‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النظام القبلي في اليمن دور القبيلـــة في الصــراع اليمنـــي

دور القبيلـــة في الصــراع اليمنـــي

صوت الأمل – عبدالقوي الشميري

المجتمع

اليمني مجتمع قبليٌّ عشائري منذ القدم، وبلغة بسيطة يمكننا القول: إن القبيلة اليمنية تتكون من مجموعة من الأشخاص يعيشون في نطاق جغرافي محدد، ويجمع بينهم رابط العرق أو النسب، ويبدو ذلك واضحًا من خلال أسماء المنتمين لتلك القبائل التي غالبًا ما ترتبط ألقابهم العائلية باسم القبيلة التي ينتمون إليها. هناك العديد من الدراسات الأنثروبولوجية والاجتماعية تناولت مفهوم القبيلة عمومًا والقبيلة اليمنية خصوصًا، ومعظمها ركزت على عنصر القرابة أو الانحدار من أصل سلالي واحد كتعريف للقبيلة.  وتُعرف القبيلة اليمنية بأنها: مجموعة بشرية متضامنة، تشعر بانتسابها إلى أصل قرابي مشترك، تجمعها ثقافة وأعراف ومصالح مشتركة، تقطن أرضًا محدّدة، غالبًا، وتشكِّـل تنظيمًا اجتماعيًّا، وسياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا واحدًا.

    توكِّد الكثير من المصادر الأنثروبولوجية أن أصول معظم القبائل العربية تنحدر من أصول يمنية، سواء منها القبائل التي هاجرت من اليمن بعد انهيار سد مأرب في عصر الحضارة السبئية القديمة أم التي هاجرت في صدر الإسلام بغرض الجهاد والفتوحات الإسلامية. ويمكننا القول: إن المجتمع اليمني مجتمع قبليٌّ من حيث الأصول والأعراق حتى وإن برزت ملامح المدنية على بعض محافظاته.

    لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد القبائل اليمنية؛ وقد يرجع ذلك إلى غياب التعريف الدقيق لمفهوم القبيلة، فقبائل حضرموت على سبيل المثال تختلف عن قبائل صنعاء، وقبائل تعز تختلف عن قبائل صعدة…  وتشير بعض الدراسات إلى أن القبائل تشكل نحو 85% من تعداد السكان، وأن هناك قرابة 200 قبيلة في اليمن.   

      القبيلة في اليمن قديمة قدم اليمن نفسه، فقد ترسخت في ثقافته ووعيه، وأصبحت بمنزلة منظومة القيم والمبادئ والأفكار التي تحدد نطاق تفكيره وسلوكه، وعن طريقها ينسج علاقته مع الأخرين، ويبني مواقفه حيال الأزمات. وفي تاريخ اليمن الحديث، حافظت القبيلة على مركزيتها في السُلَّم الاجتماعي والسياسي اليمني، إذ إنها تعدُّ أساس البنية الاجتماعية اليمنية، وتؤدي دورًا محوريًّا في الحياة السياسية اليمنية، بل وفي صناعة القرار السياسي اليمني، حيث خُصِّصت بعض المناصب العليا في اليمن لأصحاب الثقل القبلي مما أدَّى إلى إنتاج دولة داخل الدولة. لا يمكن إغفال النفوذ والتأثير القبلي في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخلال الحروب والنزاعات المسلحة يزداد تأثير القبيلة لتصبح مصدرًا للسلم والمصالحة، أو أداة للعنف بيد هذا الطرف أو ذاك.

     ومع الصورة النمطية التي ارتبطت بها القبيلة اليمنية، بالنظر إليها على أنها المسبب الرئيس لتعدد الأزمات والفشل في البلاد، وأنها تسير بعكس التقدم والحداثة، إلا أنها ارتبطت أيضًا بصور إيجابية تتمثل بإيجاد حلول وإنهاء قضايا اجتماعية شائكة وأزمات سياسية معقدة. 

     أحدث الصراع الحالي شرخًا كبيرًا في وضع القبيلة في اليمن، فخلخل بنيتها وقلل من مكانتها، فلجأت إلى أطراف الصراع لتأمين أمنها وحفاظًا على مكتسباتها، وبذلك أصبحت منخرطة في الصراع انخراطًا مباشرًا أو غير مباشر.

تظل القبيلة في اليمن هي المشكلة وهي الحل في آنٍ واحد، وهي مؤثر ومتأثر، فبعض مشكلات اليمن السياسية والاقتصادية والاجتماعية سببها القبيلة، وفي الوقت نفسه هناك الكثير من الصراعات السياسية والعسكرية أُخمدت عن طريق القبيلة. 

الصراع الدائر في اليمن منذ سبع سنوات أكبر من قدرة القبائل على تجاوزه، بيد أن إشراك زعماء القبائل في مفاوضات السلام القادمة إشراكًا مباشرًا أو غير مباشر أمر لا مناص منه.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً

أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …