القطاع الزراعي وعلاقته بالأمن الغذائي والتنمية: القطاع الزراعي أسهم بنسبة 20.3% من الناتج المحلي الإجمالي في اليمن
صوت الأمل – منال أمين
إن من أهم القطاعات الاقتصادية المؤثرة في عملية تحقيق الأمن الغذائي المستدام في اليمن القطاع الزراعي الذي يسهم بدرجة كبيرة في عملية التنمية، حيث تصل المساحة الزراعية في اليمن إلى نحو 1.4 مليون هكتار من إجمالي المساحة الكلية البالغة 55 مليون هكتار؛ ولكن مع استمرار الصراع وشحة الموارد المائية واتباع الممارسات الزراعية الخاطئة توقفت زراعة الكثير من المحاصيل التي توفر للمواطن حياة كريمة، وأصبحت البلاد تعتمد على الواردات التجارية لتلبية متطلبات الاستهلاك المحلي.
الدكتور غسان قائد المقطري (مدير عام مركز بحوث الأغذية وتقانات ما بعد الحصاد بعدن) يقول :إن أهم التحديات التي تمر بها بلادنا فيما يتعلق في تحقيق الأمن الغذائي هي عدم وجود تخطيط سليم لمختلف القطاعات الخدمية والتنموية التي تُسهم في تحقيق الأمن الغذائي إسهامًا ملموسًا بسبب الوضع الأمني غير المستقر الذي أدى إلى خروج العديد من الشركات الخاصة التي كانت تدعم القطاع الزراعي بدرجة كبيرة، وتوقف بعض الجهات التابعة للدولة عن تقديم الدعم اللازم للمزارعين ما أدَّى إلى توقف زراعة بعض المحاصيل الأساسية كالقطن وبعض الحبوب.
يمتلك اليمن مراكز ومحطات بحثية مختلفة من مهامها تطوير وتنمية القطاع الزراعي عبر دراسة أهمية البذور المستخدمة في الزراعة ومدى الاستفادة منها، والتي تندرج ضمن الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي.
وتتألف الهيئة من خمسة مراكز بحثية تشمل: (مركز بحوث تطوير الثروة الحيوانية في تحسين السلالات في منطقة صبر، ومركز المصادر الوراثية في ذمار، ومركز بحثي في المكلا، ومركز الموارد الطبيعية المتجددة في ذمار، ومركز بحوث الأغذية وتقانات ما بعد الحصاد بعدن).
كما تتضمن ثماني محطات بحثية موزعة على شكل أقاليم: (المحطة الشمالية التي تضم (صنعاء، عمران، حجة، صعدة) والمحطة الوسطى (ذمار والبيضاء) والمحطة البحثية بالساحل الغربي منطقة الكدن (باجل في الحديدة) والمحطة البحثية الجنوبية التي تضم (تعز ، إب ) ومحطة مأرب البحثية وتضم (مأرب والجوف) ومحطة الكود (أبين ولحج) ومحطة سيئون البحثية (سيئون وشبوة) ومحطة المكلا التي تضم (حضرموت الوادي، المهرة وسقطرى).
التحديات
وأضاف المقطري لـ “صوت الأمل” قوله: إن تحويل الكثير من الأراضي الزراعية في مختلف المحافظات اليمنية إلى مخططات سكنية وصناعية ومزارع للقات، وعدم تفعيل الجمعيات الزراعية التي تدعم وتشرف على المزارعين في أثناء عملية الزراعة، وعدم تفعيل الرقابة فيما يتعلق بالعملية التسويقية للمنتجات الزراعية تُعدُّ من أهم المشكلات والصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي بدرجة رئيسة، وتؤثر سلبًا على الأمن الغذائي وعملية التنمية.
من جانبها توضح الدكتورة الباحثة ناهدة صالح السقاف تخصص وقاية النبات (علوم أمراض النبات) أن المحاصيل الزراعية تتعرض من وقت زراعتها وحتى نضجها وحصادها وتسويقها إلى عوامل متعددة تؤدي إلى التلف وأحيانًا الإصابة بالأمراض الفطرية والبكتيرية والفيروسية والعديد من الآفات الزراعية والحيوانية، وعوامل تتسبب في فقد المحصول عند تخزينه بفعل عامل الحرارة والرطوبة غير المناسبة، وارتفاع المحتوى المائي للمحصول، خصوصًا أن جميع الثمار والخضار تعد أجزاء حية من النبات وتحتوي على 65 ـ 95% من الماء في تكوينها، وتستمر حتى بعد حصادها.
وأضافت عبر ورقة علمية مقدمة لصحيفة “صوت الأمل” بعنوان (دور الإصابات المرضية التي تتعرض لها المحاصيل الزراعية، والمعاملات ما بعد الحصاد مرورًا بالحقل وانتهاء بتخزين المحصول، وتأثيره في تحقيق الأمن الغذائي) أن فاقد ما بعد الحصاد يُعدُّ بالنسبة إلى محاصيل الخضار والفاكهة مشكلة اقتصادية كبيرة في اليمن فقد تصل معدلات الفقد في المتوسط العام إلى نحو 50% من الكميات المنتجة وبمعدلات أكبر عند بعض المحاصيل منفردة، ويحدث الفاقد ابتداءً من الحقل ومرورًا بالنقل والتخزين والتعبئة والتداول في أسواق الجملة والتجزئة وفي المنزل.
من جانبه يقول الخبير الزراعي والسمكي مكافح عبدالله مفتاح : أن القطاع الزراعي والسمكي يعتبران من أهم القطاعات التي تحقق الأمن الغذائي في البلد، وذلك لوجود مخزون سمكي في البحر الأحمر والعربي ، وتواجد أراضي زراعية إذا تم استغلالها بالشكل المناسب ستوفر محاصيل أساسية تُسهم في الاكتفاء الذاتي ، خاصة في محاصيل الحبوب .
وأوضح لـ”صوت الأمل” : أن الوضع الحالي الذي يمر به القطاع بشكل عام أصبح ضعيفاً للغاية ، نتج عنه ارتفاع في أسعار تكاليف الزراعة والعمالة الأساسية كالبذور والأسمدة ، و أسعار المنتجات البحرية الذي عاجز المواطن على شراءه .
تقرير وإحصائيات
وفي تقريرٍ صادرٍ عن السكرتارية الفنية للأمن الغذائي التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي سبتمبر 2020م حول (دور القطاع الزراعي في الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي ـ زراعة وإنتاج القمح) أكد أن القطاع الزراعي يؤدي دورًا مهمًا في إمداد السكان بالغذاء والمنتجات الزراعية والمواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الزراعية، ويتأثر القطاع بسلسلة مترابطة من العوامل الطبيعية والتدخلات البشرية، الأمر الذي يتطلب مراعاة التوازن لتلك العوامل لضمان استدامتها خصوصًا عند محدودية الموارد الطبيعية التي تمتلكها بلادنا حاليًّا.
كما بين التقرير الذي حصلت صحيفة “صوت الأمل” على نسخة منه أن ضمن نتائج تحليل التوصيف المرحلي للأمن الغذائي الذي أجري في عام 2019م بيَّن أن 20 مليون يمني (67% من السكان) من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 30.5 مليون نسمة، كانوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي بما في ذلك ما يقرب 10 ملايين يعانون من مستويات شديدة من الجوع ـ بزيادة 14% منذ عام 2018م.
وذكر التقرير أنه وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2017م أن القطاع الزراعي أسهم بنسبة 20.3% من الناتج المحلي الإجمالي في اليمن، ويمكن أن تنخفض هذه النسبة إلى أقل من ذلك إذا ما اُستُؤنِفت الأنشطة النفطية كافة.
“وتبلغ مساحة الحبوب المزروعة في اليمن 528078 هكتارًا بنسبة 37.7% من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة، وتنتج 456714 طنًا، بينما تبلغ مساحة القمح 57466 هكتارًا بنسبة 10.9% من إجمالي مساحة الحبوب والتي تنتج 100332طنًا، وهذه الكمية لا تتجاوز 3% من إجمالي استهلاك القمح البالغ نحو4 ملايين طن، والتي تعدُّ فجوة كبيرة ينبغي اتخاذ السياسات والإجراءات اللازمة لتقليصها وتخفيف أعباء الاستيراد على الدولة “. وذلك حسب ما ذكره التقرير.
وقد أكد تقرير صادر عن السكرتارية لشهر يونيو 2021، أن هناك زيادة في عدد القبول لسوء التغذية الحاد (CMAM U5) عن الشهر السابق بنسبة 46.40% ، وكانت نسب التغيير لسوء التغذية الحاد الوخيم والمتوسط 48.77% و 45.44% على التوالي عن الشهر السابق .
معالجات
وحول المعالجات ذكر المقطري، أن إعادة تفعيل صندوق التشجيع الزراعي والسمكي في دعم المزارع عبر توفير المتطلبات الضرورية له من البذور الأساسية والمعدات اللازمة للزراعة، وإعادة النظر في عملية التخطيط للسياسات الزراعية من القاعدة إلى القمة، ودعم المزارعين بالبذور المناسبة بما يتناسب مع الأمن الغذائي ، تعدُّ من أهم المعالجات التي قد تُسهم في تحسين إنتاجية القطاع الزراعي، وتوفِّر الاحتياجات الأساسية للمواطنين ولو بدرجة متوسطة.
وأكد، ضرورة تحويل عملية توزيع البذور للمزارعين إلى مشروعات إنتاجية مستدامة ضمن خطة الاستجابة التي تدعمها الدولة في الوقت الراهن والتي تساعد في تحقيق عملية التنمية وتعزز من الإنتاج الزراعي والنشاط الاقتصادي في اليمن وتحقق الأمن الغذائي.
و في ذات السياق أكد الخبير مكافح ، “على ضرورة الاهتمام بدعم المزارعين في مختلف المجالات ، وتحسين قنوات الري التي تضررت بسبب السيول وتحتاج إلى صيانة ، والإستفادة من السدود ، و تقنين عملية الصادرات وضبطها ، والعمل على حماية البيئة البحرية من الملوثات والصيد العشوائي، وتفعيل التشريعات القانونية ، وضبط عمل الجمعيات السمكية والزراعية” .
وأضافت الدكتورة ناهد: “من أجل حماية المحاصيل الزراعية كالفواكه والخضار يُفضل إيجاد وسائل وطرق تُحافظ عليها وتُسهم في حمايتها من الفقد والإصابة بالأمراض الفطرية والبكتيرية خلال فترة التخزين عبر تحسين طرق التخزين، وإيجاد البدائل المناسبة التي تعزز من قيمة المنتجات الزراعية، وتساعد في عملية تحسين الأمن الغذائي”.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…