تلبية الإنتاج المحلي لطلبات الأسواق يحقق الاكتفاء الذاتي في اليمن
صوت الأمل – أحمد عمر
يعد القطاع الصناعي من أهم قطاعات الاقتصاد في اليمن، ومصدر نمو وتقدم للبلاد في تحقيق الاكتفاء الذاتي، والتخلص من الاعتماد على الدول الأخرى في تأمين الغذاء للسكان، حيث لا يمكن أن يبرز قطاع الصناعة المحلية إلا بوجود ثروة زراعية مهمة؛ لأنَّ بها تُنتج سلع الغذاء، والمواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الغذائية.
برزت العديد من الاستثمارات المحلية التي ساعدت على نمو قطاع الصناعة في اليمن، وحسب إحصائيات ذكرها المركز الوطني للمعلومات عام 2007م، وهي آخر إحصائية أعدها المركز بهذا الشأن “بلغ معدل نمو قطاع الصناعات (9.22%) بالأسعار الثابتة، كما بلغت مساهمة الصناعات التحويلية بالأسعار الثابتة -عدا تكرير النفط في الناتج المحلي- خلال ذات العام (5.2%)، أما بالنسبة لقطاع الصناعات الاستخراجية فقد بلغ معدل نموه بالأسعار الثابتة خلال العام نفسه (11.79%)، وبلغت مساهمتها في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة خلال العام2007م (19.2%) وتمثل هذه النسبة المساهمة للصناعات الاستخراجية النفط والغاز”.
ويعد قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات المهمة التي تساهم بشكل فاعل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية للبلاد، كما أنَّ تطويره يرتبط بتنمية وتطوير القطاع الزراعي والحيواني؛ كونه المصدر الأساسي للمواد الأولية للصناعات الغذائية.
ووفقًا للمركز الوطني للمعلومات “تستحوذ الصناعات الغذائية في اليمن على النسبة الأكبر من إجمالي إنتاج الصناعات التحويلية والتي تشكل النسبة الأعلى في قيمة الإنتاج الصناعي التحويلي، أما في المرتبة الثانية تأتي الصناعات الإنشائية منها الإسمنت، ثم تأتي منتجات التبغ في المرتبة الثالثة بعدها المعادن المشكلة ثم الملابس، ويعكس هذا التوزيع ضعف القاعدة الإنتاجية وعدم تنوعها، حيث تختص أغلب المنشآت في صناعة المنتجات الغذائية”.
إنتاج المواد الخام
تتميز الجيولوجيا في اليمن بتنوع صخري فريد «مواد خامة» يشمل جميع أنواع الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة والمنتشرة في العديد من المحافظات اليمنية.
كما تدخل الثروة الحيوانية والبحرية والزراعية ضمن المواد الخام التي يعتمد عليها قطاع الصناعة الغذائية بشكل أساسي، فتوفرها على نطاق واسع ساعد على الاستثمار وإقامة المصانع في البلاد، حيث تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في اليمن (1539006) هكتارات، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي (1241387) هكتاراً، أي بنسبة (81%)، ويصل متوسط عدد الحيازات الزراعية إلى (1155457) هكتاراً، وفقًا للمركز الوطني للمعلومات.
وذكر المركز الوطني للمعلومات أنَّ قطاع الثروة الحيوانية في اليمن يعد مورداً اقتصادياً هاماً إلى جانب إنعاش قطاع الصناعة الغذائية، فهو مصدر دخل رئيس لأغلبية الأسر الريفية، وتعتمد نسبة كبيرة من الأسر الزراعية الريفية ذات الغالبية السكانية على هذه الثروة في توفير احتياجاتها المعيشية، إذ يدخل القطاع في الكثير من المشتقات الصناعية الغذائية.
عدم الاستيراد
استبعد المحامي مجدي بو عابس (القائم بأعمال المدير العام لغرفة الصناعة والتجارة بمحافظة حضرموت) أن يكون هناك اكتفاء ذاتي في المنتجات الصناعية بالسوق المحلية خصوصًا في الوقت الحالي، معللًا ذلك بأنَّ المنتجات المصنوعة محليًا باهظة الثمن؛ نظرًا لجودتها العالية وتكلفتها، في حين أنَّ المنتجات المستوردة متدنية الجودة وسعرها في السوق مقبول للمواطن المنهك اقتصاديًا.
مردفًا في تصريحه لـ «صوت الأمل» أنَّ الوضع المعيشي للمواطن؛ نتيجة الصراع الدائر في البلاد، أجبره على البحث عن السلع المستوردة؛ لوجودها بكثرة في السوق المحلية، ولأنَّ أسعارها منافسة للمنتجات اليمنية.
وقال المحامي بو عابس: «إنَّ الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومة اليمنية مع منظمات التجارة العالمية والأسواق العالمية المشتركة التي تفرض على اليمن فتح حدودها أمام المنتجات الخارجية تعد السبب الرئيس في عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي للسلع الصناعية المحلية”.
الاكتفاء الذاتي
وعند سؤال «صوت الأمل» كيف يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الصناعات الغذائية في الأسواق المحلية، أجاب بو عابس (القائم بأعمال غرفة الصناعة والتجارة): “يجب على الدولة أن تتدخل وتحد من إغراق السوق المحلية بالمنتجات الخارجية بذريعة حماية المنتج المحلي، والإعفاء من الضرائب على المواد الخام التي تستورد من الخارج للقطاع الصناعي وتخفيض رسومها، وتقديم المساهمة؛ بحيث يساعد ذلك على مضاعفة الإنتاج مع انخفاض تكلفة البيع للأسواق المحلية”.
فوزي بن قاسم (أستاذ مادة الاقتصاد بالمعهد التقني التجاري في مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت) يقول: “يكمن الاكتفاء الذاتي في اليمن من خلال رصد وتتبع المنتجات من كافة القطاعات؛ مما يحفز العديد من المصانع على زيادة الإنتاج، وضخ الاستثمارات الوطنية الجديدة، وإطلاق خطوط إنتاجية؛ لتلبية طلبات التوريد للأسواق”.
لافتًا في تصريحه لـ”صوت الأمل» إلى أنَّه على وزارة الصناعة والتجارة دعم المصانع البارزة والناجحة، وتشجيع الإنتاج الوطني لتلبية الاحتياجات المحلية. مؤكداً أنَّ الاكتفاء الذاتي يقاس من خلال نسبة الإنتاج الوطني من جميع الصناعات الغذائية إلى إجمالي الاستهلاك الداخلي.
مضيفًا “على الحكومة اليمنية أن تقوم بإرساء مجموعة من الآليات التي تهدف إلى الاستفادة من البنية التحتية، والمواقع الاستراتيجية للتصنيع”.
قصة نجاح (مصنع القرن إنموذجاً)
يقول المهندس باسم محروس (مدير مجمع القرن الصناعي) وهو مجمع ينتج منتجات غذائية وبلاستيكية وورقية، كانت بداية انطلاق المصنع عام 2012م في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت.
كان إنتاج المقرمشات (وهي نوع من أنواع الغذاء للأطفال مصنوع من مادة الدقيق) في مجمع القرن -وفقاً لتصريح مدير المصنع لـ»صوت الأمل»- في بداية إنشائية على مكنتي تعبئة بطاقة إنتاجية تبلغ 750 شدة، وتحتوي كل شدة على 40 كيساً صغيراً وزنه 10 جرام وكان العمل على وردية واحدة.
إنتاج المقرمشات بمصنع القرن
مضيفًا وخلال تطور المصنع في السنوات الأخيرة، ومع ارتفاع طلب السوق المحلي للمنتج؛ زادت إنتاجية المصنع، وأصبح يمتلك أربع مكنات تعبئة بطاقة إنتاجية تصل إلى 3000 شدة في الوردية، ويعمل المصنع على ورديتين.
وأكد باسم محروس أنَّ المصنَّع من منتج المقرمشات يغطي احتياجات السوق في محافظة حضرموت الساحل والوادي ومحافظات شبوة وأبين وعدن ولحج ومأرب. وأوضح أنَّ خطة المصنع المستقبلية تهدف إلى تغطية السوق المحلية في جميع محافظات اليمن، والارتقاء بالمصنع نحو التصدير للخارج.
تأثر قطاع الصناعة في اليمن كغيره من القطاعات الاقتصادية؛ بسبب الصراع المحتدم في البلاد؛ مما انعكس ذلك على قدراتها الإنتاجية والتشغيلية.
وتبين دراسة صادرة عن “اتحاد الغرف التجارية والصناعية اليمنية” منشورة منتصف يونيو 2022م: «تراجع معدل التشغيل للأيدي العاملة في القطاع، وتسريح جزء من العمالة التي كان يشغّلها القطاع قبل الصراع، إذ يقدّر تراجع أعداد العاملين في القطاع الصناعي الخاص من حوالي 241 ألف عامل في عام 2013م إلى أقل من 190 ألف عامل في عام 2015م، قبل أن يعود للتزايد بصورة محدودة إلى حوالي 217 ألف عامل في عام 2020م”.
51% من الآراء تؤكد على وجود تأثير كبير للصناعات الصغيرة والمتوسطة تجاه الاقتصاد المحلي
صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني نفذته وح…