وسائــــــــــــــــل الإعـــــــــــــــــــــلام وتأثيرها على الطفل
صوت الأمل – علياءمحمد
يقضي أطفالنا ساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون للبحث عما يثير دهشتهم وإعجابهم، ويجدون أنفسهم بين عدد كبير من القنوات المتخصصة وغير المتخصصة التي تمثل نقطة جذب لديهم، بغض النظر عن النوع والسن.
وفقً لدراسة ميدانية نفذت في عام 2005م للباحث وديع محمد العززي حول تأثر الأطفال اليمنيين بالعنف التلفزيوني فإن (51%) من عينة الدراسة، منهم (60%) ذكور و(43%) إناث، قد تأثروا بـ(العنف التلفزيوني) نفسياً وسلوكياً.
وبحسب إجابات الأطفال، فإن (63%) منهم معجب بالرسوم المتحركة التي تحتوي على قتال ومعارك، وتصل نسبة الإعجاب بمشاهدة أفلام الرعب بين (53%) و(39%)، حيث يقومون بتقليد الحركات القتالية التي يؤديها أبطال الرسوم المتحركة. وتذكر الدراسة أيضاً أن المتوسط العام لمعدل المشاهدة لدى الأطفال قد بلغ ساعة وخمسة وأربعين دقيقة يوميًا.
مضامين ومحتويات ضعيفة
يقول أحمد مسعود – إعلامي -: “إن وسائل إعلام الطفل تتلاشى يوماً بعد آخر، ويبدو أنها ستنقرض مع الأيام، وما تبقى منها إلى اليوم يؤثر سلبيا على الأطفال أكثر من تأثيره الإيجابي نتيجة ندرة المحتوى العربي والمحلي الهادف والمفيد”. ويضيف “أن ما تقدمه وسائل إعلامنا العربية الموجهة للأطفال محتويات ضعيفة ومستنسخة لا تخلو من مشاهد العنف والرعب، ولا تلبي حاجات أطفالنا”.
وفي نفس السياق توضح بتول القادري – ربة منزل- سبب عدم سماحها لأطفالها بمتابعة التلفزيون بمفردهم قائلة: “بالنسبة لي، من المستحيل أن أسمح لطفلي بمتابعة التلفاز بمفرده لعدة أسباب، أهمها أن المحتوى غير مناسب تماماً، وجميع ما تقدمه القنوات من محتويات غير هادف، ولا تلبي متطلبات الطفل من التعليم والترفيه كما كنا نجدها سابقا، ولم يعد هناك مكان للقيم والأخلاق في هذه المضامين”، وتشدد بتول على أهمية الرقابة الأسرية لكل ما يشاهده الأطفال.
التواصل الاجتماعي ملاذ للأطفال
يرى منير الحاج- مدير برامج للأطفال- أنه لم يعد لوسائل الإعلام تأثير خطر كما كان من قبل؛ فقد حلت بدلاً عنه أجهزة الهاتف التي من خلالها يعيش الطفل منعزلاً عن بيته وأسرته وتخلق جواً عائلياً في فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي عوضاً عن الواقع.
وأضاف أن ما تنتجه تلك القنوات من برامجَ ومسلسلات خاصة بالأطفال لم تعد تحمل طابع الترفيه والتعليم الحقيقي؛ بل تجاوزت الحد فنشرت الثقافة السطحية وأدخلت مفاهيم دينية وصراعات خفية، الأمر الذي جعلها منظومة خطر يحدق بالأطفال في المنازل. مبيناً أن المفاهيم الخاطئة وصور العنف التي تنشأ في أذهان الأطفال تجعلهم يحملون سلوك العنف وروح التمرد؛ لذا يجب علينا متابعة الأطفال باستمرار كي لا يكونوا فريسة سهلة”.
ويوافقه الرأي غسان حيدر – بكالوريوس إعلام – قائلاً: ” ثورة الاتصال وتكنولوجيا المعلومات أنتجت وسائل إعلام متعددة تكاد تطغى على وسائل الإعلام التقليدية، لذا يجب أن يعاد النظر في اختيار الوسائل المناسبة للأطفال بإضافة منصات التواصل – لا سيما اليوتيوب – الي أصبحت ملاذاً للأطفال وتساهم بشكل كبير في تكوين شخصياتهم.
تأثير وسائل الاعلام على الطفل
وتبدي زينب الشهاري – إعلامية- رأيها مؤكدة أن وسائل الإعلام أثرت بشكل كبير في فسيولوجية الطفل بشكل عام، وأغلبها لا تساهم بالوصول إلى كل ما يطمح إليه الأب والأم في تربية الأطفال وتطويرهم، وهذا ما نراها دائماً، فعلى سبيل المثال تقدم بعض القنوات رسالة للطفل عن الغناء الفاحش وهذا ينتج تصادماً مع الواقع المعاش، ويوهمه باختلافه عن الآخرين مما يؤثر في نفسيته.
وحول حضور برامج للأطفال على الساحة الإعلامية تقول سلوى كحلاني: “لا توجد مساحة كافية في القنوات لبث برامج الأطفال، وكل ما مقلد وتقليدي ولا يناسب ظروف الأطفال وبيئتهم”، مضيفة: “نحن نفتقد لقنوات محلية تختص بالطفل وتعليمه”.
ويقول البدر الحاضري – بكالوريوس إعلام-: “هناك تأثير مباشر على سلوك الأطفال بسبب وسائل الإعلام فهم في عمر التكوين، وكل ما يشاهدونه يقومون بتقليده في حالة غياب الرقابة الابوية”.
ويؤكد الحاضري على أنه يجب وضع خطط إعلامية عربية تناسب ثقافتنا وموروثنا الحضاري، وينبغي أيضا محاولة منع عرض البرامج الواقعية التي لا ترتبط بقيم المجتمع وثقافته.
ومن جهته يقول أديب محمد إعلامي: “يُمكن أن يُؤثر الإعلام على الأطفال بصورة كبيرة جدًا، ويُسهم في زرع الأفكار المختلفة والخاطئة أحياناً في وعي الطفل، هذا التأثير قد يكون إيجابيًا أو سلبياً؛ لهذا يجب التحكّم به قدر الإمكان، وإتاحة الفرصة للطفل كي يأخذ أقصى استفادة من وسائل الإعلام، دون أن يُؤثر هذا على قدراته الأخرى كالتخيّل واللعب الحر والاندماج الاجتماعي، لا سيما أنّ جلوس الطفل لساعاتٍ طويلة أمام شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة قد يصنع عنده فجوة في التعامل مع محيطه.
غياب الإنتاج المحلي
يعدد أحمد عبده غالب- مقدم برامج في إذاعة محلية- المعوقات الموجودة في وسائل الإعلام المحلية، فيقول : ” إن غياب برامج الاطفال وعدم وجود مساحة كافية لبثها في وسائل الإعلام اليمنية، وعدم وجود شركات إنتاج تهتم بإنتاج برامج خاصة بالأطفال، وكذا الاعتماد كلياً على مواد معلبة وجاهزة ليس لها أي صلة بالمجتمع العربي، كل هذا يؤثر بشكل سلبي على عقلية الطفل”. ويضيف: “إن شركات الإنتاج تعتمد على الإعلانات بشكل كبير جدا، وكما نعرف أن جميع من يقومون بالتسويق لمنتجاتهم يختارون الإعلان عنها في برامج لا تستهدف فئة الأطفال، وهذا ما دفع بعدد كبير من شركات الإنتاج الركض وراء إنتاج المسلسلات والبرامج الترفيهية الخاصة بالكبار غاضين الطرف عن برامج الأطفال.
سلاح ذو حدين
يقول عيسى رمضاني – مشرف نفسي متخصص في مجال الألعاب والبرامج السلوكية للأطفال-: “هناك تأثيرات على المستوى النفسي والعصبي بالنسبة للأطفال بسبب بعض المحتويات التي تُعرض على وسائل الإعلام، وهي تقوم بعملية تغيير لسلوكيات الأطفال وتجعلهم عدائيين وتزيد من فرط الحركة لديهم، بالإضافة إلى زيادة المشاكل اللغوية”. ويؤكد رمضاني على أن وسائل الإعلام سلاح ذو حدين منها الإيجابي ومنها السلبي؛ لذا لا بد من وجود رقابة أسرية على ما يقدم في اوسائل الإعلامية من محتويات يتأثر بها الأطفال كثيراً لأنهم في مرحلة تكُّون شخصياتهم.
مراقبة وتقنين
ترى أمل جابر – صحفية وكاتبة- أن لوسائل الإعلام تأثير كبير على الطفل كونه يمثل بيئة خصبة لبناء الأفكار وزراعة التصورات الذهنية المستقبلية؛ فهي تعمل على تكوين فكره وإعمال خياله بصورة تتناسب مع هدفها ورؤيتها. وتضيف قائلةً: “في الوقت الحالي، الذي أصبح الطفل فيه يقضي معظم وقته على وسائل الإعلام المختلفة أكثر من قضائه وقته مع العائلة والأصدقاء، بات من الضروري تقنين ومراقبة ذلك”، مشيرة إلى أن الطفل يبنى تصوراته وآراءه ونظرته للناس من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام التي لا تسلم من تقديم ما يتعارض مع الفكر المجتمعي والبناء الفكري للطفل، فيمكن لوسائل الإعلام أن تخلق طفلاً عنيفاً أو مراوغاً أو ماكراً من خلال ما تقدمه من شخصيات تتبع الحيلة والعنف حتى في الدفاع عن الحق، وعلى العكس يمكن لها أن تخلق طفلاً فاعلا وأن تكون داعماً مهما في التعلم والانفتاح على العالم، أي أن لوسائل الإعلام شقين: سلبي وإيجابي يرتبط تأثيرهما بما نختاره للطفل من مضامين.
89% يؤكدون استمرار أثر الصراع على صحة الأطفال ونفسياتهم
أكد (89%) من المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية أن صحة الأطفال ونفسياتهم قد تأثر…