قصة تعافٍ ملهمة بعد خمس سنوات من الإدمان على مخدر الشبو
صوت الأمل – أحمد باجعيم
طارق (اسم مستعار) شاب يعيش في إحدى مديريات محافظة حضرموت الساحلية جنوب اليمن برفقة عائلته، ويعمل في مهنة صيد الأسماك منذ وقت مبكر من حياته كالكثير من أقرانه الشباب؛ حيث تعتبر مهنة الصيد المهنة الرائدة في بلدته منذ زمن بعيد. كان يجيد عمله بكل تفان وإخلاص يذهب منتصف كل ليلة إلى البحر، ويعود في الساعات الأولى من صباح اليوم بمختلف أنواع الأسماك لموقع الإنزال السمكي لبيعه ومن ثم العودة إلى بيته. هذا مجمل روتينه اليومي الذي استمر لعدة سنوات.
بداية الإدمان
بدأت معاناة طارق عندما رافق بعض الشباب المدمنين على مادة (الشبو)، لا سيما أنها تتوفر بكثرة في البلدة التي يقطن فيها وبأسعار زهيدة، وبعد إلحاح أحد المدمنين عليه تناول تلك الجرعة المغرية التي تبعث الراحة والنشوة، وتخفف أعباء الواقع المعيشي الصعب الذي يعاني منه جل الشعب اليمني.
لم يخطر بذهنه آنذاك أن هذه الرحلة ستطول وتصبح جحيمًا لا يحتمل عليه أو على أسرته ومستقبلهم المعيشي. وبينما كان يوهم نفسه بعد كل جرعة يتلقاها بأنه قادر على التحكم بحالته، كان إدمان الشبو يستحوذ تدريجيًا على حياته، ويعصف بأحلامه، ويفتت شخصيته وعمله، وأصبح أكثر تكاسلاً وإهمالاً.
ووفق ما أكده الطبيب المعالج لـ”صوت الأمل”، الذي فضل هو الآخر عدم ذكر اسمه، قائلًا: “تحول طارق تدريجيًا من شاب طموح ونشيط إلى حالة ضائعة، ورغم أنه كان يعلم أنه يوقع ضررًا بنفسه وبمستقبله. لم يكن بإمكانه أن يقاوم رغبته القوية في تلك النشوة المزيفة، أصبح الشبو مرافقه المستمر لمدة خمس سنوات مستعينًا به في مواجهة صعوبات الحياة، ويهرب من تحمل المسؤوليات والتحديات؛ فقد تغيرت حياته جذريًا، فأصبح منعزلًا عن عائلته، وتراجع مستوى عمله بشكل كبير عما كان قبل الدخول في هذه الدوامة”.
دوافع الامتناع
وتابع الطبيب المشرف على علاج طارق نقلا عن والده: “عندما بلغت الأمور ذروتها، ووصلت إلى مرحلة لم يستطع السيطرة على نفسه، وزاد وضعه المادي سوءا قرر طارق اتخاذ خيار حاسم بين البقاء في دوامة الإدمان أو محاولة النجاة واستعادة حياته المفقودة، لم يكن الخيار سهلاً، لكن وقوف والده معه وتشجيع أسرته له على قرار النجاة والعودة مرة أخرى إلى حياته الطبيعية والطموحة متحملاً مضاعفات الإدمان وتوابعه بكل شجاعة ساعده على النجاة”.
مدة العلاج
لم تكن مدة الإدمان قليلة؛ ليتمكن طارق من التعافي والاقلاع من تناول مادة (الشبو) لسهولة، بل أخذت من جسده مأخذًا عميقًا، وأثرت على جميع أعضاء جسده. أفاد الطبيب المعالج أنه بعد زيارة طارق، برفقه والديه للعيادة، ووجد أن الرغبة في التعافي والاقلاع عن هذه الآفة والعودة إلى مجتمعة بإيجابية هي همه الوحيد، فقد أخضعه لعدة جلسات نفسية وطبية استمرت لعدة أشهر. ومن العلاجات الطبية التي تعطى له حبوب يسيطر عليها الطبيب تحل محل مادة الشبو حتى لا تحصل ارتدادات غير طبيعية وتبقى الحالة في استجابة للعلاج. ثم يخفف تناول تلك الحبوب تدريجيًا كلما تقدمت الحالة في العلاجات والجلسات النفسية.
وأكد الطبيب المعالج أن طارق لم يستغرق وقتًا طويلًا في التعافي من الإدمان مقارنة بالسنوات الخمس التي قضاها في تناول الشبو المخدر، وذلك يعود إلى الاصرار والعزيمة التي يمتلكها في العودة والإقلاع عن هذه الآفة المميتة. الأكثر دهشة أن الشبو من المخدرات التي يصعب على مدمنها التعافي في أوقات قصيرة في ظل محدودية الإمكانات وشحتها بالبلاد.
استغرق طارق نحو ثلاثة أشهر خاض فيها تحديًا كبيرًا حتى شُفي تمامًا من حالة الإدمان التي أثرت على جسمه وأصبح نحيلًا شاحبًا غير قادر على العمل، تفكيره الوحيد في الحصول على “الكيف”. عاد إلى عائلته ذاك الشاب الطموح المحب لجو العائلة وللعمل وتحقيق أحلامه والبحث عن شريكة حياته وتكوين أسرة يحدوها الأمل والسعادة.
بعد ثلاثة أشهر من مراحل التعافي، أصبح طارق قدوة حقيقية للشباب الذين يكافحون ضد المخدرات، واستطاع تحقيق التغيير الإيجابي في حياته واسترداد ما فقده بسبب الإدمان. تقدم قصة تعافيه قصة نجاح وأمل للكثير الذين يعانون من نفس المشكلة، ولا يزالوان في حالة استسلام وخنوع دون أي محاولة.
ما هو الشبو وما مخاطر تناوله وفي ختام قصة التعافي لا بد من أن نتعرف على هذه المادة وخطورتها؛ حيث ذكر مركز إشراق للطب النفسي وعلاج الإدمان في تقرير له بأن الشبو مادة مخدرة يتم تصنيعها كيميائيًا وتتكون بشكل أساسي من مادة (الميثامفيتامين)، وهو عبارة عن منبه قوي جدا للجهاز العصبي المركزي، ويتم إضافة مواد كيميائية أخرى إليه لينتج في النهاية مخدر الشبو الذي يُسمى بالعديد من الأسماء، مثل: الكريستال، فلاتونج، ماهوانج، وهيروبون، مخدر الآيس، قرقور، شابو، جلاس، ميث.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…