المرأة الريفية: تجاهل مجتمعي وحرمان من الفرص والحقوق وتضحية بلا حدود وهي تمارس دور المرأة والرجل والعامل والأبّ
صـوت الأمـل – دولة العامري
تضرب المرأة اليمنية الريفية أروع الأمثلة في الكفاح والتضحية من اجل تنمية اسرتها الصغيرة وتأمين احتياجاتها ومن ثم مجتمعها المحلي لتساهم بشكل كبير في صياغة وتكوين مجتمعها اليمني بشكل عام، وتلعب درو هام في الحياة الاقتصادية للوطن.
غالباً ما يستدعي الحديث عن حياة المرأة في الريف صوراً متعددة للمعاناة التي تمر بها، فبالإضافة إلى دورها الوظيفي المتمثل بكونها زوجة وأمَّا مسؤولة عن احتياجات أسرتها، فإنه يقع على عاتقها أيضاً العمل خارج المنزل في زراعة الأرض، وتربية المواشي، وجلب المياه والحطب، وأمام هذه الأدوار التي تقوم بها، داخل وخارج البيت، تجد المرأة الريفيَّة نفسها حبيسة هذا النمط المتكرر من الحياة الذي لم تعرف غيره.
لم استمتع بطفولتي
أم موسى- ربة بيت من محافظة إب، تقول لـ “صوت الأمل” إن المرأة في الريف تعاني بشكل كبير، بسبب تحمُّلها أعباء ومسؤوليات كثيرة، الأمر الذي ينعكس سلباً على صحتها، ويؤثر على هيئتها الخارجيّة، فقد تبدو في أحايين كثيرة أكبر من عمرها الحقيقي”.
وتضيف: “أربعون عاماً عشتها ما بين العمل في البيت، وأعمال الأرض، والرعي، وجلب الحطب والأعلاف للمواشي، والقيام بالواجبات الأسرية سواء في بيت الأهل أو في بيت الزوج، الأمر الذي حرمني من تحقيق حلمي في التعليم”.
العمل اضافة منهكة لاعمال المنزل
من جهتها تقول أم محمد -40 عاماً – من ريف اب، إنها تعيش حياة مملة، ومنهكة منذ أن كانت في بيت أهلها، حيث ينحصر دورها الأساسي في القيام بعمل البيت، ورعي المواشي، وقطف القات، وجلب الحطب من جبال بعيدة عن المنزل”.
وتؤكد أن عملها هذا لا يتوقف إلَّا بانتهاء اليوم، عندما يحين وقت نومها، لتصحو صباح اليوم التالي وتعيد نفس الدور الوظيفي اليومي، وهذا الأمر ضاعف من إجهادها وتسبب لها بالأمراض المختلفة.
وهو ما تؤكده عائدة حمود 27 عاما، والتي تعيش في أحد قرى إب، تقول عائدة: “يبدأ يومي عند صلاة الفجر، حيث أذهب لجلب الماء، ثم أعود إلى البيت مرة أخرى لتناول الفطور، وبعد ذلك أتوجه مباشرة إلى الوادي لرعي المواشي، وجمع العلف، ولا أعود إلى المنزل إلَّا في نهاية اليوم.
وتضيف: “لا أذكر يوماً أنني عرفت ما تعنيه الطفولة بالنسبة لي، فقد اقتصرت حياتي على العمل داخل المنزل وخارجه.
وتشير عائدة “إلى أن الكثير من الفتيات والنساء الريفيات لا يعرفهن أعمارهن الحقيقية، وجميعهن يعملن، ولا وقت للصغيرات منهن للَّعب، ويحرمن من أبسط حقوقهن في الحصول على فرص التعليم الجيدة، والرعاية الصحيَّة، والاجتماعيّة، كما انهن دائماً ما يكنَّ عرضة للظلم من قبل أُسرهن ومجتمعهن”.
ام ومزارعة وساقية وراعية للمواشي
إن حصول الفتاة على التعليم في الريف، لا يعفيها من الأعمال داخل وخارج المنزل فهي تتحمل مسؤوليتها كاملة.
ذلك هو ما قالته عائشة فارس، من سكان ريف مديرية القفر، موضحةً: “لقد حصلت على التعليم، بمقابل أن استمر في تحمُّل مسؤولية البيت والأرض، ولم أحظَ بفرصة عمل أخرى، كون وقتي كان مقسماً بين الدراسة والعمل في المنزل والأرض”.
وتضيف: “يمكن للرجل أن يكون عوناً للمرأة إذا شاء، فأعمال الأرض، ورعاية المواشي، من الممكن أن يقوم بها الرجال إلى جانب النساء، حتَّى يتسنى للمرأة الخروج من الدائرة التي تتكرر كل يوم، عوضاً عن جلوس الرجل في البيت في الوقت الذي تعمل فيه المرأة بدلاً عنه خارج المنزل”.
الفقر يقصم ظهر الريفية
يدفع الفقر الكثير من النساء الريفيات اللواتي لا عائل لهنَّ للبحث عن فرص عمل تمكنهنَّ من توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهنَّ، وغالباً ما تقتصر هذه الأعمال على رعاية المواشي، والعمل في حرث وري الأراضي الزراعية، لا سيما القات، وذلك نظير مبلغ مالي زهيد، يوفر لها ولأطفالها ما يسد رمق جوعهم.
تقول عالية محمد: “هذا ما اعتدنا عليه، وورثناه جيلاً بعد جيل، فقد خلقت المرأة في الريف لتكون مسؤولة داخل وخارج المنزل”.
من جهتها تقول عائشة ذات الثلاثين ربيعاً: “ظلمتني العادات والتقاليد، وحرمت من أبسط حقوقي، تحملت عبء المسؤولية داخل المنزل، وعملت خارجه، لا أتمتع بأيّ حقوق كتلك التي تتمتع بها الفتاة في المدينة”. فيما تؤكد بشرى، أن العادات والتقاليد أحد مسببات الزواج المبكر في الريف، خاصَّة في مديرية القفر.
الريفية من منظور الرجل
وعن دور المرأة في المجتمع الريفي من منظور الرجل، يقول المهندس خالد الصباحي: “إن المرأة لها دور كبير في الأُسرة، كونها المسؤولة عن القيام بواجباتها الزوجية والأُسريَّة، وعلى الرغم من ذلك فإن المرأة لا تحظى بالتقدير الذي تستحقه نظير مساندتها للرجل في العمل في الأرض، وجلب الحطب والماء، ورعي المواشي”.
ويرى المواطن طلال أمين- من سكان إب، أن دور المرأة الوظيفي اللصيق بالمرأة في الريف، مردُّه إلى الطابع الذكوري للموروث القديم، الذي يرى أن وظيفة المرأة هي العمل داخل وخارج المنزل، ولا شيء آخر.
إن القدرة على تغيير حياة المرأة في الريف، وإبرازها في أدوار أُخرى غير الذي جبلت عليها شأنٌ مجتمعيٌّ يجب التوعية به، فتعليم الفتاة في الريف يعني زيادة معدلات الوعي في المجتمع، ويعني أيضاً تقليص معدلات الزواج المبكر، وهي من إيجابيات تغيير الصورة النمطية عن المرأة الريفيَّة، التي يجب الالتفات إليها.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…