‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصناعة والاستثمار في اليمن ندرة الكوادر العاملة المؤهلة يعيق تطور القطاع الصناعي

ندرة الكوادر العاملة المؤهلة يعيق تطور القطاع الصناعي

صوت الأمل – أحمد عمَر

يعد التعليم الموجه بشكل عام مكملاً للتعليم الأساسي والثانوي والجامعي، حيث إنَّه يهدف إلى التعرف على درجة المواءمة بين مخرجات التعليم الأساسي والجامعي والتعليم الموجه، واحتياجات سوق العمل من الصانعين في قطاع الصناعة، والارتقاء بمخرجاته، بما يوائم احتياجات سوق العمل.

ولربما يحقق قطاع التعليم بنوعيه الحكومي والخاص، تطورًا ملحوظًا وينتج عن ذلك عدد من العوامل أبرزها: اتساع حجم أنشطة المجتمع والنمو الاقتصادي، وتطور اتجاهات العمل التنموي والصناعي الخاص، حيث إنَّ التعليم هو أساس التطور والنهوض لأي مجتمع من المجتمعات.

لذلك في التالي توضح “صوت الأمل” دور القطاع الخاص في تأهيل الشباب نحو مخرجات نوعية في قطاع الصناعة بما يتناسب مع احتياج السوق.

الوضع القائم لمخرجات التعليم الموجه

الوضع القائم على المخرجات من التعليم الموجه الحكومي أو الخاص، يعد المساند للتعليم الأساسي والثانوي والجامعي، ورافداً لجميع القطاعات بالفنيين والمهنيين والصناعيين، ومحسناً لمتطلبات السوق المحلية واحتياجه من الصناعات المحلية.

حيث نشر “المعهد التقني الصناعي التابع لوزارة التعليم الفني والتدريب المهني في ساحل حضرموت”، على حسابه الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي في 26 أغسطس 2021م، أبرز التخصصات المهنية الصناعية التي تدرس في المعهد وهي: الكهرباء (تمديدات كهربائية)، نجارة الأثاث، الخياطة والتفصيل، حدادة المنيوم، ميكانيكا لحام، وميكانيكا مركبات الوزن خفيف والخراطة.

وبينما التخصصات التي تدرس في المجال التقني الصناعي هي: مساحة وطرق، برمجيات حاسوب، تحكم إلكتروني صناعي، وميكانيكا سيارات، تشغيل معدات نفطية، صيانة سيارات، أنظمة هيدروليك، وأوتوماتيك.

وعند سؤال “صوت الأمل” حسين غداف (مدير مؤسسة رؤى المهتمة بالتدريب المهني والفني الصناعي في مديرية الشحر بمحافظة حضرموت) عن الوضع القائم للمخرجات، والتخصصات المهنية والفنية الموجودة والمؤهلة للصناعة، أجاب بأنَّ هناك الكثير من التخصصات التي تعمل المعاهد المهنية والفنية على صقلها من خلال التدريب والتأهيل؛ لتلبي احتياجات سوق العمل المحلي.

وذكر غداف أنَّ مؤسسة رؤى تساهم مع القطاعات الخاصة الأخرى في تأهيل الشباب والشابات في الصناعات، واكتساب خبرات كصناعة الحرف أو المشغولات اليدوية، منها: صناعة البخور، والجنابي، والمنتجات الجلدية مثل حقائب اليد والأحذية الجلدية الطبيعية.

وفي تصريح خاص لـ”صوت الأمل” أوضح الدكتور عبد الباقي الحوثري (مدير مكتب وزارة التعليم الفني والتدريب المهني) أنَّ المعهد الصناعي بشقيه الفني والمهني يقيم برامج ودورات؛ بهدف رفد السوق المحلي بكوادر صناعية مختصة؛ لتطوير القطاع الصناعي، والنهوض به. موضحًا أنَّ هناك العديد من الدورات المهنية والفنية الصناعية على مستوى مديريات ساحل حضرموت ومحافظة سقطرى منها: صيانة محركات القوارب البحرية، والسباكة، والصرف الصحي، والجبس والديكور، والمفاهيم الأساسية للرخصة الدولية “ICDL”.

إضافة إلى الصناعات الغذائية، وحياكة الملابس، وصيانة شباك الصيد، والنجارة، وصيانة جوالات، وصيانة اللوحات الإلكترونية للأجهزة الحديثة، وصيانة آلات التصوير والطابعات وأجهزة الكمبيوتر، وصيانة الدراجات النارية، وصيانة وبرمجة الجوالات، والتصوير والمونتاج، والتمديدات الكهربائية والطاقة الشمسية.

وأشار الحوثري إلى الأهمية الذي تهدف إليها الدورات التي تستهدف فئة الشباب، حيث لم تقتصر على السليمين صحياً -فقط-، إذ حظي ذوو الاحتياجات الخاصة من فئة الصم والبكم على اهتمام خاص من المعهد الصناعي، بتنفيذ عدد من الدورات لهذه الفئة أهمها دورة “النحت على الخشب”.  

وتؤكد كلية العلوم التطبيقية -جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا- في بحث نشرته بعنوان: “استراتيجية تطوير الصناعة في وادي وصحراء محافظة حضرموت” أنَّ صحراء ووادي حضرموت به واحد واربعون صناعة متوسطة وصغيرة، منها: وحدات تعبئة الغاز، معامل تشكيل الذهب، وحدات تعبئة التمور، ومعامل المياه الصحية، ومطاحن الدقيق.

مضيفًا وبينما الصناعات الصغيرة “حرفية يدوية” مثل: ورش المكيفات الصحراوية، ورش الخشب بأنواعه لإنتاج قطع منوعة، ورش الحديد بأنواعه، معامل البلوك والطوب، معامل البلاط، صياغة ذهب يدوي، صياغة فضة يدوية، ومعامل البسكويت المحلي، معاصر الجلجل (السمسم)، صناعة الجلود المحلية، خياطة الملابس والمفروشات، صناعة الأحذية، ورش اللحام والسمكرة، تصليح الخزف، تصليح الفخار، تصليح الجنابي وغيرها من الصناعات.

ومع ذلك لا يمكن الفصل بين الحرف اليدوية والمشغولات في القطاعات الفنية والصناعية الأخرى في رفع كفاءة المخرجات، والمساهمة في تعزيز ورفع القطاع الصناعي في البلاد.

الفجوة بين مخرجات التعليم والصناعة

كشف “التكتل اليمني للحريات”، في السادس من فبراير 2020م، عن مسببات تأخر العملية التعليمية بشتى مجالاتها في اليمن، ووصفها بالمتعددة، منها: الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع اليمني؛ جراء النزاع المستمر في البلاد، وعدم تطوير وتحديث المناهج وأساليب التدريس المستخدمة في المدارس والمعاهد والجامعات فقد أصاب العملية التعليمية شيء من الجمود.

مشددًا على ضرورة تضافر الجهود؛ لحل مشكلة التعليم بأنواعه في اليمن، الذي يعد التحدي الأكبر بعد الاقتصاد الذي تواجهه البلاد، ويكون التضافر من خلال تعاون المجتمع ابتداءً بالتعريف بأهمية التعليم ودوره في نهوض المجتمعات.

مضيفًا “وإلى جانب تعاون القطاعين العام والخاص للنظر في المناهج التي تدرس في المدارس والجامعات والمعاهد، والعمل على إنشاء لجان مشتركة من قبل مختصين وباحثين؛ للنظر في كيفية الوصول إلى مناهج ملائمة تفيد في الحاضر والمستقبل وتحسن العمل في شتى المجالات”.   

“ومع ذلك هناك كثير من المجالات المساهمة في التحسين والتطوير الصناعي والاقتصادي في البلاد لا زالت بينها وبين المعاهد فجوة كبيرة؛ بسبب ضعف الإمكانيات، وعدم وجود بعض التخصصات في المعاهد الفنية أو المهنية الصناعية”.  

دور القطاع الخاص والصناعة في تأهيل مخرجات علمية نوعية

ساهمت كثير من القطاعات الخاصة بمحافظة حضرموت في تأهيل الشباب في الجوانب المهنية والفنية الصناعية المساهمة في تدريب وصقل المهارات، وتحسين حياة الأفراد والأسر، والاعتماد على خبراتهم في الحصول على فرص عمل تساهم في استقرارهم المادي، من خلال الدورات التي تقيمها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة، أبرزها مؤسسة رؤى، ومؤسسة حضرموت للاختراع والتقدم العلمي، ومركز الأمل للتدريب والتأهيل النسوي، وغيرها من المؤسسات المهتمة برعاية وتأهيل الشباب في الجانب الفني والمهني والصناعي الإبداعي.

أضف إلى ذلك، مركز الأمل للتدريب والتأهيل النسوي بمدينة المكلا لتعليم المهارات النسوية المساهمة في قطاع الصناعة، كصناعة البخور والعطور والحياكة وتصميم الكنب، ومؤسسة حضرموت للاختراع التي ساهمت في بروز طاقات شبابية مصنعة مخترعة ناجحة وحاصلة على جوائز عربية ودولية في براءة الاختراع، وغيرها من المؤسسات والقطاعات الخاصة المساهمة في هذا الجانب.

من جهتها اختتمت مؤسسة حضرموت للاختراع، في 22 من فبراير 2022م، دورتها التدريبية حول هندسة وصيانة الأجهزة الطبية، والتدريب على صيانة المعدات الطبية؛ وذلك سيسهم في حل الكثير من أزمات التجهيزات المتراكمة في المستشفيات الحكومية والخاصة، وهذا ضمن أهداف المؤسسة، بحسب ما ذكره إعلام المؤسسة.

المعوقات

ذكر الكاتب صلاح عبد السلام الهيجمي في مقال له بعنوان “التعليم في اليمن.. آلام الواقع وآمال المستقبل!”، المنشور في السابع من مايو 2013م، أنَّ أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية بأنواعها تتمثل في: العجز الكبير في البنى التحتية للمؤسسات التعليمية والتدريبة، مع وجود اختلال كبير في توزيع مؤسسات التعليم العام والمهني والتقني جغرافيًا، والذي يكون لصالح المناطق الحضرية على حساب المناطق الريفية.  

وأضاف الهيجمي أنَّ التعليم الخاص جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي العام، فالواقع يسجل مشكلات كبرى تعيشها معظم هذه المدارس، فبعضها لا يحمل مديروها شهادات تربوية تؤهلهم لقيادة المدارس، وبعضها تعاني من نقص كبير في أعداد المعلمين والاختصاصات وتجهيزات المعامل.

ونشر المركز الوطني للمعلومات بحثاً عن أبرز الإشكاليات والمعوقات التي تواجه القطاع الصناعي في اليمن، والتي أوجزها المركز بالافتقاد إلى استراتيجية واضحة للتنمية الصناعية، والقدرة المحدودة لأصحاب الأعمال والمنشآت الخاصة والصغيرة في الحصول على مصادر تمويل لأنشطتهم التي يحتاجونها، والمشاكل الأخرى الفنية والمتمثلة في ندرة العمالة الفنية المدربة.

وكذا منافسة السلع الأجنبية للمنتجات المحلية، وعدم قدرة الصناعة المحلية الداخلية على المنافسة في الأسواق الخارجية، واتساع ظاهرتي التهريب والإغراق، وعدم الاهتمام بالقطاعات التي تمثل لبنة أساسية لتطوير القطاع الصناعي مثل: قطاع الزراعة والأسماك والتعدين وغيره.

وأشار بحث بعنوان “قطاع الصناعة في الجمهورية” نشر عام 2000م، في المركز الوطني للمعلومات، أنَّ القطاع الصناعي منذ بداية السبعينيات وحتى مطلع التسعينات حظِيَ بدعـم وتمويل مستمر من جانب الدولة أو من القطاع الخاص خاصة قطاع المغتربين؛ مما أدى إلى نمو وتطور القطاع الصناعي خلال تلك الفترة.

أما الوضع الحـالي للاستثمار في القطاع الصناعي فإنَّه يمر بمرحلة حرجة؛ نتيجة رفع الدعم المقـدم للمنشآت الصناعية، وتصفية البنك الصناعي، وبالتالي واجهته العديد من المعوقات؛ التي أدت إلى عرقلة قيام كثير من المشروعات الصناعية.

وتعود هذه الأسباب إلى عـدم تـوفر التمويل اللازم لها، وارتفاع أسعار الفائدة على القروض المقدمـة مـن الجهـاز المصرفي؛ مما أثر على ارتفاع تكاليف الإنتاج وإضعاف قدرة الـصناعة، بحسب ما جاء في المركز الوطني للمعلومات.

المعالجات

نشرت “مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بمحافظة تعز” كتابًا للدكتور أحمد علي الحاج 2008م، بعنوان: “مسيرة التعليم والتدريب المهني والتقني باليمن” أكد فيه أنَّ معطيات الواقع تشير إلى التغيرات في تركيب القوى والأيادي العاملـة اليمنيـة، وسـوف يتزايد اعتماد الاقتصاد بالبلاد على العلم والتقنية المتقدمة، وتوسع برامجها على نوعية هذه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.

وأوضح الدكتور الحاج أنَّ ذلك يفرض على التعليم المهني والتقني ضرورة التغيير، وتوسيع مساحته وتنويع مؤسساته؛ حتى يستوعب كلَّ التخصصات بما فيها الجديـدة بمضامينها الحديثة، ومتابعة الجديد في فروع العلم وتطبيقاته؛ كـي تكـون الكـوادر المتخرجة منه مكتسبة للمعارف والمهارات والاتجاهات القادرة على شـغل الوظـائف، حيث إنَّ عدد التقنيين بلغ 60% من حجم القوى العاملة أو أكثر في بعض الاختصاصات على حساب العمالة الماهرة والاختصاصيين.

وفي عام 2009م، نشرت وزارة الصناعة والتجارة إعلاناً لإقامة مسابقة خاصة بالاختراعات المحلية في مختلف المجالات العلمية والزراعية والطبية والصناعية؛ والتي تهدف إلى إبراز اهتمامات الشباب، وما ستحققه هذه الأنشطة من نهضة نوعية للبلاد بشكل عام.

 وما ستقدمه الوزارة من دعم للمخترعين والمبتكرين، والاستفادة من اختراعاتهم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد؛ إذ أنّها في أمس الحاجة إلى الاختراعات الوطنية التي تمثل مخرجًا للعديد من الأزمات الاقتصادية.

وفي ذات السياق حدد حسين غداف (مدير مؤسسة رؤى) لـ “صوت الأمل” أبرز المعالجات التي تحد من مفاقمة عزوف الأغلب عن الجوانب الفنية والمهنية الصناعية في بعض المحافظات، وهي: تكثيف الدور التوعوي بأهمية  اكتساب خبرات، والتوعية باحتياج السوق المحلية إلى هذه المجالات التي ستفتح للكثيرين فرصاً للعمل، وللالتحاق بالمعهد الفني والتقني الصناعي.   

تجمع الآراء التي توصلت لها “صوت الأمل” من خلال اللقاء بمختصين، على أهمية تأهيل الشباب نحو القطاع الصناعي، وأنَّ التعليم الموجه له دور كبير في مساعدة الأفراد على إدارة وقتهم، من خلال تعلّمهم واكتسابهم مهارات أو خبرات معينة في الكثير من المجالات؛ لزيادة ثقافتهم وتوسيع معرفتهم.

 هذا الأمر بدوره يساعد على توسيع خيارات الأفراد المستقبلية، وإتاحة الفرص لهم للعمل في مختلف الأماكن والوظائف بناءً على المهارات التي اكتسبوها من التعلم الموجه في قطاع الصناعة أو غيره.

حيث إنّ معظم الوظائف في العصر الحالي تركّز على ما يمتلكه الفرد من مهارات يستطيع توظيفها في بيئة العمل أكثر من تركيزه على الشهادة الجامعية التي يمتلكها في مجال معين، كذلك الشخص الذي يتعلّم مهارة معيّنة يصبح شخصاً مقاوماً لظروف الحياة من خلال توظيفها لتصبح مصدر دخله.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

51% من الآراء تؤكد على وجود تأثير كبير للصناعات الصغيرة والمتوسطة تجاه الاقتصاد المحلي

صوت الأمل – يُمنى أحمد       كشفت نتائج استطلاع إلكتروني نفذته وح…