‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الأطفال في اليمن طب الأطفال في اليمن: الواقع المؤلم والطموح المشروع

طب الأطفال في اليمن: الواقع المؤلم والطموح المشروع

صوت الأمل – منال أمين

“قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عدد الأطفال الذين سيعانون من سوء التغذية الحاد عام 2021 بنحو (10,4) مليون طفل في الكونغو الديمقراطية وشمال نيجيريا ومنطقة وسط الساحل وجنوب السودان واليمن “، هذا ما جاء في تقرير صادرٍ عن المنظمة في الـ30 من كانون الأول/ ديسمبر 2020.

  وأوضح تقرير المنظمة أن أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة في جميع أنحاء اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم حوالي (358) ألفَ طفلٍ يعانون من سوء تغذية وخيم  وهو رقم مرشح للارتفاع.

الواقع والطموح

    طب الأطفال في اليمن هو تخصص طبي حديث يهتم  بالرعاية الصحية للأطفال من الناحية النفسية والبدنية, ويساهم في معالجة الكثير من الأمراض التي يعاني منها الأطفال خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

   “ظهرت الكثير من الأمراض لدى الأطفال خلال السنوات القليلة الماضية لأسباب كثيرة تلخصت في تدهور الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد من مختلف الجوانب الاقتصادية والصحية والامنية، بالإضافة إلى انتشار الفقر بين أوساط المجتمع, وعملية النزوح المستمرة التي ساهمت بدورها في انتشار الأمراض والإعاقات بين الأطفال”، هذا ما أكده المختصون من أطباء الأطفال في اليمن.

مؤشر سوء التغذية إلى الأسوإ

    يقول البروفيسور مازن جواس -استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة وأستاذ مشارك طب الأطفال في كلية الطب، جامعة حضرموت- لـ(صوت الأمل): “إن مؤشر سوء التغذية في اليمن – للأسف- قد اتجه منذ أكثر من ست سنوات إلى وضع سيءٍ – حسب تقارير دولية، وحسب ما نلاحظه على أرض الواقع أيضاًـ وذلك مع استمرار الصراع في مختلف المحافظات اليمنية الذي ساهم ـ بشكل سلبي ـ في ارتفاع نسبة المجاعة في اليمن وحالات الوفيات نتيجة لانعدام المواد الغذائية الأساسية كالألبان لا سيما للأطفال؛ فقد أصبحت أغلب الأسر الفقيرة في مختلف المحافظات اليمنية غير قادرة على شراء المواد الغذائية الأساسية لأبنائها”.

   وأضاف: “إن الصراع قد أثر بشكل قوي على الحالة النفسية للأطفال من مختلف الأعمار؛ حيث إن عدم الاستقرار الذي تعيشه البلاد انعكس على ضعف دخل الأسرة, ودفع بعضهم إلى النزوح من منطقة إلى أخرى, الأمر الذي فاقم من المشاكل التي يعاني منها الطفل المتمثلة في سوء التغذية وعدم توفر الغذاء والدواء اللازم، سواء للأم الحامل أو للطفل, مما فاقم من سوء حالتهم الصحية, وانتشار الكثير من الأمراض بينهم.

   وحول الحالة النفسية للأطفال وكيفية الوقاية منها يشير البروفيسورإلى أنه ليس من السهل معالجة الآثار النفسية التي تسببها الأوضاع العامة في اليمن للأطفال في فترة وجيزة, بل إنها تحتاج إلى خطط علاجية نفسية متواصلة تساهم في التخفيف من حدة العامل النفسي على الطفل الذي أثر عليه بشكل سلبي, لاسيما على صحته، من خلال توفير الغذاء والدواء والبيئة المناسبة للعيش بصحة أفضل.

  تقول أم أديب أحمد – من عدن- إن لديها ثلاثة أولاد، وهي منذ أنجبت ابنها الأول البالغ من العمر حالياً (11) عاماً تذهب به إلى طبيبة مختصة بالأطفال لتفقد حالته الصحية في كل مرحلة يعاني من أي عوارض مرضية، ومازالت إلى الآن تذهب إلى نفس الطبيبة لثقتها القوية بها لما تصرفه من أدوية مناسبة لأولادها.

 وتؤكد: “إن في كل مرة يتم تشخيص حالة ابني, و بعد إجراء الفحوصات اللازمة, تقوم الطبيبة بإعطائي وصفة طبية تجعله يتعافى بعد تناول العلاج مباشرة”.

أمراض ظهرت مؤخراً

  “إن أكثر الأمراض انتشارا بين الأطفال في اليمن خاصة خلال الفترات الماضية, تمثلت في: الأمراض المعدية, السرطانات, الاضطرابات السلوكية, الصرعBehavioral childhood disorders, سوء التغذية, الملاريا، حمى الضنك” هذا ما أكدته الدكتورة إيمان باوزير طبيبة أطفال (أعصاب أطفال وصرع) في عدن.

 وأضافت: “هناك أمراض كثيرة ظهرت في الآونة الاخيرة, لم تكن موجودة منذ سنوات عدة ساهمت بشكل كبير في انتشار الأمراض بين أطفال اليمن, من أهمها سوء التغذية الذي أضعف مناعة الأطفال بسبب غلاء المعيشة وعدم قدرة الأهل على شراء العلاج خاصة الأطفال النازحون”.

    وقالت د.إيمان باوزير لـ(صوت الامل): “بالنسبة للأمراض غير المعدية، مثل التوحد والصرع والاضطرابات السلوكية, فقد انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة بسبب عدم اهتمام الأمهات لصحتهن في بداية حملهن, بالإضافة إلى كثرة استخدام الالكترونيات التي تسببت في إضعاف التركيز العقلي لدى الاطفال في سن مبكر, وعدم وجود الأدوية المناسبة لبعض الحالات نتيجة المعوقات في عملية الاستيراد، كما انتشرت أيضا أنواع من السرطانات بين الأطفال لم تكن موجودة بكثرة منذ سنوات بسبب المأكولات غير الصحية التي انتشرت مؤخراً في ظل عدم وجود رقابة صحية على تلك المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة وملونات غير مصرح بها”. وترجح الدكتورة باوزير أسباب انتشار الأمراض بين الأطفال في هذه المرحلة إلى قلة وعي الأهالي بأهمية التطعيم في المراحل الأولى من عمر الطفل, لا سيما في هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها البلاد, وهو أمر ساهم في ضعف مناعتهم وإصابتهم بالأوبئة التي لم تكن موجدوة منذ سنوات كثيرة كالدفتيريا والكوليرا، وتتمنى من الأهالي الاهتمام أكثر لأطفالهم من خلال توفير التغذية الصحية والسليمة المتمثلة بكثير من الخضار والفواكه, وكذا المحافظة على النظافة الدائمة, والتطعيم, والمتابعة الدورية عند طبيب الأطفال في أقرب مجمع صحي, والابتعاد عن الالكترونيات على الأقل في السنوات الثلاث الاولى من العمر.

قتل المناعة

تقيِّم أم وليد حال طب الأطفال في اليمن بأنه “فاشل” أو شبه منعدم؛ لأن كثير من الأطباء – حسب قولها – يصف للطفل المريض مضاداً حيوياً دون معالجة الضرر الحقيقي, وبذا يتسببون في القضاء على مناعة الطفل منذ الصغر.

وتوافقها الرأي صفية نعمان مضيفةً: إن طب الأطفال في اليمن لم يخدم الأم ولا الطفل بالشكل المطلوب؛ حيث يتطلب من أم الطفل عمل أجهزة وكشوفات  تكون – في الغالب – ليس لها أي داعٍ, وإنما فقط لمجرد الربح على حساب صحة الطفل.

سلوكيات خاطئة

   إيمان عمر هاشم – المدير التنفيذي لمؤسسة رموز التنموية للصم وذوي الاحتياجات في عدن- تقول: “إن أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال في تزايد مستمر منذ أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي يؤكد أن الصراع المستمر في البلاد يعد من أهم الأسباب التي ساهمت في ارتفاع الإعاقة بين الأطفال في المجتمع اليمني, بالإضافة إلى البيئة غير الصحية والملوثة نتيجة السموم وعوادم السيارات وهو ما أثر بشكل عكسي على الأم الحامل بالذات في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل, وعدم وجود الوعي الصحي – بالذات للأمهات غير الواعيات والقادمات من الريف – حول كيفية الحفاظ على صحتهن في الأشهر الأولى من الحمل.

وأضافت: “هناك سلوكيات خاطئة تقوم بها الأم الحامل غير مبالية على صحة طفلها، كتعرضها للإشعاعات بشكل مستمر, وتناولها لأدويه مختلفة خلال فترة حملها, وهذا يؤثر بشكل سلبي على تكون الجنين, وقتل مناعته في الأشهر الأولى من عمره فيتعرض للحُمِّيَات وأمراض الأذن التي يمكن أن تصيبهم في تلك الفترة، بالإضافة إلى عدم اهتمام الوالدين بالطفل, وعدم وعيهم بخطورة الحُمِّيَات التي قد يتعرض لها الأطفال في سن مبكر.

وأكدت أن في الآونة الأخيرة قد عادت من جديد “حمى السحايا” التي قد يتعرض لها كبار السن في اليمن أيضاً.

  وحول دور المؤسسة التي وصل عدد المنتسبين إليها حوالي (٩٦) طفلاً – صم، طيف توحد، زارعو قوقعة، بطيؤ تعلم- أشارت إيمان هاشم إلى أن المؤسسة تقدم الرعاية التعليمية والصحية, وتسعى إلى تعديل السلوك الأطفال كي يتم إلحاقهم بمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

89% يؤكدون استمرار أثر الصراع على صحة الأطفال ونفسياتهم

أكد (89%) من المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية أن صحة الأطفال ونفسياتهم قد تأثر…