نازحة تبتكر حقيبة للطبخ: لن نستسلم للظّروف القاسية
صوت الأمل – رجـاء مـكـرد
“الحاجة أم الاختراع”، هكذا يقولون، وهكذا هو الواقع في اليمن، كل يوم نسمع عن اختراعات محليَّة يبتكرها اليمنيون، ليعالجوا الظروف المعيشية الصعبة التي تقسو عليهم يومًا بعد آخر.
هاجر حُميد، التي نزحت هي وأقاربها من الحديدة إلى صنعاء بسبب الحرب، عانت كغيرها من النازحات من صعوبة تأمين لقمة العيش البسيطة، والتي ما أن تتوفّر لها حتَّى تقابلها صعوبة أُخرى، هي انعدام الوقود والحطب الذي ستطهي به طعامها المتواضع؛ هذا الأمر دفع هاجر ومن معها من النازحات إلى التفكير بحلول استثنائية وغير مكلّفة لحل تلك المشكلات، حتى قادها تفكيرها إلى ابتكار “الفرن الشمسي”، و”الموقد الاقتصادي” و”حقيبة الطهي”.
تقول هاجر لصحيفة “صوت الامل”: “يستخدم النازحون الطُرق التقليدية في عملية الطّهي، والتي غالبًا ما تُسبب أضرارًا جسيمة على الأطفال والنساء وكبار السن، وبسبب هذه المُعاناة عملت على مشروع الموقد (الذي يُقدم حُلولًا بديلة للوقود الأُحفوري)”.
وتضيف هاجر: “ بحثنا في الإنترنت عن هذه الحلول، فكانت الفكرة التي أثارت انتباهنا، حول الحلول البديلة للوقود الأُحفوري، وقمنا بدراسة المشروع ومحاولة تطبيقه على أرض الواقع”.
وتُضيف “حُميد” أن عملهن لم يقتصر على الموقد فقط، ولكن كان لديهن ثلاثة منتجات: “الفرن الشمسي”، “الموقد الاقتصادي”، و”حقيبة الطبخ”، إلَّا أن تركيزهن الأكبر كان على “حقيبة الطبخ”؛ لأنهن لا يملكن الدعم الكافي لإنتاج الأفران الشمسية، والمواقد الاقتصادية.
واجهت هاجر والفريق، الذي يعمل معها مشكلة في تمويل المشروع؛ فقامت ببيع ذهبها الذي لم يكن كافيًا لتمويل المشروع، فقمنَ بعرض المشروع، الذي أسمينه “ناسنا للحلول البديلة”، على منظمة “جراس روت” المحليَّة، والتي قامت بعد دراسة المشروع على تدريبهن، بالإضافة إلى تقديمها المُعدات اللازمة لتنفيذ المشروع، فاستفاد من العمل في هذا المشروع 40 نازحًا ونازحة، ساعدهم هذا المشروع على توفير الدخل المادي الذي مكَّنهم من الحصول على احتياجاتهم اليومية من مأكل وملبس، بالإضافة إلى دفع إيجارات السكن وإلى جانب العمل وفَّر المشروع مأوى لبعض النازحين من الشباب في مقر المشروع نفسه.
وتقوم فكرة المشروع على تدريب هاجر ومن معها من النازحات، على صناعة حقائب الطبخ، فيما تم تدريب النازحين على صناعة المواقد الاقتصادية والأفران الشمسية.
وتقول حُميد: “ إن العمل كان متعبًا للنازحين؛ والسبب في ذلك عدم وجود آلات التصنيع، فكان العمل يدويًّا مما دفعهم إلى اختراع آلات بسيطة تساعد فريق العمل على الإنتاج”.
ورغم بحثهم المتواصل عن داعمين إلَّا أن جهودهم باءت بالفشل، الأمر الذي دفعهم إلى اقتصار عملهم على “حقائب الطبخ”؛ بسبب توفّر مُعداتها.
وحقيبة الطبخ: عبارة عن حقيبة مصنوعة من القُماش، تشتغل بالعوازل، وتوفّر استهلاك الغاز بنسبة.60% إذ تقوم بتكملة تنضيج الطعام بعد اكتساب القِدْر الحرارة من الموقد، فيتم بعد ذلك وضع القِدْر داخل الحقيبة، والتي تقوم بدورها بتكملة طهي الطعام؛ وبدلًا من أن يأخذ إعداد الطعام ساعة على النار، يتم الطهي بحدود عشر دقائق على النّار فقط، والحقيبة تُكمل ما تبقى من فترة الطهي.
وتوضح هاجر أن الحقيبة ممكن أن تطبخ البقوليات التي يحتاج نضجها وقتًا طويلًا على موقد الغاز، مثل: الفاصوليا، كما أنها تقوم بـ تنضيج اللحوم وعمل بعض الأكلات التي تحتاج إلى فرن مثل: مشكل الفرن، كما يُمكن استخدامها كحافظة لحفظ الأكل المُتبقي لليوم الثاني، هذا بالإضافة إلى أنه يُمكن استخدام هذه الحافظة كبرّاد لحفظ الماء المُثلج لعدة أيام.
ولكن وبعد انتشار وباء “ كوفيد -19”، توقّف إنتاج تلك البدائل وعاد عدد من النازحين إلى مناطقهم.
كما أن ارتفاع سعر المواد الخام وقلة وعي الناس بأهمية حقيبة الطبخ في توفير الغاز – حسب قول هاجر- أسهما بدورهما في توقّف المشروع.
وتقوم هاجر بعد توقّف المشروع بمساعدة النازحات على البحث عن فُرص عمل أُخرى تُعينهم على المعيشة، كما تم إدراج عدد كبير من النازحات الأرامل والمطلقات ونازحات الحديدة، وصعدة بشكلٍ عام في دورات صناعة البخور وصناعة الحقائب اليدوية وحقائب السفر.
وتتمنّى هاجر حُميد أن يصل مشروعها إلى أكبر عددٍ مُمكن من النازحات، ويُساعد في حل مشكلة الوقود، ويحمي النساء النازحات من مخاطر الخروج والبحث عن الحطب، كما أنه يُعدُّ وقاية صحيَّة للنازحات اللاتي يستخدمن مواقد غير صحيّة في الطهي – حسب قولها.
كما ترى أن المشروع، الذي قدمتهُ هي وزميلاتها النازحات، تنعكس فائدته على الأطفال أيضًا؛ إذ لن يتم شغل وقتهم بالبحث عن الحطب وسيتيح لهم هذا المشروع الوقت والجهد الكافي للحصول على التحصيل العلمي الجيَّد، في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها. وتختتم حُميد حديثها مع صحيفة “صوت الأمل”: “ لا للاستسلام لظروف الحياة القاسية، وإن على الجميع البحث عن حلول تعينهم على مواصلة العيش، وابتكار أشياء، ولو بسيطة، تساعدهم على الاستمرار”.
700 ألف نازح في صنعاء وجهود مُجتمعيَّة لإغاثتهم
صوت الأمل – رجاء مكرد يتوزع النازحون القادمون من مختلف المحافظات اليمنية، في العديد …