‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الفساد في اليمن الصراع يُفسد العملية التعليمية في اليمن

الصراع يُفسد العملية التعليمية في اليمن

صوت الأمل – هبة محمد

لم يكن التعليم في اليمن في أحسن حال قبل الصراع، لكنَّه كان أقل ضررًا قبل الأخير، إذ يشهد قطاع التعليم في اليمن انهيارًا غير مسبوق؛ نتيجة تفشي ظاهرة الفساد داخل العملية التعليمية.

ومن مظاهر الفساد التي لحقت بالتعليم جراء استمرار النزاع: تدمُّر البنية التحتية للقطاع، انقطاع رواتب المعلمين، واستبعاد اليمن من تقرير مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2015-2016م، وهذا يعد معضلة كبيرة تواجه قطاع التعليم في اليمن.

مظاهر الفساد في التعليم وآثاره

يتحدث يحيى محمد (معلم لغة إنجليزية -30 عامًا) يدرس في مدارس حكومية وخاصة، لـ “صوت ألأمل” عن مظاهر الفساد في التعليم قائلًا: “الفساد في الهيكل الإداري لبعض المؤسسات التعليمية، وغياب الرقابة على العملية التعليمية؛ تسبب في انتشار مخيف لسوء السلوك في المجتمع، وحرمان الكثير من الشباب والأطفال من التعليم”.

ويأسف يحيى وهو يذكر بعض الآثار السلبية المترتبة على الفساد، والتي عددها بـ انتشار الفقر والبطالة والأمية التي بدورها تنعكس على قطاعات أخرى، مثل: القطاع الصحي والخدمي بكثرة، كانتشار الأخطاء الطبية الناتجة عن قلة الخبرة والدراسة الصحيحة؛ مما يعرض حياة البشر إلى الموت، فينعدم الأمن والاستقرار  في البلد.

شكل آخر من أشكال الفساد يوضحه معاذ محمد (خريج من الثانوية العامة في هذا العام بمعدل 80%)، قائلًا: “بصراحة لولا الغش الذي أُدخِل إلى لجنة الامتحانات ما كنت استطعت أن أحقق هذا المعدل، فأوراق الإجابات تدخل إلى اللجنة بعد نصف ساعة من تسليم أوراق الاختبار” .

يُرجع معاذ أسباب الغش وقت الاختبارات إلى تغيِّب الكثير من المعلمين عن أداء حصصهم الدراسية؛ بسبب عدم حصولهم على رواتب، لذلك بعض الطلاب لا يذهبون للتعليم؛ لمعرفتهم أنَّهم سيحصلون على الغش.

خولة محمد (معلمة إرشاد أسري في إحدى المدارس الحكومية في الريف) تقول لـ “صوت الأمل”: “أصبح الغش مسيطراً على المدارس الحكومية، والرشوة والوساطة جزءاً لا يتجزَّأ من التعليم في اليمن”.

موضحة أنَّ هناك اختلالاً في المنظومة التعليمية في اليمن، فقد أفسد الغش الطلاب اليمنيين وهم اليوم يعتمدون عليه بشكل كبير ومخيف، حتى الطلاب المجتهدون أصبحوا غير قادرين على الدراسة. مؤكدة أنَّ بداية انتشار ظاهرة الغش بشكل كبير جاءت منذ بدء الصراع.

برأي خولة أنَّ كل هذه الإشكاليات تؤدي إلى تدمير التعليم في اليمن، وبالتالي إذا تدهور التعليم ستنهار البلد تلقائيًا بعده؛ فالتعليم أساس ومعيار تطور أي بلد، وسيتخرج كثير من الطلاب اليمنيين غير قادرين على القراءة والكتابة بشكل سليم.

وتشير خولة إلى ما تعانيه في المدرسة التي تُعلِّم بها -تحتفظ صوت الأمل باسم المدرسة-، إلى أنَّ طلاب الصف الخامس لا يجيدون القراءة والكتابة؛ بسبب نجاحهم وانتقالهم لمستوى أعلى أثناء الصراع دون استحقاقهم لذلك، مشددة على ضرورة إحلال السلام في اليمن، وتكاتف جهود جميع الفئات الاجتماعية للنهوض بالعملية التعليمية.

مؤشرات

تقرير صاد عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف2018 م، أكد أنَّ أكثر من 2500 مدرسة أصبحت خارج الخدمة  كليًا، منها 27 % أقفلت أبوابها، و66% تضررت بفعل الصراع، و7% استُخدمت ملاجئاً للنازحين.

تقرير صاد عن اليونيسف في فبراير للعام 2021م، أوضح: “يحتاج أكثر من ثمانية ملايين طفل يمني إلى دعم تعليمي طارئ” وفي التقرير ذاته: “عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس  يبلغ المليونين”.

مكافحة الفساد في التعليم

وهنا أحد المعلمين  الكبار الذين أفنوا حياتهم في تعليم الطلاب، وحاليًا يعمل سائق (باص) -طلب عدم ذكر اسمه- أوضح لـ “صوت الأمل”، أنَّ التنشئة الاجتماعية القائمة على أسس أخلاقية وإيمانية  قوية لها دوور في مكافحة الفساد الحاصل.

مضيفًا أنَّه مهما قست الظروف يجب أن يربي الأهالي أبناءهم على أسس دينية صحيحة وأخلاقية. مؤكدًا أنَّه ترك مهنة التدريس ويعمل سائقاً لتوصيل الركاب؛ نتيجة انقطاع الرواتب. فهو فضل العمل في مهنة أخرى -حد وصفه- بدلًا من أن يقبل الرشوة التي يتقاضاها الكثير من المعلمين مقابل إنجاح الطلاب، لعلها تسد حاجتهم، مُعدًّا ذلك فساداً وهو لا يقبل به؛ لأنَّ حجم الكارثة التي تترتب على ذلك كبيرة جدًا، وقد تؤدي إلى انهيار كامل لكافة القطاعات أولها قطاع التعليم.

معالجات يقدمها مختصون

نجلاء محمد (موجهة أنشطة في مكتب التربية والتعليم سابقًا، وعملت وكيلة لعدد من المدارس الحكومية) تقول لـ “صوت الأمل”: “لأجل الخروج من ظاهرة الكذب في وضع حلول وهمية لمشكلة مخاطر الفساد وآثاره على التعليم، ووضع الحلول الممكنة للحد منها؛ نبدأ بنشر الوعي الأسري”.

مضيفة أنَّ على الوالدين تربية أبناءهم أخلاقياً؛ فالتنشئة السوية تجعل الطالب يسلك سلوكًا صائبًا مهما كانت الأوضاع أو الظروف، ويراقب نفسه قبل أن يراقبه المعلم، أيضًا يجب تفعيل دور المدارس، وذلك من خلال عقد مجالس الآباء بصفة دورية؛ وأن تمنح الحكومة والمجلس الرئاسي الحقوق المالية والمعنوية الكاملة للمعلمين دون تقصير، وعلى المعلمين تزويد طلابهم بالمنهج بأكمله بأمانة ودون تقصير،  وتفعيل الدور الرقابي، وتشجيع الطلاب على الاستعداد للدراسة بشكل منتظم، اتخاذ قرارات قانونية محفزة تعزز قيمة الانضباط لدى الطلاب؛ مما ينمي لديهم قيمة الاجتهاد بطريقة ذاتية، وقرارات قانونية رادعة لمكافحة الغش وكل سلوك يتعارض مع سير الامتحانات في المدارس والكليات.

من جهته الدكتور كرم عطران (رئيس مركز  التعليم المستمر في جامعة إب) يذكر لـ “صوت الأمل” من ضمن التوصيات المقترحة المعالجة نبذ العنف والصراع؛ كونها تمثل بؤرة للبلدان الأكثر فسادًا، والتوجه نحو الاستقرار السياسي، والبناء وحل المشاكل بالوسائل السلمية.

ويواصل عطران حديثه: “يجب تكاتف الجهود ابتداءً من الأسرة والمجتمع، من خلال تعميم دورات الأخلاق المهنية والأكاديمية على المعلمين، كما يجب الالتزام  بتدريس الأخلاق المهنية من خلال طرحها على شكل عناوين في المناهج المدرسية،  فغرس الأخلاقيات يؤدي إلى محاربة الغش والرشوة وكل السلوكيات  التي تضر العملية التعليمية”.

مضيفًا “ويجب أن يحظر هذه الدورات كل من له صلة بالعملية التعليمية من إداريين ومشرفيين وطلبة وجميع العاملين في المؤسسة التعليمية، أيضاً تفعيل دور الطلبة في مكافحة الفساد له الأثر الإيجابي الكبير؛ لأنَّهم يمثلون الشريحة الأكبر في معظم البيئات التعليمية، ولا يكون ذلك من خلال نشر الدورات -فحسب-، بل من خلال عقد لقاءات وجلسات دورية لمناقشة قضايا الفساد ودراسة تأثيراتها وكيفية الحد منها”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 95% يرون أنَّ استمرار الصراع في اليمن يؤثر على انتشار الفساد

صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج الاستطلاع الإلكتروني الذي أجرته وحدة المعلومات واستطلاع …