الجيل الرابع (4G) في اليمن، أبرز خدمات الاتصالات
ياسمين عبدالحفيظ – صوت الأمل
في ظل الصراعات والأوضاع غير المستقرة التي تعاني منها اليمن، تُعد خدمة الإنترنت شريان الحياة الذي يُبقي اليمنيين على تواصل مع العالم ويُتيح لهم فرصة للتعليم والعمل والتجارة؛ كونها أفضل وسيلة للحصول على المعلومات وممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية المختلفة، وأنها وفرت التسهيلات في التعاملات بين الناس رغم بعد المسافات بينهم وبتكلفة أقل.
لقد ساعد الإنترنت في توفير فرص التعليم عن بعد للطلاب في جميع أنحاء اليمن، وعزز من فرص التعليم للجميع، وأدى إلى ظهور العديد من المنصات التعليمية التي تقدم محتوىً تعليميًّا متنوعًا بجودة عالية. وكذلك ساعد في تسهيل التجارة بين اليمن والعالم، مما حقق تأثيرًا في تنمية الاقتصاد الوطني، وأدى إلى ظهور العديد من المتاجر الإلكترونية التي تقدم منتجاتها وخدماتها لليمنيين في الداخل والخارج.
وقد لعب الإنترنت دورًا مهمًا خلال جائحة كورونا؛ إذ تم الاعتماد عليه بشكل كبير في إنجاز الأعمال والحصول على التعليم، سواء لطلاب المدارس أو الجامعات، وحضور الورش والدورات التدريبية عبر العديد من التطبيقات المتوفرة صوتًا وصورة.
إن أهمية خدمة الإنترنت في اليمن لا تنحصر على هذه الأيام الصعبة؛ بل هي مستمرة باستمرار الحاجة الملحة للخدمة في كل المجالات والقطاعات، ولا يستطيع الإنسان في اليمن أن يتخيل كيف يمكن أن تكون حياته بدونها؛ لأنها تجعله على اتصال بالآخرين، أفرادًا أو شركات أو مؤسسات أو منظمات أو غير ذلك. كما أن خدمة الإنترنت ساعدت في توفير فرص الترفيه لليمنيين في ظل الظروف السيئة، مما أساهم في التخفيف من الضغوط النفسية.
حول خدمة الجيل الرابع
في عام 2018 دخلت خدمة (G4) إلى اليمن، وهي تقنية اتصال حديثة تتميز بالسرعة في نقل البيانات واستقبالها، حاملة معها آمالاً كبيرة لليمنيين بتحسين جودة الاتصالات وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية، خاصة في بعض المناطق التي تعاني من ضعف شبكة الإنترنت.
تتمتع خدمة (4G) بسرعة نقل البيانات؛ وهذا يُتيح للمستخدمين تحميل الملفات وتصفح الإنترنت بشكلٍ أسرع، ويسهم في تحسين جودة الخدمات التي تعتمد على الإنترنت، مثل مكالمات الفيديو والبث المباشر، وتتمتع بكفاءة عالية أكثر من الخدمات السابقة، بالإضافة إلى تقليل استهلاك الطاقة.
وأوضح مختص في مجال الاتصالات -فضل عدم ذكر اسمه- أن خدمة الـ(4G) تعد من أحدث تقنيات الاتصالات التي تتميز بأنها أكثر كفاءة وأقل تكلفة، وأسرع انتشارًا، وتقدم سرعات عالية في نقل البيانات، وتعزز من عملية التواصل بين الناس بكل يسر، كما أنها تواكب التقنيات الحديثة عالميًا في مجال الاتصالات والمعلومات، وتعزز من قدرة اليمن على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين مكانتها في الاقتصاد العالمي.
وذكر المختص أن أبرز التحديات التي تواجه عمل هذه الخدمة ضعف البنية التحتية للاتصالات، مما يعيق انتشار خدمة الجيل الرابع بشكلٍ واسع، وصعوبة دخول “الأنتينات” (أجهزة أبراج تخدم الهاتف النقال) الخاصة بخلايا البث والألياف. كما أن خدمة الجيل الرابع في اليمن تعد مرتفعةً مقارنةً بدول أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرة العديد من اليمنيين على الاشتراك في الخدمة. ثم إن انعدام الأمن في بعض مناطق اليمن أدى إلى صعوبة نشر “الأنتينات” الخاصة بخلايا البث والألياف، وغياب الوعي بأهمية هذه الخدمة وفوائدها على مستوى المجتمع.
ويضيف في حديثه: “أنّ بعض أجهزة الأنتينات يصعب الوصول إليها لعمل الصيانة؛ نتيجة وقوعها في أماكن جبلية مرتفعة، إلى جانب وقوع كثير منها في مناطق الصراع؛ ممّا يصعب الوصول إليها من قبل المختصين وفرق العمل”.
ويقول المصدر في حديثه أنّ خدمة (G4) الجيل الرابع، في كثير من المحافظات اليمنية، تواجه كثيرًا من العراقيل التي تحول دون استمرارها؛ فهناك أكثر من ست محطات وأبراج معطلة، ومنها في مدينة تعز، وعلى وجه التحديد، برج الدفاع الجوي (برج السوفيتيل) وبرج العروس، وبرج عصيفرة، وبرج السمن والصابون.
ويتطرق المصدر في حديثه إلى مجموعة من المقترحات لتحسين خدمة الجيل الرابع في اليمن؛ وذلك عبر قيام الجهات المختصة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في تقديم مناقصات مع الدول الخارجية المصنعة للسنترالات والمحطات، مثل الصين، وفرنسا؛ لتوفير التوسعة المواكبة للتقدم التكنولوجي بشكل عام، وأنّ من الحلول المقترحة تبديل الأنتينات القديمة وتحديثها بأنتينات جديدة، وإعادة الصيانة لجميع المحطات والأبراج بشكل عام، والمتضررة جراء الصراع على وجه الخصوص.
مميزات خدمة الجيل الرابع
من جهته يقول خالد قرموش (مهندس اتّصالات): “تعدُّ خدمة الجيل الرابع أحدث خدمة تتمتع بها اليمن في مجال تقنيات اتّصال الهاتف المحمول والمعلومات؛ إذ إنّها توفّر سرعة لازمة في تحميل البيانات أسرع بكثير من الأجيال السابقة، وتصل سرعة بيانات الخدمة إلى 100 ميجابايت في الثانية تقريبًا، مقارنة بـ 10 ميجابايت في الثانية فقط للجيل الثالث، ويعني ذلك تحميل الملفات وبثّ الفيديوهات بشكل أسرع بكثير”.
وأضاف، أنّ شبكات الجيل الرابع تتمتع بمعدل تأخير أقل؛ ممّا يعني أنّك ستحصل على استجابة أسرع عند استخدام التطبيقات أو الألعاب عبر الإنترنت، إلى جانب استهلاك أقل للطاقة، مقارنة بشبكات الأجيال السابقة، كما أنّ عمر بطارية هاتفك سيستمر لمدّة أطول”.
ويتابع: “تدعم شبكات الجيل الرابع تقنيات جديدة مثل (LTE Advanced) و(LTE-A Pro) التي يمكن أن توفر عدة سرعات للبيانات تصل إلى 1 جيجابايت في الثانية، وهذه تعد من فوائد الخدمة؛ إذ إنّها أيضًا تمتاز في بثّ الفيديو بتقنية عالية الدقة دون انقطاع”.
ويؤكد أنّ تحسينات أداء شبكات الهاتف المحمول بكل خدماته ستسهم في زيادة النمو الاقتصادي لقطاع الاتصالات؛ من خلال تسهيل الأعمال التجارية والاتصالات في البلاد داخليًّا وخارجيًّا. ومن المتوقع أنّ تطوير شبكات الجيل الرابع ستُسهم في انتشار أوسع على نطاق أنحاء البلاد خلال السنوات القليلة القادمة، وهناك بالفعل جيل جديد من تقنية الاتّصال الخلوي يسمى (الجيل الخامس)، وهو قيد التطوير، ويوفر سرعات للبيانات أسرع بكثير من الجيل الرابع.
وحول التحديات التي تواجه شبكة (G4)، يشير قرموش إلى أنّ هذه الخدمة تواجه العديد من التحديات التي تؤثر على انتشارها واستقرارها. من أبرز هذه التحديات استمرار الصراع، الذي أدّى إلى تدمير البنية التحتية في العديد من المناطق، بما في ذلك أبراج الاتصالات، منذ عام 2015م في مختلف المحافظات اليمنية. موضّحًا أنّ تداعيات استمرار الصراع أدّى إلى تعطيل خدمة الجيل الرابع في العديد من المناطق، أو إلى خفض سرعتها واستقرارها. ومن التحديات أيضًا ارتفاع أسعار المعدّات والخدمات، وانخفاض الطلب على خدمات الإنترنت؛ بسبب ضعف القدرة الشرائية للسكان.
وبيَّنَ في حديثه أنّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تحدّ من قدرة شركات الاتصالات على الاستثمار في تطوير شبكات الجيل الرابع، إلى جانب عدم وجود تنظيم واضح لقطاع الاتصالات؛ ممّا يؤدي إلى تداخل في الترددات، وضعف في التنسيق بين شركات الاتصالات. فالبلاد تعاني من أزمة اقتصادية حادّة قيّدت من قدرة شركات الاتصالات على الاستثمار في تطوير شبكات الجيل الرابع.
تحديات ومعالجات
إنَّ هذه التحديات أدّت إلى انتشار محدود لخدمة الجيل الرابع في معظم مناطق اليمن؛ إذ تغطي الخدمة حاليًا ما يقارب %30 فقط من السكان. ومن المتوقع أن تستمر هذه التحديات في التأثير على انتشار الخدمة في اليمن في المستقبل القريب؛ إذا لم تظهر أي بوادر لتعزيز السلام السياسي والأمني في البلد؛ فلا يوجد تنظيم واضح لقطاع الاتصالات.
ولمواجهة هذه التحديات يرى المهندس قرموش أنّ الدولة تحتاج إلى اتّخاذ إجراءات تطويرية عاجلة، تهدف إلى تحسين الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد، وإلى وضع إطار تنظيمي واضح لقطاع الاتصالات.
من الإجراءات التي يمكن للحكومة اتخاذها: إعادة بناء البنية التحتية للاتصالات في المناطق المتضررة من الصراع، العمل المشترك مع الجهات المعنية كافة؛ الحكومية، والخاصة، والمنظمات المحلية والدولية الداعمة، في بناء قطاع يخدم كل أفراد المجتمع، ويقدّم خدمات تكنولوجية ومعلوماتية واضحة وحديثة تواكب العصر.
كما أشار إلى ما يتعلق بجانب تقديم الدعم المالي لشركات الاتصالات للاستثمار في تطوير شبكات الجيل الرابع، فقد أُصدر قانون تنظيمي لقطاع الاتّصالات يحدد الترددات وقواعد التشغيل، وإذا ما اتُّخذت هذه الإجراءات، فمن المتوقع أن تتمكن خدمة (G4) من الانتشار بشكل أوسع في اليمن، وتقديم خدمات أفضل للمواطنين.
على الرغم من مزايا خدمة الجيل الرابع (G4) وفوائدها العديدة، فإنّها تواجه العديد من المعوقات؛ ممّا يعوق تقدمها وانتشارها بشكل واسع. ولعلَّ من أهم تلك العوائق: الوضع الأمني غير المستقر في بعض مناطق اليمن، الذي يؤدي إلى صعوبة في نشر أجهزة (الأنتينات) الخاصة بخلايا البث والألياف، وارتفاع تكلفة الخدمة؛ إذ يواجه بعض اليمنيين صعوبةً في الانتقال بــ(المودمات) من محافظة إلى أخرى، وتقييد حرية حركة المستخدمين. مع ذلك، هناك مساعٍ حثيثة للعمل المستمر على تحسين الخدمة وتوسيعها حسب الإمكانيات؛ لتشمل جميع المحافظات اليمنية، وتعزِّز عملية السلام الشامل الذي يتطلع إليه المجتمع اليمني للتخفيف من معاناته المستمرة.
74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن
صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…