‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصناعات الحرفية في اليمن الجبن البلدي صناعة يمنية يتوارثها الأجيال، وينقصها الاهتمام والتشجيع

الجبن البلدي صناعة يمنية يتوارثها الأجيال، وينقصها الاهتمام والتشجيع

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

يعدُّ الجبن البلدي في اليمن من الوجبات الشعبية الشهيرة التي يُقبل السكان على شرائها بشكل مستمر، ويفضله اليمنيون  سواء بتناوله  مع الخبز  بعد تقطيعه إلى أجزاء صغيرة، أو بتحضيره مع السحاوق (سحاوق الجبن: هي أكلة شعبية يعتمد عليها اليمنيون في وجباتهم، حيث تصنع من هرس  الجبن البلدي وكمية من الطماطم والفلفل الحار  والثوم والكزبرة في العصارة الكهربائية أو يدويًا في “مسحقة” خاصة، ويُقدَّم بمثابة مقبلات في وجباتهم اليومية).

وتعد صناعة الجبن من أهم  الحرف التي يتوارثها الأجيال، و تشتهر المناطق الريفية اليمنية بهذه الصناعة، ولها عائد مادي ممتاز على أصحابها، ويسمى الجبن البلدي باسم(الجبن التعزي)؛ لشهرة صناعته في مدينة تعز وتميز مذاقه وجودة إنتاجه، ويطلق عليه البعض من المواطنين اسم “الجبن المدخن”؛ نسبة لطريقة وضعه مباشرة  على النار.

وضع صناعة الجبن

يقول المواطن عبد الله إبراهيم (أحد الساكنين في محافظة تعز): “إنَّ الكثير من الأسر في المدينة تحرص على أن تكون هذه الوجبة موجودة في موائدهم بشكل متواصل -خاصة وجبة الغداء-، كما يقبل البعض على شرائها بشكل كبير في المواسم مثل الأعياد، وتؤخذ بوصفها هدايا، لا سيما في الزيارات العائلية”.

ويرى عبد الله أنَّ عدداً  من المواطنين يفضلون أكل الجبن البلدي مع الحلاوة البلدي (والحلاوة البلدي هي التي تصنع في معامل خاصة يملكها مواطنون، وتتكون من الدقيق والسمن والسكر، بالإضافة إلى بعض الأصباغ التي تعطيها ألواناً معينة).

أنواع الجبن:

أشار محمد أحمد  (بائع الجبن) في حديثه لـ “صوت الأمل” إلى أهم أنواع الجبن اليمني قائلاً: “إنَّ  الأسواق الشعبية اليمنية تكتظ بأصناف متعددة من الجبن البلدي، ومنها الجبن العوشقي، والعرفي، والعشملي، والقاحزي، والكدحي، والضبابي، ويعدُّ العوشقي والضبابي الأكثر استهلاكًا في الأسواق”.

نسبة الاستهلاك محليًا وإقليميًا ودوليًا

“نصدر  الجبن إلى الخليج العربي بكميات  كبيرة عن طريق البر، وإلى مصر والأردن والهند والصين وبريطانيا وأمريكا وغيرها من الدول جوًا، إما مع مسافرين أو توصيل خاص؛ تلبية لطلبات تصلنا من تلك الدول”، هذا ما أكده محمد أحمد حول نسبة الاستهلاك الدولية والمحلية للجبن اليمني.

وأضاف قائلاً: “يلقى  الجبن البلدي رواجاً كبيراً، وهناك إقبال عليه  بشكل ملحوظ، وأصبح اليوم  يُصنَّع بأيادي يمنية في كثير من المناطق اليمنية -خاصة في الأرياف-، بالإضافة إلى ظهور العديد من الأسماء اليمنية التي  تمتهن هذه المهنة  في بعض الدول ومنها مصر”.

وعن بداية صناعة الجبن البلدي ذكر  محمد في حديثه لـ “صوت الأمل”: “إنَّ صناعة الجبن البلدي بدأت في مدينة تعز، وانتقلت صناعتها إلى محافظات ومنها الحديدة وصنعاء وعدن وحضرموت وغيرها من المدن، ففي تعز المدينة يوجد أكثر من 100مفرش لبيع الجبن( يقصد بالمفرش بسطة لبيع الجبن)”.

من جانبها أفادت  الإعلامية سعدية عبد الله (وهي من سكان محافظة الحديدة) أنَّها كلَّما سافرت مدينة تعز حرصت على شراء الجبن البلدي؛ هديةً  لأسرتها عند العودة.

وأوضحت أنَّ أغلب ما يتوفر في محافظتها  (الحديدة) هو الجبن البلدي المملح الذي يظل سليماً لفترة أكثر، أما الجبن العادي فلا  يتوفر بكثرة، وإذا أرادت شراء الجبن يتطلب منها أن تطلب شراءه من محافظة تعز.

عقبات تواجه صناعة الجبن البلدي

أشار محمد أحمد إلى أعظم العقبات التي تواجه حرفة صناعة الجبن البلدي قائلاً: “عدم وجود مراعي خاصة لتربية الأغنام التي نعتمد على ألبانها في صناعة الجبن، بالإضافة  إلى مادة المنفحين التي تُستخرج من أحشاء صغار الماعز والذين لا تزيد أعمارهم عن عشرة أيام عقبات تواجه صناعة الجبن البلدي،  وهذه العوائق تحول بيننا وبين زيادة صناعة الجبن”.

وفي السياق ذاته يقول  عادل توفيق (بائع أجبان):  “ضعف جودة المواد المستخدمة في صناعة الجبن؛ يجعل المنتج رديء الجودة،  بالإضافة إلى قلة إنتاج المراعي للأعلاف؛ بسبب شحة الأمطار، الأمر الذي يؤثر على تغذية الماشية  التي لا نستطيع شراء الأعلاف لها؛ نظراً لارتفاع التكلفة”.

ويؤكد على أنَّ  التدهور الاقتصادي الذي أصاب البلاد جراء الصراع ساهم بشكل كبير في ضعف القوة الشرائية للناس، وأصبح العائد المادي لبيع الجبن لا يكفي  لتطويره.

مضيفاً: “صعوبة النقل ووعورة الطريق وعدم توفر أدوات التخزين عوامل تؤثر على المنتج؛  نظراً لقصر فترة صلاحيته، وأنَّه يجب أن يستخدم  للاستهلاك اليومي”.

استراتيجية لإنعاش صناعة  الجبن

قالت سعدية عبد الله: “انشغال  الدولة والجهات ذات العلاقة  عن الاهتمام  بمثل هذه الصناعات وتشجيعها؛ جعلها تقاوم البقاء بفضل  جهود صانعيها الذاتية، وتمسُّك العديد من المواطنين ببقائها”.

مؤكدة أنَّ هذه  الصناعات تحتاج إلى لفتة  كريمة، وتشجيع العاملين بها ودعم مشاريعهم، والعمل على توفير المراعي والأعلاف والبرَّادات التي تحفظ لهم منتجاتهم.

   وبدوره أوضح  محمد أحمد أنَّ صناعة الجبن البلدي بحاجة لاستراتيجية لإنعاشها، من خلال  إنشاء مصانع و معامل متخصصة،  وتدريب وتأهيل الأيادي العاملة  في صناعة الجبن، وتوفير أدوات وأجهزة تخزين حديثة،  وبذلك ستشهد هذه الصناعة  إقبالاً دولياً، وستنافس  المنتجات الأخرى.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…