لمحة تاريخية عن قطاع الاتِّصالات في اليمن
صوت الأمل ـ حنان حسين
شهد قطاع الاتِّصالات في اليمن تطوُّرًا متسارعًا خلال العقود الماضية، بدءًا من نشأته البسيطة في أوائل القرن العشرين، ووصولاً إلى ما هو عليه اليوم من شبكات اتّصالات متقدّمة وحديثة، تغطي مختلف أنحاء البلاد.
ويُعدّ قطاع الاتِّصالات وتقنية المعلومات من أهم القطاعات الحيوية في اليمن، إذ ما يزال يلعب دورًا مهمًّا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وقد مرّ هذا القطاع بالعديد من المراحل منذ نشأته، وسنتناول في هذا التقرير لمحة عن بداياته.
بداية ظهور قطاع الاتِّصالات في اليمن
كانت بداية نشأة قطاع الاتِّصالات في اليمن مع ظهور خدمة (التلغراف) عام 1893م، إبَّان الدولة العثمانية في شمال اليمن آنذاك، ولم يكن يعمل في ذلك الحين إلا بالضوء، ولمسافات قصيرة لا تتعدى الكيلومتر، وكانت إشارات مورس تستخدم في مكاتب مخصصة بصنعاء وبعض المدن الأخرى، وبعد ذلك جاء عصر الهواتف الأرضية في المدّة ما بين 1956- 1958م، التي شملت ما يقارب 800 خط هاتفي في شمال اليمن، موزعة على كلٍّ مِن صنعاء، وتعز، والحديدة.
أما في الجزء الجنوبي فكانت هناك خدمات البرق، وصلت السّعة الإجمالية في الستينيات إلى 7855 خطًّا هاتفيًّا، في العام 1967م، وظهرت خدمات الاتِّصالات في الجزء الجنوبي من اليمن تحت إشراف شركة البرق واللاسلكي البريطانية حتى عام 1978م، ثُمّ انتشرت في كلٍّ من: عدن، ثم الحوطة في لحج، وزنجبار في أبين، والمكلا، وسيئون.
وفي العام 1978م تُعُوقد مع ثلاث شركات فرنسية لتجهيز 26,500 خط هاتفي متكاملة الخدمة؛ من كهرباء، وتكييف، وميكرويف؛ لتعزير الاتِّصالات في شمال اليمن. ثم في أواخر العام 1980م، دشِّن سنترال شعوب في صنعاء، ثُم دُشنت خدمة سنترال دولي، ومحطة أرضية في سبتمبر 1982م للاتّصالات الدولية.
هذا واستمرَّ التطور في قطاع الاتِّصالات في اليمن حتى عام 1990م، وبدأ مدُّ كابل ألياف بصرية بحرية بين اليمن وجيبوتي، إلا أنّ الصرعات المستمرة في اليمن آنذاك تسبّبت في تأخير عملية الإنجاز والتطوير، بالإضافة إلى حدوث كثير من الخسائر في شتّى المجالات والقطاعات، منها قطاع الاتِّصالات وتقنية المعلومات، الذي يكافح من أجل البقاء في تقديم الخدمات.
وقامت وزارة الاتِّصالات وتقنية المعلومات في تنفيذ مشاريعها التطويرية والتحسينية التي تواكب التطورات التكنولوجية المستمرة على مستوى العالم؛ إذ انتُهيَ من مدّ الكابل البحري عام 1996م، ومدّ كابل ألياف آخر أرضي يربط اليمن بدول الخليج، وتضاعفت عقود التوسعة، وكانت مجموعة العقود لتوسعة السنترالات قد بلغت 171 ألف رقم، خلال عام 1997م فقط.
مراحل ظهور الاتِّصالات في اليمن
وخلال مُدَّة انتشار قطاع الاتِّصالات في اليمن، ومواجهته كثيرًا من التحديات خلال مُدد الصراع المتعاقبة، يواصل قطاع الاتِّصالات مراحل نموه إلى أن يصل إلى عصر جديد أكثر تطوّرًا، عبر ظهور الألياف الضوئية في اليمن، وتطوّر الشبكة الهاتفية، والتعاقد مع شركات جديدة، مثل هواوي التي تدعم النظام الأُوربي SDH (نظام التزامن الرقمي) للهاتف الثابت.
كما ظهرت عدة شركات للهاتف النّقال مثل: سبأ فون وYOU (إم تي إن – سبيستل سابقًا) عام 2001م، ويمن موبايل عام 2004م، وشركة واي -عام 2006م، إضافة إلى خدمات النقل الإذاعي والتلفزيوني الدولي، كما تُوُسِّعت شبكة (تيليمن) عبر عدة مراحل مختلفة، لتقديم خدمات دولية متطورة، وبحسب التقارير الاقتصادية، فقد بلغت السعة الكلية لمنظومة الاتِّصالات الدولية حتى عام 2004م إلى 3812 قناة هاتفية، موزعة على الأنظمة الآتية: (الأقمار الصناعية 1414 قناة – كابل بحري 655 قناة – ألياف ضوئية 1743 قناة). حسب الموقع الرسمي لجامعة عارف.
الشركات العاملة في قطاع الاتِّصالات
ظهرت العديد من الشركات العاملة في قطاع الاتِّصالات عبر مراحل مختلفة، منها العامة والخاصة، ومنها المختلطة، التي تتمثل بشركة (تيليمن) للاتصالات الدولية، وخدمات الإنترنت، التي تعدُّ من أوائل شركات الاتِّصالات في اليمن والشرق الأوسط، والمسؤولة عن الاتِّصالات الدولية في اليمن، التي تعتمد الرمز الدولي 967 لليمن، وتعدُّ قطاعًا مختلطًا، وشركة يمن موبايل للهاتف النقال بنظامCDMA2000 ، التي تعدُّ الشركة الوحيدة المشغلة لنظام CDMA2000/1x في اليمن، وبالرغم من بداياتها بدراساتٍ وإنشائها بدعم كامل من وزارة الاتِّصالات، فإنّها خُصخِصت فيما بعد، وتبدأ أرقام يمن موبايل بـ 77 و 78، ورمزها الشبكي 421-03، ويصل عدد المشتركين حسب إحصائيات 2022م أكثر من 10 ملايين مشترك، وتعدُّ قطاعًا مختلطًا.
كما تعدّ شركة سبأ فون للهاتف النقال بنظامGSM من شركات القطاع الخاص، التي مُنحت ترخيصًا من وزارة الاتِّصالات اليمنية، وخصِّص كود الشبكة 421-01 للشركة، وتبدأ أرقام جوالاتها بـ 71 ، ويبلغ عدد مشتركيها أكثر من 6 ملايين مشترك إلى عام 2021م ، فيما تتمثل شركة يو – YOU (إم تي إن MTN – سبيستل سابقًا) للهاتف النقال بنظام GSM بشركة خاصة، منحت ترخيصًا من وزارة الاتِّصالات اليمنية، وخصِّص كود الشبكة 421-02 لها، وتبدأ أرقام جوالاتها بـ 73، وبالنسبة إلى شركة واي للهاتف النقال بنظام GSM ، تعدُّ شركة، ومُنحت ترخيصًا من وزارة الاتِّصالات اليمنية، وخُصّص كود الشبكة للشركة رقم 421-04 لها، وتبدأ أرقام جوالاتها بـ 70، وقد وصل عدد المشتركين فيها ما يقارب 180,000 مشترك، تعدُّ قطاعًا خاصًّا.
القطاع العام والاتِّصالات في اليمن
هناك شركات تعمل في مجال الاتِّصالات وتقنية المعلومات في اليمن تنتمي إلى القطاع العام، وتقدم خدمات متنوعة للجمهور اليمني في كل المحافظات اليمنية، التي تتمثل في المؤسسة العامّة للاتصالات وتقنية المعلومات، ومن خدماتها تزويد الهاتف الثابت، والثابت اللاسلكي، والاتِّصالات الريفية، بخدمات تعمل على أنظمة التراسل التماثلي والرقمي كمحطات الميكرويف، والمحطة الأرضية، بالإضافة إلى المعهد العام للاتِّصالات، الذي يهدف من إنشائه تعزيز الكوادر العاملة ضمن الوزارة، وتأهيلها في مجالات العمل بشكل خاص، ومجالات تثقيفية أخرى بشكل عام، تخدم قطاع الاتِّصالات في اليمن. وتعدُّ القفزة التي حققتها الوزارة في مسيرة عملها؛ إذ جعل من المعهد مقصدًا للشركات العالمية، وأصبح ملتقًى دوليًّا ومركزًا للتعليم العالي للمواطنين كافة، مثل اختبارات (أوراكل).
كما تعدّ الهيئة العامة للتوفير البريدي منافسًا قويًّا في مجال خدمات تسديد الفواتير بأنواعها، التي تتبع قطاع الاتِّصالات في اليمن، وتعمل على تحويل المبالغ وبعض الرواتب الحكومية إلى المواطنين في جميع المحافظات اليمنية.
ويأتي أهمية مدينة العلوم والتكنولوجيا الذي يعدُّ القسم المسؤول عن المجلة الشهرية الشهيرة (مجلة تكنولوجيا الاتِّصالات) وخدمات البرمجيات، في تقديم كلِّ جديد تكنولوجيًّا للمجتمع والمهتمين على وجه الخصوص؛ الأمر الذي ساعد على كونه إضافة متميزة ومهمّة في مركز الاستشعار عن بُعد.
فيما شملت خدمات (يمن نت) لخدمات البرمجيات والإنترنت، في استضافة المواقع الإلكترونية المتنوعة، وتقديم خدمات الطلب الهاتفي Dialup, الـISDN، وخط المشترك الرقمي ADSL، وتراسل البيانات وغيرها.
التطورات الحديثة
وأوضح خبراء في مجال تقنية المعلومات، أنّ شبكات الهاتف المحمول تغطي حاليًا أكثر من 90% من سكان اليمن، كما تقدّم هذه الشبكات خدمات متنوعة، مثل الاتصال الصوتي، والرسائل النصية القصيرة، وخدمات الإنترنت. وقد أُدخلت الخدمة لأول مرة عام 1996م، وزاد عدد مستخدمي الإنترنت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مع الطفرة العالمية اتجاه شبكات الانترنت المتنوعة، التي تعطي فرصًا كبيرة في فتح مشاريع تدرُّ عليهم المبالغ الباهظة؛ إذ أدَّت سرعة الإنترنت إلى انتشار استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل: واتساب، وفيسبوك، وغيرها من التطبيقات، التي تقدّم عروضًا للأعمال والتجارة، وأيضًا الترفيه.
كما تقدّم شركات الاتِّصالات حاليًا خدمات الإنترنت عبر مختلف التقنيات، مثل ADSL، WI-FI، 4G، ومن المتوقع ضمن الخطط المستقبلية أن توسّع من نشاطها إلى أن تصل إلى تقديم خدمة 5G . حسب رؤية الاقتصاديين.
هنا نستطيع القول بأن قطاع الاتِّصالات في اليمن أصبح قطاعًا مبشرًّا بالنجاح، يمتلك إمكانيات كبيرة للنمو والتطور، ولكن هناك العديد من التحديات والصعوبات التي وجب التغلب عليها لتحقيق ذلك التطور، والنهوض بقطاع يسهّل حياة المواطن اليمني.
74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن
صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…