التعليم الفني ووعي المجتمع بأهميته في السوق اليمني
صوت الأمل – حنين الوحش
تعدُّ مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني من أهم المخرجات التي تدفع بعجلة التنمية في المجتمعات، إذا توفر وعي مجتمعيٌّ يؤمن بأهمية هذه المجالات والقدرات الشبابية التي تندرج تحتها.
ومن منطلق أهمية مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني كان من الضروري الاهتمام بجودة التعليم ومعالجة المشكلات والصعوبات التي يواجهها بحيث تتناسب المخرجات مع متطلبات السوق المحلية.
ضعف الوعي المجتمعي وتأثيره في الطلاب
عزت خالد (مدير إدارة الموارد البشرية في وزارة التعليم الفني والمهني) يقول: تختلف النظرة المجتمعية من شخص إلى آخر حول مفهوم التعليم الفني والمهني، وقد تؤثر هذه النظرة في الطلاب أنفسهم، وتتولد منها مشكلات وتحديات عديدة، تتمثل في نقص عدد الطلاب وتسربهم من المعاهد الدراسية.
ويرجع خالد ذلك إلى قلة الوعي لدى كثير من الشباب بأهمية التعليم الفني والتخصصات التي تدرس في عملية بناء المجتمعات ودورها في النهوض بعجلة التنمية، فيظن بعضهم أن هذه التخصصات المهنية تدرس للفاشلين وضعيفي المستوى، وهذه بحد ذاتها نظرة قاصرة ومشكلة يجب أن تصحح، وينبغي أن يُعَرَّف الشباب بهذه التخصصات مثل بقية الأقسام في الكليات، وأن يُنشر الوعي التعليمي بأهمية هذه الأقسام المهنية في السوق وفي عملية التنمية المستدامة.
يقول خالد: إن الصراع والظروف الاقتصادية والاجتماعية أدَّت إلى ضعف إقبال الطلاب على هذه الأقسام، كذلك المناهج الدراسية غير المحدثة والتي لاتتاسب ولا تواكب التطور الموجود في السوق، وضعف الميزانيات وارتفاع العملات مع غلاء الأسعار، والكثير من الأسباب التي كان لها يدٌ في ضعف إقبال الطلاب، والنظر إلى التعليم عمومًا بأنه شيء ثانوي وغير أساس.
أساسيات لفتح مشاريع ناجحة بعد التخرج
محمد البان (مختص مشاريع وبرامج، محافظة عدن) يقول: إن المعاهد الفنية والمهنية تؤدي دورًا كبيرًا في تنمية الاقتصاد المحلي عن طريق المشاريع والأعمال الناجحة التي يقدمها خريجو هذه المعاهد، ويوجه ببعض الأساسيات التي ستمكن الشباب والطلاب من افتتاح مشاريع خاصة بهم تساعدهم وتمكنهم من الخوض في سوق العمل.
ويرى محمد أن من أولى مراحل بناء المشاريع: اختيار فكرة مناسبة تتناسب مع متطلبات السوق، واختيار المكان المناسب لإقامة المشروع، واكتساب الخبرة اللّازمة في إدارة المشروع قبل البدء فيه، والابتعاد قدر الإمكان عن الدخول في شراكة، وعدم الخلط بين المصاريف الشخصية وإيرادات المشروع، وتقديم خدمات مميزة في السوق تضمن الابتعاد عن المنافسة واكتساب شريحة كبيرة من المستهلكين.
مؤكدًا أهمية أن تقدِّم المؤسسات التسهيلات اللّازمة للشباب لافتتاح مشاريع صغيرة خاصة بهم، تمكنهم من تطوير سوق العمل وتوفير احتياجاته ومتطلباته.
رأي الشارع اليمني
فاطمة علي (رائدة أعمال من عدن) تقول: إن التخصصات الفنية والمهنية مهمة جدًا في الأسواق اليمنية، والمجتمع يحتاج إليها، كما أنها تسهم إسهامًا واضحًا في عملية التنمية إذا ما نظرنا إليها نظرة صحيحة ولم ننتقص من دورها وخدمتها للمجتمع، والاهتمام بمخرجات هذا النوع من التعليم ضرورة، وكذا مساعدة الخريجين في بناء مشاريع خاصة بهم تساعدهم والمجتمع في ابتكار أعمال مهنية وحرف جديدة تواكب النهضة الحالية.
أما حسين محمد (موظف في إحدى المؤسسات الحكومية – تعز) فيقول لـ “صوت الأمل”: يُتعَامل مع التخصصات الفنية والمهنية كتخصصات من الدرجة الثانية من التعليم، ومن مظاهر ذلك عدم الاهتمام بها ومعاملة خريجيها كأنهم عمالة لا وجود لهم. هذه الدونية في النظر إلى مثل هذه التخصصات لن تتغير إلا إذا تغيرت نظرة المجتمع لخريجي المعاهد الفنية بكل تخصصاتها، ويكون ذلك بتغيير كامل لوضع هذه النوعية من التعليم ضمن منظومة التعليم قبل الجامعي والتعليم الجامعي، بمعنى أن تُلغى المسميات وتُعمل تسميات جديدة يتقبلها المجتمع.
ويرى صدام الجابر (مهندس مدني من تعز) أن التعليم الفني والتقني من الضروريات الاجتماعية والحضارية ومن أساسيات الثورة التكنولوجية في جميع مجالاته، وهذا ما اتفق عليه العلماء في جميع أنحاء العالم، إلا أن بعضهم لاتزال نظرته واستيعابه لأهمية هذه المجالات قاصرة ومحجمة؛ بسبب عدم الوعي وعدم الاهتمام اللّازم من الجهات المختصة.
ويؤكد صدام أن من أهم الأهداف التي يسعى التعليم الفني والتدريب المهني إلى تحقيقها إعداد قوى عاملة مؤهلة علميًّا وفنيًّا وتقنيًّا؛ ليسهم في رفع الكفايات المهنية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الخبرات والتنمية المستدامة.
مضيفًا أن هناك فجوة بين مخرجات التعليم الفني والتقني واحتياجات سوق العمل؛ بسبب عدم ارتباط المناهج ببعضها وضعف التنسيق بين قطاع التعليم الفني والتدريب.
والحلول التي اقترحها صدام الجابر لمعالجة هذا القطاع هي الاهتمام بتحديث المناهج التعليمية والوسائل التدريبية، ووضع سياسة اقتصادية للتعليم الفني والتقني، كذلك تشجيع المصانع وأصحاب العمالة الكثيفة، وتقديم التسهيلات لهم كالإعفاء الضريبي وغيره، والتوسع في القطاع الفني والمهني وإنعاش سوق العمل بالتخصصات المهنية.
وفي السياق ذاته يرى عبد الباري قاسم (صحفي من عدن) أن هناك تدنيًّا ملحوظًا في جميع التخصصات الدراسية ليس على مستوى التعليم الفني والمهني بل تجاوز ذلك إلى المخرجات الجامعية، ونُسب هذا التدني إلى ما آلت إليه الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد من نقص في الميزانيات التشغيلية في المؤسسات التعليمية وغيرها من المؤسسات.
ويؤكد عبدالباري أن المعاهد الفنية لم تعد تلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل؛ نظرًا لعدم وجود تحديثات في المناهج الدراسية والبرامج التدريبية التي تُدرَّس ولا تواكب التطورات الحالية التي تمر بها دول العالم.
وحول المعالجات شدَّد الصحفي عبدالباري قاسم على أهمية الرؤية الجادة تجاه تأهيل الطلاب وتدريبهم عمليًّا والاستفادة من التطبيق العملي وتوفير الآليات الحديثة؛ لكي يستطيع الطالب العمل عليها بعد التخرج، ويستطيع بناء نفسه وعمله الخاص، وإعادة التعافي الاقتصادي للمشاريع والأسواق المحلية.
ولصبري الروحاني (إعلامي من صنعاء) نظرته الإيجابية للتعليم المهني وذلك للأهمية الكبيرة التي يمتاز بها خريجو المعهد الفني والمهني فهم يسهمون إسهامًا فاعلًا في عملية التنمية الاقتصادية على الرغم من الإمكانات الشحيحة وافتقار الخدمات، خصوصًا في الفترة الأخيرة التي اضطرت الكثير من المعاهد إلى اعتماد المناهج النظرية اعتمادًا كبيرًا، وتجاهل الجانب العملي؛ بسبب عدم وجود ميزانيات لتوفير مواد التدريب، إلا أن الملاحظ وجود إصرار من الشباب على تحسين مهاراتهم وقدراتهم محاولين إثبات أنفسهم في المجتمع.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…