إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؛ تأثير مستمر وأضرار كثيرة
صوت الأمل – حنين الوحش
يعدُّ الإدمان على الإنترنت مشكلة كبيرة في حياة الأشخاص وذات تأثير مستمر؛ ينتج عنه أضرار كثيرة.
كغيره من الشباب الكثر الذين يرون من الإنترنت والتصفح بين برامجه متنفسًا لهم من واقع يعيشونه بفراغ، يقول سعيد أحمد البالغ من العمر 24)) عامًا: “أشعر بالقلق والتوتر عندما أترك هاتفي حتى لدقائق معدودة، وكأنّ أحداثًا عديدة ستفوتني، لديّ أصدقاء في هذا العالم يُغنونني عن الخروج حتى من المنزل، أفضّل قضاء الوقت معهم ومتابعتهم ومتابعة ما يدور حول العالم من هاتفي”.
ويضيف: “السبب وراء تعلقي بالإنترنت والمواقع هو الراحة التامة التي تنقل العالم لي في مكاني، وربما أيضًا لأنّي أستطيع عن أعبر عمّا يجول في خاطري دون أيّ ارتباك أو حواجز، وفي المجمل فإنّ إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الإلكتروني هو إدمان إيجابي؛ فهو يثقف الناس، ويوسع مداركهم حتى أنه يبني لهم علاقات واسعة في محيط كبير”.
سلوكيات وآثار
في إطار السلوكيات التي تظهر على مدمني استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تقول أسماء الحداد مختصة اجتماعية: “أنّ هناك سلوكيات عدة تظهر على المدمنين، مثل مواجهة صعوبة في التحكم بالنفس عند استخدام الشيء المدمن عليه، والشعور بأعراض عدة نتيجة الانقطاع عنه، ومنها القلق والرغبة الشديدة في العودة إليه”.
مضيفة: “بأنّ الشخص المدمن على مواقع التواصل الاجتماعي يتصف بعدم القدرة على التوقف عن تصفح هذه المواقع طوال اليوم؛ لعدة أسباب تُلخص في: الخوف من فوات الشيء، كالاطّلاع على الأحداث والأخبار، أو التفاعل مع الآخرين، وهو دافع كبير لاستخدام الشبكة الاجتماعية، إضافة إلى حاجة بعضهم إلى منصة وجمهور لعرض أنفسهم، وتعد الشبكات الاجتماعية أفضل خيار لذلك”.
ومن جانبه يقول داود الجبري (مختص اجتماعي): “إنّ الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بمشاعر العزلة الاجتماعية، والاكتئاب، وانعدام الأمن، والغيرة، وسوء تقدير الذات”.
ويضيف: “من علامات إدمان مواقع التواصل الاجتماعي هي: قضاء ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي كلّما أمكن ذلك، والإفراط في المشاركة على هذه المواقع، وتأثر الأداء المهني أو الدراسي أو الاجتماعي للفرد، ووجود أعراض نفسية انسحابية عند محاولة تقليل وقت تصفح مواقع التواصل، اللجوء إلى مواقع التواصل لتجنب المشاكل التي تحدث في الحياة الواقعية، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي عند النوم ممّا يسبب الأرق”.
في الحديث نفسه عن الإدمان وآثاره تؤكد هبة أحمد (مختصة في علم النفس) “أنّ للإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي آثارًا سلبية على حياة الأفراد، سواء أكانت جسدية أم عقلية، ومن الآثار الجسدية مشكلة النفق الرسغي التي تحدث في اليدين أو الرسغين؛ بسبب الكتابة الكثيرة على الهاتف والضغط على أوتار الأصابع، إضافة إلى إجهاد العينين نتيجة التحديق في الشاشة لمدّة طويلة جدًّا”.
وتضيف: “وتتضمن الآثار النفسية والعقلية انخفاض تقدير الذات، ومواجهة صعوبة في القناعة بالحياة الخاصة بهم، وتوليد مشاعر الحسد عند النظر إلى حياة الآخرين التي تبدو مثالية على وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الرغبة في الحصول على تفاعلات اجتماعية حقيقية، بالإضافة إلى انشغال العقل في أمور لا تعود بالفائدة بدلًا من تعلم شيء جديد.”
معالجات
وردًّا على الحلول والمعالجات الممكنة للحدِّ من تفاقم هذه المشكلة؛ كونها مشكلة مجتمعية وليست فردية، يقول الجبري: “في البداية لا بُدَّ من إدراك حجم المشكلة والاعتراف بها والرغبة في التخلص منها، وإيمان الفرد بأحقيته في عيش حياة أفضل، واستثمار وقته بما ينمي قدراته ومهاراته بعد التخلص من هذا الإدمان”.
مؤكدًا على أهمية تنظيم الوقت، ووجوب أن يضع الشخص قواعد منضبطة وصارمة لتقليل الوقت العشوائي الذي يقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي، والالتزام بهذا الوقت؛ إذ لا يتم الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي إلا بعد الانتهاء من كل الأعمال الأساسية والاحتياجات.
ويضيف: “للتخلص من القلق والتوتر الناتج عن عدم الدخول إلى الإنترنت والتصفح، هناك ضرورة في عمل فصلات زمنية يغيب فيها الشخص عن وسائل الاتصال كافة؛ أي خلق انعزال لمدة يوم واحد في الأسبوع، أو لمدة أسبوع كامل دون إنترنت، لتعلم السيطرة والتحكم بشكل مستقل في التعامل مع الإنترنت”. وفي إطار الحديث ذاته عن المعالجات، ترى هبة أحمد “أنّ معالجة إدمان الإنترنت ليس بالأمر السهل، إذا ما كان هناك فراغ يعيشه الفرد؛ لهذا يجب أن يجد ما يشغل به نفسه وحياته، وهذا من أهم متطلبات العلاج؛ كذلك من المهم تنشيط التفاعل الاجتماعي من جديد، لينمو عندهم شعور بأنّ المجتمع الذي يعيشون فيه يثمّن ما يقومون به ويتقبله”.
وتتابع: “تتضمن المعالجات -أيضًا- تجديد الأنشطة اليومية للخروج من الروتين، كتعلم لغة جديدة، أو ممارسة الرياضة والقراءة، أو القيام بهواية مفضلة، وإعطاء الأولوية للحياة الحقيقية، كالالتزام مع الأصدقاء بعلاقات رائعة، ولن يحدث ذلك بدون قضاء الوقت معهم”.
ومن جانبها تقول الحداد: “يجب التمسك بالوقت المتاح لإنجاز العمل دون تأجيل؛ لأن الوقت حينها سيمر دون أن تنهي الأعمال العالقة”.
وتنصح بإزالة الأشخاص السلبيين وغير المهمين عند اتخاذ القرار بتقليص الوقت على الإنترنت؛ فبحسب رؤيتها كلّما زاد عدد الأشخاص، زادت التحديثات، ومعها الوقت الذي تمضيه بالتصفح، ممّا يتطلب وقتًا أكبر في تفحص الأمور ومتابعتها.
وتؤكد -أيضًا- أن هناك فرصة حقيقة للاستفادة من الإنترنت في قضاء الوقت في مواقع التعليم المفتوحة، واكتساب ما يفيد الشخص في حياته العلمية والعملية. وكخلاصة لما ذكر سمي إدمانًا لما يحمله من تعلق بالشيء ومبررات لتكرار الاستخدام؛ إذ إنه يلعب دورًا بارزًا في حياة الأفراد من حيث التنمية والضياع، وهذا يعتمد على مدى الاستخدام وكيفيته.
98.1% من المشاركين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في تمكين الشباب اليمني
صوت الأمل – يُمنى الزبيري تشغل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومي…