إنقطاع الأدوية يهدّد النازحين ذوي الاحتياجات الخاصّة
صوت الأمل – ياسمين يوسف
“يكابد ذوي الاحتياجات الخاصة من النازحين معاناةً مضاعفةً، فإلى جانب كونهم نازحين فمشكلة الإعاقة لديهم تمثل عبئًا إضافيًا، كون مشاكلهم قد تجاوزت النقص في السكن والغذاء والدواء والتعليم، والتي تعدّ مشاكل عامة للنازحين، إلى توفير متطلباتهم الخاصة، كونهم فئة تتطلب عنايةً من نوع خاص. مشكلة التغذية وصلت إلى مرحلة الانعدام، بعد أن تقلّصت مساعدات برنامج الغذاء العالمي، من شهر إلى ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى مساعدات مؤسسات المجتمع المدني، التي انقطعت منذ سنة ونصف، ومساعدات الدّفاع المدني، التي كانت تزوّد مستشفى “الرقة” بأدوية ومستلزمات صحيّة، حيث بلغت عدد الأُسر، التي يعاني بعض أفرادها من إعاقات، 80 أُسرة في مخيم “الرقة” و”الأزرقين”، شمال العاصمة صنعاء.
يروي أحمد عبد الله، النازح من محافظة صعدة إلى مخيّم “ضروان” في مديرية “همدان” بمحافظة صنعاء، معاناة طفلته “نسمة”، ذات السبعة أعوام، التي تعاني من إعاقة جسدية، بسبب ضمور في الدّماغ أدى إلى عجزها عن الحركة، حيث تدهورت حالتها إلى الأسوأ، بسبب توقّف العلاج الذي كان يزوّدهم به فاعل خير، لأسباب غير معروفة.
يقول أحمد إن تكلفة العلاج شهريًا المقدرة ب 21 ألف ريال، غير تكاليف الفحوصات، التي تصل -أحيانًا- إلى 41 ألف ريال، سببت حالة من اليأس لنازح معدوم الدّخل.
يتمنّى أحمد أن تحصل ابنته وكل المعاقين على الرعاية وتوفير الاحتياجات الخاصة بهم، للتخفيف من معاناتهم.
مصطفى ناصر، نازح آخر في مخيم “ضروان”، يعاني طفله جمال ذو التسع سنوات من إعاقة في قدميه منعته من الحركة والمشي، ويحتاج لعملية، لكن تكاليفها كبيرة جدًا، ولا يمتلك المال لإجراء تلك العملية.
يقول: “ لم أتلقّ أي دعم من أي جهة، سواء السلطات المحلية أو المنظمات الدولية”، منذ ثلاث سنوات قضاها في المخيم، خاصة أنه عاطل عن العمل ويعاني حالةً ماديةً واقتصاديةً سيّئة، بسبب انقطاع المرتّبات والأوضاع الصّعبة التي تمرّ بها البلاد، منذ ست سنوات.
يطالب ناصر الجهات المعنية والمنظّمات الدولية بتوفير الاحتياجات الخاصة بالنازحين في مخيّمات النزوح، ممن يعانون مرارة العيش وألم الإعاقة.
لا تقتصر الإعاقات فقط على المعاقين حركيًا أو جسديًا، وإنما أصبحت هناك إعاقات أخرى، هي الإعاقات الّنفسية، بسبب تأثيرات وتداعيات الصراع، الذي سبب أمراضًا نفسية لكثير من النازحين، لا سيما في المناطق الحدودية، التي شهدت مواجهاتٍ كبيرةً، وأغلب المرضى النفسيين المتواجدين في المخيّم من محافظتي صعدة وحجة، وفقًا لما ذكرته مسؤولة الرعاية الصحيّة في المخيّم.
الجهات المسؤولة
تحدثت مسؤولة الرّعاية الصحيّة في مخيم “ضروان” بمحافظة صنعاء، فاطمة خاتم، عن عدد النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة غير المستقرين استقرارًا تامًا في المخيّم، وهم: أربع حالات من الحديدة، وثلاث حالات من صعدة، وحالتان من حجة.
أما بالنسبة للنازحين المستقرين، فهم سبعة معاقين ما بين إعاقة ذهنية وإعاقة جسدية – حركية – أحدهم طفل عمره (عام ونصف)، يعاني إعاقةً ذهنيةً، سببت له مضاعفاتٍ أخرى، وطفلة أخرى (عامان) تعاني إعاقةَ عدم وجود أطراف علوية وسفلية، رغم أن أختها البالغة ثمانية أعوام سليمة بالكامل.
تؤكّد خاتم أن النازحين، وخاصة المعاقين يحتاجون إلى رعاية ومتابعة خاصة، فالأطفال الذين يعانون شللاً بحاجة كبيرة لكراسٍ متحرّكة ومتابعةٍ شهريةٍ ودوريةٍ، كما أن الأدوية، التي كانت تصل إلى المخيّم من فاعلي الخير، انقطعت بالكامل؛ والسبب عدم قدرتهم على الاستمرارية في دعم المخيّم بالأدوية والمستلزمات الطبيّة.
تضيف: “ لا يوجد استجابة للتقارير المرفوعة من المخيّم إلى الجهات المعنية في الجانب الصحي، أو المنظمات الأممية، الأمر الذي فاقم معاناة النازحين في المخيّم عمومًا، والمصابين بالأمراض والإعاقات على وجه الخصوص.
من جانبه، قال رئيس منظمة “منى” للإغاثة والاستجابة الإنسانية، فاتك الرديني، إن معاناة النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة مضاعفة بسبب إعاقاتهم، التي تؤثّر عليهم بشكل كبير.
واضاف: “ نقدّم المساعدة على ضوء نوع الإعاقة، فالبعض لديهم إعاقة مزدوجة (إعاقة ذهنية وحركية)، وعدم وجودهم في مخيّم واحد وتوزّعهم على عددٍ من المخيّمات من أكبر المشاكل التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني”. واشار إلى أن المنظمة قدّمت مساعداتٍ لعددٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل: الكراسي المتحرّكة، والحقائب التعليمية، والمُكملات الغذائية، بالإضافة إلى بعض الاحتياجات الخاصة بالنظافة الشخصية.
الرديني نوّه إلى بعض الحالات غير الاعتيادية من النازحين، الذين يتطلبون رعايةً ذاتَ مستوى عالٍ، موضحًا أن المنظّمة تقدّم مساعداتٍ شهريةً منتظمةّ لأُسرتين نازحتين من “نهم” إلى صنعاء، يعاني 8 أفراد من أُسرة واحدة من فقدان البصر، فيما الأُسرة الأخرى يعاني أربعة من أفرادها إعاقةً حركيةً، وتم تزويدهم بكراسٍ متحرّكة للتخفيف، ولو بالقليل من معاناتهم”.
ماذا بعد؟ أصبح من الضروري أن تتحرّك الجهات المُختصة والسلطات المحلية، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والمنظّمات الدولية باتجاه تفعيل الاهتمام بفئة النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ للتخفيف من المعاناة المضاعفة التي يكابدونها، والتي يفرضها عليهم واقع النزوح وقدر الإعاقة.
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …