تأثير المخدرات على مفهوم الأمن الشامل ومكافحتها كجريمة ودافع أساسي للسلوك الإجرامي
صوت الأمل – المُقدَّم وليد الأثوري (باحث علوم أمنية)
لماذا بدأنا بكلمة المخدرات قبل الجرائم؛ لأنها الجريمة الوحيدة التي تدفع سلوك الإنسان إلى جرائم أخرى متعددة، ولهذا نحن أمام واحدة من أهم الجرائم المتعددة المخاطر على الفرد والمجتمع.
المخدرات مجموعة من المواد التي تصيب الجهاز العصبي والدماغ. وأنا هنا لن أتحدث عن حجم الآثار الصحية على الفرد؛ لأنها طويلة ومدمرة، ولها مختصون في ذلك، لكني سأكتب هنا عن تأثير المخدرات على مفهوم الأمن الشامل ومكافحتها كجريمة ودافع أساسي للسلوك الإجرامي.
من المهم جدًا على أجهزة الشرطة قراءة مؤشرات الجرائم المختلفة، مثل القتل والسرقة والاعتداءات الجنسية والتقطع وغيرها من الجرائم المختلفة، وفقاً للتوصيف الجنائي وعلاقتها بالمخدرات، وتأثيرها على مفهوم الأمن الشامل.
الوضع العام في اليمن يمنح مساحة آمنة لحركة المخدرات والتعاطي بسبب ظروف الحرب وتباين القوات الأمنية من جهة، والتنسيق على المستويات الأعلى والأدنى وكذا الخبرة المهنية لرجال إنفاذ القانون على الأرض من جهة ثانية. فهناك تطور في عملية التهريب، وبالمقابل لا يوجد تطور موازٍ للمكافحة، وهذا ما يجعل المشكلة قائمة وفي ازدياد مطرد.
نحن بحاجة إلى مؤسسة وطنية فاعلة في مكافحة المخدرات، وتنسيق عالٍ مع كافة القطاعات المختصة وفقاً لقواعد البيانات ومؤشرات مصادر الخطر العام، والتنسيق الإقليمي أيضًا، باعتبار اليمن منطقةَ عبور لتجار المخدرات، بحكم موقعها الجغرافي بين دول الخليج الغنية ودول أفريقيا الفقيرة، إضافة إلى تحديث القوانين الوطنية في مكافحة هذه الآفة، فالسلوك لا يتغير إلا إذا كان العقاب رادعًا بما يكفي، ومن المؤكد وقوعهُ وفقًا للقانون.
نحن بحاجة إلى حزمة إجراءات متعددة الأهداف من ضمنها تأمين السياج الداخلي لقطاع المكافحة، وتأمين المنافذ وتفعيل برامج العمل الخاصة بإجراءات الفحص والتفتيش في المنافذ البرية والبحرية والجوية. ونحن بحاجة ماسة إلى حملة وطنية لمكافحة المخدرات في ظل ارتفاع نسبة الجرائم المختلفة التي يكون معظمها ذا صلة مباشرة بالتعاطي؛ فحين نقرأ المؤشرات بشكل صحيح، نستطيع اتخاذ الإجراءات الوقائية والوصول إلى نتائج سليمة. لكن، تبقى الحملات الوطنية في عملية المكافحة التي يجب أن تكون أكثر احترافية، وخاصة حملات التوعية؛ حيث شكلت بعض حملات التوعية نتائج سلبية من خلال خلق الفضول في التعرف عليها، وهذا ناتج عن نوعية المحتوى والجمهور المستهدف.
هناك أنواع متعددة، وأعتقد أن كل نوع يحتاج إليه خاصة في الرصد والتتبع؛ فقد عمل تجار المخدرات على استخدام أساليب وطرق جديدة، ولهذا أحيانا نحتاج إلى المعلومة، وهي أقرب وسيلة لعملية الرصد والضبط. لقد تغير مسرح الجريمة بشكل جذري في ظل تطور قنوات الاتصال وتبادل المعلومات، فمن الممكن أن يكون التخطيط في دولة ما والتمويل من دولة أخرى والتنفيذ في دولة ثالثة. ومعظم الأدلة تكون إلكترونية، وهذا ما يحتاج إلى قوانين جديدة تواكب كل هذه المتغيرات كما ذكرنا سابقًا، إضافة إلى التنسيق العالي خارج الحدود الوطنية وفقًا للمؤشرات.
وتظل العلاقة قائمة بين كافة الجرائم والمخدرات، وهو ما يدفعنا إلي التفكير بطرق واستراتيجيات عمل متقدمة في مسار سياسة أمنية أكثر فاعلية على كافة المستويات.
قدمت مشروعًا خاصًا بالهندسة الأمنية، وهو عبارة عن استراتيجية عمل أمنية جديدة تهدف إلى إحباط التفكير في السلوك الإجرامي استباقًا، وهي مرحلة متقدمة، من خلال استخدام العلم في العمل الأمني، الذي يتضمن تصورًا لنظرية علمية في هذا المجال، يمكن تطوير أداء الأجهزة الأمنية بطريقة واقعية، أي بما يتفق والواقع الحالي من خلال سياسية أمنية تعد وفق واقع الحال وبناء على المؤشرات المختلفة.
الأمن هو عبارة عن شعور يصل إلى المجرمين ومخالفي الأنظمة والقوانين بشكل خوف، ويصل إلى العامة بشكل اطمئنان وسكينة، ولا يمكن إعداد هذه السياسات الأمنية وتنفيذها على مستوى عالٍ من الدقة إلا من قبل ضباط على مهنية عالية وخاصة أثناء الأزمات.
بالنسبة للأمن المجتمعي وكيفية خلق تجربة أمنية ناجحة في هذا الإطار لمكافحة المخدرات والجرائم المترتبة عليها وغيرها من الجرائم الأخرى، فإن الأمن المجتمعي واحد من مفاهيم إدارة الشرطة الحديثة، ولكن يبقي هذا المفهوم قاصرًا في عملية التطبيق بشكل عملي؛ إذ يتحدث الكثيرون عن أن الأمن من مسؤولية المواطن، لكن إدارة الموقف كمسؤولية قانونية هي من مسؤولية الشرطة. أنا في أحد برامج العمل التطبيقية في نموذج الهندسة الأمنية قدمت شكلًا مختلفًا وتنفيذيًا مباشرًا في تطوير هذا المفهوم.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…