‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة البطالة في اليمن معاناة المرأة من البطالة: انتشار البطالة بين الشباب يٌجبر المرأة على الخروج الى سوق العمل

معاناة المرأة من البطالة: انتشار البطالة بين الشباب يٌجبر المرأة على الخروج الى سوق العمل

صوت الأمل – علياء محمد ومنال أمين

     “المرأة هي الحلقة الأضعف في المجتمع ” بهذه العبارة تبدأ أم نرمين (34 عامًا من مدينة تعز) بسرد معاناتها الكبيرة مع زوجها الذي أصبح عاطلًا عن العمل منذ ست سنوات، بعدما كان يعمل في إحدى الشركات الخاصة التي أُغلِقت أبوابها بسبب الأوضاع السائدة في البلاد.

    وتحكي أم نرمين مأساتها المتمثلة في تلقيها إهانات كثيرة من زوجها يوميًّا، وتعرُّضها لانتقادات كثيرة وتذمّر منه، وتقصير في مسئولياته الطبيعية تجاه منزله وأولاده الأربعة وصولًا إلى مرحلة الضرب.

   وحول معرفة من العائل حاليًّا في منزلها تقول: “منذ سنوات قمت ببيع ما تبقَّى لي من ذهب ومقتنيات ثمينة، وحاليًّا يقوم أخي بإعطائي مبلغًا كل شهر من السعودية لأنفق على أولادي”.

 استمرار تدهور الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي في اليمن خلال الست سنوات الماضية، أفضى إلى بروز العديد من الظواهر السلبية التي زادت فيها معاناة المرأة كونها المتضرر الرئيس من تلك الظواهر.

    كشفت أحلام محمد أسباب انفصالها عن زوجها الذي كان عاطلًا عن العمل ولا يقبل أيَّ وظيفة تُعرض عليه ويشترط لقبولها شروطًا عديدة بحجة أنها لا تناسبه، الأمر الذي زاد من مشكلاتهم الأسرية بسبب مكوثه فترات طويلة في المنزل وعدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية والأساسية للمنزل، وحينها قررت الانفصال عنه.

اكتساب سلوكيات غير أخلاقية

     جلال المذحجي (دكتور في علم الاجتماع) يوكِّد أنَّ البطالة سبب رئيس في زيادة المشكلات والخلافات الأسرية، التي تؤدي إلى كراهية الزوجة لزوجها العاطل عن العمل، وتجعلها تنظر إليه نظرة انتقاص كونه رجلًا عديم الفائدة، غير قادر على القيام بمسؤولياته نحو عائلته، الأمر الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى الطلاق واكتساب سلوكيات غير أخلاقية.

    وأردف قائلًا: “إنَّ ما نلاحظه من زيادة في انتشار السرقات والنهب والنصب والاختلاس وحالات الشحاذة وغيرها من الظواهر السلبية نتيجة لفقدان المكانة الاجتماعية للفرد، هذا الوضع يولِّد شعور الحقد والعدوانية لدى العاطل عن العمل ضد محيطه ومجتمعه، ويدفع به إلى ممارسة العنف ضد زوجته وأفراد أسرته، وضد المجتمع عامة، في محاولة منه لتخفيف وتفريغ الألم الذي حلَّ به، الأمر الذي يدفع الكثيرين منهم للهجرة القسرية للبحث عن عمل، وهذا ما يزيد من معاناة كثير من الأسر اليمنية”.

  وأشار المذحجي الى أن البطالة تسببت في ارتفاع معدل الشباب العازفين عن الزواج بسبب عدم قدرتهم على توفير متطلبات الزواج ومسؤولياته خصوصًا في ظلِّ ما نمر به من أوضاع اقتصادية خانقة أثرت تأثيرًا سلبيًّا في المجتمع.

رضوخ المرأة

   تأثرت الكثير من النساء جرَّاء الأوضاع الاقتصادية والأمنية والمعيشية الصعبة التي أدَّت إلى مكوث أغلب الرجال في منازلهم بسبب إغلاق أغلب الشركات الخاصة والمؤسسات والمحلات، الأمر الذي أجبر الكثير منهن على البحث عن عمل، لذا أصبحت كثير من الأسواق والمطاعم مكتظةً بالنساء العاملات في المحلات التجارية والبسطات.

   “تعلمتُ الخياطة ولم أكن أعلم أنها ستكون سبب تعاستي” هكذا وصفت (د. ح .ص) معاناتها مع زوجها العاطل عن العمل الذي زاد اتِّكاله أكثر بعد ما تعلمت زوجته خياطة الملابس، وبدأت العمل  بهذا المجال .

   تقول: “أصبح زوجي يعتمد اعتمادًا رئيسًا على ما أجنيه من مال من خياطة الملابس، التي أصبحت الآن مصدر دخلي الوحيد لأنفق على أسرتي وزوجي كذلك، وعندما أرفض إعطاءه المال يبدأ بتعنيفي وتهددي بأن يحطِّم ماكينة الخياطة، وهذا ما يجبرني على الرضوخ له لتجنُّب تحطيمها لأنها المصدر الوحيد لإعالة أولادي”.

     من جانبها تقول أم فاطمة: “إنّها اضطرت إلى العمل بعدما عانت كثيرًا من أولادها الشباب الثلاثة العاطلين عن العمل، فبعدما كانوا يعملون في مجال الحراسة في إحدى الشراكات الخاصة أصبحوا بالمنزل من دون عمل وذلك لظهور جائحة كورونا التي أُغلِقت الشركة بسببها”.

      أم فاطمة من لحج تعاني الأمرين من أولادها الذين لا يملكون إلا شهادة الثانوية العامة، في ظل غياب والدهم الذي توفي قبل ست سنوات. فما بين تلبية طلبات المنزل وطلباتهم التي لا تنتهي اضطرت إلى أن تعمل منظفة في أحد المعاهد.

     هناك من النساء من كافحت وتحدَّت الصعوبات، تقول أم خالد 42 عامًا: “إنّها باعت كلَّ ذهبها لفتح مشروعها الخاص المتمثل في بيع المأكولات الجاهزة من بيتها عبر وسائل التواصل، وعملت على استقطاب عملاء كثر، كما لجأت إلى التنسيق مع بعض المطاعم لعرض بضاعتها التي اشتهرت بها في مدينة عدن، وذلك لتلبي الاحتياجات الأساسية لمعيشة أطفالها وزوجها العاطل عن العمل”.

تطور المعاناة النفسية

    الدكتورة رانيا خالد (اختصاصية مجتمعية ودعم نفسي اجتماعي) تقول: “إن البطالة أثرت في النساء تأثيرًا كبيرًا بخاصة في الجانب النفسي وقد ينعكس هذا التأثير على الأسرة عمومًا. ناهيك من الآثار الاجتماعية التي قد تؤدي إلى ازدياد نسبة الطلاق في المجتمع خصوصًا مع ازدياد نسبة البطالة وارتفاع الأسعار”.

    وأضافت: “قد تتطور المعاناة النفسية عند المرأة جرَّاء البطالة والضغط الذي يُمارس عليها من مختلف الجوانب فتعرضها إلى الإصابة بمرض نفسي مثل الاكتئاب الحاد وعدم الرغبة في التواصل مع المحيط من حولها”.

 ” ولأنَّ المرأة هي الزوجة والأم والابنة تكون تحت رعاية عائل الأسرة، فإذا كان العائل لا يمتلك أيَّ دخل تزداد حالة الفقر والمرض والمشكلات التي بدورها تنعكس بصورة نفسية سيئة عليها”. هذا ما أكَّدته الدكتورة رانيا.

حلول مقترحة

     وحول كيفية التخفيف من عملية الضغط على النساء، تقول الدكتورة رانيا: “من الضروري أن تعمل الجهات المعنية كافة على القضاء على السبب المؤدِّي إلى قلة العمل، والسعي لخلق فرص عمل للشباب والمُعيل عمومًا من أجل ان يختفي الأثر السلبي الناتج عن البطالة، ويخف الضغط على النساء بدرجة رئيسة. من جانب آخر ينبغي العمل على دعم المشاريع الصغيرة التي تقوم بها المرأة لتطوير مشروعها وتحسين دخلها عمومًا”.

” المرأة اليمنية هي جزءٌ من وجع هذا البلد الذي لم ينتهِ إلى الآن، فقد تحملت الكثير من المعاناة بسبب استمرار الصراع وأزمة جائحة كورونا، وباتت هي المعيل الأول في كثير من الأسر اليمنية وتتحمل مسؤولية الإنفاق، حيث اضطرت إلى الخروج إلى العمل ولو بأقل أجر لدفع شبح الجوع والاحتياج عن أُسرتها”. هذا ما أكَّدته الصحفية أماني العسيري.

   وتشدد العيسري على ضرورة العمل على دعم المرأة نفسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا بخاصة تلك التي تتعرض إلى اضطهاد من أسرتها ومعاناة اقتصادية؛ فتخرج  إلى العمل في ظروف وبيئة عمل غير مناسبة، وترى انه يجب على الدولة تفعيل القانونين الدولية الخاصة بمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.

    وقد أوضح مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن عبر حسابة في توتير 2020م أن هناك ازديادًا ملحوظًا في العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، تزامنًا مع انتشار وباء كورونا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن

   أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…