير ـ يعتبر رجال القبائل أنه من المعيب ممارسة بعض الأعمال المعينة مقابل المال، والتي تشمل المهن التقليدية التي وصمها رجال القبائل (الجزار، والختان، والشاعر، والدباغة، وصاحب الحانة، والخادم، إلخ) .. و يشير تعبير “العار الأسود” (الطيب الأسود) إلى حالات القتل المخزية التي تتطلب زيادة في العقوبة (مثل قتل ربيب ضعيف؛ قتل شخص من الخلف؛ إلخ).
وضع المرأة
وأشار التقرير، إلى أن في المناطق الريفية، لا تزال النساء يقمن بما يصل إلى 90٪ من الأعمال الزراعية، و يتسم وضع المرأة في المجتمع اليمني ككل بالدرجة الكبيرة من الفصل بين الجنسين الذي يحدد التفاعلات بين الجنسين، ويصف ما هو مسموح به من السلوك، و على الرغم من أن النساء في المناطق الحضرية أكثر وضوحًا، إلا أنه يوجد في السياق القبلي “تقسيم للعمل” أكثر صرامة بين الرجال والنساء.
وبين التقرير، أن النساء تُستبعد بشكل أساسي من الوظائف الرئيسية للقبيلة والتي تشمل السياسة والنزاع المسلح، و تدور القيم والأيديولوجيا القبلية حول مفاهيم الذكورة التي تكون المرأة خارجها، و إدارة شؤون المنزل، وتعليم الأطفال، والعمل الزراعي الشاق هي بعض المجالات التي تساهم فيها نساء القبيلة.
” أن للهيكل القبلي ثلاث وظائف رئيسية تتمثل في : (أساس الهوية متعددة الطبقات أو المتداخلة لرجال القبائل ـ تنظيم العمل الجماعي للقبائل ـ بناء سلطة المشايخ)، وأن تكريم حماية ما هو ضعيف إحدى السمات المميزة لرجل القبيلة، و الاعتراف من قبل رجال القبائل على أنه قادر على الحماية و غالبًا ما يتم ترميز القدرة على الحماية من خلال الأسلحة، مثل خنجر يمني نموذجي (الجنبية) والبندقية، و أن جوهر ما يجب حمايته يتلخص في ثلاثة عناصر( الأرض والعقارات ـ الدم ـ سلامة المرأة )، وفقًا للتقرير.
قانون العرف القبلي
في اليمن، يُطلق على القانون العرفي القبلي (سيلف، طاغوت، شرع، أو أحيانًا سيننا)، وهو قانون رجال القبائل وينتقل شفهياً من جيل إلى جيل، ويغطي العديد من جوانب الحياة القبلية، بما في ذلك الأعمال التجارية، وقانون السوق، والعلاقات الزوجية، واللوائح البيئية وأنظمة الملكية، وما إلى ذلك .. حسب ما ذكره التقرير .
وإضافة إلى ما ذكره التقرير، غالبًا ما يفضل اليمنيون الوساطة القبلية على نظام المحاكم الرسمي، لأنها أسرع وأكثر فعالية، ويعكس بشكل أفضل ما يراه اليمنيون على أنه الوظيفة الأساسية لحل النزاع، و إن اعتماد الوساطة القبلية مفضل من قبل قانون التحكيم (1992) الذي يعترف بالتحكيم القبلي كبديل للنظام القانوني للدولة، وأن الحوار وثقافة الاعتذار من العناصر الأساسية للثقافة القبلية في حالة النزاع .
وأشار التقرير، إلى أن للوساطة دوراً مهماً في تفضيل التقارب بين الأطراف المتنازعة والحد من تصعيد الصراعات، و في بعض الأحيان تؤدي الوساطة مباشرة إلى حل النزاعات عبر دفع الأطراف المتنازعة للدخول في مفاوضات طوعية أو الخضوع لتحكيم طرف ثالث موثوق به، ولكي تكون المفاوضات فعالة، “يجب قبولها طواعية من قبل الأطراف المتنازعة” .
القبائل اليمنية في سياق الصراع
” أن بسبب حشد المجموعات القبلية من قبل جميع المشاركين في الصراع الحالي، أثر على عملية توازن القوى المحلي، حيث قامت الجهات السياسية المحلية والقوى الإقليمية بتجنيد الجماعات القبلية بالترتيب لمتابعة أهدافهم الفردية، ومع ذلك، غالبًا ما تكون الحالة هي أن القبائل قد انضمت إلى أحد جانبي الصراع ردًا على خصومها التقليديين للانضمام إلى جانب آخر، و بعض القبائل تدعم بنشاط أحد أطراف النزاع، بينما يحاول البعض الآخر البقاء على الحياد، و في كثير من الأحيان تنقسم المجموعات القبلية في ولائها.”.. وذلك حسب ما أشار إليه التقرير .
كما أوضح التقرير :” أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح كان يدرك تأثير القبائل في اليمن عندما تولى السلطة في عام 1978 م، لذا سعى إلى عقد اتفاقيات مع قبيلة سنحان وحاشد، في بداية الثمانينيات، و قام بإنشاء هيئة الشؤون القبلية، وعمل على توسيع نطاقها وهيكلها، و وضعها تحت الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، وأنشأ فروعًا جديدة في كل محافظة؛ و في عام 2005، أحصت الهيئة حوالي 399 شيخًا، منهم ثمانية من كبار الشيوخ، و 69 شيخًا ضامنًا، و 222 شيخًا، و 100 رئيس محلي (مركز الجزيرة للدراسات 2010: 44).
مبينًا، أنه في المحافظات الجنوبية، شكلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاشتراكية مزيج من العوامل التاريخية والجغرافية والسياسية على أرض الواقع، و أن معظم الكيانات القبلية أصغر مقارنة بتلك الموجودة في الأجزاء الشمالية من البلاد، و كانت الدولة الجنوبية ناجحة إلى حد كبير في كبح تأثير القبلية .
” يعدان ” اليافعي في لحج والعولقي في شبوة” اثنان من أهم الاتحادات القبلية في جنوب اليمن، و تتطابق معظم القبائل الجنوبية الأخرى على نطاق واسع مع المناطق التي يعيشون فيها، على سبيل المثال حضرموت أو المهرة أو الضالع .”، حسب تقرير القبائل في اليمن.
81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً
أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …