‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفساد في اليمن دراسات تستنتج وضع الفساد في اليمن وطرق المكافحة

دراسات تستنتج وضع الفساد في اليمن وطرق المكافحة

صوت الأمل – علياء محمد

“اليمن في المرتبة 174 مـن أصـل 180 دولـة في مؤشـرات مدركات الفساد 2021م”، وفقًا لتقرير “مؤشر مدركات الفساد 2021م” الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وأشار التقرير إلى حصول اليمن على 16 درجـة في مقياس مـن صفـر إلـى100، حيـث يمثـل الصفـر الأشد فسـادًا والمائة الأكثر نزاهة؛ الأمر الذي يوضح وجـود اتجـاه عـام نحـو المزيد مـن الفسـاد.

وتعد مكافحة الفساد وتطبيق المحاسبة والشفافية من أهم القضايا التي يجب أن توضع لها آليات وخطوات تواجه الفساد وتحد من انتشاره، ولا تقتصر هذه المواجهة على الحكومة والمؤسسات -فقط- بل مسؤولية يتحملها الفرد والمجتمع على حد سواء؛   لمنع الفساد ومكافحته بما يحقق المرونة والنزاهة على جميع المستويات المجتمعية.

 ونظرًا لأهمية مكافحة الفساد والقضاء عليه؛ تعرِض “صوت الأمل” عددًا من الدراسات والتحليلات التي ناقشت موضوع الفساد ومكافحته في أولوية القضايا المجتمعية، وخرجت بعدد من التوصيات والمعالجات؛ للوصول إلى مجتمع خاضع للمساءلة والشفافية، ونزيه خالٍ من جميع أشكال الفساد.

 اليمن دوافع قليلة للحد من الفساد

وفقاً للورقة التحليلية الصادرة عن مركز صنعاء للدارسات الاستراتيجية في العام 2018م والتي حملت عنوان “مكافحة الفساد في اليمن”، فإنَّ اليمن مرت بعقود كان لها دوافع قليلة في الحد من الفساد، بالمقابل لم يكن هناك حوافز كثيرة لمعالجة هذه المشكلة.

مشيرة إلى أنَّ النزاع الحالي في اليمن لم يغيِّر من أسـاليب العمل السياسـية للاستحواذ على الدولة،  حيث ما تزال الأقلية من نخب الجهات الفاعلة هي التي تسعى إلى استغلال سلطاتها؛ لتحقيق مكاسبها الخاصة، هذا وقد ظلـت أبـرز آليـات ومصـادر الربـح غيـر المشـروع ثابتة إلـى حد كبيـر.

مضيفة “وطرأ تحول كبير في المشهد الاقتصادي، حيث ظهـرت عناصـر كانت مهمشـة أو مجهولة مـن قبل مع احتدام المنافسة للسـيطرة على الموارد الاقتصادية الرئيسـة لليمن”.

 وخرجت الورقة بتوصيات سياسية عامة لليمن ما بعد النزاع، كان أبرزها: الاعتماد على إطار مكافحـة الفسـاد الحالـي في اليمـن، مـن خلال تمويـل مؤسسـات مكافحـة الفسـاد الحاليـة التـي تديرهـا الدولـة، وتشـجيع المزيد من التنسـيق وتبادل البيانـات فيمـا بينها.

الشـفافية والمساءلة ولا سـيما بشـأن المناقصات الحكوميـة ورواتب المسؤولين المعينين، وكبـار الموظفين الحكوميين، بالإضافة إلى الحد من تضارب المصالح عبر إلزام موظفي الحكومة بالقانون، وإنشـاء مراكـز تعقّـب في شـركات الطاقـة التـي تديرهـا الدولـة، وتنفيـذ اللوائـح المتعلقة بتكافـؤ فـرص العمـل داخـل القطـاع العام، وإصلاح الجهـاز العسـكري والأمني، تحسـين إدارة المـوارد المالية الحكوميـة مـن خلال بنـاء نظـام صـارم ومراقبـة صـرف الأموال الحكوميـة.

 الفساد في اليمن فساد سياسي بنيوي

يرى الباحث والكاتب يحيى صالح في دراسته “خارطة الفساد في اليمن، أطرافه النافذة”، الصادرة عن مركز المرصد والحريات في العام 2010م، أنَّ العوامل الاقتصادية والسياسية هي الأبرز والمحرك الأهم نحو الفساد، وهي السبب الرئيس لعدم المساواة والاستيلاء على خيرات المجتمع.

وأوضحت الدراسة نتائج المؤشرات الدولية للفساد في اليمن ومؤشرات الدولة الفاشلة، وحددت القطاعات والمفاصل الأساسية التي مثلت بؤرة الفساد في اليمن.

من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى أنَّ الفساد في اليمن فساداً سياسياً بنيوياً يكرسه الحكم القائم ويرتكز عليه في بقائه، وبعدِّ الفساد في اليمن ذا أبعاد سياسية بنيوية فمعالجته والتصدي له، وفقاً للدراسة، بحاجة إلى إرادة سياسية وهيكلية أخرى، تفصل هيئات الرقابة ومكافحة الفساد عن رئاسة الدولة، وعن السلطة التنفيذية وتحقق استقلاليتها.

وربط الباحث يحيى صالح بين نظام الحكم والفساد في اليمن بِعدِّ نظام الحكم في اليمن نظاماً شمولياً يجمع بين النظم القبلية والعائلية والفردية التي تعتمد على الفساد؛ كونه عنصراً أساسياً لضمان استمرار حكم القبيلة والعائلة والفرد وضمان الولاء لهما، وفي مثل هذه النظم يخضع التعيين في الوظائف والمناصب العليا لمعايير القرابة والانتماءات القبلية والمصالح المادية دون الكفاءة والاستحقاق.

مؤكدًا على الاهتمام الدولي المتعاظم ضد الفساد، مبينًا العديد من الأسباب أهمها: تهديد الأمن والسلام والاستقرار. مشيرًا إلى اهتمام الدراسة وطنيًّا بمخاطر الفساد.

وشدد الباحث يحيى في دراسته على أهمية أن يكون هناك انفتاح أكثر في تحديد خلفيات وآليات الفساد وأركانه، ويجب أن يوضح مسار واتجاه السياسات المفترضة لإصلاح  ومكافحة الفساد؛ كون الإصلاح السياسي هو مفتاح التغيير في هذا الشعب من حيث تحقيق التوازن بين الفعل والسلطات واستقلاليته ونزعته، وتفعيل المساءلة والمحاسبة.

الأجهزة الحكومية تمثل مرتعاً خصباً لظاهرة الفساد

يبين الباحث الدكتور أكرم صالح العجي في رسالة الدكتوراه التي حملت عنوان “الفساد بين الانتشار وسبل المواجهة” عن حالة الجهاز الحكومي اليمني، الصادرة في العام 2015م، أنَّ  الفساد من الممكن أن يصبح ثقافة وأسلوباً للتعامل اليومي؛ مما يعني زيادة في تفشيه وتغلغله في كافة قطاعات الدولة والمجتمع.

وأكد أنَّ الأجهزة الحكومية تعدُّ الأرض الخصبة لنمو واستشراء ظاهرة الفساد، وبالمقابل فالفساد في هذه الأجهزة لا يتولد من تلقاء ذاته وإنَّما له محركات عدة، تتمثل: بالفرد في المجتمع والذي يتعامل معها ويحرك الفساد فيها، أو مؤسسات القطاع الخاص التي تسعى دائماً إلى تحقيق مصالحها من خلال هذه الأجهزة؛ وذلك من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية على حساب هذه المجتمعات. 

 ومن هذا المنطلق أعدَّ الباحث رسالة الدكتوراه؛ للإجابة على سؤال هل الأجهزة الحكومية تمثل مرتعاً خصباً لظاهرة الفساد؟ و انصب التحليل والتفسير في بداية البحث عن واقع ومؤشرات الفساد في الجهاز الحكومي اليمني، مستنداً فيه على  مكونات البيئة، ومعطيات الواقع، معتمداً على القراءات والبيانات والإحصاءات المتوفرة حول الظاهرة.

 كما كشفت الدراسة  عن العلاقة السببية بين الفساد ومجموعة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن جهة أخرى انصب التحليل  على جهود الحكومة اليمنية في الحد من الوباء المستشري في جسد وحداتها وجهازها الإداري.

 وأوضحت الدراسة مؤشرات ومظاهر الفساد في وحدات ومؤسسات الجهاز الحكومي، منها ما هو على ارتباط بالنخب القبلية، وآخر بالجيش ورجال الأعمال، ومنها ما هو على ارتباط وصلة كبيرة بموظفي السلطة العليا، إضافة إلى ذلك فقد تعددت واختلفت أنماط السلوك الوظيفي داخل وحدات الجهاز الإداري للدولة، مما تعدَّ مظاهر للفساد أو مؤشراً على ذلك.

 ووصف الباحث الآثار التي تركها الفساد بالآثار الكارثية على الدولة والمجتمع، حيث أدَّى الفساد إلى إهدار الموارد، وتراجع معدل نمو الإيرادات، وحقق  العجز في الموازنة العامة، ورفع من حجم الديون وفوائدها،  بالإضافة إلى غياب العدالة في توزيع النفقات بين القطاعات، ونهب الثروات وتراجع الاستثمارات، وارتفاع نسبة البطالة والفقر وشيوع الأمية وتدني التعليم.

كما أدى الفساد إلى هيمنة النخب التقليدية على المجال السياسي، وزعزعة مصداقية النظام السياسي، وضعف بناء الدولة، وتكريس تبعية منظمات المجتمع المدني، وضعف عملية التحول الديمقراطي، وزيادة حدة التفاوت الاجتماعي، وتعميق أزمة العدالة التوزيعية، وزعزعة القيم الاجتماعية، وترسيخ ثقافة الفساد وغيرها من الآثار.

مكافحة الفساد في اليمن

 أعدَّ  الباحث علي يحيى عبد الله اللكمة  دراسة تحليلية  حول الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد في اليمن، خلال الفترة (2005-2015م)،   وبحث في أعماق جهود اليمن في الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بشكل عام، وتقييم ما اتخذته أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد من سياسات لمجابهته بشكل خاص. 

 وركزت الدراسة على ضعف الهياكل والبُنى المؤسسية، ولذلك استعانت الدراسة بمنهج تحليل النظم والمنهج المؤسسي وأسلوب تحليل SWOT.

  وقيمت الدراسة سياسات الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد على مستوى الصنع والتنفيذ، وبيان أثرها على واقع الفساد في اليمن، والخروج بمدخل مقترح لآليات التطوير.

هذا وقد  أظهرت الدراسة  أنَّ عناصر نظام النزاهة الوطني تعاني من الضعف ومن فجوات في الأحكام القضائية الخاصة بمكافحة الفساد، بالإضافة إلى غياب الالتزام بالممارسات الفعالة لمكافحة الفساد؛ نتيجة انفصال الأعمدة المتعددة الخاصة بالحوكمة الرشيدة عن بعضها البعض، حيث تعمل بشكل غير منسق مفتقدة لوجود الضوابط والتوازنات الكافية.

 وأشار الباحث  إلى التحديات التي تواجه السلطة التنفيذية،  وكان أبرزها:  عدم خضوعها للمراجعة بالإضافة إلى ضعف الشفافية والمساءلة وسيادة القانون في عمل تلك الأجهزة والمؤسسات.

مفيدًا أنَّ الدور التشريعي لا يزال دون المستوى المأمول في تعزيز منظومة النزاهة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى عدم وجود تشريع موحد ينظم المساعدة القانونية المتبادلة واسترداد الأموال المنهوبة.

  وأوضحت الدراسة أنَّ  ما عُمِل من إصلاحات في نظم الحوكمة الرشيدة أحرز بعضاً من التقدم، حيث بدأت الحكومات المتعاقبة بوضع برامج لمكافحة الفساد وفقاً للمقاربات الزجرية والإصلاحية والمندمجة في الأطر الدولية لمكافحة الفساد، إلا أنَّه تبين أنَّ ثمة فجوة كبيرة في التنفيذ بين تلك السياسات الواعدة وعدم فعالية إنفاذها في أغلب الأحيان على أرض الواقع.

وطرحت الدراسة مجموعة من التوصيات لُخصت بـ: تنسيق الجهود بين أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد، وإعادة تصحيح ما شابها من قصور، تعزيز دور البرلمان في مراقبة كافة أعمال الحكومة،  وزيادة فعاليته في ممارسة حقه الدستوري في الرقابة على أجهزة الدولة، ضمان الدعم العام لإنهاء التواطؤ في مسألة الفساد، وربط الانتقال إلى السلام بقيم جديدة، توفير سياق اقتصادي وتنظيمي مناسب يمكن أن يساعد في القضاء على حوافز وفرص الفساد.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 95% يرون أنَّ استمرار الصراع في اليمن يؤثر على انتشار الفساد

صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج الاستطلاع الإلكتروني الذي أجرته وحدة المعلومات واستطلاع …