قصص نجاح من عيادة العلاج النفسي للنازحين
صوت الأمل – رجــاء مكــرد
ينعكس النزوح سلبًا على نفسيَّة النازح، فالبيئة الجديدة التي انتقل إليها النازح مُجبرًا؛ بفعل الحروب والصراعات، والحياة الصعبة التي يرزح تحت وطأتها في مُخيمات النزوح، كل ذلك يتسبب في انعدام الأمان النفسي الذي يحتاجه الإنسان ليعيش حياته مطمئنًا، وهنا تكمن أهميَّة وجود عيادة نفسيَّة إلى جانب المرافق الصحيَّة لتؤدي دورها في تقديم الدعم والعلاج النفسي والدوائي – إن تطلّب الأمر- للنازح. وعن الدور الإيجابي التي تقدّمه العيادة النفسية للنازحين، بحثت “صوت الأمل” عن نماذج لحالات تعافت بعد أن تلقت العلاج النفسي في أماكن النزوح
علي يتجاوز الأزمة النفسيَّة للنزوح
علي صغير نازح من مديرية “مستبأ” في محافظة حجة، إلى مدينة عبس بالمحافظة نفسها، كان يعاني من الفصام بالشخصية؛ نتيجة ضغوط وتراكمات بسبب مشاكل أسرية عانى منها.
انفصل عن زوجته قبل 15 عامًا وتحمل مسؤوليَّة تربية أطفاله وعمل من أجلهم، فعندما توفيت ابنته إثر سقوطها من على سطح منزل أهل والدتها، تضاعف حزنه عليها وأصبح مضطربًا نفسيًّا ودخل في مشاكل مع أهل زوجته وتفاقمت حالته وزادت سوءًا بعد النزوح.
بعد وصوله إلى مخيم النازحين في مدينة عبس، تم تقييم حالته من قبل المركز المجتمعي للنازحين، وقدّمت له الاستشارة النفسية، وبدأ بالخضوع لجلسات دعم نفسي متواصلة، وتم إحالته إلى مستشفى تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في عبس لتلقي العلاج.
حصل علي صغير على الرعاية الصحيّة، من قبل مزوّدي خدمة العلاج الطبي التابع للمنظمة بعد اكتشاف إصابته ب”التيفوئيد” وبجرثومة المعدة، وتلقى الرعاية الصحيَّة حتى تحسّنت حالته، بالإضافة إلى حصوله على مبلغ مالي ساعده على شراء دراجة نارية لابنه البالغ من العمر 22 عاماً للعمل عليها.
يقول علي: “ أصبح الولد يعمل على الدراجة النارية لإعالة الأُسرة، وتحسّنت ظروفنا المعيشية والماديةّ كما تحسّنت حالتي الصحيّة بشكل كبير، وأصبحت أعيش حياة طبيعية بعد معاناة مع المرض النفسي”.
نجاح بائع السواك في تجاوز أزمة النزوح:
يقول إبراهيم: “ بـالعزيمة والقوة والإرادة نواجه الظروف، حتى لو كانت عاصفة”، يروي إبراهيم قصته في التغلّب على معاناة النزوح من مديرية “ميدي” في محافظة حجة إلى منطقة “الربوع” في مديرية “عبس” بالمحافظة نفسها.
إبراهيم 50 عامًا يعول ست بنات وثلاثة أولاد، إضافة إلى زوجته التي تقاسمه المُعاناة ومصاعب الحياة، كان يُعاني من مرض الفصام بالشخصية، بعد أن خسر تجارته، الأمر الذي عرّضه لضغوط نفسيَّة أثّرت على صحته.
تضاعفت حالة إبراهيم النفسيَّة، كونه كان عالة على أخيه، لكنه لم يستسلم للأمر الواقع فخرج هو وابنه لبيع عود الأراك (المساويك) مما ساعده في توفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة، دون الانتظار للصدقات، أو جهود المنظمات التي لم يرها – حد تعبيره.
تقول الاختصاصيّة النفسيَّة في المركز المجتمعي “روابي النهضة” في عبس، خولة مطهر إنها قدّمت التوعية لإبراهيم من خلال الهاتف، عن طريق قسم الدعم النفسي، وعملت له إحالة طبية طارئة.
وتُضيف خولة: “بعد إحالته للأطباء، استقرت حالته وبدأ يفكّر كيف يحمي نفسه، وأسرته، وتحسّنت حالته النفسيَّة بعد متابعته الجلسات العلاجية في مركز تابع لـمنظمة أطباء بلا حدود، حيث بدأ يخرج إلى حياته الطبيعية، وعاد إلى معاونة ولده في بيع “أعواد الأراك”.
ووفقاً لـ”روابي النهضة”، فإن إبراهيم واحد من مئات الحالات التي تلقت استشارات ودعمًا نفسيًّا ساعدهم في مواجهة حالة الفقر، التي كان يعاني منها معظم النازحين، حتى من قبل النزوح والخروج من الاضطرابات النفسيَّة سواءٌ تلك التي سببها النزوح، أو تلك التي كانت موجودة أصلًا من قبل.
دعم نفسي وقانوني
إن الدعم القانوني للنازحين من قبل المنظمات مسألة حسَّاسة، وإن ما يتطلبه الأمر في حال مخيمات النزوح هو المتابعة والمسح الميداني المتواصل، ورفع تقارير أولًا بأول للجهات المعنية والمنظمات، وتشكيل لجنة رقابية للمساعدات الإنسانية؛ لضمان وصولها كاملة للنازح، وبشكل غير متقطع، حسب أقوال أغلب النازحين. ولا بُد للمؤسسات التنموية والاجتماعية والصحية أن تلتفت للنازحين، وتقوم بعمل المشاريع التي من شأنها أن تُعيل الأسر، وتوظّف الأيدي العاملة في مخيمات النزوح وتقوم بالدعم النفسي للأسر، وتضمن ذهاب الأطفال إلى المدارس وتوفر العلاج للنساء وكبار السن ممن يحتاجونه.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …