60 ألف موظف نازح بانتظار صرف مرتباتهم
صوت الامل – منال أمين
الموظفون النازحون، في عدن، معاناة جديدة عن نزوح اليمنيين، وقصص مؤلمة عن متاعب البحث عن المرتّب.
ذكرت وزارة المالية في عدن أن عدد الموظّفين النازحين الموجودين في سجلاتها بلغ 30 ألفًا، يتقاضون مرتباتهم ضمن قوائم النازحين، بعد أن يتم استكمال كافة الإجراءات المتعلقة بصرف مرتباتهم.
وينتظر نحو 60 ألف موظف نازح صرف مرتباتهم من عدن، بعد أن قاموا بتقديم جميع وثائقهم إلى الجهات المعنية والدوائر الحكومية.
وبحسب تقارير الأُمم المتحدة، فإن إجمالي عدد موظفي اليمن يقدّر بنحو 2،1 مليون ومائتي ألف موظف.. 50 ٪ منهم يعانون من انقطاع الرواتب، الأمر الذي تسبب في خلق موجة نزوح جديدة للموظفين، لم تشهدها البلاد من قبل.
وجع النزوح
أم محمد، معلّمة نازحة، قدمت من صنعاء إلى عدن، تحدث لصحيفة «صوت الأمل» عن معاناة نزوحها وانقطاع راتبها لسنوات، وسعيها المستمر في متابعة وزارة المالية والخدمة المدنية والتربية بعدن؛ من أجل صرف راتبها الذي بالكاد يغطي نفقات أسرتها المكوّنة من 5 أولاد وزوجها الذي يعمل في أحد المطاعم براتب زهيد.
تقول أم محمد: « تكاليف السكن في عدن تشكّل عبئًا كبيرًا مع ارتفاع الأسعار، الأمر الذي اضطرني إلى بيع كل ما أملك من ذهب وأشياء ثمينة؛ لأجل توفير سكن مناسب لأسرتي خاصة وأن زوجي يعمل حاليًا في أحد المطاعم براتب زهيد».
وتضيف: « أكثر ما أعانيه حاليًا هو إلزامي بالحضور إلى الدوام المدرسي في إحدى مدارس عدن، التي تقع بمنطقة بعيدة عن سكني، الأمر الذي يكلفني الكثير للوصول إليها، بالإضافة إلى مضاعفة الحصص الدراسية، التي أقوم بتدريسها طيلة الأسبوع، وهو استغلال لظروفي الصعبة التي أضطر لتحمّلها من أجل الحصول على المرتب، الذي استلمه شهرًا، وينقطع شهورًا أُخرى».
أزمة رواتب الموظفين النازحين
بدأت أزمة رواتب الموظفين النازحين، في 2016م، عندما تم نقل مقر البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، والبدء في تنفيذ صرف الرواتب من عدن، بالإضافة إلى صرف رواتب الموظفين النازحين الذين يستلمون مُرتباتهم بعد عناء.
ويوضّح رئيس «ملتقى الموظفين النازحين» في العاصمة عدن، محمد العزيزي، لصحيفة «صوت الأمل»: «إن معاناة الموظّفين النازحين في مناطق نزوحهم تتمثل أحيانًا في صعوبة التنقل بين المحافظات، هذا بالإضافة إلى تعرّضهم للسمسرة والابتزاز عند متابعتهم إجراءات صرف مرتباتهم».
ظروف وتحدّيات صعبة
ويأتي غلاء المعيشة وارتفاع الإيجارات في مناطق النزوح، وقسوة الظروف المناخية الحارة في مقدّمة التحدّيات، التي يواجهها الموظف النازح، وكذلك العمل في مهن شاقة كباعة متجولين أو عُمال بِناء أو في بيع الخضروات والفواكه والقات والمياه الباردة في الجولات.
يقول العزيزي: « إن عدم الانتظام بصرف الرواتب للموظفين النازحين بصورة مستمرة، نهاية كل شهر أسوة ببقية الموظفين، يعتبر من أهم المشاكل التي تواجههم، حيث يتم تأخير الصرف إلى شهرين، وأحيانًا إلى أربعة أشهر، وقد يصل الأمر إلى مصادرة تلك المرتبات».
كما طالب بوضع حلول سريعة لمعالجة مشكلة صرف مرتبات الموظفين النازحين والقطاعات، التي لم تصرف رواتبها للأشهر السابقة من عام ٢٠١٩م، وكذلك التي لم تُصرف حتى اليوم مع مرتبات يناير ٢٠٢٠م، كما طالب بتشكيل وحدة لاستقبال الموظفين النازحين وإعادة إرسالهم إلى مكاتب جهاتهم وصرف مرتباتهم ومستحقاتهم المالية المنصوص عليها في قوانين الخدمة المدنية وقرارات مجلس الوزراء، وتوفير مخصص لبدل السكن لأسرهم حتى تزول أسباب نزوحهم.
نزوح اضطراري
نائب مدير عام مكتب التربية والتعليم في محافظة البيضاء، وممثل المعلمين المنقولين والنازحين، علي سليمان واصل، يقول: « نحن نعاني من ظروف معيشية وإنسانية صعبة، أنا وكثير من زملائي، حيث كان نُزوحنا الأول في بداية العام 2015م، ونُزوحنا الثاني في منتصف العام 2017م، وتنقلنا بين محافظات: أبين، وعدن، ولحج، والضالع، وذلك بسبب تحويل مدينة البيضاء إلى بُؤرة صراع، الأمر الذي دفعنا للخروج منها».
علي واصل، الذي نزح من محافظة البيضاء إلى محافظة أبين – مديرية خنفر – منطقة جعار، جنّد نفسه للدفاع عن حقوق المعلمين النازحين لدى الجهات المعنية.
وأوضح واصل: « إن القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان يُؤكدا على قضية كرامة الإنسان وحُريته والحفاظ على حقه في الحياة والأمان، ولكن ما يمارس على النازحين الموظفين من ظُلم ومعاناة يجعل من هذا القانون حبرًا على ورق، وتطبيقه على مجموعة من النازحين وحرمان آخرين يجعله غير مجدٍ ولا عادل».
وضع مأساوي وخوف من المجهول
يخشى الكثير من الموظفين النازحين في عدن أن يكون مصيرهم مثل مصير المعلم عبد الله عميرة، الذي مات بالسكتة القلبية قهرًا وهو يبحث عن لقمة العيش ويحاول مواجهة الظروف الصعبة، التي فُرضت عليه بعد انقطاع راتبه.
وبحسب واصل، فإن المعلّم في اليمن كان يتقاضى مرتبًا قبل الأحداث بما يعادل 418$، بينما اليوم أصبح راتبه أقل 118$.
وقال: « إن هناك أُسرًا مكونة من 6 أو 8 أفراد، بمرتب خالٍ من أي حوافز أو زيادات، وهذه الأُسر غير قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية كإيجارات، وتوفير المواد الغذائية والصحية، والمدارس والأدوية، الأمر الذي يزيد من حجم المعاناة، التي يعيشها الموظف النازح، خاصة مع تجاهل متعمد لكافة النداءات والمطالبات بصرف المرتبات بالشكل المطلوب، والذي يخفف من المعاناة».
حيث يتأخر صرف مرتبات الموظفين النازحين عن وقتها المحدد، كما لا تصرف لهم زيادة 30 ٪، ويحرمون من دعم برامج اليونيسيف (الحافز)، والأكثر من ذلك المقايضة بالمرتبات من خلال عدم صرفها إلَّا عبر قنوات خاصة ومرتبطة بشركات صرافة معينة، بعد حرمانهم من الدعم الإغاثي الإنساني والمساعدات النقدية الطارئة من المنظمات منذ 2019م.
وزارة المالية: 30 ألف موظف من النازحين
أكدت وزارة المالية في عدن أن « عدد الموظفين النازحين الواردة أسماؤهم في سجلات الوزارة بلغوا قرابة 30 ألف موظف وموظفة يستلمون مرتباتهم ضمن قوائم النازحين، بعد أن يتم استكمال كافة الإجراءات المتعلقة بصرف المرتبات».
وقال مصدر في وزارة المالية – فضّل عدم ذكر اسمه- « إن تأخير تسليم المرتبات في بعض الشهور سببه عدم توفّر السيولة في البنك المركزي، بالإضافة إلى التأخر في استكمال بعض الإجراءات الفنية والإدارية، ورغم ذلك فإن الوزارة تعي أهمية صرف المرتبات للموظف النازح، لا سيما في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد». وعن العدد الكُلي للموظفين النازحين في عدن، يؤكد العزيزي: « لا توجد إحصائية دقيقة للعدد الإجمالي للموظفين النازحين في عدن، لكن نستطيع القول إن عدد من سلموا وثائقهم من أجل الحصول على مرتباتهم إلى الجهات المختصة في عدن، ومكاتبها بالمحافظات يقدروا بـ 90 ألف موظف وموظفة، ينتظرون وعد صرف مرتباتهم، حيث تم صرف رواتب ما يقارب بـ 30 ألف موظف وموظفة حتى اليوم من إجمالي عدد الموظفين النازحين الذين تقدموا بملفاتهم».
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…