المحاكم التجارية ودورها في التأثير على الوضع الاقتصادي: تقليد الاسم التجاري، السطو على العلامة التجارية، قضايا البنوك، أبرز قضايا التجار في المحاكم
صوت الأمل – منال أمين
التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال الفترة الراهنة أسهمت في تحرك سريع لرؤوس الأموال في مختلف المجالات بطريقة غير مسبوقة، وازدادت عدد النزاعات والمشكلات بين التجار والمستثمرين، فكان لابد من اللجوء إلى القضاء الذي يعمل على تنفيذ القانون في فضِّ كل النزاعات، مع ما يعانيه القضاء من صعوبات.
تعاني السلطة القضائية في هذه المرحلة الكثير من المشكلات والتحديات في مختلف المحافظات اليمنية. قامت صحيفة “صوت الأمل” بالنزول الميداني إلى المحاكم التجارية في مدينة عدن ــ التي تعاني من إضراب شامل في مكاتب القضاء والنيابات العامة منذ شهورـ ومحاولة التواصل مع الجهات المعنية للحصول على أي معلومات أو إحصائيات حول إجمالي الدعاوي المقيدة في المحاكم التجارية خلال الفترة الماضية وإلى الآن، وأبرز القضايا التجارية المنظورة أمام المحاكم التجارية، ولكن لم يتجاوب معنا أحد.
بيئة آمنة
الوضع العام الذي تعاني منه السلطة القضائية من تدخلات غير قانونية في سير أعمالها في كل الدوائر والمحاكم أدَّى إلى زعزعة ثقة المجتمع بدور القضاء وأهميته وتطبيقه للقانون.
عضو مجلس القضاء الاعلى، رئيس محكمة الاستئناف في مدينة عدن القاضي فهيم الحضرمي يقول: “إن القضاء عمومًا في بلادنا لابد أن يعمل في بيئة آمنة تعطي الحماية لمنتسبي السلك القضائي من أي تدخلات في أعمالهم.
وحول أهمية تطبيق القانون في النزاعات التجارية، أوضح الحضرمي: “أنه بسبب استمرار الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد حاليًّا والوضع غير المستقر للسلطة القضائية خصوصًا ازدادت أعداد القضايا المتعلقة بالنزاعات التجارية في المحاكم وعلّقت الكثير من القضايا غير المنظور فيها وتوقفت أغلب مصالح المواطنين, ولمعالجة هذا الأمر وجب إعادة هيبة السلطة القضائية أولًا وتعاون الجميع لإيقاف التدخل في شؤون القضاء واحترام استقلاليته, وإذا أرادت الدولة والمجتمع تحقيق التنمية لابد من قضاء نزيه وقوي ومستقل يعطي المستثمرين والتجار الراحة في تنفيذ مشاريعهم وكذا إعطاؤهم حقوقهم القانونية بمقتضى أحكام قضائية تبعث على الثقة في سيادة القانون.
وزارة الصناعة
يعدُّ القضاء التجاري من الركائز الأساسية التي تعمل على حماية رؤوس الأموال قانونيًّا من أي تحديات أو نزاعات في أثناء تنفيذ المشاريع التي تسهم إسهامًا كبيرًا في تنمية الاقتصاد الوطني، وتعزز بيئة الاستثمار والتنمية في البلد.
“وزارة الصناعة والتجارة لها دور أساس في عملية الإشراف على النشاط التجاري بما في ذلك الأسواق الداخلية؛ بهدف حماية المستهلك من الغش والتزوير عن طريق الرقابة على البضائع من حيث الجودة والنوعية ومطابقتها للمواصفات والمقاييس المعتمدة، وأي قضايا ترفع في هذا الجانب فإن الوزارة هي الجهة المعنية بمتابعتها مع الجهات المختصة”. هذا ما أكَّده راشد حازب (مدير عام العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصناعة والتجارة- مدير عام مكتب نائب الوزير).
وحول دور الجهات المختصة في مواجهة مشكلة الغش التجاري أوضح قائلًا: “إن السلع المقلدة والمغشوشة ظاهرة تعاني منها دول العالم كافة, والوزارة تقوم بواجبها في هذا الجانب وفقًا لما نص عليه القانون رقم (20) لعام 2003م بشأن الأسماء التجارية والقانون رقم (23) لعام 2010م بشأن العلامات التجارية، بالإضافة إلى أن مهام الوزارة هي استلام البلاغات من المستهلك, والشكاوى من التجار, لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المستهلك والتجار (مالك العلامة التجارية), وفي أغلب الأوقات تحال الكثير من القضايا التجارية إلى المحكمة التجارية للنظر فيها .
تسريع مستوى إنجاز القضايا التجارية وتقليص مدتها، وتحسين أداء الخدمات القضائية المتخصصة وتطويرها هذا ما يرجوه حازب من المحاكم، حيث يشير إلى: “أن حلَّ النزاعات التجارية يحدث ــ في أغلب الأحيان ـ عبر وسائل وحلول وديَّة وتحكيم، ولكن متى ما استنفدت هذه الوسائل يتم اللجوء إلى القضاء كونه الجهة المختصة ــ وتحديدًا المحكمة التجاريةــ لفضِّ النزاع. والقضاء أسهم في حلِّ العديد من القضايا التجارية، ولكن كثيرًا من التجار في الوقت الحالي يشكون من إطالة فترة القضية في المحكمة، مما ترتب على ذلك إضاعة الوقت والجهد”.
وبيَّن: “أن أغلب القضايا التجارية الموجودة في المحاكم تتعلق بتقليد الاسم التجاري أو السطو على العلامة التجارية أو الغش الذي له أضرار اقتصادية كبيرة، منها ما يضر بالسلع الوطنية المنتجة محليًّا عن طريق ظهور سلع رخيصة الثمن في الأسواق ــ التي تعد غير مطابقة للمواصفات ــ تحدُّ من قدرة المنتج الوطني على المنافسة, ومنها ما يتعلق بصحة المواطن, حيث إن السلع المقلدة دائمًا ما تكون غير مطابقة للشروط الصحية, كما أنَّ عملية إتلافها تعدُّ بحد ذاتها خسارة على الاقتصاد الوطني, حيث إنها اشُتريت بعملات صعبة لم يستفد منها المجتمع”.
أهمية المحاكم التجارية
“إن أهمية إنشاء محاكم تجارية متخصصة تظهر عن طريق الأهمية التي يمثلها القضاء عمومًا كونه الأداة الأساسية التي يتحقق بها العدل الذي هو أساس الحكم”، جاء ذلك في ورقة العمل المقدمة في المؤتمر (17) لرؤساء إدارات التشريع بالدول العربية في مقر المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، بيروت ـ 2018م، بعنوان “القضاء المتخصص ودوره في تشجيع الاستثمار”.
كما ركزت الورقة على أهمية المحاكم التجارية المتخصصة التي تفرضها أيضًا المصلحةُ العامة المتمثلة في متطلبات التنمية التي تتجلى أهميتها بوضوح في دعم التنمية وتشجيع الاستثمار. وللمحاكم التجارية المتخصصة مميزات عديدة تمثلت في: سرعة الفصل في القضايا، الإسهام في دعم التنمية الاقتصادية، تخفيف العبء عن كاهل المحاكم العادية.
استقرار الاقتصاد
وللمحاكم التجارية أهمية في استقرار الاقتصاد الوطني، تعمل على استقرار المعاملات التجارية التي تسهم في تطوير الأوضاع الاقتصادية والتنموية والفصل في القضايا ذات الطابع التجاري وفقًا للقانون التجاري والقوانين المتعلقة بالأمر، هذا ما استعرضه قاضٍ لم يشأ ذكر اسمه لدواعٍ أمنية ـ حسب وصفه.
كما أوضح: ” أهم القضايا التي تتحكم فيها المحاكم التجارية في اليمن تتمثل في: قضايا معاملات البنوك، الحسابات التجارية، محالات الصرافة، الوكالة بالعمولة، الشركات التجارية، المرهون التجاري، قضايا التأمين بأنواعه المختلفة، قضايا النقل برًّا وبحرًا وجوًّا، القضايا المتعلقة بوكالات الأعمال ومكاتب السياحة والتصدير والاستيراد، قضايا المصانع والمقاولات والتصنيع، وقضايا الإقراض والاستقراض, كما أن هناك قضايا أُصدِرت فيها أحكام شملت: قضايا البنوك والشركات التجارية والمقاولات وقضايا متعلقة بالتوريد والتصدير”.
تقول رقية الزهري (المستشارة القانونية): “للمحاكم التجارية دور كبير ومهم في استقرار البلد أمنيًّا واقتصاديًّا وتنمويًّا، فمتى ما وُجِدت محاكم قوية تحافظ على رؤوس الأموال أنعكس ذلك على الوضع الاقتصادي والاستثماري في البلد، لما يمثله القضاء التجاري من أهمية بالغة في حماية وصيانة الحقوق والثروات والأموال للتجار والمستثمرين في البلد”.
وأشارت إلى: “أن أفضل الضمانات القانونية لحماية التجار والمستثمرين هي توفير قضاء متخصص وسريع لحل المنازعات وحماية الحقوق وتحقيق عدالة حقيقة وفعالة تسهم في دعم التنمية الاقتصادية، ومواجهة كل الصعوبات التي يعاني منها البلد في مختلف المجالات.
66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…