الفراغ الأمني والأوضاع التي خلفها الصراع ساعدت في انتشار المخدرات
صوت الأمل – هبة محمد
كان للصراع في اليمن، الذي بدأ في عام 2014م، عواقب وخيمة على مختلف جوانب المجتمع اليمني، بما في ذلك الاقتصاد والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وأدّى الصراع المستمر بين الأطراف الداخلية والخارجية إلى انعدام الأمن وغياب القانون، فقد أثر النزاع بشدة على أجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية في اليمن، ممّا جعل من الصعب مكافحة الإتجار بالمخدرات بشكل فعّال، وأدّى إلى انتشار الجرائم، وضعف المؤسسات، وإعاقة قدرات الجهات الرسمية على معالجة مشكلة المخدرات بشكل مناسب.
انتشار المخدرات وسط الصراع
أصبحت اليمن محطة جديدة لتجار ومافيا المخدرات؛ للترويج وتهريب المخدرات، وأصبحت مكانًا آمنًا لتجارتهم المحرمة دوليًّا؛ بسبب الأوضاع الأمنية، وأحداث الصراع في اليمن، فقد انتشرت المخدرات في اليمن؛ نتيجة الفراغ الأمني، والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي جاءت نتيجة اندلاع الصراع في اليمن.
يقول العقيد فيصل الخياط (مدير أمن مكافحة المخدرات في محافظة إب): “ساعد الصراع في اليمن على انتشار المخدرات، بدخول كميات مهولة من المخدرات بطريقة غير شرعية، عبر المنافذ البرية والبحرية، التي يسيطر عليها بعض أطراف النزاع، ونلاحظ انتشار تجارة المخدرات في المحافظات الساحلية؛ كالمهرة ، وعدن ، وحضرموت ، والمكلا ، وشبوة ، وعبر هذه المحافظات تدخل مئات الأطنان من المخدرات، مقارنة بالمحافظات الأخرى، مثل صنعاء وإب، التي من خلال تكاتف الأجهزة الأمنية فيها استطاعت محاصرة المهربين والمروجين، ومصادرة أطنان من المخدرات إلى أن قلَّ انتشارها في هذه المحافظات”.
ويرى أنّ الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الصراع، مثل ارتفاع مستويات الفقر، والبطالة، دفعت بعض الأفراد إلى الانخراط في إنتاج المخدرات والإتجار بها، كوسيلة للبقاء على قيد الحياة، لقد أوجدت هذه البيئة المتقلبة ظروفًا مواتية للأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك الإتجار بالمخدرات.
آفة المخدرات وعلاقتها بالصراع
يجمع الكثير من الشخصيات الاجتماعية والإعلامية والأمنية أنّ هناك علاقة ارتباط بين زيادة انتشار المخدرات في اليمن، ووجود الصراع العسكري في اليمن، يقول الصحفي ماجد الداعري: “لا شكَّ في أنّ هناك علاقة بين الصراع العسكري والسياسي الجاري في البلاد، وبين انتشار وتجارة المخدرات في اليمن من ناحيتين؛ الأولى: استخدامها كسلاح من أسلحة الصراع ، وثانيها: من منطلق تجاري؛ كون تجارة المخدرات تحتل المرتبة الأولى في المهن الأكثر تحقيقًا للأرباح على مستوى العالم، ويحتل تجارها صدارة أثرياء العالم، وبالتالي لا يمكن فصل انتشار المخدرات في اليمن عن وجود دور للصراع، وعلى حساب المجتمع، وانتشار الجريمة المتزايدة اليوم من قبل المتعاطين”.
ويقول الإعلامي صدام حسن: ” الحديث عن العلاقة بين الصراع وانتشار المخدرات، حديث عن علاقة عميقة ووطيدة؛ إذ إنّ الصراع دائمًا ما يسهم في إيجاد الأرضية المناسبة لانتشار وترويج المخدرات، ومن خلال الإحصائيات في كميات ضبط المخدرات، يدرك المرء حقيقة التوسع المخيف لانتشار المخدرات”.
ويرى حسن، أنّ المقارنة بين الإحصائيات في كميات ضبط المخدرات، سنجد أنّ الكميات المضبوطة والمعلن عنها تزداد من عام إلى آخر، ناهيك عن التوسع المرعب في دائرة التعاطي، وخاصة في أوساط الشباب وصغار السن، الذين للأسف الشديد باتو ضحية انتشار المخدرات المخيف والمرعب.
ويواصل “وذلك بسبب الوضع النفسي الذي تعيشه غالبية الأسر اليمنية، وضعف الرقابة الأبوية التي أنهكتها الصراعات، وقلة الوعي، وتلاشي برامج التوعية، أصبح تركيز المجتمع غالبًا منصبًّا على الضروريات فقط، والمرعب في الأمر ظهور أنواع جديدة من المواد المخدرة، التي لم تعرف من قبل، مثل مخدر الشبو”.
وختم حديثه ” لقد أسهم الصراع في انتشار المخدرات بشكل مرعب، وزاد عدد المتعاطين لها؛ لأسباب كثيرة، وفي اعتقادي فالوضع الأمني المضطرب والصراع المستمر هو المتهم الأول في زيادة انتشار المخدرات تجارةً ونقلًا وتعاطيًا، ورغم الجهود المبذولة لضبط المخدرات، أو لمكافحة الإدمان، أو للحد من انتشارها، فإنّها مقارنة بالواقع تبقى غير مجدية وقاصرة”.
إحصائيات
بلغت كميات المخدرات المضبوطة خلال مدة الصراع، وهي سبع سنوات (242,865) مائتين واثنين وأربعين طنًّا، وثمانمائة وخمسة وستين كيلو جرام من الحشيش المخدر، حسب الدليل الإجرائي للإدارة العامة لمكافحة المخدرات 2022م.
ويقول العقيد فيصل الخياط لـ (صوت الأمل): “في العام 2022م تمَّ مصادرة 72 طنًّا من الحشيش المخدر، وعشرين كيلو من الهيروين على مستوى المحافظات اليمنية كاملة، ولكن من خلال الجهود المبذولة من قبل الأحزمة الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية، قلَّت الكمية، فوصلت في هذا العام 2023م إلى 38 طنًّا من المخدرات.
توصيات
المخدرات أخطر آفات العصر، وأكبر خطر يتربص بصحة الشعوب ومستقبلها، التي تتساهل مع ترويجها، أو تقلل من خطرها الفتاك بسلامة البلدان، وتسببها بجرائم مجتمعية لا حدود لها، ويكفي ترويجها داخل أي بلد لتدمير شعبه، والقضاء على أمنه واستقراره المجتمعي، هذا ما أكده الصحفي الداعري؛ إذ قال: ” ينبغي تكثيف الجهود التوعوية بمخاطر المخدرات، وتشديد الإجراءات الأمنية؛ لمنع دخولها من المنافذ، ومحاربة مروجيها، ورصد مكافآت حكومية لكلِّ من يضبط كميات، أو يكشف عن أيِّ مهرب أو مروج لها، وإعلان استنفار مجتمعي شامل؛ لمحاربة هذه الآفة وملاحقة مروجيها”.
ويشدّد الإعلامي صدام حسن على ضرورة تكثيف الجهود المجتمعية، من خلال الإكثار من الأنشطة التوعوية في أوساط المجتمع، وذلك على مستوى المجالس المحلية، والشخصيات الاجتماعية، وعقلاء الحارات، ومدراء المدارس، وأقسام الشرطة ومراكزها في المديريات، وتتضمن هذه الأنشطة التوعية بأخطار هذه الآفة المدمرة، وكيفية الحدّ من انتشارها.
وأضاف: ” كذلك حملات توعية لطلاب وطالبات المدارس الأساسية والثانوية، وكذلك التنسيق بين مكاتب الصحة والتربية والأمن ومكافحة المخدرات؛ لعمل آليات التفتيش والرقابة والضبط للمروجين والمتعاونين معهم”. إنّ مكافحة ظاهرة المخدرات، التي تعدّ مشكلة العصر، والآفة الصاعدة في اليمن، في ظل الصراع المستمر، ليست مسؤولية الأمن فقط، أو جهة معينة بذاتها، بل هي مسؤولية الجميع، ويجب تكاتف جهود جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها، وفئات المجتمع وشرائحه؛ كون ذلك واجبًّا دينيًّا ووطنيًّا وإنسانيًّا، يجب علينا جميعًا المشاركة فيه.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…