ثلث الأسر اليمنية فقدت نُظمها الغذائية
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
تصنف تقارير المنظمات والوكالات الدولية اليمن بأنها لا تزال واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث إن أكثر من نصف سكانها غير قادرين على الحصول على الغذاء من أجل البقاء، ومعدل الفقر والجوع يتزايد كل يوم.
وأظهر التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية 2021 أن اليمن تحتل المركز الأول بين أسوأ عشر أزمات غذائية، وبالرغم من التخفيف النسبي للمساعدات الإنسانية من حدة الأزمة الإنسانية، فإن هناك (15.9) مليونَ شخصٍ ينامون جوعى كل يوم بحسب التقرير.
وتسبب العنف المستمر بنزوح ربع السكان من دياريهم، وتعطلت سبل العيش، وانخفضت فرص كسب الدخل، إلى جانب الزيادات المستمرة في الأسعار مما دفع البلاد إلى هاوية المجاعة. ويبلغ العدد التقديري للأشخاص ذوي الاحتياجات في التغذية الصحية لعام 2021 حوالي (7,400,000) شخصٍ، وفقاً للأمم المتحدة.
سوء التغذية الحاد
يعد معدل سوء التغذية لدى الأطفال اليمنيين من أعلى المعدلات في العالم، ولا يزال الوضع الغذائي في تدهور؛ حيث أظهرت دراسة مسحية أجرتها مؤخرًا صحيفةُ “واشنطن بوست” عن “الآثار العميقة للصراع على الأسر اليمنية” أن ثلثَ الأسر تعاني من فجوات في نظمها الغذائية، وتكاد لا تستهلك أي أطعمة من البقوليات والخضراوات والفاكهة ومنتجات الألبان واللحوم.
وأضافت الدراسة أنه منذ عام 2015، أبلغ 62% من اليمنيين الذين شملهم المسح، عن استنفاد مدخراتهم، أو بيع ممتلكاتهم لدفع ثمن الطعام والماء، وعلى الأخص المجوهرات والموروثات العائلية، وأكد البعض أنهم يعيشون حالات تقشف، وأن أسرهم اضطرت إلى تقاسم وجبتين فقط في اليوم.
تظل معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم؛ حيث يحتاج (1.2) مليونَ امرأة حاملٍ أو مرضعٍ و(2.3) مليونَ طفل دون الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، ويمثل هذا العدد زيادة بنسبة 57% منذ أواخر عام 2015، وهو ما يهدد حياة هؤلاء الأطفال ومستقبلهم، وفقاً لأحدث تقرير برنامج الغذاء العالمي أبريل 2021.
وتمثلت العوامل الرئيسة لسوء التغذية الحاد في معدل الانتشار المرتفع للأمراض المعدية، وذكر التصنيف المرحلي أنه يعاني طفلان من كل خمسة أطفال من الإسهال، وأن ثلاثةً من كل خمسةِ أطفال مصابون بالملاريا، إضافة إلى ممارسات تغذية الرضع والأطفال الصغار الفقراء، وأن حوالي 40% لا يملكون إلا الحد الأدنى من متطلبات التنوع الغذائي، وأن انتشار الرضاعة الطبيعية الحصرية هي أقل من 35%.
وأرجع برنامج الغذاء العالمي أحد أسباب سوء التغذية الحاد إلى محدودية الوصول إلى خدمات الغذاء والصحة، حيث عدَّ محدودية الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية مصدرَ قلق كبير في جميع المناطق، إضافة إلى التأثير المباشر وغير المباشر لفيروس كورونا.
وحسب مسح لبرنامج الغذاء العالمي، تشتري أكثر من نصف الأسر قاطبةً المواد الغذائية بالدَّين، وبزيادة قدرها 50% تقريباً مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، حيث بات صرف مرتبات موظفي القطاع الحكومي متقطعًا منذ سبتمبر 2016، مما أثر على ما يقرب من 30%من اليمنيين الذين يعتمدون على الرواتب الحكومية والمعاشات التقاعدية.
وقالت يسرى عبد الله محمد –ناشطة- إن المنظمات الدولية تعمل على نطاق وهمي واسع، في حين أن النطاق الجغرافي للأعمال الميدانية لا يكاد يذكر؛ فإنقاذ جيل من مجاعة حتمية يتطلب تغطية ميدانية حقيقية وتضافر الجهود الداخلية والخارجية لتجاوز هذه الأزمة الخانقة. مضيفة أن أهم أسباب تخاذل المنظمات هي الثغرة بينها وبين من يمثلها في اليمن؛ وهذه هي المعضلة الحقيقية.
وأشارت يسرى محمد إلى أنه لكي يُسدل الستار على مشهد اليمن المأساوي فإنه يجب على المنظمات الحقوقية والجهات الرسمية أن تلعب دورًا بطوليًا وحقيقيًا على هذا المسرح.
من جانبه يؤكد المهندس عبد الحميد السروري -مدير العلاقات والتعاون الدولي بوزارة الزراعة- لـ”صوت الأمل” أنه يجب على المنظمات الحقوقية اليمنية أن تقوم بمناصرة المحتاجين في قضايا الغذاء وسوء التغذية وسبل العيش.
وأضاف السروري: “هناك منظمة أو منظمتين تصدران تقارير عن الانتهاكات في قطاع المساعدات الإنسانية والإغاثية في اليمن، من خلال رصد عدد حالات منع وصول المساعدات الى المحتاجين لا غير”.
انعدام الأمن الغذائي الحاد
ذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في اليمن أبريل 2021، في النصف الأول من عام 2021، أن 54٪ من السكان واجهوا أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي.
وقال إن هناك ثلاثة دوافع رئيسة لوجود هذه الأزمة الغذائية أهمها الصراع الذي يمثل المحرك الرئيس لانعدام الأمن الغذائي في اليمن والمؤدي إلى نزوح واسع النطاق وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وتعطيل الخدمات العامة وإغلاق الموانئ وأزمة في الوقود والاضطراب الاقتصادي، وبدون والوصول إلى حل دائم فسوف يكون لجميع تدابير التخفيف الأخرى آثار طويلة الأمد.
وذكر التصنيف أيضًا أن الصدمات الاقتصادية هي الدافع الثاني لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، مدفوعاً بفيروس كورونا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والحد الأدنى للسلة الغذائية التي لا يمكن تحملها، وزيادة انخفاض قيمة الريال اليمني مقابل الدولار، وهذا أثر على جميع الأسر تقريباً حيث تعتمد البلاد بشكل أساسي على الواردات، ونظراً لتعذر الوصول إلى تكلفة الغذاء، تتبنى العديد من الأسر استراتيجيات التكيف السلبية لمواجهة الوضع القائم والوصول إلى الغذاء.
وأشار التصنيف المرحلي إلى أن تخفيض الاحتياطيات الأجنبية فاقم انعدامَ الأمن الغذائي، حيث أدى انخفاض الاستثمارات الأجنبية، ونقص التمويلات الإنسانية، وتوقف التحويلات إلى أزمة سيولة وانخفاض قيمة الريال إلى مستويات غير مسبوقة، كما أدى انخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية -بسبب نقص التمويل- إلى زيادة مستويات انعدام الأمن الغذائي لدى غالبية السكان الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…