اليمن تحتاج إلى برنامج وطني شامل لمكافحة المخدرات
صوت الأمل – حنين الوحش
لم يعد الدمار ناتجًا عن المواجهات المسلحة أو الاعتداءات المباشرة فحسب، فهناك طرق أخرى ووسائل تساعد في تدمير البلاد، والقوى البشرية الموجودة فيها، كانتشار المخدرات بين أوساط الشباب والأطفال، واعتماده كوسيلة للترويح عن النفس.
وُجد القانون ليضبط كلَّ السلوكيات التي من شأنها أن تسبب الضرر، وتعمل على اختلال في المجتمع، وتردع الجريمة، فجاء القانون اليمني رقم (3) للعام ١٩٩٣م قانونًا خاصًّا في انتشار المخدرات، ومع وجود هذه القوانين الوطنية إلّا أنّها تبقى غير ملائمة لتطور جرائم الإتجار، والترويج، وتعاطي المخدرات، حسب قول المقدم وليد طالب (باحث متخصص في العلوم الأمنية).
تحليل أمنى
حول زمن انتشار المخدرات، أوضح وليد طالب بأنّه خلال السنوات الأخيرة كان هناك اختلاف من حيث الأساليب، ومسرح الجريمة العابرة للحدود، ولكن حاليًا تتم الإجراءات القانونية حسب التصنيف الجنائي للتاجر والمروج والمتعاطي وغيرهم.
وحول الصعوبات والاحتياجات يقول طالب: “المشكلة لدينا مركبة بين الأمن، والقضاء، وشبكات التهريب، وفي قيادة وزارة الداخلية، في تقييم قدرتها على قراءة مؤشرات الجرائم، وتحليل البيانات والمعلومات، لأنّنا نجد حينها معظم الجرائم وقعت تحت تأثير المخدرات، لهذا يجب مكافحة الجريمة التي أدّت إلى مثل هذا السلوك الإجرامي”. وفي إطار الحديث عن المعالجات يضيف: “نحن نحتاج إلى برنامج وطني لمكافحة المخدرات”.
القانون والمخدرات
يقول القاضي سليمان غالب: “المخدرات من الظواهر الاجتماعية الأشد خطورة، والأكثر انتشارًا في المجتمعات، كونُها تحتلُّ مكانًا في أعلى قائمة الجرائم المنظمة، وذلك يعود لاستخدام أحدث التقنيات والأساليب والوسائل، التي تعمل على انتشار المخدرات بطريقة متجددة ومتطورة”.
مضيفًا: “أنّ هناك قوانين خُصصت لمكافحة الإتجار، والاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وكمثال لذلك نصت المادة (15) على أنّ الجرائم تنقسم من حيث جسامتها إلى نوعين؛ جرائم جسيمة، وجرائم غير جسيمة، وتحتوي جرائم المخدرات على العديد من الأفعال، من جلب، وتصدير، وترويج، وإتجار، وحيازة، وزراعة، ونقل، وتعاطٍ، وهذه الأفعال إمّا أن ترتكب بقصد، وهو الغالب، وإمّا أن تكون بغير قصد”.
القانون وحده لا يكفي
وحول دور المجتمع في مساندة القانون يقول رجل القانون توحيد شاهر: “على الرغم من أنّ التشريع ليس الوسيلة الوحيدة الكافية لمواجهة مشكلة جرائم المخدرات، إلَّا أنّه على الأقل في مقدمة الوسائل التي تسهم في الحد من المشكلة، إذا تمَّ صياغة أحكامه بشكل سليم يتناسب مع التغيرات في الأزمنة والتجديدات الحاصلة فيه”.
مضيفًا “أنّ المجتمع الدولي قد شرع منذ الوهلة الأولى التي أدرك فيها خطورة المخدرات، وما يرتبط بها من جرائم، بعقد العديد من الاتفاقيات الدولية، التي ترسخ قواعد القانون الدولي المنظمة للتعامل المشروع بالمخدرات، وقواعد التجريم والعقاب للتعامل غير المشروع، وأنشأ في سبيل ذلك أجهزة دولية وإقليمية ووطنية؛ للرقابة على الإتجار غير المشروع بالمخدرات”.
مؤكدًا على “أنّ المخدرات والإتجار بها من أكثر المواضيع خطورة على الإنسان؛ لأنّه يعمل على تفكك المجتمعات، وهدم كيانها، ويضعف قوامها البشري والمادي، لذا من المهم وجود حماية قانونية فاعلة لأبناء المجتمع ضد هذه الآفة الخطيرة، مع التعاون الفعّال من الجميع في عملية المكافحة عبر التوعية والإبلاغ، وغيرها من الوسائل والتدابير التي يجب على المجتمع العمل بها؛ فالقانون وحده دون مساعدة المجتمع لا يكفي”.
جهود مشتركة للضبط والتوعية
تتزايد نسب انتشار المخدرات من عام الى اخر بالتزامن مع أوضاع الصراع وتبعاته الحاصلة في اليمن، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل أجهزة الامن وإدارة مكافحة المخدرات الا ان جانب العقوبات والقوانين وحدة لا يكفي لإدارة ازمة تعاطي الشباب وادمانهم، ساهمت بعض المنظمات في دور التوعية الشبابية وعملية إدارة اذهانهم وتوجيها نحو ما يفيدهم في الحياة العامة وما يطور من قدراتهم.
حملات توعوية
مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات هو احدى منظمات المجتمع المدني تأسس في يناير ٢٠١٣ في العاصمة الهدف من انشاءه هو إيصال رسالة إنسانية مجتمعية ووطنية بدرجة رئيسية لتوعية المجتمع والشباب من خطر انتشار المخدرات.
حول أنشطة المركز تقول سعاد علوي رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات:” خلال عشر سنوات نفذ المركز بأعضائه وناشطيه ومشاركة العشرات من الشباب المتطوعين من طلاب المدارس والجامعات العديد من الحملات التوعوية وكانت لنا مشاركات مع بعض الجمعيات المحلية شبابية ونسوية في تنفيذ برامج التوعية”.
مضيفة أن المركز يعمل على تشجيع الشباب على ممارسة مواهبهم ومهاراتهم ليبعدهم عن طريق الانحراف وتعاطي المخدرات.
ومن الجهات التي ساندت المركز ت كانت إدارات الأمن في عدن وأبين وشبوة ممثلة بإدارات مكافحة المخدرات في تنفيذ برامجه وحملاته وكذا المجلس الانتقالي في العاصمة عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت وبعض من الشخصيات الاجتماعية.
تحديات ومعالجات
في سياق استعراض التحديات تقول علوي” أن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في مجتمعنا بحد ذاتها تحد كبير وخطير لنا جميعا، ومن واجب المجتمع بأكمله مواجهة هذا التحدي بكل قوة، ولا نستخسر فيه أي جهد أو مال أو حتى فكر لأنه خطر لا يهدد حياتنا فقط بل حياة أبنائنا واحفادنا والأجيال القادمة، خطر يهدد الأمل في مستقبل أفضل”.
من المعالجات التي ستساهم في الحد من توسع انتشار المخدرات حسب رؤية علوي” إيجاد مركز للعلاج من مرض الادمان لمن وقعوا ضحايا والواقع ينبئ عن تزايد أعدادهم من الجنسين ووصل التعاطي الأطفال أقل من ١٢ عام”.
خطط مستقبلية
في إطار الحديث عن الخطط المستقبلية تتابع علوي “خلال العام الدراسي القادم لدينا برامج توعوية نخطط لها حاليا في محافظة أبين تشمل مدارس عدد من مديرياتها، كما سيتم التنسيق مع قيادة مكتب التربية في عدن لتنفيذ بعض البرامج في مدارسها وان توفرت الامكانيات سوف ننفذ فعاليات ومحاضرات في بقية المحافظات الجنوبية”.
مضيفة ” لا توجد منظمات دولية داعمة لنا ونطمح أن تكون لنا شراكة مع منظمات دولية تساعدنا على تنفيذ برامج وفعاليات وأنشطة المركز في القريب العاجل”.
وحول الآراء التي تخص الأنشطة التوعوية التابعة للمنظمات يقول المقدم وليد طالب (باحث في العلوم الأمنية) قدمت بعض المنظمات حملات توعويه في هذا الجانب ولكن هذا ينتج أثر سلبي تودي عمليات التوعية وخاصة في المدارس الي خلق فضول التعرف على المخدرات بالتالي ترتفع نسبه التعاطي ومع للأسف اثبتت بعض دراسات علميه ذلك اطلعت عليها شخصيا في بعض الدول.
دنيا كوكا (رئيسة مبادرة سانديها) – عدن تؤكد انه من المهم وجود حملات توعوية ولكنها غير كافية لان اسهامها بسيط ولا توصل لكل الفئات تصل الى شريحة محددة خصوصا إذا كانت الحملات الكترونية، وفي حال كانت الحملات تقليدية فمن وجهة نظري ستكون مفيدة بشكل أكبر.
مؤكدة على ضرورة استهداف المنظمات الفئة الحساسة من المراهقين الذي من السهل انقيادهم والتأثير عليهم وبهذا ستصبح الحملات التوعوية أكثر فاعلية.
وترى هبه أحمد احدى المتلقيات لمثل هذه الحملات ان التوعية التي تقدمها المنظمات تكون غير كافية إذا لم يتم تقديمها بالطريقة والأسلوب الملائمين للفئة المستهدفة.
اتفاقيات وقوانين دولية
في إطار الاتفاقيات الدولية يقول الدكتور عبد اللطيف أبو هدمة في مقال له عن الاتفاقيات الدولية، ودورها في مجال مكافحة المخدرات ونظم التسليم، وسبب تنامي ظاهرة الإتجار غير المشروع: “كانت أولى المبادرات الدولية للحدّ من حركة الإتجار غير المشروع، اتفاقية قمع الإتجار في المخدرات والعقاقير الخطرة سنة 1936م ، وتعد هذه الاتفاقية أول صك دولي في مجال محاكمة المتاجرين بالمخدرات يتحدث عن الجانب الزجري، إذ حددت الجرائم الخطيرة على سبيل الحصر، وطالبت الدول الأطراف بالتنصيص عليها في تشريعاتها، وضمانًا لعدم إفلات الجناة، فقد طالبت الاتفاقية أعضاءها بضرورة الأخذ بنظام تسليم المجرمين، وعدّته أحد أهم صور التعاون الدولي في مكافحة الجريمة، كما نصّت الاتفاقيات التي أُبرمت بعد ذلك على الأخذ بهذا النظام، انطلاقًا من أهمية هذه المواثيق وتأثيرها على التشريعات الوطنية”.
ومن أهم الاتفاقيات التي ذكرت بالمقال اتفاقية 1936م الخاصة بقمع الإتجار، ونظام تسليم المجرمين التي جاءت (المادة الثانية) للمحكمة الدولية، ونظرًا لكون العديد من الدول تناهض مبدأ تسليم مواطنيها، خوفًا من محاكمتهم من طرف سلطة أجنبية متحيزة، نصت المادة السابعة من هذه الاتفاقية على وجوب متابعة المجرمين الوطنيين الذين يرتكبون أحد الأفعال المنصوص عليها في (المادة الثانية) في الخارج ثم يعودون، فتكون محاكمتهم عن مثل هذه الأفعال، كما لو ارتكبت داخل حدود البلد القائم بالمتابعة، وينطبق نص المادة السابعة حتى على الحالات التي يتم فيها التجنس بعد ارتكاب الجريمة.
كما نصت (المادة الثامنة) على متابعة الأجانب الذين يرتكبون أحد الأفعال المنصوص عليها في (المادة الثانية) في الخارج ويلجئون إلى أحد البلدان، ففي هذه الحالة يجب على البلدان التي يوجد على إقليمها هؤلاء الجناة أن تحاكمهم، كما لو كان الفعل قد ارتكب داخل هذا البلد، في حالة عدم الموافقة على طلب التسليم لسبب خارج عن الجريمة نفسها، وفي الحالات التي يكون فيها قانون البلد الذي يوجد على أرضها المجرم، يأخذ بمبدأ محاكمة الأجانب عن الجرائم التي ترتكب في الخارج، وقد نصت (المادة التاسعة) من هذه الاتفاقية على أنّ الأفعال الواردة في (المادة الثانية)، تعدُّ -قانونًا- من الحالات الواجب فيها تسليم المجرمين، في كل معاهدة أُبرمت أو ستُبرم بين الحكومات المتعاقدة.
والجديد الذي أتت به هذه الاتفاقية أنّ الحكومات المتعاقدة التي لا تجعل التسليم موقوفًا على قيام معاهدة أو شروط التبادل، يجب أن تعدّ الجرائم السالفة الذكر من الجرائم المُوجبة للتسليم، كما نصت على أن يكون تسليم المجرم وفقًا لقانون البلد المطلوب منه التسليم، وقد احتفظت هذه الاتفاقية للدولة المطلوب منها التسليم أن ترفض إلقاء القبض على المجرم الموجود على أراضيها وتسليمه إذا ما رأت الجهات المختصة أن الجريمة المقدم من أجلها طلب التسليم ليست على درجة من الخطورة.
كما تعد اتفاقية 1961م من أهم الاتفاقيات التي أُبرمت؛ لعدة مبررات، وإذا تمعنا في نصوصها الخاصة بنظام التسليم نجدها تتفق مع النهج الذي اتخذته اتفاقية 1936م، فهي الأخرى حددت الجرائم التي يجوز فيها التسليم على سبيل الحصر بمقتضى المادة (36).
ومن الأمور التي استخدمتها هذه الاتفاقية أنّها وسعت من دائرة الجرائم القابلة للتسليم، إذ أصبح التواطؤ والتمويل المالي لصفقات الإتجار من الجرائم التي يجوز فيها التسليم، كما طالبت الدول الأطراف بإدراج الجرائم المنصوص عليها في المادة (36) في أية معاهدة للتسليم، يتم إبرامها فيما بينها، كما نصت الاتفاقية الوحيدة على عَدِّ أحكامها أساسًا قانونيًا للتسليم.
كما تعترف الاتفاقيتان المشار إليهما بأنّه من حق الدول الأطراف متابعة الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من اتفاقية 1936م، والمادة 36 من الاتفاقية 1961م، والبث فيها بغض النظر عن إمكان ارتكاب الجريمة أو جنسية مرتكبها، إلّا أنّ هناك العديد من الصعوبات العلمية التي تظهر من خلال الممارسة العملية للنصوص.
ومن أبرز هذه الصعوبات العملية التي تظهر من خلال الممارسة العملية للنصوص تباين التشريعات في تحديدها للجرائم القابلة للتسليم، فمثلًا هناك بعض التشريعات تبيح التعاطي، وتعدُّه من الجرائم التافهة، في حين تشريعات أخرى تعاقب عليه بالسجن لعدة سنوات. ومن الأسباب الأخرى التي تحدّ من فعالية الاتفاقيات الدولية، محدودية تطبيق نصوص هذه الاتفاقيات؛ إذ جاءت عبارة (بين الدول الأعضاء)، ممّا يعنى أنّ صلاحية هذه الاتفاقية تظل محدودة التطبيق فيما بين الدول الأطراف فيها، كما يعتمد على مستوى العلاقات السياسية بين الدول.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…