انتشار المخدرات من وجهة نظر الشارع اليمني
صوت الأمل – حنان حسين
العديد من أبناء المجتمع اليمني يرى أنّ انتشار المخدرات يرجع لأسباب كثيرة، لذلك عملت (صوت الأمل) على عمل استطلاع لقياس الرأي العام لأسباب الانتشار، ومعرفة طرق مكافحة انتشارها وتوسعها، بشكل عام، بمختلف أنواعها.
نادية جمال (مسؤولة العلاقات العامة والإعلان في مستشفى الرسالة)، ترى أنّ سبب الانتشار قد يرجع إلى حب الاستطلاع والفضول لدى بعضهم، ووجود بعض العادات السلبية لدى الآباء يتداولها الأبناء؛ فمثلًا عندما يكون الأب مدخنًا أو متعاطيًا للكحول، فإنّ الأبناء يقلدونه.
وأضافت نادية: “الشعور بالوحدة والفراغ يجعل الشخص يلجأ إلى المادة، وربما مروره بأزمة أو مشكلة مؤلمة، يجعله يشعر أن لا أحد يشعر به أو بمعاناته، وهذه تعد من مسببات تعاطي المخدرات والإدمان عليها”.
إقبال السياغي (نائب مدير دار الأمل لرعاية الأحداث)، ترى أنّ الفقر هو السبب الأول، والسبب الثاني: عدم اهتمام الأهل بالأبناء، خاصة من سن (12 عام – 15 عام)، بعدّه سنًّا خطرًا، ويتطلب متابعةً مكثفةً وإشرافًا على كل لحظات الشخص، مع التوجيه نحو العمل السليم.
وعلى ذات السياق، توضح ريم عبدالله (خريجة علم نفس) أنّ الإدمان ينتج عن التفكك والشتات، والضغوط التي توجد في الأسرة بشكل خاص، خاصة في زمن المراهقة، التي تعدّ أصعب مرحلة عمرية وأخطرها، ويواجهها الشخص بضعف، وهروب إلى عالم قد يرى فيه أمانًا، لكنّه أصعب وأسوأ.
سعاد الدّبعي (مختصَّة اجتماعية) تؤكد أنّ هناك مشاكل وضغوطات حياتية يواجهها الطفل، قد تدفع الأشخاص الأكبر منه لاستغلاله في عمالة الأطفال، وبالتالي يواجه ما هو أصعب، فقد يحتك بشكل مباشر بالأشخاص السيّئين، الذين قد يستغلونه كغطاء وتمويه في بيع المواد الخطرة والترويج لها، أو توجههم إلى الإدمان.
أحمد صالح (مواطن، 30 عامًا) يوضح أنَّ ضعف الشخصية قد يكون سببًا لاستهداف أحد الأشخاص من قبل أصدقاء السوء، ودفعه للتجربة، وجرّه نحو منزلق التعاطي والإدمان.
في حين يرى عبدالله صالح (من محافظة تعز) أنّ سبب التوجه للمخدرات هو ضعف الوازع الديني، وعدم الخوف من العواقب؛ على الشخص نفسه، وعلى المجتمع من حوله.
فاطمة يحيى (مواطنة) ترى أنّ وجود بعض الأدوية، التي قد تصرف بغير وصفة من طبيب مختص، قد يدفع البعض للحصول عليها حتى لو لم يدمن على المدى القريب، كما حدث مع إحدى الأنواع من الحبوب الفوارة المهدئة، التي تمّ استخدمها من قبل بعضهم، عن طريق خلطها مع العصير والمياه المعدنية، وشربها مع نبتة القات؛ للحصول على الإحساس بالنشوة والراحة، وهذه مسؤولية تقع على عاتق ملاك الصيدليات.
سليمان هاشم (صيدلاني) يخالفها الرأي مشددًا بقوله:” هناك أنواع من المواد المخدرة، التي يتم استخدامها طبيًّا (كالمورفين واليشين والزيلدار) لا يتمُّ صرفها من قبل أي صيدلاني إلَّا بوصفةٍ طبيّة، وهذا هو المعمم على جميع الصيدليات”.
ونوه سليمان بالقول: “هناك أنواع من الإبر، التي تستخدم كمواد مخدرة، لا يستطيع الصيدلاني التجاوز نهائيًّا في صرفها بدون ورقة طبية، حتى أنّ الجهات المسؤولة تطالب بالعبوات الفارغة، وإذا تمَّ حدوث كسر للعبوة عند استخدامها من قبل الممرض، يتم رفع بلاغ بها”. وعن رأيه في أسباب انتشار المخدرات، يضيف سليمان: ” قد يكون الفقر والبطالة أحد أسباب توجه البعض لتعاطي المخدرات”.
مراحل الإدمان
وتؤكد المختصّة النفسية (نجاة مرشد) أنّ الإدمان داء قد يطرق كل الفئات العمرية وكل الأعمار، والأسباب كثيرة، منها: رفقاء السوء، والفضول لتجربة شيء جديد، والإحساس بأنّه بحالة أفضل، خاصة إذا كان يواجه مشاكل أو ضغوطًا نفسية؛ كالاكتئاب أو البطالة أو الملل والضيق الشديد، وعدم قدرته على مواجهة المواقف الصعبة؛ كالغضب أو الحزن الشديد على فقدان شخص، والخروج من علاقة عاطفية مؤلمة، والضغوطات المادية؛ كالبطالة وضعف المردود المادي، ووجود المشاكل الأسرية. كل هذه تعدُّ من أبرز الأسباب للإدمان، والتوجه لتعاطي الممنوعات، فيقوم الشخص بالبحث عن طريقة لنسيان أوجاعه بدون التفكير في العواقب.
وتنوه نجاة قائلة: “سوء استخدام العقاقير من قبل الشخص، قد تدفعه للإدمان بدون علمه، فمثلًا عندما يصف له الطبيب المعالج العلاج المهدئ لمدّة زمنية لا تتجاوز الشهرين، تجد الشخص يعتمد العقاقير هذه لمدة أطول، وهنا يقع في فخ الإدمان بدون قصد”.
المختصَّة النفسية تشير إلى أنّ سهولة توفر الأدوية المهدئة بين أيدي الجميع، بدون رقابة، يعدُّ سببًا من أسباب الإدمان غير المقصود، فقد يحدث ذلك بغية التخلص من الألم، أو الحاجة للشعور بالراحة والسعادة لأطول وقت ممكن، ممّا يجعل الشخص يأخذ العقاقير بصفة مستمرة، وبشكل أكبر من ذي قبل؛ حتى لا يعدّ قادرًا عن الاستغناء عنه.
تتحدث المختصَّة النفسية نجاة مرشد أنّ مراحل الإدمان تنقسم إلى أربع مراحل، وهي:
- التجربة: وهي تكون ناتجة عن الفضول، أو الهروب من مشاكل وضغوط نفسية.
- سوء الاستخدام: وهي المرحلة التي تكون تحت سيطرة الشخص قبل الإدمان على مادة معينة، ويستطيع من خلاله التوقف بسهولة.
- الانتظامية: وتعدُّ المرحلة التي لا يستطيع المدمن السيطرة على نفسه وعلى إدمانه.
- وهي المرحلة الأخطر، وتسمى الاعتمادية؛ أي إنّ الشخص أصبح مدمنًا، ولا يستطيع السيطرة على إدمانه، فتظهر عليه أعراض انسحابية قوية وعالية الخطورة، تستدعي البحث عن طبيب وعلاج.
وترى نجاة أنّ لكل مادة مخدرة أعراضًا وتأثيراتٍ، تختلف من نوع لآخر، لكنّ أبرز هذه الأعراض هي: الصداع الشديد، ووجع المفاصل، وعدم الإدراك الزماني أو المكاني، وضعف التركيز، وظهور الهلوسة والتهيُّؤات، وشكوك واضطرابات نفسية، والقلق والتوتر، ومشاكل في النوم، وعصبية شديدة خاصة تجاه المقربين منه، ولكل مادة أعراض خاصة بها.
عواقب الإدمان
أبرز العواقب التي قد يوقع فيها المدمن هو أنّه يصبح عضوًّا غير فعالٍ في المجتمع، الأنظار تدور حوله دائمًا بالشكوك في أي عمل منافٍ للآداب، ويصبح محتقرًا وحقه مهضوم؛ بدعوى أنّه ليس واعيًا في تصرفاته، وفي أسوأ الأحوال عدم قدرة عائلته على احتوائه، فيصبح عرضة للعودة من جديد بعد تشافيه.
وهذا ما تحدثت عنه نجوى علي (مواطنة، 22 عامًا) قائلة: “أحد الأشخاص بعد أن خرج من المصحة التأهيلية، لم يتقبل أهله وجوده بكامل حقوقه بينهم، وكانوا يستمرون في احتقاره، لكنّ أحد إخوته عمل على احتوائه بشكل أكبر من الآخرين، وأخذه معه لبلد الاغتراب “.
لكل داء دواء
حسب وجهة نظر أنيسة محمد (ربة بيت) بأنّ أبرز طرق مكافحة انتشار المخدرات هي القيام بالتوعية الأسرية، فواجب على كل ربّ بيت أن ينصح أولاده، ويتابعهم أولًا بأول؛ لمعرفة مَن يرافقون، ومع مَن يذهبون لتمضية أوقات فراغهم، حتى يضمن عدم وجود أصدقاء سوء، قد يجرّون أبناءهم للهاوية.
فيما ترى دعاء النميري أنّ من أبرز صور مكافحة انتشار المخدرات، نشر التوعية بهذا الخطر، في المدارس والجامعات بشكل مكثف، ومشاركة الأسرة بشكل كبير، وإعلامهم بما يحدث مع ابنهم في مكان وجوده، مثلًا عند غياب الطالب يجب على المدرسة إعلام ولي الأمر، والإبلاغ عن تغيّبه؛ حتى لا يدعوا أمامه فرصة لتمضية أوقاته بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية.
” زرْعُ الثقة والقناعة في الأبناء منذ الصغر، وعدمُ التدليل الزائد للأبناء، وتجنبُ منحهم حرية كبيرة، قد تدفعهم إلى الشعور بالتمرد والجُرْأة لعمل أي شيء يرغبون فيه، مع ضمان عدم وجود عقوبة، كذلك مصاحبةُ الأبناء، ومحاولةُ الوصول إلى تفكيرهم، ومشاركتُهم قراراتهم وأفكارهم وأوقات فراغهم، واحتواؤهم، تعدُّ من أنجح طرق مكافحة هذه الآفة” حسب وجهة نظر دعاء النميري.
أَمَةُ السلام الجديري (مختصَّة اجتماعية) ترى بأنّ متابعة الأبناء، والرقابة من الأسرة، هي أول الحلول وأقواها، ثانيًا: نشر التوعية عبر وسائل الإعلام بشكل مستمر ومكثف، والقيام بالحملات التوعوية، وعمل دوراتٍ وورش عمل، تستهدف كل شرائح المجتمع؛ حتى يتعرف الجميع على هذا الخطر.
وتؤكد أَمَةُ السلام أنّ احتواء الأبناء، وحل مشاكلهم أولًا بأول، بلطف، وتجنب العنف اللفظي أو الجسدي معهم، وشغل أوقات فراغهم، ومحاولة معرفة أماكن وجودهم وأصدقائهم، هذه كلها تُعدُّ من وسائل مكافحة انتشار المخدرات وتوسعها.
وتوضح أَمَةُ السلام الجديري قائلة: “المسلسلات التوعوية، والبرامج في التلفزيون، تُعدُّ من الطرق الأسرع إيصالًا للمعلومة، لذلك فإنّ الإعلام له دور كبير في إيصال المعلومة للفئة المستهدفة، بطريقة لن تدفع المراهق للتمرد وإظهار العصيان”.
وفي نفس السياق، تضيف المختصَّة الاجتماعية، ألطاف اليوسفي: “التوعية عبر وسائل التواصل لاجتماعي والإعلام التقليدي بشكل مكثف، هي الوسيلة الأبرز لإيصال الرسالة لجميع أفراد المجتمع، وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تستهدف فئة المراهقين، كذلك لا ننسى أنّ العائلة واجبها توعية أطفالها، وتجنب الإهمال، إلى جانب تفعيل دور المدراس، والجامعات، والمعاهد، وكل الأماكن التعليمية، والتعريف بماهية المخدرات، وأضرارها، وعقوبتها”.
وأضافت:” تفعيل دور مجلس الآباء في المدارس خاصة، ونشر التوعية عن طريق عقلاء الحارات، والمجالس المحلية، وغيرها من الجهات المسؤولة “. يعدُّ خطر انتشار المخدرات، وتداولها بين كافة فئات المجتمع، من المشاكل الصعبة التي قد تواجهها الجهات المسؤولة، لكن على الرغم من ذلك فهم يبذلون جهودًا كبيرة في عمل دورات وورش عمل مستمرة، قد تكون قصيرة المدى أو محدودة الجهات، لكنّ صداها يصل وينجح بفعل التكاتف المجتمعي، والشعور أنّ الخطر يشمل الجميع، وهذا ما يدفع الفرد للوقوف بحزم أمام هذا الخطر، وبناء جيل يمنيّ قويّ وواعدٍ صحيًّا ونفسيًّا وجسديًّا.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…