المناطق الفقيرة والنائية هي الحاضن الرئيس للمخدرات
صوت الأمل – أفراح بورجي
لم يتركز انتشار المخدرات في منطقة معينة دون غيرها باليمن، بل أضحى انتشارها في عموم مناطق البلاد. وهي آفة خطيرة ومميتة تهدد كل الشرائح دون استثناء، وتعتبر المناطق الساحلية ممرًا مهمًا لتهريب الممنوعات بكافة أنواعها واستيرادها من الخارج وترويجها بين المحافظات؛ حيث يبلغ طول الشريط الساحلي لليمن نحو 2200 كيلومتر ويطل على البحرين العربي والأحمر، بالإضافة إلى المناطق الجبلية الوعرة التي يستخدمها التجار لمرور بضاعتهم بين المناطق والمدن اليمنية.
تعد الظواهر السلبية، ومنها انتشار المواد المخدرة في المجتمعات المحلية، نتيجةً متوقعة للفراغ الأمني والغياب الكامل للدولة الذي تسبب به الصراع على مدى الأعوام الثمانية الماضية. وقد باتت المخدرات تشكل خطرا كبيراً وواسعًا على الأفراد والمجتمعات بشكل عام، وساعد على انتشارها في مناطق كثيرة من اليمن ذلك سوء الوضع السياسي والأمني، وأدى إلى توسع رقعة الجريمة بصور متعددة نتيجة التعاطي والإدمان. وتعد محافظة الحديدة إحدى المحافظات التي تشهد انتشارا متزايدًا للمخدرات؛ كونها تقع على الشريط الساحلي.
مناطق انتشار المخدرات
بخصوص انتشار المخدرات في محافظة الحديدة، قال أحد المسؤولين في إدارة مكافحة المخدرات بالحديدة –فضل عدم ذكر اسمه- إن “انتشار المخدرات بشكل عام أصبح مخيفًا جدًا، وصعبَ السيطرة عليه؛ لضعف الإمكانيات ولارتفاع معدل المهربين داخل اليمن وخارجها. ونستطيع القول إنهم شبكة أو عصابة تريد إهلاك الوطن وزيادة الأرباح على حساب الإنسانية؛ كون المخدرات سلاح فتاك أقوى من أي سلاح آخر. وتشكل المخدرات خطرا على المجتمعات؛ لأنها تسلب عقولهم وتغرقهم في دائرة الإدمان، وهو ما يؤثر على مستقبل اليمن ونهضته”.
وأضاف: “تعتبر محافظة الحديدة من المناطق التي تشهد انتشارًا كثيفًا للمخدرات في بعض أحيائها؛ بسبب الجهل والبطالة اللذين يعاني منهما جلُّ الشباب اليوم، وعدم وجود رقابة شديدة ما أدى إلى انتشار المدمنين فيها. ومن تلك المناطق (حي الزهور – شارع غزة – حي الشهداء – حارة البيضاء)، فالمخدرات منتشرة هناك بأنواعها: كالحشيش، وهو أكثرها انتشارًا، ليس في الحديدة وحسب، وإنما في اليمن بشكل عام. وهناك نوع آخر ظهر حديثًا يسمى “الشبو” (اسمه العلمي كريستال ميث)، وكذلك انتشار الممنوعات الأخرى كالخمر، حيث تتم صناعة الخمور المحلية في هذه الأحياء بشكل كبير”.
مسئول أمني من محافظة حضرموت -فضل عدم ذكر اسمه- أكد “أن حوالي 80% من المخدرات المهربة تمر عبر المناطق الشرقية من اليمن التي تصل إلى المكلا أو تصل إلى المهرة عن طريق البحر، أي أن نسبة التهريب للمخدرات في اليمن أغلبها عن طريق البحر”.
وبهذا الخصوص أكد مواطنون من محافظة حضرموت أن مديرية الديس الشرقية هي أكثر مديريات المحافظة تكثر فيها الممنوعات بأنواعها على مستوى ساحل حضرموت، وهذا ينبئ بأن سلطات مكافحة المخدرات تقوم بالعمل الجيد، وتستطيع القبض على تجار المخدرات، واستطاعت حصرهم في مناطق معينة، وأنها تمتلك المعرفة الكافية بأماكن انتشارها”.
جهود جبارة
وفقًا لمصادر أمنية، فقد ضبط مركز شرطة الرازقي معملًا لتصنيع الخمر في مديرية الحوك بمحافظة الحديدة، وألقى القبض على المتهمين بتصنيعه وترويجه وبيعه. وذكر مركز الشرطة أنه -بالتعاون مع النيابة- تم ضبط المعمل في منزل المتهم الأول، وتم العثور على الأدوات الخاصة بتصنيع الخمر، إلى جانب كميات كبيرة من الخمور المصنعة محليًا؛ وأحيل المتهمون مع المضبوطات إلى الإجراءات القانونية.
وقال مصدر أمني مطلع: “حين ضُبط أحد المروجين للمخدرات (المهربين) قال إن هذه المخدرات ليست له، وأنه ليس سوى عامل يقوم بالمساعدة فقط. ألقينا القبض عليهم الاثنين وتمت التحريات، ومن ثم تم نقلهم إلى القسم الجزائي؛ ليتم هناك اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.
أسباب انتشار المخدرات
“البيئة السيئة المحيطة وسوء التربية من الأسباب الرئيسة التي تجلب المدمنين ليمارسوا تعاطيهم بكل سهولة. الأمر هنا يعود إلى غياب الرؤية الواضحة وقلة التوعية من قبل الجهات الثقافية والدينية حول الآثار السلبية للمخدرات على الفرد والمجتمع. ومن الأسباب أيضًا بُعد مناطق انتشار المخدرات عن الرقابة الأمنية والمجتمعية”، هكذا عبر المسؤول عن الأسباب التي تساعد على انتشار المخدرات في تلك المناطق الواقعة في محافظة الحديدة.
وهناك رأي آخر لأسباب انتشار المخدرات صنفها الإعلامي عبدالله الميربي إلى ثلاثة أسباب رئيسة، هي: “أسباب أسرية؛ حيث يكون أحد الوالدين مدمنًا للمخدرات أو أي نوع من الممنوعات الأخرى، فيكون الشخص المدمن والسبب الثاني هي البيئة المحيطة بأصدقاء السوء والفراغ الذي يحيط بمعظم الشباب ما يجعلهم يتجهون للإدمان بسبب عدم وجود أشياء أخرى تشغلهم، والسبب الثالث هو ضعف الوازع الديني وحب الاستطلاع من باب التجربة، إلى جانب أسباب أخرى منها الفراغ لدى فئة الشباب وعدم تحملهم أي مسؤولية وعدم الرقابة من الأسرة لأبنائهم”.
المعالجات
للحد من إدمان المخدرات، لا بد من وجود معالجات وحلول للمدمن؛ لمساعدته على التخلص من هذه الآفة الخطيرة التي تطرأ على حياته وشخصيته لتؤدي به إلى هلاك الإدمان. وهناك معالجات أخرى للحد من انتشار المادة المخدرة بأنواعها المختلفة، وهذا ما تقوم بها الجهات المعنية بمساعدة المواطنين لضبط أي ممنوعات، وعدم التهاون مع المجرمين وإخراجهم من السجن مقابل ضمانة، ويجب ردعهم وعقابهم لكي يكونوا عبرة لغيرهم. ويجب تكثيف الجهود الأمنية والدوريات وزيادة عناصر التحريات وخاصة من بعد منتصف الليل.
وقالت الأخصائية النفسية أفنان طاهر: “إن زيادة الوعي بمخاطر المخدرات وتعلم الطرق الصحية للتعامل مع الضغوط النفسية هي أحد الحلول والمعالجات المتاحة للحد من انتشار المخدرات بين الشباب في اليمن. وكذا الحفاظ على حياة صحية، وعلاج الاضطرابات النفسية وشغل أوقات الفراغ، والحرص على التواصل مع الأهل والأصدقاء، والابتعاد عن أصدقاء السوء والمدمنين”. وفي ختام التقرير يمكن القون إن اليمن بحاجة إلى تشديد الرقابة وسن قوانين أكثر صرامة؛ للحد من المتاجرة أو التعاطي الممنوعات، وأيضًا دعم الجهات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بمكافحة هذه الظاهرة الفتاكة وحماية المجتمعات من مخاطرها المدمرة.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…